**
كنا بانتظار الدكتورة فداء، وهي سيدة جميلة ولطيفة، صاحبة ابتسامة ساحرة. هي طبيبة معروفة، زوجة، وأم لشاب في العشرينيات من عمره. هي ابنة السياسي السوري الراحل أكرم الحوراني. هي ناشطة سياسية، انتخبت مؤخرا لرئاسة المجلس الوطني لإعلان دمشق. وهي أول سيدة في الحراك الديمقراطي السوري، تعتقل وتحال على القضاء في “العهد الجديد”، أي منذ سنوات سبع. بعد ذلك، لن يكون من الصعب إدراك، لماذا كان الجميع يشعرون بخفقان سريع في القلب وتوتر، بانتظار أن تظهر بالقرب من غرفة قاضي التحقيق. وأخيرا، عناصر الشرطة يحيطون بسيدة جميلة ولطيفة ذات ابتسامة ساحرة ، اسمها فداء الحوراني.
وعلى الرغم من شوق الجميع، الأهل والأصدقاء، للقاء المعتقلين العشرة، وبعد اختفاء دام أكثر من شهر ونصف لدى فرع أمن الدولة، كانت اللحظات عجيبة فيما حملت من تناقضات.
العين تلمح فداء، وكانت أول من حضر أمام القاضي. والعين ترغب لو تنغلق أبدا، فتمحي عبر “غض النظر”، حضيض ما وصل إليه وطن تساق نخبه بالقيود وسط حشود رجال الأمن والشرطة. والعين ترغب لو تنفتح أبدا، فتحتفظ حتى النهاية، بابتسامة قوة وفيض أمل ومحبة، وهدوء واثق من نفسه وساخر من جيش “رجال” يطوقون ابتسامة.
ليست السيدات كثيرات في حراكنا العام السوري. لكن الواحدة منهن تساوي قمرا وحقل نجوم.
جرى استجواب فداء وكذا التسعة الآخرين المعتقلين على ذمة إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي. جميعهم نالوا من هيبة الدولة ونشروا الأخبار الكاذبة وأثاروا النعرات العنصرية والطائفية! كانوا يمرون واحدا إثر آخر إلى غرفة التحقيق بلمح البصر. وجوه متعبة وأجساد ناحلة، ويبتسمون ونفعل مثلهم، بالكاد نحافظ نحن على عضلات وجهنا في شكل ابتسام.
الصحفي والناشط علي العبد الله، عرض عقب التحقيق معه على الطبيب الشرعي لإصابته في أذنه نتيجة التعذيب. تسأل زوجته وابنته، لماذا هو في غرفة الطبيب؟ ونجيب، لتوقيع بعض الأوراق. تنسل الابنة بيننا تحاول استراق الحديث، وتقول، لا تخبروا أمي. وأمها تقول، لا تخبروا ابني، والابن يتصل من غربته ليقول، لا تخبروا أمي. حسنا، لن نخبر أحدا!
يتمشى عناصر الأمن على كثرتهم بيننا. يراقبون الهمسات، أعقاب السجائر ترمى من الأصابع النزقة، محاولات تسلل الأهالي إلى مكان قريب لاستراق النظر لأحبتهم، التهليل للمعتقلين حين يمرون مسرعين مقيدين، ويدونون بنظراتهم الثاقبة ذلك كله.. بالعربي!
قبيل الغروب، كان تسعة من المثقفين والصحفيين يساقون إلى سيارة السجن الكبيرة الأشبه ببراد نقل الأطعمة، إلى جانب سجناء جنائيين آخرين. قريب أحد هؤلاء السجناء الجنائيين كان يصرخ تجاهه عبر الباب الخارجي المطل على شارع النصر، “لا تخف، أيام وتخرج من السجن، (دبرت) كل شيء، إخلاء السبيل أصبح في جيبنا”!
يتحرك “البراد” الكبير، ينقسم المجتمعون على جانبي الطريق، تلوّح الأيدي لمن لا نراهم داخل “البراد”، وتصفق أخرى بحماس. يسألني أحد أقرباء السجناء الجنائيين من خلف ظهري، لماذا تصفقون لهم؟ أقول، لأنهم معتقلون سياسيون، يجيب: شبعنا حكي جرايد! ألتفت إليه بانزعاج، لأرى شخصا رث الثياب لحيته طويلة عيناه منتفختان كخوختين. أقول له: نحن أيضا!
ثم يأتي دور سيارة سجن النساء. تصعد السيدة الجميلة إلى الباص مع زميلات السجن! يندفع ابنها الشاب باتجاهها فتعترضه عناصر الشرطة. نزق الشباب يدفعهم للاندفاع نحو أمهاتهم، السيدات العنيدات المعتقلات، لخطف نظرة، بدون أية مراعاة للقانون!
في المساء، كان الإنهاك يعم من كل بد، جميع من حضر وقائع ذلك اليوم الماطر القارص في برودته. ولم تكد الذاكرة تسترجع أحداثه حتى آخرها، حتى انكشفت لها “آخرة” جديدة. اعتقل المعارض السياسي البرلماني السابق رياض سيف. يجدر تعريفه هنا، ليس بأنه معتقل سابق في إطار ما بات يعرف بربيع دمشق لمدة خمس سنوات، وأنه رئيس الأمانة العامة لإعلان دمشق، وأنه مصاب بالسرطان وبحاجة ماسة للعلاج ومع ذلك ممنوع من المغادرة، بل وببساطة، بأنه كان أحد المتضامنين الذين حضروا مع آخرين وقائع هذا اليوم الحافلة.
في مساء اليوم نفسه، كانت فيروز تدفئ برد دمشق، في حفلتها الأولى هنا بعد غياب طويل. كانت تؤدي مع فرقتها مسرحية “صح النوم”. ولعلها لم تسمع بالأصدقاء الذين كنا نتحدث عنهم أو عن غيرهم. وليس ذلك بذي أهمية على أية حال، لأنها كانت تشاكس الوالي الظالم على المسرح. قرنفل (فيروز)، استطاعت أن تنتزع ختم الوالي وتسيّر أمور البلاد والعباد المعطلة بسبب نوم الوالي المديد. قرنفل شجاعة وحرة وجميلة. تذكرني في بعض ملامحها إلى حد بعيد، بقرنفل أخرى تقيم حاليا في سجن دوما للنساء.
razanw77@gmail.com
* محامية وكاتبة سورية تقيم في دمشق
يوم في قصر “العدل”د. هشام النشواتي المنطقة تفهم هذه الجملة بالعكس(أينما يكون العدل فثم شرع الله ودينه)ولهذا سيدمرها الله اذا لم تطبق العدل والديمقراطية واحترام الانسان انها سنة الله في الكون. الكل يقول نعم يستحق مليون عراقي والاف المساجين في الدول الشمولية لجنة تحقيق دولي لمحاسبة الاستعمار والنظم والمليشيات الطائفية والعرقية والمافيات المخابراتية التي قتلت اكثر من مليون عراقي بري واذالت مفكرين وصحفيين في الدول الشمولية وكان قسم كبير منهم قتل باسم الدين او العرق او العمالة او لانه مخالف لراي. السؤال الهام لماذا بعض الكتاب يتجنى على علم الديمقراطية واحترام الانسان ويقارنها بما تريد امريكا ان تفعل بالدول المتخلفة… قراءة المزيد ..
يوم في قصر “العدل”
الارهاب القذر يقوده المخابرات السورية المافياوية الشيطانية لتدمير الشعوب اما المليشيات المصدرة من النظام الايراني المليشي التي اصبحت قيادتها عمائم شيطانية لتدمير الانسانية مثال حزب الله الطائفي وفرق الموت والقاعدة……نعم طبقوا الديمقراطية واحترام الانسان واقضوا على المافيات المخابراتية والا الاستعمار سيقضي عليكم نتيجة المخابرات والاستبداد
يوم في قصر “العدل”
جاء في قَسَمِ أبيقراط في القرن الرابع قيل الميلاد: “أقسم أن أحفظ المرضى من الأذى والظلم… وأن لا أصف لمريض دواءً قاتلاً ولا أعطيه نصيحةً تؤدي لموته… أقسم أن أحيط حياتي وعلمي بالطهارة والقداسة، وبغض النظر أي بيتٍ أزور، سأسعى إلى فائدة المريض، متعاليا عن قصد الظلم، أو الإساءة”.
ــــ عزيزي القاريء هل تذكر أن طبيب العيون الدكتور بشار أسد أقسم هذا اليمين عند تخرجه , والسؤال هل حنث الدكتور بيمينه أم لا ؟ عندما أعطى أوامره لاستمرار اعتقال المرضى ومنعهم من الحصول على المعالجة , فأي طبيب أنت يا بشار ؟؟؟