اليوم الأول: حرية مجد أولاد الله
إذا ما امتلكت الثقة في نفسك، فلن تحتاج إلى المفتي، ليحدد لك الحرام والحلال، ولن تحتاج إلى مرشد روحي، سرعان ما يتحول إلى مرشد لكل صغيرة وكبيرة في حياتك، لأنك ستجد ما يكفي من الشجاعة لتشق طريقك في الحياة بنفسك، وستجد أنك قادر على تصحيح أخطائك، في سعي دائم نحو الكمال المنشود.
إذا ما استشعرت الاعتزاز بذاتك وبكرامتك كإنسان حر وراشد، فلن تتقمص شخصية عبد، وتبدأ في البحث عمن تجعل منه سيداً لك، وسوف تقرر أن تكون سيد ذاتك، عندها لن نجد في أي مكان من يغامر بأن يدعي أنه سيد للآخرين.
إذا ما انتبهت أنك تمتلك عقلاً قادراً على التفكير والإبداع متى تعهدته بالرعاية والتدريب، فإنك ستكتشف أنك قادر على تحقيق كل ما تصبو إليه من آمال، دون انتظار لمعجزات تهبط عليك من السماء، وستجد عندها أنك قوي في ذاتك، ولا تحتاج لتسول القوة من رفات الموتى، ولا من تراب قبورهم، ولن ترسم صورة تعلقها على جدار، وتظل تحملق فيها حتى تخالها تنضح بزيت مقدس، وستكتشف أن القداسة بداخلك، وليست في أي شيء خارج عنك، ما دمت هيكل الله، وروح الله يسكن فيك.
إذا تحقق لك بعض أو كل ما سبق، فسوف تكتشف أغوار مفهوم: حرية مجد أولاد الله.
اليوم الثاني: حكاية الثور الأجرب والماء السلسبيل
يعرف الأقباط بالطبع مَثَل الثور الأجرب الذي يدير ساقية تخرج ماء نقياً، وهو المثل الذي حشره في عقولنا سادتنا الآباء المقدسين، لكي نصم آذاننا ونغمض عيوننا عن أخطائهم وخطاياهم، بدعوى أن لا شأن لنا بالثور الأجرب، مادام يخرج لنا ماء سلسبيلاً، بهذا يظلون متربعين على سدة القداسة، ونظل نقف أمامهم في خشوع لنوال البركة من أياديهم، وروجوا مع هذا المثل مقولة “اسمعوا كلامهم ولا تعملوا بأعمالهم”، ويردد الناس هذا الكلام وكأنه من قبيل التقوى، رغم أن السيد المسيح قال مثل ذلك على اليهود من الفريسيين، الذين وبخهم توبيخاً شديداً لريائهم، ويعضدون ذات النهج باستخدام مغلوط لآية “لا تدينوا لكي لا تدانوا”، لتكون النتيجة أن يصبح الأقباط أمة تسمح لرأسها أن يفسد، وهي ساكنة في خشوع، انتظاراً للبركات التي تتدفق من رأس يضرب فيه الصديد.
مجرد بضعة تساؤلات يلزم الإجابة عليها:
ألا يجد الله ثيراناً سليمة لتخرج لنا المياه، حتى يحتفظ بعمله للثيران الجرباء؟
من منا يقبل أن يقدم لضيوفه شراباً في إناء قذر من الخارج، حتى لو كان نظيفاً من الداخل، ومن منا يقبل الشرب من مثل هذا الإناء إذا قدم له؟
إذا كان السيد المسيح قد قال: “ليرى الناس أعمالكم الصالحة فيمجدوا أباكم الذي في السموات”، أي أن يصير المؤمن عظة حية بأفعاله وليس بكلماته، فكيف يقبل الله أن تكون كلماته على فم شخص بأفعاله هو عظة ضد لله ولتعاليمه؟
إذا كان الأمر يمكن أن يستمر كما يصورون لنا، فلماذا ينذر سفر الرؤيا ملاك كنيسة قائلاً له: أنظر من أين سقطت وتب لئلا آتي وأزلزل منارتك؟
هل بقاء مثل هؤلاء الكهنة هو امتثال لإرادة الله، أم هو خلط بين إرادة الله وسماح الله؟ فالله يسمح بكل ما في العالم، سواء الشر أو الخير، لكن الشر هو إرادة الأشرار، والخير هو إرادة الأخيار الممتثلين لإرادة الله، ويقول الكتاب: لا يقل أحد إذا جرب إني أجرب من قبل الله، لأن الله غير مجرب بالشرور، أما إرادة الله فهي أن جميع الناس يخلصون، وإلى معرفة الحق يقبلون، وبالتالي لا يمكن أن يكون بقاء كاهن أو رئيس كهنة غير سوي التصرفات في موقعه من قبل الخضوع لإرادة الله.
وصية الرب التي تقول انزعوا الخبيث من وسطكم، ألا تنطبق بالدرجة الأولي على غير الأسوياء من الإكليروس، أم أننا قصرنا استخدام هذه الوصية على ضرب كل من يرفع صوته ضد الفساد والمفسدين؟!!
على ذات نهج التضليل والخداع علمونا قصة أخرى عن كاهن زان، عندما يقف لصلاة القداس يأتي ملاك ليصلي القداس بدلاً منه، بعد أن ينحيه جانباً.
إذا كانت هذه القصة صحيحة (وأشك في ذلك) أليس من الجدير أن نفهم منها أن الله لا يقبل صلوات القداس من فم كاهن خاطئ، وأن علينا كشعب أن نبادر إلى تنحية هذا الكاهن، ولا ننتظر الملاك لينزل كل يوم، ليصلح ما تقاعسنا عن إصلاحه؟!
أم أننا كشعب مرتاحون لهذا التواطؤ المتبادل؟
بمعنى أن نقبل نحن من بعض الكهنة أن يتكلموا بكلام الرب، فيما أفعالهم شيطانية، لنكتفي نحن أيضاً بترديد كلمات وعبارات التقوى المظهرية، فيما حياتنا وتصرفاتنا أبعد ما تكون عن إرادة الله؟!!
اليوم الثالث: مسألة المعجزات عند الأقباط الأرثوذكس
سوف أستعرض مسألة المعجزات من وجهة نظر دينية وليست علمانية، فالعلم لاشك يغلق الموضوع منذ البداية، ولما كانت المعجزات شأن إيماني، فإن المنطق يحتم علينا مناقشتها على أساس ديني.
المعجزة في تعريفها فعل خارق لقوانين الطبيعة السارية في الكون، ولما كانت هذه القوانين من خلق الله، فإن لنا أن نستنتج أن المعجزة لا يمكن أن تكون أمراً مستحباً لدى الله، وبالتالي لابد أن يكون حدوثها استثنائي جداً وفي أضيق الحدود، فالبشر وخاصة غير المحترمين منهم هم الذين يضعون القوانين وسرعان ما يخرقونها أو يبدلونها، وحاشا أن يفعل الله ذلك، فقوانينه أبدية ومطلقة الصحة والفاعلية، بمعنى أنها صالحة تماماً لتسيير الكون، كما هي صالحة لتدبير حياة الإنسان على الأرض، دون ما حاجة لكسرها بالمعجزات،بمعنى أن الكون مرتب لمكافأة المؤمن التقي في الحياة عبر قوانين الكون العادية، دون حاجة لمعجزة، كذا الأمر بالنسبة لمعاقبة المسيء.
حالة إرسال الله للرسل والأنبياء حالة استثنائية ولاشك، وبالتالي يؤيدهم الله بالمعجزات لتكون سلاحاً إضافياً معيناً لهم، لكنها ليست سلاحاً أساسياً لنشر دعوتهم، لذلك لم يستخدم السيد المسيح المعجزات لإقناع الناس، بل كان يصنعها من قبيل التحنن على البشر، بدليل أن الآلاف الذين عاينوا معجزاته لم ينضموا تلقائياً للمؤمنين به، وهذا ما يخبرنا به الكتاب، بل كان السيد حين يطلبون منه معجزة لاستعراض قدراته كان يرفض، ويقول لهم جيل فاسق وشرير يطلب آية ولا تعطى له آية.
أعطيت المعجزات لتلاميذ المسيح لأنهم خرجوا للبشارة بلا قوة ولا مال ولا حتى ثقافة رفيعة عند أغلبهم، فكانت المعجزات بتأييد الروح القدس أبسط سلاح في أيديهم، لكن تاريخ الكنيسة مع ذلك لا يقول لنا أن المسيحية انتشرت في العالم بسبب المعجزات.
في عصرنا الحالي لا توجد حالات استثنائية تستدعي كسر قوانين الله بالمعجزات، والإصرار على استجلاب المعجزات يعني الإصرار على أن قوانين الله في الكون غير صالحة لتطبيقها على علاقة الله بأبنائه المؤمنين المخلصين، وهذا ادعاء يصنف ككفر وليس كإيمان بالله.
حتى مع وجود بعض المعجزات كحالات استثنائية خاصة جداً، فإن هذا لا يعني أن تحتل في نفوس المؤمنين وفكرهم موقعاً مركزياً، كما لو كانت قاعدة للتعامل مع الله، وليس استثناء نادراً.
مما سبق يمكن أن نستنتج أن الاهتمام المبالغ فيه هذه الأيام بالمعجزات، والذي يمكن وصفه بحالة هوس جماعي، يرجع إلى أمور أخرى غير الإيمان، بل يرجع إلى عدم إيمان، أو إلى إيمان أدت ظروف متعددة لتشويهه، بما يفسد العلاقة الروحية بين الفرد وربه، كما يفسد أمور حياتنا الدنيوية، بتخاذلنا عن استخدام قوانين الكون الإلهية لتسيير أمورنا، انتظاراً وتسولاً للمعجزات.
من أسباب تفشي حالة الهوس بالمعجزات حالياً:
حالة الضعف والاستضعاف الموجود فيها الأقباط بمصر حالياً، نتيجة سيادة فكر التعصب والكراهية.
حالة غياب العقل المصري عموماً، بل وتخريبه بواسطة نظام تعليمي هو الأسوأ عالمياً، بالإضافة إلى دور رجال الدين مسلمين ومسيحين في هذا التخريب للعقل.
الدور السلبي لرجال الدين المسيحي في ترويج وتلفيق الأكاذيب عن المعجزات، بهدف جمع المال أولاً، ولتجميع الناس حولهم ثانياً.
استمرار حالة الهوس المرضي بالمعجزات سيؤدي إلى تخريب الدين والدنيا.
اليوم الرابع: النقد والدينونة في الفكر المسيحي
يبدو أن الخلط بين النقد والدينونة في فكر الإنسان المسيحي بحاجة إلى توضيح لفك الاشتباك أو إزالة الالتباس، وهذا بالطبع من قبيل افتراض حسن النية، والذي يتمتع به بلا شك الملايين من الأقباط الأتقياء الأنقياء، رغم أن الكثيرين من أصحاب المصالح في استمرار الفساد يوظفون هذا الخلط، بل ويعمقونه، تحقيقاً لأغراضهم.
سنحاول أن نضع مفاهيم لكل من الدينونة والنقد، يمكن أن نتفق أو نختلف عليها، ثم نختبر صحة مفاهيمنا بأمثلة عملية، تتضمن أقوال وأفعال رب المجد يسوع.
الدينونة: هي أن يتدخل إنسان في حياة إنسان آخر الخاصة بالنقد والتقييم، وبالتحديد في الأمور التي تخص هذا الإنسان وحده، ولا تنعكس إيجاباً ولا سلباً على آخرين.
الدينونة بهذا انتهاك لحرية الفرد الخاصة بمفاهيمنا الحديثة، كانتقاد الملابس والتصرفات الخاصة، والذي يرتكب الدينونة إما أن يكون من هواة التقليل من شأن الآخرين لشعور داخلي بالنقص، أو أن يكون من ذوي الفكر الشمولي، الذين يريدون أن يصبوا الناس في قالب واحد خانق.
بهذا تكون الدينونة خطيئة دينية، وأيضاً جريمة في حق الليبرالية وحقوق الإنسان.
النقد: هو رصد الخطأ في تصرفات الآخرين في المجالات التي لا تخص هؤلاء الآخرين وحدهم، وإنما تنعكس على المجتمع كله، ويدخل ضمن هذه الدائرة ما قد يصدر عن أي فرد من تصرفات شخصية تنعكس آثارها سلباً على آخرين، كما تتضمن أداء أي شخصية عامة لمهام وظيفتها المؤثرة على المجتمع.
أمثلة عملية للنقد:
انتقاد من يرمي بالقاذورات في الشوارع.
انتقاد من يتلفظ بألفاظ بذيئة في مكان عام.
انتقاد من يرفع صوته بأي وسيلة فيسبب إزعاجاً للآخرين.
انتقاد أداء أي قائم بعمل عام في أي مجال من مجالات العمل العام، سواء كان رجل دولة أو رجل دين، وساء كان شخصاً عاديا بسيطاً، أو قائداً أو رئيساً.
محاسبة كل مكلف بمهام عامة، سواء كان رجل دولة أو دين، على ما حققه من نتائج إيجابية، وما قصر في تحقيقه، سواء عن عجز أو إهمال أو تفريط في أمانة.
موقف السيد المسيح من الفريسيين ونهجهم في التعليم، وفي موقفهم من وصايا الناموس.
موقف السيد المسيح من الباعة والصيارفة في الهيكل.
أمثلة عملية للدينونة:
إدانة التصرفات الخاصة مثل الملابس أو شرب الخمور أو ما شابه.
إدانة من لا يلتزم بأداء الطقوس الدينية كالصوم والصلاة وما شابه.
إدانة أسلوب حياة مختلف.
موقف الفريسي الذي ذكره السيد المسيح أنه وقف لصلي، فزكى نفسه، وأدان التصرفات الشخصية للعشار.
ملحوظة (1):
نكتب تلك الكلمات بمناسبة من يهاجمون الآراء الإصلاحية باعتبارها دينونة، في حين أن كثيرين ممن يتعللون بهذه الحجة لكتم صوت الإصلاح، هم في الحقيقة لا يتذكرون النهي عن الدينونة إلا في الدفاع عن الفساد، في حين أنهم يمضون أغلب نهارهم في ارتكاب خطيئة الدينونة، بالتدخل فيما لا يعنيهم من أمور الآخرين الخاصة.
ملحوظة (2):
بدون النقد الدائم والواعي تتجمد المجتمعات، وتتهاوى المؤسسات والهيئات المكلفة بخدمة الجماهير، ومن يقفون ضد النقد هم حجر عثرة في طريق الحضارة، بل في
طريق الحياة.
kamghobrial@yahoo.com
يوميات علماني قبطي 2اليوم الأول: حرية مجد أولاد الله إذا ما امتلكت الثقة في نفسك، فلن تحتاج إلى المفتي، ليحدد لك الحرام والحلال، ولن تحتاج إلى مرشد روحي، ردي عليك من الكتاب المقدس ضد كلامك تماما ففي عب 13: 7 اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله.انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا بايمانهم —وفي عب 13 : 17 اطيعوا مرشديكم واخضعوا لانهم يسهرون لاجل نفوسكم كانهم سوف يعطون حسابا لكي يفعلوا ذلك بفرح لا آنين لان هذا غير نافع لكم كلامك: سرعان ما يتحول إلى مرشد لكل صغيرة وكبيرة في حياتك، لأنك ستجد ما يكفي من الشجاعة لتشق طريقك في الحياة بنفسك… قراءة المزيد ..
يوميات علماني قبطي 2اين الحلول التى تقدمها يا استاذ كمال ومن قال لك ان الكنيسة تصمت على اخطاء الكاهن واقوى مثال هو تجريد بعض الكهنة وايضا اساقفه انت بتتكلم على ايه عايز تلغى الكهنوت … مثلا بالنسبة للمعجزات كنيستنا ليست كنيسة تجرى وراء المعجزات لان لا تقبل معجزة بدون شهادات طبيه من اطباء مختصين ولا اعلم ما الفائدة التى تعود على الكاهن من حدوث معجزة هل تنكر المعجزات ؟؟؟ ازاى تنكرها والمعجزات واقع فعلا نراه باعيننا كم من مرضى مرضهم اصبح الطب عاجز عن شفاءة ويتم الشفاء بمعجزة الهيه . انت قربت تنكر وجود الله يا استاذ كمال لان ما… قراءة المزيد ..
يوميات علماني قبطي 2مقال رائع ينطبق على المسلمين والمسيحيين المصريين سواء متعلمين أو جهلة ويحضرنى الأن بحث يقدمة بعض من اساتذة الأزهر لآستخراج شفرة محمدية على غرار شفرة دافنشي متعللين بأرقام سواء موجودة فى القرآن الكريم أو من بنات أفكارهم لأضافة الصبغة اللأهية على الرسول والصحابة (البشر) وتأليههم وكيف لا فقد فعل الآخرون ذلك فلما لانفعل ونزيد من شل التفكير العلمي والمنطقي للمسلمين بحيث لا يتحركون الأ بفتوي ولايقضوا حاجاتهم الأ بفتوي . فالمعجزة العملية التى اكتشفها قبلنا الغربيون هو العقل الذي ننحية اليوم جانبا فهو هبة اللة للأنسان ليميز الخبيث من الطيب وليضبط ميزان حياتة فان لم يتم تهذيب… قراءة المزيد ..