“الإختراق الإسرائيلي” لأجهزة الدولة السورية، على أعلى المستويات، هل لعب دوراً في تصفية سمير القنطار؟ وهل تغاضى الطيران الروسي عن العملية الإسرائيلية، وماذا ستكون نتائج هذا التغاضي على علاقات “الحليفين” الروسي والإيراني؟ وإذا صحّت المعلومات الإسرائيلية بأن القنطار كان التحق بنظام الأسد ثم تحوّل إلى “مقاول إرهاب مستقل”، فهل تخدم تصفيته أكثر من طرف على جانبي جبهة الجولان؟
*
كتب « رون بن يشاي »، في جريدة « يديعوت احرونوت » الإسرائيلية أن سمير القنطار كان يقوم بتخطيط هجمات ضد إسرائيل بصفته الشخصية بعد ان نَبَذَهُ حزب الله. وأضاف، نقلاً عن « مصادر غربية موثوقة» (الأرجح أن المقصود « مصادر إسرائيلية »، وأن المحلل استخدم التعبير السابق بسبب مقتضيات الرقابة الإسرائيلية) أن القنطار كان بصدد تحضير هجوم إرهابي كبير في هضبة الجولان حينما قُتل.
وحسب المصادر نفسها، فقد تحوّل سمير القنطار، في السنة الماضية، إلى ما يشبه « مقاول إرهاب مستقل »، وأنه لم يكن ينشط بالنيابة عن حزب الله في الآونة الأخيرة. وبعد ان استقل عن حزب الله بصورة متزايدة، فقد بدأ ينشط إلى جانب الميليشيات السورية الموالية للأسد.
إن المنظمة التي كان القنطار يعمل معها هي « لجنة المقاومة الوطنية السورية »، وهي تركيبة أسّسها النظام للحلول محل ميليشيات « الشبيحة ». وكان «فارس الشعلان » الذي قُتل مع القنطار ليلة السبت أحد كبار المسؤولين في المنظمة نفسها.
ويُعتقد أن الخلاف مع حزب الله نجمَ عن استياء القنطار من الحزب. ففي اواخر ٢٠١٤ ومطلع ٢٠١٥، سأم الحزب من خدمات القنطار وقام بتعيين جهاد مغنية مسؤولاً عن جبهة حزب الله-إيران الجديدة في الجولان بدلاً من القنطار.
وكان التنظيم الذي أسّسه حزب الله مع الإيرانيين على وشك بدء نشاطاته العسكرية في الجولان حينما تمّت تصفية جهاد مغنية ورجاله في يناير ٢٠١٥ في عملية نَسَبها حزب الله لإسرائيل. وقُتل في الغارة نفسها جنرال إيراني وضباط سوريون ومقاتلون من حزب الله.
وظل القنطار في مرتفعات الجولان مع أن حزب الله لم يعد يستخدمه ضد إسرائيل. وكان يخطط للهجمات ضد إسرائيل اعتماداً على علاقاته في الطائفة الدرزية. وقد استأجر منزلاً في منطقة « جرمانا » بجنوب دمشق، على الطريق المؤدي إلى الجولان.
وتعتقد المصادر الغربية أن القنطار كان في المراحل الاخيرة من تخطيط وتنفيذ هجوم ضد إسرائيل لم يكن حزب الله مطّلعاً عليه. وتقول المصادر نفسها أن الحزب كان يعتبر القنطار رمزاً لإذلال إسرائيل بحكم ظروف إطلاق سراحه في ٢٠٠٨، ولذلك فلم يتبرّأ منه، حتى حينما فشلت العمليات التي خطط لها في العامين ٢٠١٣ و٢٠١٤.
وفي الآونة الأخيرة، بدأ مسؤولو حزب الله برفض النشاطات المستقلة التي يقوم بها القنطار، والتي لم يكونوا موافقين عليها. وكانوا يخشون أن يورطهم القنطار في مواجهة مع إسرائيل إذا ما شن هجوماً في الجولان. إن هجوماً ناجحاً يعقبه تدخل إسرائيل يمكن أن يؤذي مصالح النظام السوري، ومصالح حزب الله، ومصالح إيران الإستراتيجية.
ولا يملك النظام السوري، وحزب الله، وإيران، والروس أية مصلحة في مواجهة مع إسرائيل الآن، وخصوصاً إذا نجمت المواجهة عن نشاطات عنصر « مستقل » مثل القنطار.
ويعني ما سبق أنه تمت تصفية القنطار لأنه كان يُعتبر بمثابة قنبلة على وشك الإنفجار من جانب اكثر من طرف في الشرق الأوسط.