ظلت مصر أسيرة خيارين أحلاهما مر، إما النظام الحاكم الإستبدادي الفاسد، وإما الإخوان المسلمين وأذرعهم من جماعات شتى، وكانت تقديرات المفكرين للزمن المطلوب لإجراء التغيير المنشود تتراوح مع التفاؤل إلى عشرة أعوام و مع التشاؤم إلى خمسين عاما، بعدما أدى النظام الحاكم إلى إنهيار منظومة المجتمع القيمية بالكامل، حتى أصبح البحث عن طرف الخيط من أين يبدأ الإصلاح هو أحد الألغاز الكبرى.
لكن مصر عادت لتثبت في أيام أنها دائما أم العجايب، وأثبت شبابها مدى وعيهم وقدرتهم على الفعل وتفانيهم من أجل كرامتهم وكرامة وطنهم إلى حد الموت، وأنهم قادرون عل التغيير اليوم وليس غدا. وأثبتوا قدرتهم التظيمية ووعيهم و فدائيتهم أمام عسكر الداخلية التي تحولت من وزارة محترمة كانت تقف مع شعبها ضد المستعمر، إلى وزارة للمجرمين والمرتشين والبلطجية والخارجين على القانون في ظل نظام فاسد حتى النخاع بدلا عن حماية القانون (باستثناء قلة من الشرفاء بهذه الوزارة البائسة وهم الأقل حظا والأكثر معاناة).
بعد قرار نزول الجيش إلى الشارع، قرّر المجرم بجدارة حبيب العدلي أن يسحب قوات الداخلية من الشارع حتى يضع الشارع في حالة تصام مع جيشه. ولم يكتفِ بذلك بل أطلق رجاله للنهب والسلب، وفعل ما سبق أن فعله رفيقه في الدموية صدام حسين عندما أطلق عتاة المجرمين إلى الشوارع قبل سقوطه بساعات، وذلك بقصد أن يتراجع الشارع عن ثورة الغضب مفضّلا السلام تحت حكم الطاغية على حالة الإنفلات الأمني المروع التي دبر لها رأس النظام وزبانيته بتخطيط وبرمجة واضحة.
وأحبط الشباب المحاولة وتمكّن من إجراء حالة تصالحية مع الجيش الذي لم يحدد موقفه حتى الآن: هل هو مع ثورة الشعب ضد النظام الإستبدادي الفاسد أم أنه ما زال يحرس الإستبداد و الفساد؟ على جيش مصر أن يحسم موقفه الآن بإزاحة الطاغية قبل نهر الدم الآتي.
وقام شعب مصر العظيم بتنظيم شئون البلاد بعفوية وإخلاص نادر، وشكلوا بأجسادهم العارية من أي سلاح حراسات للمنشآت العامة و الخاصة أمام الإجرام المسلح المنفلت، وقاموا بتنظيم حركة المرور والسير في الميادين و الشوارع مع هتافاتهم للجيش ليحسم موقفه.
الإخوان المسلمون كعادتهم لم بنزلوا إلى الشارع إلا عندما نجحت ثورة الغضب وأعلنوا على الفضائيات أنهم أصحابها، والقسوس نصحوا المسيحيين بعدم المشاركة فكان أن رفضهم الشباب المسيحي ونزلوا إلى الشارع يشاركون أهلهم في الوطن ثورة الغضب. وما كان أروع و أجمل مشهد بولس وجرجس وبطرس وهم يلتفون حول المصلين المسلمين لحمايتهم في ميدان التحرير، مسجّلين ازدراءهم لكل من حاول ثنيهم من ورثة التاريخ الجبان الذي لا زال يفضل دفع الجزية من كرامته وهو تحت النعال.
والآن فقط يظهر زعماء أحزاب المعارضة الهزلية ليعقدوا الإجتماعات لسلب شباب الغضب مكاسبهم ودماء شهدائهم. لذلك أهيب بشباب مصر ألا يسمحوا لأي من الوجوه الحزبية المعروفة أو أصحاب الشعارات الدينية أن يسلبوهم ثورتهم، و أن يقوم هؤلاء الشباب بتشكيل لجنة من عشر شخصيات محترمة لم يسبق لأحدهم الإنتماء إلى حزب أو جماعة ويعرفون بوطنيتهم وليبيراليتهم وعلمهم وإخلاصهم ونظافة أيديهم.
وربما كان ترشيح أحمد زويل مع محمد البرادعي وفاروق الباز على رأس هذه المجموعة مع أساتذة القانون والسياسة والعلوم هم الأنسب لتشكيل هذه اللجنة كهيئة مؤقتة لإدارة شؤن الوطن، على أن تقوم هذه اللجنة بوضع الخطط لدستور مدني جديد يليق بكرامة بلد كمصر، وإعادة الأمن والإستقرار بنظام ديمقراطي حر، وألا يبأس الشباب الآن على من فر من مصر بأموالهم من عتاة المجرمين و الطغاة فالحساب قادم ولن يفلت مجرم من عقاب.
اليوم أطلق نيرون مصر زبانيته وحلفه من البلطجية وفسدة الداخلية للاعتداء الوحشي المنظم ضد زهور مصر من شباب ثورة سلمية حضارية رائعة نادرة المثال. لذلك أهيب بكل أحرار العالم الوقوف الى جوار شعب مصر العظيم وبخاصة العرب منهم لأنها ثورتهم جميعا.
ان الطاغية بعد أن خربها يصر على استمرار الجلوس على أنفاسها حتى لو كانت تلا من الخراب، لأنه يعلم حجم المظالم التي ارتكبها في حق شعبه وحجم النهب والسرقات التي استنزفها مع عصابته المافيوية ويخشى يوم الحساب وكشف المستور من الفساد الذي لم يسبق لبلد أن عرفه.
لكل ثورة تضحياتها وثمنها الذي هو ضريبة دفعتها كل الشعوب التي تتمتع الآن بالعزة والكرامة. وان اي تراجع أمام نيرون يعني أنه سيمارس انتقاما وحشيا ضد كل من شارك في ثورة الغضب المجيدة، وعلى بقية شباب وشيوخ ونساء مصر ان ينزلوا الآن لحصار البلطجية والقتلة ونصرة ابنائهم واشقائهم في ميدان التحرير لتحاصروهم بينكم وبين المعتصمين في التحرير.
يا شباب مصر العظيمة لا تتوقفوا ولا تهنوا حتى تسقطوا النظام القديم برمته إلى مزبلة التاريخ. المهم الآن تشكيل اللجنة المطلوبة بسرعة لإستعادة النظام والأمن واسقاط الطاغية. وليغادر مبارك الى أشقائه في البلاد المقدسة التي أصبحت موئلا لكل جبار أثيم عتل بعد ذلك زنيم منذ إمام اليمن البدر مرورا بعيدي أمين وليس انتهاء بزين الفاسدين.
يا شباب مصر هذا وطنكم وتلك ثورتكم، فلا تفرطوا فيها لحساب تجار السياسة أو تجار الدين لأنكم أنتم أصحابها و أنتم من دفع من دمه فدائها، و آن لكم أن تصنعوا لمصر مستقبلا يليق بكم و بها.
إن العالم كله الآن ينصت، والتاريج يمسك بريشته يرهف السمع لكم، ليسجل لكم المجد و الفخار و العزة وأنتم تصنعون وطنا عزيزا تعيشون فيه كراما.
elqemany@yahoo.com
القاهرة
يا شباب مصر لا تتوقّفوا!
روتس من السويد — rotsbaba@yahoo.com
يا أخ هاني، أنت تلوم رياض نعسان آغا لأنه كان وزيرا للثقافة في سورية ناسياً أنه كان وزير ثقافة المقاومة ، وإن كنت تشك اٌقرأ ما كتب على مدى سنوات وزارته، وانظر إلى نشاطاتها العروبية ، لاتكن ضيق الأفق ، فالرجل صديق كل المثقفين العرب المقاومين العروبيين ،وهو مستقل وسورية بلد المقاومة والممانعة ةشرف للمرء أن يكون وزير ثقافة مقاومة ، وعلى كل حال لو أن عصفور قبل الوزارة قبل 25 يناير لما لامه أحد .فاستح أنت من نفسك .
يا شباب مصر لا تتوقّفوا!هاني أنا قارئ حيادي ومتأكد أنك يا محمد معارض للنظام المصري الفاشي. لكن القمني بالمقابل حصل على ما يسمى في مصر بـ”جائزة الدولة التقديرية” وهي جائزة “الدولة” وليست جائزة النظام ولا حسني مبارك. وإن متتبعاً للطريقة التي يتم فيها اختيار الأسماء المرشحة ثم أعضاء اللجنة التي تختار، والتي هي لفيف متنوع من مثقفي مصر المستقلين، يمكنه أنه يقدّر أن الجائزة يمكن قبولها. صحيح أن الجائزة تتبناها وزارة الثقافة، لكنها في النهاية وزارة ثقافة وليست الداخلية أو الخارجية أو الدفاع (مصادر العنف الداخلي والخارجي)، أي أنها بكل المقاييس أقل خضوعاً لمافيوزية النظام وفساده وفاشيته. وإن افترضنا مثلاً… قراءة المزيد ..
يا شباب مصر لا تتوقّفوا! وليد العراقي الغرابة في فهمك للأمر أخي المعلّق محمد. اللجنة مانحة الجائزة لا تمثل مبارك، بل هي هيئة علمية تخدم الوطن وتكرّم رجال مصر وعقولها. لا بدّ أن تميّز بين الموقف من النظام البوليسي وبين مؤسسات الدولة والوطن والشعب.. مصر ملك للشعب، لمن يقف بجانبها ضد الفساد والظلم والفقر والأستغلال.. هل دور النشر التابعة للدوله ومن نشر كتبه فيها يدعم مبارك؟ لا تتخيل ان الاستاذ القمني كان يدعم النظام. انا التقيت به كصحافي وتحدثت معه قبل عام واعرف انه ضد كل الفساد والظلم، يعشق مصر والمصريين ويرفض لمصر ان يحكمها فاسد.. بالعكس فقد شكى لي… قراءة المزيد ..
بيان سيد القمني: يا شباب مصر لا تتوقّفوا حتى تسقطوا النظام القديم برمّته
محمد — arabciv@hotmail.com
و الله يا استاذ سيد انا مستغرب من موقفك بتهاجم الدولة المصرية ورئيسها وانت اللي رضيت بالتكريم اللي اخدته منها فرحت بيه ودافعت عنه يعني المفروض مادام انت رافض نظام الدولة و رئيسها كنت متقبلش التكريم، علي فكرة قبل ما يتهمني حد اني من اتباع النظام فاحب اقوله انا من المعارضين للنظام وممن اسهموا في ثورة 25 يناير