قرأت للأستاذ العزيز نبيل الصوفي موضوعاً عن 8 مارس: “حديث خائف عن قضية المجتمع المعطل خوفاً على العفة” في صحيفة النداء العدد 93 في تاريخ 7مارس2007.
وما حفزني لكتابة هذا المقال هو توجهه الصادق إلى خطباء المساجد ليعيدوا النظر في حق المرأة كإنسان “تحت فقرة يا خطباء المساجد.. هذا دوركم”.
دعوة صادقة أيها الأخ النبيل، لكن دعوتك كمن يجتر دعوة آلاف السنين، بل كمن يأكل قيه – وعفوكم من تعبير كهذا – فكأننا لا نتصور أن نخطو “دادو حبة حبة” ( ترنيمة تقال للطفل عندما يبدأ يخطو) أو نحيا حياتنا الطبيعية دون مرجعية خطباء المسجد، وفتاوى رجال الدين الذين غدوا يسيرون كل شيء في دنيانا حتي أدمغتنا وطحالنا..
ونحن لا نختلف عن الديكتاتورين في العالم الذين يطبقون بمخالبهم على الانتخابات ويستحوذون على كل بشر وجن شجر وحجر البلد… فترى بعض الجموع المعارضة لثقافة التوريث.. وقد بدأوا يلينون : “يا جماعة الخير، لنترك لزعيمنا فرصة.. فنختبره.. فبهذه الانتخابات ستحصل الديمقراطية، والحرية، والمساواة، ولن ترتفع الأسعار، وسيتخم المواطن من عيشة الجنة… فلننس الماضي ونبدأ صفحة جديدة، لنحرق الملفات، ونفتح صفحة بيضاء”.
وكأن عقوداً من الزمن لم تكف زعيمنا ليؤسس ألف باء الديمقراطية، أو يمنع ارتفاع الأسعار، أو يمنع إهدار كرامة المواطن ويعيش آمنا مثل بقية خلق الله.
ونفس الشيء ينطبق على أخوتنا في المساجد، وكأن مئات القرون التي مضت لم تكن كافية لإصلاح الكون، وان الآتي المشرق سيبدأ والعهد الجديد والمشروع الإنساني هما قاب قوسين أو أدنى.. الخ.
كلا الثقافتين أيها العزيز تنبعان من منبع واحد، بأنهما الأوحد والمطلق، البداية والنهاية، بل ولا نهاية لهما سيفني الكون إلا هما.. إنها الذات المتعالية التي تحس بأنها لولاها، لخربت أحوال البلاد والعباد..
وبهذه المناسبة 8 مارس 2007 لن استجدي المسجد والقائمين عليه. بأن يعيدوا دورهم، وحوارهم ليناقشوا إمكانية تغيير النظر باتجاه المرأة ككائن إنساني.. بل أجدني أقول “ستتكلّل آدمية الإنسان ذكراً كان أو أنثى عندما ترفع ثقافة المسجد عن الخوض في غمار هذا الإنسان الذي تتقاسمه المرجعيات وكلانيات الثقافات والمعتقدات”، فكل له طريقه وله دوره.
ونقول للخطباء، وللمرجعيات، كثر الله خيركم مليون مرة – إلى هنا وبس – كفيتم ووفيتم على خدمة الإنسان والمرأة لقرون من الزمن..
واخص بأن تكفوا عن فتواكم بالذات في شئون المرأة والفنون، وشئون الإبداع.. فمتى ما تحقق هذا الكفاف، فان الخصب سيبدأ، سنصح ونتعافى.. سنغدوا أمما، و نساء لا نختلف عن بشر العالم. فبجدب الفتاوي تخصب الحياة، ويتحرر الإنسان، ويبدع.
فهل سيأتي يوم 8 مارس مستقبلاً بدون خطب لفحولة الأقحاح القابضين على النار والرماد أكانوا ذكوراً أو إناثاُ.. نحلم بـ8 مارس بلا ميكرفونات، وبلا منصات، وبلا مآذن، وبدون يجوز، ولا يجوز؟؟
هل سيأتي للمرأة في مارسها وابريلها، واكتوبرها عام تستطيع فيه المرأة أن ترضع طفلها دون خوف من أن تكون قد تجاوزت فتوى الشيخ الفلاني، وما رد عليه الشيخ العلاني؟ أن تعاشر المرأة زوجها دون حجب وسحب الفتاوى كيف عملت عائشة، كيف انتهت فاطمة في حدث كهذا؟؟
هل سيأتي يوم تتوقف فيه فتاوى نتف الشعر هل هو فرض عين أم فرض كفاية؟ وهل يجوز أكل العصيدة من الطنجرة “الدست” مباشرة، وماذا لو كحت إمرؤ “دست” العصيدة، وما حكم من أكل عصيده، وترك البقايا في قاع “الدست”؟
وبهذا اليوم الإنساني الذي يحتفل به العالم.. هلا رفعتم أيدكم، وأرجلكم، ولحاكم، وحناجركم، وكتبكم وكروشكم عنا.. لنعيش.. لنستعيد آدميتنا، ننتعش، ونحيا.. فهل تَكفّون؟
فكيف تشوفووووووووووو؟
arwaothman@yahoo.com
* كاتبة من اليمن
(الرسم المنشور إلى جانب العنوان مأخوذ من muttaw.blogspot.com السعودي، الذي يستحق الزيارة، مع تحياتنا لأصحابه المجهولين)