حذر قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي الجنرال يائير جولان من أنه في «المواجهة المقبلة مع حزب الله ستقع إصابات أكثر في الجبهة الداخلية الإسرائيلية». وفي تقديره للموقف في سوريا، قال إن الرئيس السوري بشار الأسد «يمكن أن يستمر معنا لسنوات».
وقال جولان في مقابلة موسعة مع موقع «والا» الإخباري «إننا اعتدنا في الماضي على النظر إلى الحلبة الشمالية على أنها حلبة واحدة تنقسم إلى جبهتين، لكن الأمر لم يعد كذلك، عمليا إنها جبهة واحدة. وهي جبهة تتسم بعلاقات وثيقة بين حزب الله ونظام الأسد وإيران من فوقهما. وتغيير هذا الوضع يؤثر، طبعاً، على انتشارنا وعلى خططنا».
وأشار جولان مباشرة إلى «حزب الله» بقوله إن «حدث القتال المقبل مع حزب الله سيكون أصعب، بأضرار أكبر وإصابات أكبر للمدنيين وللجبهة الداخلية الإسرائيلية. وكلما استخدم حزب الله قوة أكبر، فإن الإصابة ستكون أشد فتكاً. ويملك الجيش الإسرائيلي الخبرة والقدرة للتغلب على خطر صواريخ حزب الله والتغلب عليه، وسنضطر للوصول إلى الأماكن التي هم فيها، في القرى وبيوت المدنيين. إن حزب الله يتلقى الأوامر من إيران، وهو ينفذ تعليمات إيران ويعمل لمصلحتها».
واستذكر المراسل الذي أجرى المقابلة مع جولان انطباعاته من حرب لبنان الثانية، وخصوصاً صواريخ «حزب الله» على صفد. ولكن الجنرال جولان استوقفه وهو يشير إلى صور السيد حسن نصر الله والرئيس السوري بشار الأسد والرئيس الإيراني حسن روحاني المعلقة في مكتبه تحت عنوان «محور الشر» مبتسماً، وكأنه يعرف ما سيحدث في المنطقة. وقال إنه «نهج بريطاني أن تضع صور عدوك على الحائط، كي تتذكر من ضدك ومن معك».
وكان جولان قد التحق في العام 1980 بسرية المضاد للدبابات في لواء المظليين وشارك في حرب لبنان الأولى في المعركة ضد السوريين حيث التقى للمرة الأولى برجال الكوماندو السوري في البقاع. وشاهد معارك الدبابات الكبيرة في تلك المنطقة بين الدبابات الإسرائيلية والسورية. وخدم في لبنان تحت إمرة العقيد غيورا آيلاند قبل أن يعود آمراً لسرية مضاد للدبابات، وقضى فترة طويلة في الحزام الأمني في الطيبة والعيشية وريحان.
وقد أصيب جولان برصاصتين في اشتباك لوحدته مع قوة من «حزب الله». وتدرج في المراتب العسكرية إلى أن قاد الفرقة 91 في قيادة الجبهة الشمالية قبل أن تنشب حرب لبنان الثانية. ومن المهم معرفة أن جولان تلقى ثلاثة إنذارات في حياته العسكرية، واحدة إثر قتل قناصين من «حزب الله» اثنين من جنوده في موقع نوريت.
ولكن حرب لبنان الثانية صدفته وهو يخدم في الضفة الغربية «فشعر بالألم» لأنه ليس هناك. وفي المقابلة، أنحى باللائمة على القيادة آنذاك. وقال «لبنان الثانية لم تكن درة التاج في التاريخ العسكري للجيش الإسرائيلي. حينها أعتقد أنني قدمت مساهمتي في يهودا والسامرة، وأنا بالتأكيد لست آسفاً على ذلك».
ورداً على سؤال حول حرب لبنان الثالثة وإمكانية حسم الحرب مع «حزب الله» خلافاً لما حدث في حرب تموز (الثانية)، قال جولان إن «كل ردع مقيد بزمان. أحياناً يقل أو يزيد. لبنان الثانية من الناحية الاستراتيجية كانت إنجازاً كبيراً. ولكن الإحساس في لبنان الثانية كان أنه بوسعنا تحقيق أكثر. هناك شعور بتبديد فرصة. وسببه أننا لم نحقق أكثر هو سلسلة أخطاء في المستوى المنظوماتي وليس مجرد أخطاء على المستوى التكتيكي. في السنوات الماضية حققنا تقدماً هائلاً في كل موضع تحاول فيه أن تحلل جاهزية الجيش الإسرائيلي اليوم ومقارنته مع ما كان».
ورداً على سؤال إن كان حزب الله يخشى حالياً من الحرب مع إسرائيل أكثر من السابق، قال جولان إن «حزب الله مرتدع اليوم. ولكن الردع شأن ذهني وليس فيزيائياً. ولدى حزب الله قدرات. أما الرغبة؟ حالياً لا رغبة لديه ولكن الحال يمكن أن تتغير. كل شيء يرتبط بالظروف، ولذلك قدر الجيش والدولة في إسرائيل أن يحافظا على مستوى جاهزية عال جدا لمواجهة كل تحد ممكن من حزب الله وحلفائه».
وطرح مراسل «والا» سؤالاً آخر مفاده «هل انتصار حزب الله في القصير ضد المتمردين السوريين يكشف العقيدة التي يعدها لمواجهة الجيش الإسرائيلي في المواجهة المقبلة؟». وأجاب جولان أن «حزب الله خصم جدير. ولا أقترح على أي عسكري الاستخفاف بالعدو. والجيش الإسرائيلي يعرف كيف يواجه حزب الله مواجهةً جيدة وساحقة. وقدرات الجيش الإسرائيلي هائلة. ومثلما محظور علينا الاستخفاف بأعدائنا، محظور علينا الاستخفاف بقدراتنا. وما رأيناه في القصير، ومن دون الخوض في تحليل استخباري، لم أر هناك أي مشكلة بأحجام مغايرة لما رأيناه حتى اليوم. لدينا رد جيد جداً».
وبرغم الإفراط الإسرائيلي في الحديث عن القفزات في القدرات الاستخبارية مؤخراً، فإن جولان غير راض عن مستوى الاستخبارات، ولكنه يصر على قناعته بأنه «في كل معيار، القدرة على ملاحقة نشطاء حزب الله، البنى التحتية وأسلحة حزب الله، سيخرج الحزب في الحرب المقبلة مضروباً ومتأذياً جداً». وشدد على أنه بالوسع توجيه ضربة مؤذية للحزب من دون أن تخالف القانون الدولي.
وأشار جولان إلى أن مسألة نزع سوريا لسلاحها الكيميائي معقدة، لافتاً أيضاً إلى أن قضية إنشاء حزام أمني على الحدود مع سوريا لم تنزل عن الطاولة بعد. وقال إن تقديره بخصوص مستقبل الأسد يختلف عن تقدير الجيش عموماً. وفي نظره، فإن الأداء العسكري متوسط والاقتصاد يواجه مصاعب، ولكن النتائج ليست انهياراً. فلدى النظام السوري مصادر تمويل خارجية، والانهيار ليس سريعا والقتال ليس حاسما.
ويخلص إلى أن كثيرين ظنوا أن الأسد سينهار سريعاً، مضيفاً «أنا قلت إن الأمر يتطلب شهوراً طويلة. لكني أنا أيضاً أخطأت. إنه باق أطول مما ظننت. تقديري كان عاماً ونصف العام، واليوم نتحدث عن قتال مستمر».
السفير