إلى: عبد السلام الشراعي في محنة التكفير **
الحدث: انفجار هز مدرستنا في إحدى أيام “زخم الوحدة” 1991م.
المشكلة: اكتشاف طالبة كافرة في أحد فصول أول ثانوي.
**
الطالبة (س) كفرت، ارتدت عن الإسلام! يا منجي، يا مغيث، ألطف بعبادك.. لقد قامت الساعة!! – هكذا تزاعقت بشكل محموم قطيع كبير من المدرسات مجلببات، وغير مجلببات، فالوضع لا يحتمل، ويجب أن تتكاتف كل الجهود والأطياف المختلفة لاحتواء حدث فظيع كهذا.
**
احتجزت الطالبة (س) من قبل فيلق مدرسات تتزعمهن أستاذة علوم القرآن، التي أتُرست جسدها بثقالات لا تختلف عن ثقالات عقلها.
المدرسة في حالة انقلاب، وانفلات للغرائز، جحافل مدججات بالأسوَد، اختزلت المدرسة وكل من فيها إلى ساحة عمليات، تكثفت أكثر العمليات خطورة في غرفة المدرسات/قفص الاتهام، الذي تعلق داخل قضبانه طالبة مذعورة (س) عمرها لا يتجاوز الخمسة عشر ربيعاً، وغربان مدرسات وجحافل طالبات، تكدست المجاميع منهن على مستوى الساحة، أما الجدار الأكبر من الطالبات (الحصن الحصين)، فقد تمترسن عند غرفة المدرسات/المحكمة/قفص الاتهام.
كان المشهد لا يختلف عن غرف عمليات الحروب القومية الكبرى، وأحيانا مثل غرفة عمليات لمريض مهم قبل نزعه الأخير، فالأطباء يدخلون ويخرجون بوجوه مقلوبة لا تختلف عن حال “مدرساتنا” اللواتي بدين كأنهن يلعبن لعبة “الكراسي الموسيقية” بلا موسيقى، فموسيقاهن مخبوزات الفجيعة: الله يستر، الله يلطف، إنا لله وإنا اليه راجعون، وربنا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه، وربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا.
**
مشكلة الطالبة أنها صدقّت التسامح، وانبهرت برياحين الوحدة، وحرية الفكر ووو… إلخ فعَّبرت بتباه عن قراءتها لكتب لماركس وانجلز، وعلى ما أعتقد نطقت بأن الدين أفيون الشعوب، وكان بحوزتها بعض كتب ماركس ولينين.
هذا هو الانفجار الذي أحدث الهلع من تقويض الإسلام وتاريخ السيرة النبوية وحروب الردة والغزوات.
ولأن الوضع لا يحتمل، فعلى إثر ذلك تكونت لجنة من تلك المدرسات الآنفات الذكر لاختبار إيمانها، وإعادة تأهيلها، ومن ثم دخولها الإسلام مرة أخرى.
**
تمسرحت المدرسة مثلما تمسرحت الوحدة اليمنية التي صدقّت فيها الطالبة بحرية الفكر والتسامح…إلخ فكانت رئيسة الحملة، وبعض زبانيتها يخرجن من الغرفة/ المحكمة متصببات عرقاً، ليطلعن الطالبات الهائجات في الساحة أولاً بأول، وعند بوابة المحكمة يلهثن، كأنهن آتيات للتو من إحدى الغزوات الكبرى بين المسلمين والأعداء من الفرس والروم فتصرخ إحداهن قائلة: تصورن، أن (س) معتزة بماركسيتها.. ما فيش فائدة وقليلاً تخرج أستاذة أخرى قائلة: يبدو أن البنت تشربت الكفر من بيت أهلها، وأشك أن يكون والدها ماركسياً، أي عائلة كافرة… أخس، لهم عذاب جهنم وبئس المصير.
أستاذة أخرى تقول: كفر عن كفر يفرق: الكفر الآتي من الشيوعيين أعمق وأخطر من كفر الرأسماليين، لكن بأذن الله وجهود المدرسات، سندخلها الإسلام، لقد فعلت الشيوعية فعلها في مخ البنت، الله واكبر عليهم، جننوا بالبنت…
مدرسة أخرى: لا حول ولا قوة إلا بالله..،مافيش فائدة، يبدو أن الطالبة لها فترة طويلة تتقلب بين كتب الشيوعية، لقد نخرتها حتى العظم.
**
الساحة المدرسية ملتهبة، الغرائز هائجة.. هتافات العزة للإسلام، النصر لدين محمد (ص.(
بعد ساعات سمعنا إطلاق الزغاريد، وهتافات، الله أكبر، الله أكبر العزة للإسلام، لقد نطقت (س) الشهادتين، ليس ذلك وحسب، بل وصلّت ركعتين، ومن الغد ستتأبط سجادتها قبل حقيبتها المدرسة: الله أكبر، الله أكبر.
واندفعت القبل، والدموع، وسط التهاني والتبريكات: “وقل جاء الحق وزهق الباطل”، ولا شيوعية بعد اليوم، ولا خيبر بعد اليوم، وخيبر خيبر يايهود، جيش محمد بيعود.
**
ذكرني ما حدث ويحدث في (2007) في المدارس المفخخة بالعنف والإرهاب، المنمية للاضطرابات النفسية عند التلاميذ، الكاسحة لإمكانية أن يفكر المرء بطريقة طبيعية ، الجاهزة والمعتزة بتخلفها وأمراضها التي لا تستوعبها سوى مصحات من الطراز الأول، على أن تدخلها، أولاً- وبالرجل اليمين – وزارة التربية والتعليم، والمدارس، والمعاهد، وحتى الجامعات؛ فليس من الطبيعي أن تتحول منابر العلم والتعليم في عهد الوحدة، وألفيتها الثالثة، إلى فيالق وخنادق، لغزوات بدر وخيبر والخندق، وثقافة “أحد أحد”.
هذه الأوكار، وأركز على المدارس أصبحت حاوية للنطيحة والمتردية وما أكل السبع، وأي معتل، ومختل، ومهووس، فمكانه الطبيعي المدارس.
**
حراس النوايا يتجذرون،يتجددون وينمون كالفطر، وقبل أسابيع أطبقت على أنفاس أستاذ اللغة العربية/ عبد السلام الشراعي في إحدى مدارس مدينة ” إب” فكفرته وسجنته، وتتسابق بانسعار لتؤهله للدخول مرة أخرى في الإسلام. جماعة من المختلين من عسكر وجنرالات أمن (وطني) أخطأوا طريقهم على أنهم أساتذة ومدراء مدارس.
**
فلتستحي يا وزارة التربية والتعليم، أنت تمثلين مؤسسة دولة. احكمي سوقك، واعقلي كلابك المسعورة.
أفرجي عن أستاذ اللغة العربية عبد السلام قاسم الشراعي، المدرس بمدينة إب في مدرسة خالد بن الوليد، وعليك أن تعلمي بأنك ملزمة برد اعتباره أمام الجموع الهائجة من “طلاب” و”أساتذة”، وكل أولئك الذين استثيرت غرائزهم لتمرير مصالح ضيقة وسخيفة.
ولا كيف تشوفوووووووو؟
/* وقيص من وقص ، ويعني : الدق والتكسير
**/ عبد السلام الشراعي أستاذ اللغة العربية اعتقل منذ أكثر من شهرين ، اثر الصراع المذهبي المحموم الذي تديره مدارس اليمن ضد الحوثية . لم يلب الأستاذ هذيانات مدير المدرسة لإجبار الطلاب لمشاهدة فيلم عن الصراع المذهبي ، وقرر مواصلة دروس العربية في الفصل ، فلفق مدير المدرسة ، وبعض زبانيته تهمة الحوثية . تم سجنه اثر ذلك ، واستجوب خلال فترة اعتقاله حيث جرت فحوصات دقيقة واختبارات ريخترية للتأكد من قوة إيمانه ، وعلى إثره فُصّلت له تهمة بجانب الحوثية انه مرتد وكافر .
arwaothman@yahoo.com
* صنعاء