كرّمت الجمهورية الفرنسية النائب السابق عضو الامانة العامة لقوى 14 آذار “سمير فرنجيه”، فقلّده الرئيس فرنسوا أولاند وسام جوقة الشرف من رتبة “كومندور” في احتفال اقيم في العاشر من تشرين الثاني 2016 في قصر الصنوبر في بيروت.
السفير الفرنسي في لبنان إيمانويل بون القى كلمة بالمناسبة فتوجه الى الحضور قائلا :” اود ان اعرب عن سروري باستضافتكم هذا المساء وبهذه المناسبة التي نجتمع فيها حول سمير فرنجيه، الصديق العزيز سمير فرنجيه، البيك، الرفيق والمعلم.
وتوجه بون الى فرنجيه قائلا :”انت رجل حر، رجل عرف كيف يخرج من جميع الاصطفافات والتناقضات القبلية والعائلية والسياسية، للدفاع عن فكرة لبنان العادل لبنان الموحد في تنوعه، ضد كل أشكال العنف وكل أشكال الاختزال وكل اشكال الهيمنة.
“هذا المساء الجمهورية الفرنسية تكرم رجلا كبيرا رجل حوار ومصالحة وجمع اللبنانيين لخدمة لبنان.”
السفير بون أسهب في استعراض مسيرة فرنجية السياسية ووصفه ب “ضمير انتفاضة الاستقلال” مرورا بجميع المبادرات التي أطلقها فرنجيه من اجل تعزيز الحوار الوطني وثقافة قبول الآخر وبناء السلام والعيس معا في لبنان.
وختم قائلا بإسم رئيس الجمهورية الفرنسية، وبموجب الصلاحيات المعطاة لنا، نمنحكم وسام جوقة الشرف من رتبة كومندور.
النائب سمير فرنجية استهل كلمته بشكر السفير بون على الجهود التي يبذلها لحل الأزمة اللبنانية، وللرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند على تكريمه بوسام الشرف الفرنسي برتبة “كومندور”، وقال إن هذا التمييز العالي المستوى يقوي تصميمه على إكمال المعركة التي يخوضها من أجل السلام، ملاحظاً أن النظرة إليه كثيراً ما كانت نظرة إلى متفائل غير قابل للإصلاح، وإلى حالم ومثالي. لكن ذلك لم يمنعه في أسوأ ظروف الحرب إلى جمع المتحاربين من خلال “المؤتمر الدائم للحوار اللبناني” الذي مهد لمصالحة الجبل عام 2001 والتئام “لقاء قرنة شهوان” الذي أعاد الروابط بين المسيحيين والمسلمين، بدعم من البطريرك السابق نصرالله صفير والمطران يوسف بشارة، وشق الطريق إلى “انتفاضة الاستقلال” في 2005.
ولفت سمير فرنجية أنه ما كان ليستطيع خوض هذه المعارك لولا دعم عائلته ورفاقه، ومحيياً “جميع الأصدقاء الذين ساعدوني في قياس أهمية الرابط بالآخر الذي يكوّننا كما نحن نكوّنه، أحيي ذكرى جميع الأصدقاء الذين أعطوا كثيراً وما عادوا في هذه الدنيا، وأفكّر بمن اغتيلوا، من رفيق الحريري وسمير قصير إلى محمد شطح. وبمن رحلوا، الإمام محمد مهدي شمس الدين، السيد هاني فحص،، ونصير الأسعد، ونسيب لحود، وعاصم سلام، وحكمت عيد، وكثيرين غيرهم. وأفكر بوالدي الذي كان أحد مهندسي الإستقلال الأول، الذي ورثت منه هذا الرفض الداخلي العميق لكل تمييز طائفي، والدي الذي فاوض عام 1946 للاتفاق على انسحاب القوات الفرنسية من لبنان وتلقى هو أيضاً وسام الشرف الفرنسي برتبة كومندور.
إن رفض التمييز الطائفي المبني على الخوف من الآخر ليس خياراً سياسياً، إنه شرط لبقائنا اليوم. وهذا يستلزم طي صفحة الماضي على قاعدة المصالحة الوطنية الحقيقية . ولا أتحدث عن تسوية نبحث عنها بين القوى السياسية من أجل تقاسم جديد للسلطة في ما بينها، بل عن مصالحة تتيح لنا إنهاء نصف قرن من الحروب وأعمال العنف وإعادة تأسيس العيش معاً بشروط الدولة وليس بشروط طائفة مهيمنة”.
ودعا فرنجيه إلى “الخروج من حال العجز التي تشلّنا وإدراك أن رافضي العنف يشكلون اليوم غالبية ويستطيعون القيام بدور تقريري إذا عملوا على مراكمة الروابط في ما بينهم لخوض معركة السلام معاً”، ملاحظاً أن “المصالحة التي يجب ألا تستثني أحداً حتى من هم اليوم في حال انتظار لـ”نصر إلهي”! هي ضرورية اليوم أكثر من أي وقت مضى لأنها تتيح إعادة إحياء هذه تجرية العيش معاً الفريدة التي عرفناها والتي تؤسس للديموقراطية على قاعدة الاعتراف بالتنوع. وعلينا تقديمها نموذجاً إلى العالم العربي الذي تجتاحه الحرب الأهلية.
وقال سمير فرنجية إن لفرنسا دوراً رئيسياً في معركة السلام هذه، وهو ليس جديداً، تشهد عليه جهودها منذ 1975 من أجل إنهاء الحرب في لبنان، مذكراً باغتيال السفير الفرنسي لوي دولامار، في خضم محاولاته للجمع بين القادة اللبنانيين. وكشف أنه عرض على الرئيس الفرنسي أولاند خلال زيارته الأخيرة لبيروت مشروع “متوسط العيش معاً” الذي يتوجه إلى المعتدلين على ضقتي البحر الأبيض المتوسط لدفعهم إلى مواجهة كل أشكال التطرف، وتأثر جداً بتجاوب أولاند الذي عرض استضافة مؤتمر لهذه الغاية في باريس.
وحيا موقف فرنسا من الأزمة السورية، خاتماً بإشارة عاطفية إلى أن وسام الشرف الفرنسي الذي تلقاه في لحظة صعبة من حياته يدفعه إلى مواصلة معركته ضد عنف مختلف ومن طبيعة أكثر غدراً، وأيضاً ضد كل أنواع العنف.