أبلغت موسكو برفضها وجود بشار في المرحلة الانتقالية
واشنطن –
كشفت مصادر أميركية لـ «الراي» أن واشنطن حسمت «أولوياتها» في ما يتعلق بالتعاطي مع الأزمة السورية، لجهة وضع تحجيم النفوذ الإيراني على رأس الأولويات يليه مباشرة إخراج رئيس النظام بشار الأسد من الحكم، فيما خلصت إلى أن محاربة تنظيم «داعش» الإرهابي يعد مسألة أبعد من سورية وتندرج في إطار إقليمي أوسع.
وتعليقاً على ما تردد عن خطة قدمتها واشنطن لموسكو، أكدت المصادر الأميركية رفيعة المستوى «قيام واشنطن بتقديم أفكار محددة الى الروس بشأن سورية»، بيد أنها لفتت في الوقت نفسه إلى أن ما تواتر في الإعلام «يُفسد ترتيب الخطوات، وهو ما ينسف روحية الخطة، التي تعتمد على توافق أميركي – روسي على سلم الاولويات وتتاليها».
وأضافت ان العرض الروسي المتعلق بتقديم بديل عن الأسد (الذي انفردت «الراي» بالكشف عنه) جاء بعد تأكيد وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، خلال زيارته موسكو الأسبوع الماضي، أن «أميركا يمكنها إظهار ليونة تجاه كل الخطط المطروحة، باستثناء بقاء الأسد في الحكم»، وأنها «تعتبر خروجه جزءاً لا يتجزأ من أولويتها المطلقة»، أي القضاء على «داعش».
وعلى ضوء الإصرار الأميركي على عدم قبول أي حل يبقى بموجبه الأسد في الحكم، أجاب الروس ان اختيار الرئيس السوري ليس منوطاً بالقوى الخارجية، بل هو خيار يتعلق بالسوريين، وهو ما حدا بالاميركيين الى الرد فوراً أنه لطالما دأب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على القول ان حل الأزمة السورية ليس بأيدي السوريين، بل بأيدي القوى الدولية المعنية بالشأن السوري.
وقدم الاميركيون خطة تتضمن وقف إطلاق نار، وإقامة «محافظات آمنة» تديرها أمنياً وإدارياً المعارضة السورية المسلحة، الى جانب المحافظات التي يسيطر عليها النظام. ثم يخرج الأسد من الحكم وتدخل المعارضة والنظام في حكومة انتقالية تشرف على القضاء على كل القوى الارهابية في البلاد، بما في ذلك «داعش»، وتشرف في الوقت نفسه على الاعداد لانتخابات وكتابة دستور جديد.
وحسب المصادر الاميركية، فإن الأفكار التي عرضها تيلرسون في روسيا لا تختلف كثيراً عما دأب المعنيون بالشأن السوري تداوله، مع فارق وحيد يقضي بخروج الأسد قبل تأليف الحكومة الانتقالية، وهو تغيير كبير في الموقف الاميركي لم يكن ليحصل لولا الهجوم الكيماوي، الذي تعتقد واشنطن ان قوات الأسد شنته في خان شيخون الخاضعة لسيطرة المعارضة.
وفي هذا السياق، أشار خبراء أميركيون الى انه منذ وقوع الهجوم الكيماوي، يسعى تحالف الأسد وروسيا وإيران إلى الاستيلاء على خان شيخون، ولهذا الغرض قام هذا التحالف بتوظيف قوة نارية هائلة، بما في ذلك استخدام الروس قنابل محرمة دوليا مثل «نابالم». ويعتقد الخبراء ان استماتة الروس في السيطرة على خان شيخون قد يكون بهدف محاولة محو آثار الهجوم الكيماوي قبل وصول أي خبراء دوليين.
في المحصلة، تؤكد المصادر أن نقطتين باتتا محسومتين في السياسة الاميركية بشأن سورية: الأولى، وجوب القضاء على نفوذ إيران وطرد الميليشيات الموالية لها التي تقاتل داخل سورية، والثانية خروج الأسد من الحكم. أما القضاء على «داعش»، فهي سياسة «أكبر من سورية» وسابقة لها، وهي لم تعد مرتبطة، حسب الرأي الاميركي الجديد، بترتيب الأولويات داخل سورية.
ويبدو أن موسكو أدركت التغيير الحاصل في الموقف الاميركي، وهي لذلك ألمحت الى وجود بديل لديها عن الأسد، قد يكون موجوداً بالفعل وقد يكون مجرد مناورة حتى يتبين خير إدارة دونالد ترامب من شرها. حتى ذلك الحين، سيتواصل الحديث بين أميركا وروسيا عن كيفية إخراج الأسد من الحكم.