هوركاد: خامنئي آخر “مرشد”، والرئيس الجديد هو الأهم..

1
إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...

– الكلام عن خلافة مجتبى لوالده هو حديث المقاهي. لا يرتكز على العقلانية ولا موازين القوى في إيران. لنكن جدّيّين. يمكن طرح أكثر من ألف اسم لخلافة المرشد الأعلى. ولكنّ المسألة الرئيسيّة هي أنّ خامنئي هو رئيس الدولة الأكثر خبرة في العالم بعدما أمضى أكثر من 45 عاماً في أعلى الهرم في إيران. وهو يعرف جيّداً آلة الحكم والتيارات السياسيّة فيها. إنّه آخر مرشد للثورة.

– ماذا تعني بآخر مرشد؟ هل تعتقد أنّ الثورة الإيرانيّة ستشهد مرحلة جديدة؟

– نعم. وفاة إبراهيم رئيسي ستسرّع الانتقال إلى المرحلة الجديدة في إيران. من هنا الانتخابات الرئاسيّة في 28 حزيران المقبل مهمّة جداً. نحن نعرف أنّ خامنئي سيكون آخر مرشد للثورة. وأيّ خليفة له لن تكون له نفس السلطة والقوّة، ولو أنّ المرشد بحسب الدستور هو صاحب السلطة العليا في البلاد. الرئيس المقبل، الذي سيكون حتماً من المحافظين، إمّا سيعطّل الدولة أو سيكون رجلاً عقلانياً، ويعمل للخروج من المأزق الحالي على المستويين الداخلي (الاجتماعي والانتفاضات الشعبيّة) والخارجي (حرب غزّة، الملفّ النوويّ…).

الجمهوريّة الإسلاميّة بخطر. الشخص الذي سيخلف رئيسي سيكون مهمّاً جداً. سيكون أهمّ رئيس في إيران منذ الثورة.

– الجمهورية بخطر أم الثورة بخطر؟

– الجمهورية الإسلامية ستتطوّر. هل يتغيّر اسمها أم لا؟ لا أعرف. يتعيّن على الرئيس الجديد، حتى لو بقي خامنئي في السلطة، معالجة مئات المشاكل الوجوديّة التي تعاني منها إيران اليوم. هذا لا يعني حتماً تغيير النظام.

– إذاًً، هل تعتبر أنّ الثورة الإيرانيّة قد انتهت؟

– يجب النظر جيّداً لسياسات إبراهيم رئيسي. فهي ارتكزت على تطوير علاقات إيران مع الدول المحيطة. إيران بصدد تغيير استراتيجيتها. بعد 45 عاماً أدرك القيّمون على البلاد فشل تصدير الثورة، باستثناء الحزب.

هوركاد

الحدث الأساسيّ الذي يجب التوقّف عنده اليوم هو إرسال 350 مسيّرة وصاروخاً على إسرائيل ليل 13-14 نيسان الفائت. أقولها للمرّة الأولى: إنّه حدث يساوي انتصار اليابان، الدولة المتخلّفة في عام 1905، على البحريّة الروسيّة التي كانت أحد أكبر الأساطيل في العالم.

– إذاً تعتبر أنّ الهجوم الإيرانيّ على إسرائيل كان ناجحاً؟

– نعم. لم يكن هدف إيران إيقاع 10 آلاف قتيل في إسرائيل. ولا تدمير إسرائيل. الإيرانيون أبلغوا الأميركيين والإسرائيليين بالأمر. ولكنّ إسرائيل كانت بحاجة إلى دعم الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين لمواجهة الهجوم. وهذا لا يمكن أن يتكرّر عشر مرّات. إيران أظهرت أنّها قادرة بأسلحتها التقليديّة أن تهاجم إسرائيل أو أيّ بلد في المنطقة بقصف كثيف وفعّال. الصواريخ طالت إسرائيل التي تقع على بعد 1,500 كلم من إيران. وهي أوصلت رسالة للإسرائيليين والأميركيين بضرورة التعامل معها بجدّية. أرادت القول: لنجلس إلى الطاولة ونناقش كلّ الملفّات، خاصّة العقوبات الاقتصاديّة. إيران اليوم لا تريد تصدير الثورة. تريد الاعتراف بها قوّة إقليميّة.

حماس خانت إيران..

– وماذا عن هجوم حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول)؟

– لم يكن الإيرانيون يريدون هذا الهجوم. قادة حماس خانوا الإيرانيين. خانوا فلسفة الصراع الإيرانيّة في المنطقة. استعملوا الأسلحة الإيرانيّة، لكن ليس بحسب سياسة إيران في المنطقة.

– ألا ترى أنّ إيران تفقد أوراقها في المنطقة؟

– إيران تملك “سلاحين” ضدّ إسرائيل. الأوّل هو “حماس”. أطلقت “رصاصها” لكن بشكل كارثيّ ودون موافقة وعلم إيران. السلاح الثاني هو الحزب. وهو ليس “بندقية” مثل حماس. إنّه بمنزلة “مدفع”. قوّة الحزب أنّه قوّة ردع ما دام لا يهاجم إسرائيل. ولكن في حال هاجمها سيُحدث دماراً كبيراً في إسرائيل. في المقابل سيتمّ تدمير الحزب. وفي هذه الحالة لن يكون بوسع إيران تزويده بالسلاح كما فعلت في الماضي.

أولوية إيران النووي السعودي..

– هذا يعني أنّ الورقة الوحيدة الباقية بيد إيران هي الحزب؟

– نعم. الحزب مهمّ جدّاً لإيران. ولكنّ للحزب حساباته. الحزب يدرك أنّه إذا ما طلبت منه إيران مهاجمة إسرائيل فسوف يُستهدف تنظيمه لا إيران. قادة الحزب ليسوا مجانين. لن ينتحروا من أجل إيران.

إيران تريد تهدئة الأوضاع في المنطقة. مرحلة سياسة الأذرع انتهت. هذا لا يعني بأنّها ستتخلّى عن تلك الميليشيات. المهمّ الآن بالنسبة لإيران هو الملفّ النوويّ. خاصّة النوويّ السعوديّ. المملكة السعودية وافقت على اتفاقات أبراهام شرط إقرار بناء مفاعل نوويّ والحصول على أسلحة متطوّرة. منذ سنة رفض الأميركيون طلبها. ولكن عادوا ووافقوا بعد 7 أكتوبر. لذلك يفاوض الإيرانيون اليوم مع الأميركيين ويقولون بأنّهم مستعدّون لإيقاف برنامجهم النوويّ شرط ألّا يحصل السعوديون على برنامج نوويّ.

نحن اليوم في مرحلة إعادة النظر في كلّ موازين القوى في المنطقة. موت رئيسي لا يسهّل المهمّة. وزير خارجيته الذي كان يتقن العربيّة جيّداً، كان أفضل رجل لتطبيع العلاقات مع دول المنطقة والانتقال إلى مرحلة إيران القوميّة وليس إيران الإمبرياليّة.

الاستقلال يتقدّم على “الإسلام”..

– إذاًً لم يعد في إيران إصلاحيون ومحافظون. المحافظون أصبحوا إصلاحيين.

– هذا صحيح. باستثناء بعض المحافظين الذين يريدون الاستمرار في سياسة العداء تجاه إسرائيل والولايات المتحدة الأميركيّة. ويتشدّدون في مسائل تتعلّق بالمرأة وغيرها. وهم يشكّلون قوّة لا يُستهان بها. فقد فازوا في الانتخابات النيابيّة في آذار الفائت.

– ما الذي يدفع بالمحافظين إلى تبنّي سياسة الإصلاح؟

– الوضع الداخلي. يجب أن لا ننسى أنّ الإيرانيين قوميون، وطنيون. حريصون جداً على استقلال بلادهم (يقولها بالفارسيّة). هذا يأتي في مقدَّم سياساتهم. إحدى أهداف الثورة كان تحرير إيران من الاستعمار الأميركي واستعادة حريّة إيران. الإسلام هو أحد العوامل (في السياسة الإيرانيّة). ولكنّ الاستقلال هو الأساس. وإيران اليوم ليست مستقلّة بسبب العقوبات. فهي ضعيفة. لذلك تتقدّم البراغماتية والواقعية الوطنيّة لدى الإيرانيين بمن فيهم المحافظون.

– ولكن رفع العقوبات له ثمن. هل إيران مستعدّة لدفعه؟

– أيّ ثمن إذا وُجدت صيغة ليكون الملفّ النوويّ تحت المراقبة، ورُفعت العقوبات، وعادت إيران إلى تصدير النفط والغاز، واستعادت علاقاتها الطبيعيّة مع السعوديّة، وكذلك مع أذربيجان.

– وماذا عن الحزب وباقي الميليشيات الإيرانيّة في المنطقة؟

– الميليشيات موجودة. لدى إيران اليوم مشكلة في مراقبتها والسيطرة عليها في العراق واليمن. السؤال كيف يمكن نزع أسلحتها وانخراطها في العمل السياسيّ في بلدانها. كيف يمكن تخلّي الحزب عن تنظيمه العسكريّ وإيجاد حلّ مع الحكومة اللبنانيّة؟ على هذا الصعيد تلعب السعوديّة دوراً مهمّاً. لإيران نفوذ في لبنان. والسعودية أيضاً لها نفوذ كبير فيه.

إذا أدرك الإيرانيون والسعوديون أنّهم سيعيشون جنباً إلى جنب لثلاثة آلاف سنة مقبلة وأنّ أحداً لن يمكنه السيطرة على الآخر فسيجدون حلّاً عقلانيّاً. ستكون هناك مشاكل وانتفاضات من قبل هذه الميليشيات. ولكنّنا ذاهبون باتجاه استيعاب هذه الميليشيات في دولها.

منذ زمن حاول الإيرانيون التقرّب من المملكة. منذ مدّة تدخّل الصينيون لأنّهم يريدون ضمان استيراد النفط والغاز. الاتفاق الإيرانيّ – السعوديّ في بكين استراتيجيّ. وليّ العهد السعوديّ لا يريد الحرب مع إيران. هو يعمل على تطوير المجتمع السعوديّ. ويدرك أنّ الحرب لن تكون في مصلحة السعوديّة. المشكلة تبقى في القضية الفلسطينيّة. حتى لو أراد الكلّ السلام في الشرق الأوسط، يمكن العودة إلى الصراع في أيّ وقت إذا لم تُحلّ هذه القضيّة.

– هل تعتقد أنّ لبنان سيكون قريباً على طاولة المفاوضات بين البلدين؟

– أعتقد ذلك ولو أنّ لبنان ليس أولويّة. القضية الفلسطينيّة اليوم أولويّة، وكذلك تصدير النفط والغاز عبر بحر الخليج، وقضية الحزب أيضاً محوريّة. يجب إيجاد حلّ لها. لا أحد يقبل أن توجد دولة داخل الدولة. إيران تريد أن يستعيد لبنان عافيته وأن يكون صديقاً لإيران. كيف؟ يجب انتظار تقدّم التقارب الإيرانيّ – السعوديّ. إذا لم يوجد حلّ للبنان فسينفجر الوضع كما في فلسطين.

أساس

اترك رد

1 تعليق
Newest
Oldest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
بيار عقل
بيار عقل
18 أيام

غريب أن الأستاذ الجامعي السيد هوركاد لا يشير إلى برقية “رويترز” التي نشرها الشفاف، وجاء فيها ّ”كتبت “رويترز” نقلا عن مصدرين مطلعين أنه قبل ستة أشهر، قام مجلس الخبراء بإزالة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي من قائمة الخلفاء المحتملين لعلي خامنئي بسبب تراجع شعبيته”، لدى نفيه لإمكانية أن يكون تعرّض لعملية “تصفية”، وليس لحادث. وحدهم المجانين يتصوّرون أن مجتبى خامنئي مستعد لتسليم السلطة (التي يمارسها هو الآن، وليس والده) إلى “وصولي” مثل ابراهيم رئيسي. سيفضل عليه حتماً رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام الذي يبلغ عمره 93 سنة. أهمية السيد هوركاد (الذي أجريت معه مقابلة لجريدة “الأنباء” الكويتية قبل سنوات) أنه محسوب… قراءة المزيد ..

Share.

اكتشاف المزيد من Middle East Transparent

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading