بارتفاع عدد القتلى إلى أكثر من عشرين شخصا خلال ستة أيام من احتجاجات الإيرانيين على الأوضاع المعيشية فيما عرفت ب”ثورة الجياع”، هل يمكن لتلك الاحتجاجات، بعد تصاعد وتيرة العنف فيها وتحوّل الشعارات من اقتصادية واجتماعية إلى شعارات تستهدف رأس السلطة المرشد الأعلى، أن تصل إلى حد “ثورة” تطيح بالنظام الإسلامي الحاكم؟
التصريحات الواردة على لسان مسؤولي الحرس الثوري الإيراني تشير إلى أن الأوضاع السياسية والأمنية لا تزال في حدودها الطبيعية، مؤكدة أنها لم تصل إلى مرحلة “الخطر” الذي يستدعي التدخل الباسيجي لوضع حد لها. وورد على لسان المتحدث الرسمي باسم الحرس الثوري العميد رمضان شريف قوله بأن “الاحتجاجات أصغر من أن يتدخل الحرس لفضها”. وأضاف: “قوات الباسيج تدخلت في بعض المدن لمساعدة قوات الأمن والشرطة.. لكن لا نرى حاجة حاليا لتدخل الحرس الثوري”.
وأثناء تظاهرات عام 2009 التي كانت تسمى ب”الحركة الخضراء” احتجاجا على نتائج الانتخابات الرئاسية، كان للحرس الثوري اليد الطولى في إخماد نار التمرد الشعبي الذي كان يقوده التيار الإصلاحي، وخاصة في طهران عن طريق تدخل قوات “ثار الله” التابعة للحرس. وقبل يومين شدد مسؤول في هذه القوات على أن قراراً حاسماً سيتخذ في حال استمر الوضع الأمني الراهن، وقال نائب قائد مقر “ثار الله” العميد إسماعيل كوثري إن “الأمن مستتب بشكل كامل في طهران”.
وفي حال تصاعدت وتيرة المواجهات وازداد عدد القتلى فإن تدخل الحرس الثوري قد يصبح أمرا ملحا. خاصة وأن العميد رمضان شريف حذر من أن “الأعداء ومنذ انتصار الثورة الإسلامية يسعون بشتى الحجج والأساليب إلى قلب نظام الجمهورية الإسلامية، وما زالوا يتابعون هذا الهدف”. لكن مراقبين استبعدوا أن تتطور الأحداث الراهنة لتصل إلى حد قلب النظام وصولا إلى “الثورة” عليه، وذلك بسبب فقدان الاحتجاجات لقيادة واضحة، كما جاء على لسان تريتا بارسي، رئيس المجلس الوطني الأمريكي الإيراني، في مقابلة مع “سي إن إن”.
وقال بارسي، وهو مؤلف كتاب: “خسارة عدو: أوباما وإيران وانتصار الدبلوماسية”: “لدينا مظاهرات صاخبة كبرت بسرعة وانتشرت في أنحاء البلاد ولكنها ما زالت أصغر بكثير مما رأيناه عام 2009”. وتابع: “كما أننا، وبخلاف عام 2009، ليس لدينا تنظيم واضح أو قيادة، المظاهرات تقدمت بدون قيادة ولكن لا يمكن لها أن تتحول إلى نقطة تغيير سياسي محتمل بدون قيادة، وهذا ما لم نره حتى الآن”. غير أن بعض المراقبين الإيرانيين أشاروا إلى إمكانية أن تتبلور الأحداث وتتطور الاحتجاجات لتولد من داخلها تلك القيادة إذا ما استمرت إلى فترة طويلة. كذلك أشارت صحيفة “الواشنطن بوست” إلى احتمال تحول الاحتجاجات إلى “ثورة”، مؤكدة بأن ذلك وارد جدا في حال استمرت فترة طويلة، لكنها نبهت إلى براعة السلطات الإيرانية في إخمادها مثلما حدث في عام 2009، مشيرة إلى أن افتقاد الاحتجاجات لقيادة ولأجندة واضحة يساعد في عملية الإخماد.
*كاتب كويتي