في وقت وجه فيه زعيم حركة حماس إسماعيل هنية حديثه إلى الدول الساعية للتطبيع مع إسرائيل، السعودية تحديدا، بأن الهجوم الذي شنته الحركة ضد إسرائيل وضد المستوطنات هو رسالة إلى تلك الدول، معتبراً أنه “إذا كانت إسرائيل عاجزة عن حماية نفسها فلن تكون قادرة على حمايتكم”، قال تنظيم حزب الله اللبناني أيضا إن الهجوم رسالة إلى الدول الساعية للتطبيع.
قد يُستَنتج مما جاء على لسان هنية (وردت أنباء أنه، الآن، في تركيا) وحزب الله اللبناني أنّ هجوم حماس لا علاقة له بأي تطورات داخلية فلسطينية/إسرائيلية أو باستفزازات إسرائيلية ضد الفلسطينيين أو بتحقيق مطالب الشعب الفلسطيني.
وإنما للهجوم علاقة مباشرة بتطورات إقليمية مهمة، يأتي على رأسها النقاشات ـ الأمريكية ـ السعودية ـ الإسرائيلية للتوصل إلى اتفاقيات استراتيجية من بينها التطبيع. وهي نقاشات إن حصل فيها تفاهمات وتوافقات، ستساهم في تغيير الخريطة السياسية للمنطقة وستعمل على التأثير على مواقع اللاعبين السياسيين فيها، حيث سترفع من رصيد ملفات وستُضعف من مواقف البعض وستقلل من رصيد آخرين. ويبدو أن من أبرز اللاعبين الخاسرين فيها هو الجمهورية الإسلامية، الداعم السياسي (وقد يكون العسكري) الأبرز لحماس، حيث سيتأثر دورها الإقليمي البارز في المنطقة، خاصة رعايتها وقيادتها لمحور الممانعة الذي يعتبر التفاهمات العربية مع إسرائيل برعاية الولايات المتحدة، العدوّ الأبرز لها ولمحورها.
لذا حذر مراقبون من إمكانية وقوع حرب إقليمية مفتوحة جراء هجوم “حماس”
. بعبارة أخرى، قد تستهدف إسرائيل أطرافا إقليمية كإيران وأخرى ستُتهم بمساعدة “حماس” او بمساعدة طهران، كحزب الله اللبناني. خاصة وأن نتنياهو أشار في اتصال مع الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى أن الرد على هجوم “حماس” سيكون عبارة عن “حملة مطولة”. فيما أعلن زعيم المعارضة الإسرائيلية “بائير لابيد” أنه مستعد لتشكيل حكومة وحدة وطنية أو حكومة طوارئ مع نتنياهو لمواجهة التطورات .
وكان نتنياهو أشار قبل حديثه مع بايدن إلى ثلاثة أهداف على إسرائيل تحقيقها بعد هجوم “حماس”: “الأول تطهير الأراضي من قوات العدو التي تسللت، وإعادة الأمن والسلام إلى المستوطنات التي تعرضت للهجوم؛ والثاني، محاسبة العدو بثمن باهظ؛ والثالث، تحصين الساحات الأخرى حتى لا يرتكب أحد خطأ الانضمام إلى هذه الحرب”. وتبدو مفردة “تحصين” إشارة إلى الأطراف الإقليمية.
وفي حال فشل نتنياهو في تحقيق هذه الأهداف، أو تراجع عن بعضها لأسباب مختلفة، فإن مستقبله السياسي قد يكون معرّضا للتهديد.
ثم أن نتنياهو لا يريد لـ”حماس” أن تكون سيدة الموقف الفلسطيني. كما لا يريد أن يتراجع الدور السياسي والاقتصادي لـ”السلطة الفلسطينية” في الداخل، في ظل المؤشرات التي تقول إن أي تطبيع سعودي ـ إسرائيلي سيكون من شروطه تعزيز دور “السلطة” بين الفلسطينيين.