كتبنا قبل أيام أننا «نشم رائحة إنتفاضة ١٤ آذار جديدة» في لبنان، وهذا ما قاله سعد الحريري اليوم، من بيروت: « هناك من قرر أن يقاتل في الأماكن الخاطئة وتحت شعارات خاطئة. وإذا كانت الدولة، ومن خلفها القوى المشاركة في طاولة الحوار، قاصرة عن وضع حد لهذا الخلل، فإن هذا القصور يستدعي رفع مستوى الاعتراض السياسي على إقحام لبنان في الصراعات العسكرية (ومناشدة أهل العقل والحكمة والوطنية في الطائفة الشيعية، المبادرة لتفكيك أخطر الألغام التي تهدد سلامة العيش المشترك) ».
وقال أن «الرابع عشر من آذار ستبقى عنوانا للتمرد على حقبة الوصاية السورية، ورفض كل أنواع الوصايات البديلة»!
وأعاد الحريري تصويب البوصلة السياسية حينما أعلن أنه « لا أحد سيتمكن من السطو على الجمهورية اللبنانية »، وحينما تساءل: «هل نحن أمام أحزاب تعمل لله، أم أمام أحزاب تعمل للفتنة؟». وفي كلام موجّه إلى حسن نصرالله مباشرةً أن «زمن الاستقواء الإيراني، لن يستطيع ان يصنع قادة أكبر من لبنان»!
« الآغا » حسن نصرالله (« الآغا » هو « السيد » بالإيراني، و »المسيو » بالفرنسي) لن يعجبه هذا الكلام! ولو أن الحريري لوّح له بغصن زيتون إسمه « سليمان فرنجية »!
وأحسن سعد الحريري (الذي التقى «الزعيم» وليد جنبلاط فور عودته من منفاه القسري) حينما وجّه « تآنيباً » صريحاً لزعيم القوات اللبنانية وللتحالفات الإنتهازية التي لن تجني منها، ربما، وفي أحسن الأحوال، أكثر من بضعة «مقاعد بلدية» أو «مقاعد نيابية» إذا جرت الإنتخابات يوماً! وقد سمعنا مؤخراً أن جماعة عون وجماعة « القوات »هدّدوا» حزب الكتائب بخسارة «مقاعد إنتخابية في المتن» إذا لم «يقتنع» سامي الجميل بانتخاب ميشال عون رئيساً! برافو!
صراع عون-جعجع مقابل الصراع العربي مع نظام طهران الديني!
قال الحريري «خطوة أدت بحلفائنا القوات اللبنانية لأن يتوصلوا بعد 28 سنة، لمصالحة تاريخية مع التيار الوطني الحر، نحن كنا أول الداعين وأكثر المرحبين بهذه المصالحة. وليتها حصلت قبل زمن بعيد، كم كانت وفرت على المسيحيين وعلى لبنان»!
وهذا كلام في محله: العرب يخوضون الآن معركة وجودية ضد « غزوٍ » يقوم به نظام الملات في طهران في لبنان وسوريا واليمن والبحرين بعد نجاحه في سحق انتفاضة الشعب الإيراني في العام ٢٠٠٩. «مصالحة جعجع-عون» تبدو هامشية وصغيرة في ظل هذا الصراع الأكبر!
وأحسن الحريري عندما أعاد الإعتبار لوحدة « قوى ١٤ آذار » ولأمانتها العامة، أي تحديداً لأمينها العام الدكتور فارس سعيد الذي قال قبل أسبوعين «لسنا من طينة من يتزلّف ويركع لـ.. “سيد الجمهورية”!».
وكلمة للذين يرفعون شعار « حقوق المسيحيين » علناً، أو.. ضمناً:
بغض النظر عن رأينا بـ»تيّاره» الذي يحتوي ما شاء الله من الإنتهازيين والمرتزقة..، فقد ارتقى سعد الحريري بخطابه اليوم في «البيال» إلى مستوى «صيداوي» آخر هو الزعيم الراحل رياض الصلح! الحريري أعطى اللبنانيين “رجاء”، أي “أملاً”، باستعادة جمهوريتهم، و”حكيم القوات” قدّم لهم “كابوساً” عنوانه “ميشال عون رئيساً للجمهورية”!
و»المشكلة»، أو ما يُفتَرَض أن يكون «مشكلة» بالنسبة لدعاة «حقوق المسيحيين» هو أنه ليس بين صفوفهم من يتقدّم لوراثة عباءة «بشارة الخوري»، أو عباءة “فواد شهاب”!
لا في البطريركية الضعيفة، واللاهثة وراء المال و»العلاقات العامة»، ولا في « القوات» التي لم تُقنع أحداً بتحالفها «الإنتهازي» مع ثنائي « عون-باسيل » الإيراني-السوري! (حسب تعبير مراقب جيّد: « في حال انتخابه، سيكون عون رئيساً من الصباح حتى الظُهر، والإيراني جبران باسيل رئيساً بقية اليوم..!).
بكلام صريح: سعد الحريري انتزع زعامة إنتفاضة ١٤ آذار مجدداً، وليس في الأفق «زعامة مارونية» طامحة لِلبس «عباءة بشارة الخوري»!
خصوصاً أن من « كرّسهم » البطريرك الراعي «مؤهلين للرئاسة»، أي جعجع وعون وفرنجية وأمين الجميل ليس بينهم من يعُد يطمخ لهذا الدور.
نحن، لم نفهم حتى الآن ما هي « المؤهلات » الإضافية التي يملكها «المرشحون الأربعة» بالمقارنة مع الشيخ ميشال الخوري، أو دوري شمعون، أو هنري حلو، أو كارلوس، أو سمير فرنجية، أو فارس سعيد؟ وغيرهم أيضاً.
يجدر بالمسيحيين، والموارنة تحديداً، أن «يتنبّهوا» إلى أن الطوائف اللبنانية أعطتهم «شرف» قيادة الجمهورية ليس بُحِكم «غلبتهم العسكرية»، بل لأنهم كانوا «الطائفة النموذج» للرقي والتقدم اللبناني! ولاحقاً، كرّست لهم الطوائف اللبنانية مكانة إستثنائية (مكانة «الأوّل بين متساوين») لأنهم كانوا الأكثر صلابة وجرأة في مقاومة الإحتلال الأسدي.
لكن «إمتياز الرئاسة»، أي «حق القيادة» ليس حقاً مُكتَسَباً! إنه «تحدّي» ليس جديراً سوى بمن يمتلك مواصفات «رجل الدولة»! وقد تذكّرنا عند وفاة العظيم «فؤاد بطرس» كيف يكون «رجل الدولة»!
بيار عقل
*
في ما يلي خطاب «الزعيم» سعد الحريري، وهو يستحق القراءة!
الحريري في ذكرى استشهاد والده: سأبق البحصة لم يبق من الأربعة
الذين تعاهدوا في بكركي إلا فرنجية وقد توصلنا معه إلى تفاهم
ألقى الرئيس سعد الحريري، كلمة استهلها بالترحيب ب”فخامة الرئيس، أصحاب الدولة، أصحاب السيادة والفضيلة، الزملاء والرفاق والأصدقاء، شباب وشابات تيار المستقبل ورفاق الدرب في 14 آذار، واللبنانيين في كل مكان”.
وقال: “في ذروة الحصار السياسي وحملات التشهير التي نظمها عهد الوصاية ضد الرئيس الشهيد رفيق الحريري، خرج رحمه الله، على اللبنانيين ليقول: ما بيصح إلا الصحيح وما في حدا أكبر من بلدو”.. “العبارة تعرفونها جيدا، لأنها محفورة في ذاكرة الجميع تتردد كلما أطل من يرفع صوته في وجه لبنان. زمن الوصاية السورية، لم يستطع ان يفبرك أشخاصا أكبر من لبنان. وزمن الاستقواء الإيراني، لن يستطيع ان يصنع قادة أكبر من لبنان. وكل أشكال الإرهاب لن تتمكن من وحدة لبنان. وكل عمليات الاغتيال لن تكسر أحلامنا بقيام لبنان. البعض لا يحب هذه العبارة، لأن من قالها هو الرئيس الشهيد. أما نحن، فنجتمع في 14 شباط من كل عام، لنعلن على رؤوس الأشهاد: على نهجك مستمرون يا أبا بهاء، ولو كره الكارهون. ما في حدا أكبر من بلدو، ولا أحد سيتمكن من السطو على الجمهورية اللبنانية، لا بترهيب السلاح، ولا بإرهاب التطرف، ولا بمخالفة الدستور، ولا بالأحكام العسكرية الزائفة، ولا بأي وسيلة من وسائل التعطيل والفوضى”.
أضاف: “لبنان لكل اللبنانيين، لا لفئة، ولا لطائفة، ولا لحزب، ولا لزعيم. هذا ما يجب أن يكون معلوما لكل الرؤوس الحامية، التي تعلق مصير البلاد على مصالحها السياسية والمذهبية. عندما يجعلون من لبنان ساحة لفلتان السلاح، والفرز الطائفي، ومخالفة القوانين، وحماية المجرمين والهاربين من العدالة، سيهون عليهم تعطيل المؤسسات، وتبرير الشغور في رئاسة الجمهورية، وإسقاط اعلان بعبدا، والاستخفاف بدماء الشهداء، وتجنيد آلاف الشبان للتورط في الحرب السورية، والتباهي بتقمص ادوار الدول العظمى. من غير المسموح في هذا الزمن، ممارسة الترف السياسي، فيما البلاد تعيش فراغا في موقع الرئاسة، وفيما الحرائق تشتعل حولنا، وليس هناك في العالم من يطفئ النار، بل متسابقون على صب الزيت فوقها. هناك من قرر أن يقاتل في الأماكن الخاطئة وتحت شعارات خاطئة. وإذا كانت الدولة، ومن خلفها القوى المشاركة في طاولة الحوار، قاصرة عن وضع حد لهذا الخلل، فإن هذا القصور يستدعي رفع مستوى الاعتراض السياسي على إقحام لبنان في الصراعات العسكرية، ومناشدة أهل العقل والحكمة والوطنية في الطائفة الشيعية، المبادرة لتفكيك أخطر الألغام التي تهدد سلامة العيش المشترك”.
وتابع: “إن لبنان يدفع يوميا من تقدمه واستقراره، ضريبة الارتجال السياسي، والاستقواء العسكري، والتذاكي الدبلوماسي، والارتباك الاقتصادي والاجتماعي، والاندفاع غير المسؤول في تعريض مصالح لبنان للخطر والتحامل على الدول الشقيقة، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي التي لم تبادرنا يوما بأي أذى. أي عقل متهور يحرك هذه السياسات، في مقاربة العلاقات الأخوية؟ هل نحن أمام أحزاب تعمل لله، أم أمام أحزاب تعمل للفتنة؟ نحن عرب على رأس السطح. ولن نسمح لأحد بجر لبنان الى خانة العداء للسعودية ولأشقائه العرب. لن يكون لبنان تحت أي ظرف من الظروف ولاية إيرانية. نحن عرب، وعربا سنبقى. من الأفضل أن يهدأ الصراخ، وأن يلتزم الجميع حدود المسؤولية في الكلام، وأن تستريح بعض القيادات عن استخدام المنابر لإثارة الغرائز المذهبية. من الأفضل لنا جميعا، أن نتفرغ لمعالجة مشكلاتنا، السياسية والاجتماعية والاقتصادية، بروح التعاون على إنقاذ لبنان. وفي قاموسنا، إن رئاسة الجمهورية اللبنانية، أولى بالاهتمام وبذل الجهد من رئاسة الجمهورية السورية أو العراقية أو اليمنية. ومصلحة الوطن في فك الحصار عن الرئاسة والحكومة ومجلس النواب، لا في المشاركة بمحاصرة مضايا وحلب والمدن السورية”.
وقال: “ونحن في هذا المجال، كانت لدينا جرأة المبادرة، وتحريك المياه السياسية الراكدة، من منطلق يتجاوز المصالح الخاصة لتيار المستقبل، الى مصلحة لبنان بإنهاء الشغور الرئاسي. مصير رئاسة الجمهورية في يد اللبنانيين. الرئاسة تصنع في لبنان وعلى أيدي اللبنانيين، ونحن من جانبنا، نملك الشجاعة لاتخاذ الموقف، والإعلان بأننا لن نخشى وصول أي شريك في الوطن الى رأس السلطة، طالما يلتزم اتفاق الطائف وحدود الدستور والقانون، وحماية العيش المشترك، وتقديم المصلحة الوطنية وسلامة لبنان على سلامة المشاريع الإقليمية. أود أن أتكلم بكل صراحة: نحن انطلقنا من أن الفراغ كارثة، والبعض لا يزال حتى اليوم يقولون: لا ضرورة للعجلة، و21 شهر من الفراغ ليصبحوا 24 و36، ليست لديهم أية مشكلة. أنا أطلب من كل واحد منكم، من كل لبناني ولبنانية، أن يقارن بين لحظتين. لحظة انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، الذي نوجه له التحية، واللحظة التي نحن فيها اليوم. ليقل لي أحد عن أمر واحد بقي كما كان ولم يتراجع أو يتدهور. أمر واحد على أي صعيد: على الصعيد المعيشي، على صعيد العمل، على صعيد المأكل، على صعيد الصحة، على صعيد النفايات، على الصعيد السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي، السياحي، على صعيد النظام، والسلم الأهلي، على أي صعيد كان. من يفكر للحظة، وبصدق، يعرف لماذا اعتبرت، أن واجبي الأول والأخير، هو وضع حد للفراغ في الرئاسة. نريد أن نضع حدا للفراغ”.
أضاف: “في هذا الوقت، أربعة من الزعماء المسيحيين، اجتمعوا في بكركي، في البطريركية المارونية، التي نكن لها كل احترام وتقدير، واتفقوا، فيما بينهم، وبرعاية بكركي، أنه ما من مرشح مقبول لرئاسة الجمهورية إلا واحدا من هؤلاء الأربعة. بدأنا بمحاولة إنهاء الفراغ بالدكتور سمير جعجع، مرشحنا ومرشح 14 آذار. نزلنا إلى الجلسة وكل جلسة، 35 مرة، من دون نتيجة، وبقي الفراغ. في هذه الأثناء، طرحت داخل 14 آذار، فكرة أنه إذا لاقى الرئيس أمين الجميل قبولا من قوى 8 آذار أو من أي طرف في 8 آذار، يسحب الدكتور جعجع ترشيحه لمصلحته. هذا الأمر لم يحصل وبقي الفراغ. قبل ذلك، كنا قد فتحنا حوارا مع العماد ميشال عون، وكانت نتيجته تشكيل حكومة جديدة. لكننا لم نتوصل لنتيجة بملف رئاسة الجمهورية، ولم نرشح العماد عون، بعكس ما يقول البعض اليوم، ولا حتى وعدناه بتأييد ترشيحه، وبقي الفراغ. أنا اليوم أتحدث عن نفسي بعد أن تحدث عني الجميع، فليس وحده الرئيس نبيه بري يبق البحصة، أنا أيضا أبقها: من الأربعة، لم يبق إلا الوزير سليمان فرنجية. ونعم، بعد سنة ونصف من الفراغ، وبعدما رفض كل الأطراف، حلفاء وخصوم، تبني مرشح توافقي من خارج الأربعة الذين تعاهدوا في ما بينهم في بكركي، فتحنا حوارا مع الوزير فرنجية. هل رأيتم متى، بعدما أقفل كل مجال. التقيت الوزير فرنجية في باريس، وتوصلنا معه لتفاهم. هذا التفاهم سمعتموه منه كما هو في مقابلته التلفزيونية، كل ما قيل عندي في البيت كما هو، قاله الوزير فرنجية على التلفزيون: الهدف هو إنهاء الفراغ، ووضع حد للتدهور، والعمل على تحسين وضع لبنان السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني والمعيشي، وحماية النظام والسلم الأهلي. أين الغلط؟ ولماذا أنتم متفاجئون؟ أصلا ما هو دوري؟ وما هو إرث رفيق الحريري سوى المحافظة على النظام والسلم وتحسين حياة الناس”؟.
وتابع: “خطوة خلطت الأوراق؟ نعم. خطوة أرغمت الجميع على إعادة وضع إنهاء الفراغ الرئاسي، الذي كان الجميع قد نسيه، في واجهة المشهد السياسي وعلى رأس الأولويات السياسية بالبلد، نحن فخورون بهذه النتيجة. خطوة أدت بحلفائنا القوات اللبنانية لأن يتوصلوا بعد 28 سنة، لمصالحة تاريخية مع التيار الوطني الحر، نحن كنا أول الداعين وأكثر المرحبين بهذه المصالحة. وليتها حصلت قبل زمن بعيد، كم كانت وفرت على المسيحيين وعلى لبنان. خطوة أدت بالدكتور جعجع أن يقرر الانسحاب من السباق ويعلن الجنرال عون مرشح القوات اللبنانية لرئاسة الجمهورية، هذا من حقه وحق الجنرال عون في نظامنا الديمقراطي ودستورنا”.
وقال الحريري: “الآن وصلنا إلى هنا، عظيم، أين المشكلة، بات لدينا ثلاثة مرشحين: الوزير فرنجية، الجنرال عون والنائب هنري حلو. ويمكن أن يكون هناك مرشحون آخرون؟ لدينا دستور ونظام ديموقراطي يقول: تفضلوا إلى مجلس النواب. تفضلوا إلى مجلس النواب وانتخبوا رئيسا، إلا إذا كان مرشحكم الحقيقي هو الفراغ؟
ونحن كما كل مرة، من 21 شهرا، من 35 جلسة، سنكون أول الحاضرين، ومن ينتخب رئيسا، سنكون أول المهنئين، وأنا سأكون أول من يقول له مبروك فخامة الرئيس، وأول من يقول: مبروك للبنان، بهذه البساطة. أما أن يحملونا مسؤولية الفراغ، بعد 21 شهر تعطيل جلسات انتخاب، ويقولوا إما المستقبل يعلن أن الجنرال عون مرشحه أو أن الفراغ سيستمر، وليست هناك عجلة؟ “إيه هيدي ما بتركب عا قوس قزح” ولا تنطلي على أحد”.
واردف: “تقاطعون كل جلسة، وتمنعون النصاب، ولا تقبلون إلا أن تعرفوا النتيجة سلفا، وتريدون تحميلنا نحن المسؤولية؟ وعلى فكرة، لا نقبل من أحد أن يقول لنا أنه من حقنا الدستوري أن نقاطع الجلسات، ليبرر هو مقاطعته غير الدستورية للجلسات. لأن الحق الدستوري ليس ملكي ولا ملكه ولا ملك أحد. الحق الدستوري، ملك الدستور، وملك البلد، وملك المواطنين. هذه رئاسة الجمهورية، ليس حقي ولا حقك الدستوري، مقاطعة جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وفرض الفراغ على رأس البلاد والعباد. واجبي وواجبك الدستوري، أن ننزل إلى المجلس وننتخب رئيسا ونتخلص من الفراغ، أما أن “يغطوا السموات بالقبوات”، ويعطونا دروسا بالوفاء للحلفاء، نعم، الوفاء للحلفاء جميل، لكن ما نفع الوفاء إذا كان على حساب مصلحة لبنان، وإذا كان هدفه استمرار الفراغ، الوفاء الأصلي هو الوفاء للبنان، لأن الوفاء للبنان هو أساس الوفاء للحلفاء، ولكل اللبنانيين، وإذا كانوا يريدون تعييرنا بأننا لا نلعب أي دور إقليمي، نعم، نحن لا نلعب أي دور إقليمي. ونحن فخورون أنه ليس لدينا أي دور إقليمي، ليس لدينا أي دور بالدم السوري، وليس لدينا أي دور بالدم العراقي وليس لدينا أي دور بالدم اليمني. هذه تهمة مقبولة وبفخر. نحن على رأس السطح ليس لدينا دور إلا بالاعتدال، وبالحوار وبالبحث عن الحلول في لبنان وفي الوطن العربي. هكذا علمنا رفيق الحريري، غيرنا يريد أن يلعب أدوارا عسكرية، ويغرق بدماء شعوب عربية، يريد أن يرسل شبابا لبنانيين إلى الموت خارج الحدود، هذه مشكلته وليس عيبنا، هذه جريمته، وليست تهمتنا، أو ستقولون لنا أن هذا أيضا حق دستوري؟ هذا كثير”.
وأضاف: “أعود وأكرر نحن عند التزامنا، وعندما نعطي التزاما، نسير فيه حتى النهاية. نحن صادقون، نريد رئيسا للجمهورية، ونريد أن نتخلص من الفراغ ودفعنا الثمن داخليا وخارجيا. وسيرى الجميع، أن الحق مع رفيق الحريري، واليوم أكثر: “ما حدا أكبر من بلدو”.
نحن اليوم نتذكر شهيدنا الكبير، رفيق الحريري الذي دفع حياته ثمنا من أجل البلد، من أجل الدولة، من أجلكم. نتذكر كل شهدائنا: باسل وسمير وجورج وجبران وبيار ووليد وأنطوان ووسام ووسام، ومحمد. هؤلاء ماتوا من أجل ماذا؟ من أجل الدولة أو من أجل مشاريع خاصة؟ نحن اليوم نكرر التزامنا بشهدائنا، بحقهم، بدمائهم، بمسيرتهم، بالمحكمة الدولية، والتزامنا بالدولة، وبالمشروع الوطني، بمشروع رفيق الحريري الوطني، وباقون على التزامنا. نحن مشروع وطني، وتيار المستقبل يرفض أن يتحول إلى مشروع طائفي أو مذهبي. نحن مشروع يفتح الأبواب بين اللبنانيين ويفتح الآفاق والآمال أمام لبنان واللبنانيين، وليس مشروع رفع متاريس وجدران وأسوار بين الزواريب والنفوس والطوائف. نحن مشروع وطني عابر للطوائف، خصوصا عندما يكون غيرنا مشروع طائفي عابر للأوطان“.
وتابع: “لقد كانت التوأمة بين 14 شباط و14 آذار، فعل إيمان بقدرة اللبنانيين على إنتاج حالة وطنية، تسمو بسلوكها ومنطلقاتها وأهدافها على المصالح الطائفية، وتعبر عن اندماج القوى الحية من مختلف الطوائف في مشروع وطني جامع، يجدد الثقة بدور الدولة وقدرتها على إدارة الشأن العام. 14 شباط هو يوم لرفيق الحريري، وكل الذين ساروا معه على طريق الشهادة، وكتبوا بدمائهم ملحمة الرابع عشر من آذار، التي ستبقى عنوانا للتمرد على حقبة الوصاية السورية، ورفض كل أنواع الوصايات البديلة.
ويعز علي، وعلى الأخوة والأخوات في تيار المستقبل، أن يأتي هذا اليوم، وسط مناخات غير مستقرة بين قوى 14 آذار، وأن تتقدم التباينات في وجهات النظر، على الثوابت التي كنا نلتقي حولها.
وهذه مناسبة لدعوة قوى 14 آذار، وفي طليعتها تيار المستقبل، للقيام بمراجعات نقدية داخلية، يمكن أن تتولى الأمانة العامة تحريكها والعمل عليها، لتتناول كافة جوانب العلاقة بين قوى انتفاضة الاستقلال، بهدف حماية هذه التجربة الاستثنائية في حياة لبنان. مصير لبنان في يدنا نحن، ولبنان سيحكم من لبنان، ولن يحكم من دمشق أو طهران أو أي مكان آخر”.
وقال: “منذ 11 سنة، ونحن معا، في مركب الدفاع عن الدولة والسيادة. سلاحنا الدستور والقانون والموقف السياسي، وروح الوحدة الوطنية التي جسدتها 14 آذار، وتضحيات شهداء من خيرة رجال وشباب لبنان. لبنان اليوم، ينادينا من جديد. ينادينا بلسان رفيق الحريري وكل الشهداء، بأن الخطر الذي يحدق به، لا يواجه بالبقاء مكتوفي الأيدي. لو كان لرفيق الحريري، أن يعلمنا شيئا، فهو أن نكون أمناء على دور لبنان وسلامته. ونحن معا، لن نتخلى بإذن الله، عن هذه الأمانة، وسنبادر بروح رفيق الحريري الى إنقاذ بلدنا من الضياع.
نحن، أيها الأخوة والأخوات، نقتدي بتاريخ رجل افتدى لبنان، وتفانى في خدمته والدفاع عن حقوق أبنائه. لقد اخترنا مواصلة السير على الطريق التي أرادها رفيق الحريري، طريق العلم والبناء والحرية والوفاق والكرامة الإنسانية والاجتماعية. لن نتأخر عن التضحية عندما تدعونا المصلحة الوطنية الى التضحية. ولكن على الجميع أن يعلم أن للتضحية خطوطا حمراء، نعرف تماما كيف نرسمها، ومتى نرسمها وندافع عنها، في مواجهة المتطاولين على لبنان وعلى كرامة الدولة وسلامتها”.
وختم الحريري: “هذا هو رفيق الحريري، وهذه هي الحريرية الوطنية، التي لها شرف الحضور في كل المناطق والطوائف والطبقات، وشرف البناء والإعمار واستعادة دور لبنان في العالم. عهدي إليكم أن نبقى معا، مهما بلغت التحديات، وأن أكون معكم، نلبي معا ما يفرضه الواجب الوطني، وحق اللبنانيين علينا بالوحدة والاستقرار والحياة الكريمة.
كلمة أخيرة، أريد من كل واحد منكم أن يسمعها جيدا ويفكر بمعناها مليا. جميعكم تعرفون أنه عند كل قرار مفصلي، أسأل نفسي سؤال واحد: ماذا كان رفيق الحريري يفعل لو كان مكاني اليوم. واليوم في 14 شباط تحديدا، لا أجد إلا جوابا حقيقيا واحدا:
يا ليت رفيق الحريري كان واقفا أمامكم، في مكاني اليوم”.
وفي الختام، دعا الحريري جميع قادة قوى 14 آذار للصعود إلى المنصة لالتقاط صورة جماعية بالمناسبة تعبيرا عن وحدة 14 آذار.
السيد سعد ورث منصبا اكبر من حجمه، بسبب التخلف وعقليه الوراثة في مجتمعاتنا المهترئه . لو سمح “بضم السين” لشخصيه قديره لأخذ دور الشهيد رفيق الحريري لتغيرت المعادله السياسيه في لبنان وربما في سوريا ايضا….
تعودنا على موضوعيتك يا استاذ بيار….
الا تستحق المصالحة “المسيحية” وتنفيس الاحتقان بين جمهوري القوات والعونيين بعض التفهم من جنابكم.
انت أدرى الناس بالخفايا والصعوبات للوصول الى حالة “مسيحية” – لبنانية متمايزة عما يسمى “محور الممانعة”
الا ترى ان الثمن يدفعه دائما فريق واحد تسهل مهاجمته لاسباب … لا مجال لذكرها الان
ارجو ان تكون أكثرعدلا بنظرتك وقرائتك لمسار الاحداث
وشكرا