رأى “شفاف الشرق الأوسط” والصديق الأستاذ بيير عقل فتح نقاش حول تصريح خطير للأستاذ لؤي حسين في حوار اجراه معه مؤخرا مراسل صحيفة “لوموند” الفرنسية في بيروت، هنا نقاش مقتضب لأبرز ما صرح به السيد حسين….
ما يقوله الاستاذ لؤي حسين صراحة في لقائه مع صحيفة فرنسية ليس محتملا بالضرورة أن يقوله بنفس الوضوح والصراحة في مؤتمر سياسي.
لهذا فالأفضل والاحدى هو نقاش ما يقوله معارض مثل السيد حسين في مؤتمر، لأن كلامه حينها سيكون موجها للرأي العام السوري. فما يخرج عن لقاء سياسي مختلف عما يقال لصحيفة، بالاخص، لصحيفة أوروبية، أي لرأي عام اوروبي.
في كل حال، وبعيدا عن الملاحظة الشكلية السابقة، كان السيد لؤي حسين ومنذ الشهور الأولى للثورة يقول، في موقف فريد من نوعه كنت أحد شهوده في دمشق برفقة أصدقاء، انه لا يجوز إسقاط النظام، لأن سقوطه يعني استلام الإسلاميين أو لأن لم يكن آنذاك يوجد، في تصوره، بديل عن النظام .
عودة إلى أبرز ما قاله السيد حسين للوموند.
قال، أولاً، إن الحرب انتهت. وكلنا نتمنى ذلك، لكن اي سوري، سواء كان معارضا أم موالياً يرى ويفهم ما يجري في سورية، لن يتجرأ على القول ان الحرب انتهت! في الحقيقة ما جرى هو إعلان دولي عن انتهاء الحرب، ويكفي مراجعة لوقائع القصف اليومي الذي يقوم به الروس والنظام وحلفاؤهم، ولسجلّ الضحايا من المدنيين، ولضحايا عسكريين من الطرفين، المعارضة والنظام، للتأكد من أن الحرب لم تقف. وفي اعتقادي أنها لم تقف طالما أن روسيا وايران غير راغبين برؤية الحقيقة والإقرار بالواقع: الحقيقة التي تقول أنه طالما يوجد ظلم فالقتال سيستمر، وطالما يوجد شعب فسيواصل المطالبة بالعدالة والدفاع عن حقوقه الأصلية.
أما قول السيد حسين بأن الأسد باق فهو أمر ليس بيد أحد سوى روسيا وأمريكا والله!! لذلك فالاسد باق ليس لأنه الأقوى، بل لأن اللاعب الأساسي، اي روسيا، هو الاقوى. لهذا يصح القول أن روسيا هي الباقية في سورية….
في لقاء جرى صيف 2014 مع قيادات في هيئة التنسيق في مكتبها بالقاهرة قلت أنه طالما كانت إيران جزء من المشكلة السورية فتجنب المعارضة السورية الحوار او التفاوض معها هو أكبر من خطأ سياسي، إنه خطيئة، كذلك الحال بالنسبة لروسيا، هذا مافهمته المعارضة متأخرة، فكان أن قبلت بمفاوضة الروس لكن في وقت متأخر جدآ، بعدما خسرت أقوى اوراقها ….
كنت أتساءل: لماذا تضع المعارضة السياسية بيضها كله في سلة واحدة؟ في سلة الامريكان والاتراك، لماذا لا تفتح بابا مع الصين مثلاً، مع كل قوة دولية أو إقليمية لها يد في المسألة السورية؟
الجواب كان واضحاً: المعارضة السورية ليست مستقلة، بالاحرى هي معارضة اقليمية بقناع سوري. القناع لا حول له ولا قوة، لا عقل ولا قرار. وظيفته فحسب أن يكون ناطقا باسم القوى الإقليمية المتخاصمة مع النظام وحلفائه.
لهذا حين يطلب منا الأستاذ لؤي حسين العودة إلى العمل السياسي فاول ما يخطر في البال هو السؤال التالي :
هل يمكن لنظام تحول بدوره، كما المعارضة، إلى قناع ودمية بيد قوى دولية إقليمية، أن يقرر أو يمنح حرية العمل السياسي للسوريين؟
لا أريد لأي معارض سوري موجود خارج سورية بما فيهم كاتب هذه السطور أن يقوم بأي عمل سياسي في الداخل. أريد حرية السياسة لمن بقي في الداخل. هل يملك النظام إرادة أو قدرة منح هذه الحرية للسوريين في الداخل بخلاف تنوعاتهم سواء كانوا معارضين أم موالين أم رماديين؟
لا أعتقد أن الأستاذ لؤي يملك الجواب القطعي في الأمر، وفي قناعتي أن المطلوب الآن ،وقبل كل شيء، ايجاد جبهة سياسية سورية معارضة، او جبهة وطنية سورية تجمع كل الفاعلين والكوادر، معارضين ورماديين، تقوم بحشد السوريين وراءها فتنال احترامهم، وتملك تفويضا شعبيا من السوريين، ينعكس قوة واحتراما لها عند الروس والأمريكان وبقية الأطراف الإقليمية.
عند ذلك يمكن لهذه الجبهة التفاوض مع الروس ويمكنها المطالبة بمنح الحريات للسوريين وأولها حرية العمل السياسي …
يقول المثل العربي (منسوب إلى علي بن أبي طالب) إن فوات الحاجة خير من طلبها من غير أهلها!