اعربت السلطات الباكستانية التي تحقق في التفجير الدموي الذي وقع في السابع والعشرين من الشهر الجاري في لاهور عن اعتقادها بان الهجوم كان يستهدف المقر الاقليمي لجهاز الاستخبارات المشترك “أي إس أي”، إلا ان الانتحاري غيّر هدفه بعد ان واجهته مقاومة من داخل مقر الاستخبارات فتحول الى مجمع الانقاذ المجاور الذي يضم 15 مكتبا رئيسيا.
وفي جميع الاحوال دمرت شدة الانفجار اجزاءا من المقر الاقليمي لجهاز الاستخبارات وقتل كولونيل في الجيش الباكستاني كان يتواجد في مكتبه اثناء الهجوم.
واسفر التفجير يوم الاربعاء عن مقتل خمسة وثلاثين شخصا وإصابة ثلاثمئة آخرين في عاصمة البنجاب وجاء في اعقاب سلسلة هجمات انتحارية.
مجمع الانقاذ الذي يضم 15 بناءا ملحقا بالمقر الرئيسي للشرطة في مدينة لاهور دمر بالكامل بعد استهدافه بالهجوم الانتحاري حيث كان يتواجد في المبنى اكثر من 100 شخص اثناء الهجوم وارتفعت غمامة من الدخان الابيض في سماء المدينة، وقالت الشرطة ان عدد القتلى سوف يرتفع مع استمرار عمليات رفع الانقاض واكتشاف المزيد من الجثث.
كما ادى الانفجار الى الحاق اضرار جسيمة في مقر الاستخبارات.
المحققون قالوا ان الهجوم نجم عن عملية منسقة حيث قام اربعة مسلحين باطلاق النار على المقر في حين فجر الانتحاري السيارة وأشاروا الى ان المسلحين الذين كانوا يرافقون الانتحاري كانوا يريدون الدخول الى مقر الاستخبارات المحصن. واضافوا ان اربعة مسلحين على الاقل خرجوا من السيارة الملغومة وتبادلوا اطلاق النار مع رجال الحرس المنتشرين داخل المقر. وعندما واجهتهم مقاومة شديدة اطلقوا قنبلة يدوية على الحرس مفسحين في المجال امام الانتحاري ليدخل بسيارته الملغومة الى المقر.
ومع غزارة اطلاق النار غير الانتحاري وجهته فجأة وتحول بالسيارة الملغومة نحو مجمع مكاتب الانقاذ الذي يبعد بضعة امتار.
وقال المحققون ان السيارة كانت مزودة بمئة كيلوغرام على الاقل من متفجرات “سي 4” التي تتسبب باضرار جسيمة .
وفي حين رفض المتحدث الرسمي الباكستاني الافصاح عن هوية الضابط الذي قتل في العملية، أكد ضابط في وزارة الداخلية الباكستانية طالبا عدم الكشف عن هويته ان الليوتنانت كولونيل محمد امير قتل في الهجوم وانه شيع في في ملعب ايوب في لاهور في نفس الليلة التي وقع فيها الهجوم. وأضاف ان الكولونيل ذو الفقار، وهو ايضا مسؤول في الاستخبارات المشتركة اصيب بجروح بالغة في الانفجار وحالته حرجة.
وتؤكد التحقيقات ان هجوم الاربعاء كان عملية منسقة بإتقان بين طالبان البنجاب المرتبطة بجماعة “لشكر جهنغفي” او ” عسكر جهنغفي” وطالبان الباشتون فرع الباكستان؟ وتتهم المنظمتان بأنهما منظمتان جهاديتان وتعملان على تغذية الانقسامات الطائفية وكلاهما متورط في هجمات ارهابية اخرى في اماكن مختلفة من البنجاب خصوصا في هجمات العشرين من ايلول سبتمبر 2008 ضد فندق “ماريوت” في اسلام اباد والهجوم الفدائي على مركز تدريب الشرطة في ماناوان في لاهور في الثلاثين من آذار مارس الفين وتسعة.
ويقول المحققون ان هناك مؤشرات واضحة بان الهجمات التي وقعت مؤخرا خصوصا العمليات الانتحارية في البنجاب وهجوم 27 من الجاري ايضا ربما تكون خطط لها من قبل “قاري حسين محسود” المقرب من المطلوب الاشهر لمكتب التحقيقات الفيدرالي “بيت الله محسود” و”قاري محمد ظفار” القائد العملاني لجماعة “لشكر جهنغفي”.
قاري حسين المرتبط بتنظيم القاعدة ويعرف ايضا باسم “استاذ الفدائيين” يعتبر اليوم المتخصص في تنظيم وتجنيد الشبان ايديولوجياً للقيام بعمليات انتحارية باسم الاسلام؟ ويعتقد على نطاق واسع ان قاري حسين هو المنظر الايديولوجي الابرز لطالبان الباشتون ويعمل باشراف بيت الله محسود.
ويعرف قاري حسين بمواقفه المناهضة للشيعة وعلاقاته الوطيدة بـ”عسكر جهنغفي”؟ وتحاول الاستخبارات الباكستانية اصطياده منذ مدة طويلة لأنه الشخص الذي جند اكبر عدد من الانتحاريين للقيام بهجمات في سائر انحاء البلاد.
قاري محمد ظفار قدم من كراتشي لينضم الى “عسكر جهنغفي” وحاز على ثقة الدائرة الضيقة من قيادات القاعدة وحماية قائد طالبان فرع باكستان، بيت الله محسود. ويعتقد بانه يختبيء جنوب مقاطعة وزيرستان.
السلطات الباكستانية تقول ان قاري ظفار ليس مسؤولا فقط عن الهجوم على فندق “ماريوت” في العشرين من ايلول سبتمبر 2008 بل ايضا عن الهجمات التي استهدفت طرق الامدادات الرئيسية للاستخبارات الداخلية في البنجاب .
السلطات الباكستانية اشارت ايضا الى ان قاري حسين اطلق شريط فيديو في 27 من كانون اول يناير 2009 يظهر فيه فتية يعدون انفسهم لعمليات انتحارية واعلان مسؤوليتهم عن هجمات في باكستان. كما يظهر صبية آخرون يتحدثون للكاميرا عن استعدادهم للقيام بعمليات انتحارية على وقع موسيقى الاردو.
شريط الفيديو تم تسليمه الى صحافيين في بيشاور بواسطة قاري حسين ويظهر جميع من في الشريط يتحدثون الباشتونية. كما يظهر الشريط المسؤولية عن ابرز هجومين انتحاريين الاول في الحادي عشر من آذار مارس واستهدف مركز التحقيقات الفيدرالي في لاهور والثاني الهجوم المزدوج في الرابع والعشرين من نوفمبر تشرين الثاني من العام الفين وسبعة في فايز اباد وروالبندي واستهدف مقرا للشرطة حيث صدم انتحاري بسيارته حافلة تنقل خمسة وثلاثين جنديا قتل من بينهم خمسة عشر جنديا لحظة الهجوم.
وفي حين لم تعلن اي جهة عسكرية مسؤوليتها عن هجوم الاربعاء الانتحاري، فإم وزير الداخلية الباكستاني رحمن مالك يبدو متأكدا من تورط بيت الله محسود في هجوم لاهور مستهدفا العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش الباكستاني جنوب وزيرستان. وقال مالك ان الاجهزة الامنية تلقت تهديدات من بيت الله محسود ومن اتباعه من اجل وقف العمليات العسكرية تحت طائلة استهدافه بعمليات انتحارية ويبدو ان ما حصل هو نتيجة هذه التهديدات حسب ما قال الوزير مالك للصحافيين في اسلام اباد.
هجمات 27 من الجاري جاءت بعد اقل من شهرين من هجمات الثلاثين من آذار مارس على مركز الشرطة في ماناوان بالقرب من لاهور حين قام مسلح بهجوم اسفر عن مقتل عشرة اشخاص من بينهم ثمانية من رجال الشرطة.
ابرز المطلوبين المتهمين ويعرف بأمير “تحريك طالبان” باكستان، اعلن مسؤولية جماعته عن هجوم ماناوان وقال ان العمليات العسكرية في المناطق القبلية يجب ان تتوقف فورا وفي خلال الشهر نفسه في الثالث من آذار مارس الفين وتسعة قامت جماعة من 12 مسلحا مدربين جيدا بمهاجمة فريق سريلنكي رياضاي للعبة الكريكت اثناء توجههم الى الملعب من اجل التدريب واسفر الهجوم المنسق باتقان عن اصابة ثمانية لاعبين ومقتل السائق وستة من رجال الشرطة الباكستانيين.
amir.mir1969@gmail.com