إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
(رأى النائب السابق وليد جنبلاط أن هناك تدميرًا ممنهجًا للجنوب. وقال في حوار مع “النهار”: “كلما تقدّم الإسرائيلي ودخل أي قرية سيدّمرها ويمحوها من الوجود، لأن هناك مشروعًا قديمًا جديدًا من أيام الانتداب الفرنسي قبل أن تولد إسرائيل لترحيل شيعة لبنان من جبل عامل إلى العراق. ولا تزال هذه الأفكار قائمة”. وما يلي ردّ مناسب، كما ورد!).
***
ما يزال وليد بك جنبلاط خائفاً من حزب الله! إلى درجة أن جُثَّة أَلَدِّ أعدائه (وألدِّ أعداء حليفه المزعوم، الأستاذ نبيه بِرّي!) ربما مرّت أمامه وهو “جالس على ضَفّة النهر”.. من غير أن يجرؤ على النظر إليها! وليد بك، في المرة القادمة أُطلُب نظارات progressives وليس progressistes!
ولأنه خائف، فإن “وليد بك” يُروّج لإشاعات من نوع أن الحرب التي يخوضها الجيش الإسرائيلي في الجنوب هي حرب لإثارة هجرة قسرية للشيعة من لبنان ربما باتجاه سوريا أو العراق أو حتى إيران!
دعونا، في تحليلٍ بارد، نفضح هذه المغالطة.
عندما فتح حزب الله الجبهة ضد إسرائيل في 8 تشرين الأول (أكتوبر) بِزَعم دعم غزة، لم تنتهز إسرائيل الفرصة للرَدِّ بقسوة، بل طلبت من الدبلوماسي الأميركي عاموس هوخشتاين التوسط لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 1701. ولو قَبِلَ حزبُ الله بذلك الشرط، الذي كان قد توسّل للحصول عليه في “حرب لو كنتُ أعلم”، في العام 2006، لما حدث كل هذا السيناريو في جنوب لبنان!
لقد استغرقت إسرائيل 12 شهراً من الدبلوماسية المكوكية عبر هوخشتاين لمحاولة إقناع حزب الله بالحل الحكيم والمعقول الذي اقترحه. وقد رفضه حزب الله حتى اليوم الذي هُزِمَ فيه عملياً. ويبدو أن الجيش الإسرائيلي يضغط في الجنوب من أجل تدمير الأنفاق التي تم حفرها منذ العام 2006 تحت العين الغافلة لقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، و”بفضل” تهاون الجيش اللبناني، وبمعرفة جنبلاط وبِرّي وشركائه، وبمساعدة تقنية من سلاح المهندسين العسكريين الكوريين الشماليين.
إن الجيش الإسرائيلي يضغط لتدمير البنية التحتية لحزب الله وليس بالضرورة لتهجير الشيعة! والواقع أن بعضاً من “الشيعة” أنفسهم، ونقصدُ ِ شيعة حزب الله” وليس كل الشيعة، كانوا قد توسطوا مع إسرائيل من أجل ترسيم الحدود البحرية برعاية هوخشتاين نفسه، والتزموا وفق قواعد اشتباك محددة جيداً مع إسرائيل في حرب منخفضة الحدة في الجنوب! وقد تم تهجير نحو 90 ألف إسرائيلي من شمال إسرائيل، لكن الإسرائيليين لم يدّعوا أن حزب الله يحاول إجبارهم على العودة إلى أراضيهم الأصلية -كما يدّعون- في أوروبا الشرقية وغيرها من بقاع الأرض!
ولو عدنا إلى ماضٍ ليس ببَعيد، فالجيش الإسرائيلي كانت تربطه علاقات ودية جداً مع جمهور الشيعة في عهد “الرائد سعد حداد” وخليفته “لحد” على رأس “جيش لبنان الجنوبي”، فلا يوجد دافع عقائدي أو رسالة توراتية أو فتوى توراتية تدفع الإسرائيليين إلى سياسة التهجير المتعمد والمقصود هذه.
الواقع أن الشيعة هم أول ضحايا حزب الله، ولكن جنبلاط الذي يعرف هذه الحقيقة لا يستطيع أن يقول ذلك.
إقتراح لوليد بك: بدلاً من فَضح المخططات الإسرائيلية الدنيئة، لماذا لا يفتح منطقة الشوف من “خلدة” إلى “نيحا” أمام النازحين لوقف المؤامرة الإسرائيلية؟
الحقيقة هي أن وليد بك جنبلاط يَبعث رسالةً إلى إيران وحزب الله بأنه لا يزال في معسكرهم حتى يجنبوه وطائفته ثمن الانتقام أو الثأر أو.. “التخييم” في القرى والبلدات الدرزية. بكل احترام، وليد بك منافق من الطراز الأول، وهو بمواجهة أحداث لا سيطرة له عليها، ولا تأثير له فيها. ولو أراد أن يراجع الوقائع التاريخية لتَوَجّبَ عليه أن يعترف أن أمراء الدروز في الشوف، دأبوا في زمن مضى، وبطلب من السلطان العثماني، على تأديب شيعة جبل عامل وذبحهم! وكذلك فعل أحمد باشا الجزار في عكا، بطلب من السلطان العثماني أيضاً!
وليد بك: “دولة لبنان الكبير” (الدولة التي كان زعماء الدروز والشيعة بين آبائها المؤسّسين إلى جانب زعماء الطوائف الأخرى..) هي أول كيان قانوني أعطى شيعة لبنان المواطنة الكاملة، وفي العام 1943، ومعها منصب رئيس مجلس النواب!
وفي عهد الرئيس فؤاد شهاب، أعطتهم المدارس الكبرى والمستشفيات والمشاريع الإنمائية.
أما حروب الحزب التقدمي الاشتراكي ضد حركة أمل فهي موثقة جيداً!
ومقاومة الدروز المشروعة وبسالتهم في العام 2007 ضد حزب الله دليل آخر على أن جنبلاط يقول شيئاً وأفعالُهُ تنطق بشيء آخر!
وليد بك، لا أحد يريد ترحيل الشيعة: لا الجنرال غورو، ولا بشارة الخوري (وفقاً لـ”نَهفة” وصلتنا من جهاز بروباغندا حزب الله البائد)، ولا رياض الصلح، ولا مار مارون (رحمهم الله جميعاً) ولا.. حتى نتنياهو!
مبدأ التقية في السياسة مات منذ زمن طويل و على “كبيرهم الذي علمهم السحر”، أي وليد جنبلاط ان يخترع سحراً جديداً للأيام القادمة!