تمر علي اوقات اتساءل فيها، ماذا سيحدث لو نزل الرسول الكريم إلينا، وتحدث مع مَن نصبوا انفسهم حماة للدين في مجتمعاتنا، وقال لهم: “لا. ليس هذا الدين كما اردته. لم أقل ذلك. تلك الأحاديث لا صلة لي بها”.
أتدريان كيف كانوا سيردون عليه؟
انظرا إلى طريقتنا في الحوار اليوم، إلى طريقتنا في التعامل مع الدين، ثم الحديث عن الدين، و إسألا نفسيكما، كيف كان سيكون ردهم؟
أكاد أجزم أنهم سيقولون له: “بل كفرت!”
سيقولون للنبي الكريم: “كفرت”.
فكل من يناقض طريقة رؤيتهم للدين يصبح “كافر”. حتى النبي نفسه!
هل لاحظتما كيف كانت ردة فعل السلطة الدينية في السودان على تصريحات الشيخ الترابي عندما افتي بجواز صلاة الرجل والمرأة جنباً لجنب في المسجد، وحضور المرأة مراسم الدفن.
لست في حاجة إلى فتوى كي أدرك أن فعل ذلك أمر طبيعي.
فكلانا، رجلاً وإمرأة، إنسان!
تماماً، كما أني لست من معجبي الشيخ الترابي، خاصة وأني لم انس له موقفه من المفكر السوداني محمود محمد طه، والذي مهد الطريق لإعدامه في الثمانينات.
لكني رغم ذلك لم اتمالك من التعاطف معه عندما كفروه.
أي والله كفروه.
الرجل لم يقل إنه يكفر بالله او برسوله.
كل ما قاله إن هناك عادات اتخذت مع الوقت قدسية وإن هناك إمكانية لتغييرها…
لكن هؤلاء، من نصبوا انفسهم حماة للدين اليوم، حولوا تفسيرهم هم للدين إلى صنم.
صنم يعبدونه.
يعبدونه هو.
لا الله.
لأن الله عزيزي القارئ عزيزتي القارئة ليس هدفهم.
الله أيها العزيزان لا علاقة له بما نتحدث عنه هنا.
فأنا لا أتحدث عن الإيمان بالله من عدمه.
أنا أتحدث عن طريقة للتعامل مع الدين، تحولت مع الوقت إلى صنم، لا نستطيع المس بها دون أن نتحسس رقابنا خوفاً عليها.
ولأني مدركة لذلك أكمل معكما حديثي عن نصوصنا السماوية، التي نحترمها، لكن هذا لا ينفي عنها صفة البشرية.
كتبها وجمعها ودونها بشر.
سأكرر هذه العبارة كثيراً. إلى أن تفقد هالة الخوف التي نحيطها بها.
لأن الخوف يلجم العقل. ونحن نعيش في مرحلة لا يصح فيها الخوف. كي نستحق أن نحيا، علينا أن نكسر جدار الخوف.
لذا إسمحا لي أن أبدأ بالأحاديث النبوية أولاً.
وكي أبدأ سأقص عليكما حكاية.
حكاية حقيقية. فلا تستعجلا. ثم لا تتململا.
فحديثي معكما طويل.
— –
في البدء كانت الكلمة.
والكلمة كانت إنسان.
والإنسان هو المحبة.
لازلت اذكر تلك التجربة.
في محاضرة في الجامعة.
طالبة بكالوريوس في العلوم السياسية، تخصصها الفرعي الإدارة العامة.
أستاذنا في إحدى مواد تخصص الإدارة العامة، كان نوعاً فذاً. يبتعد عن التلقين، ويحثنا على التفكير.
وأراد أن يؤكد لنا أهمية وضوح المعلومات وشفافيتها في أي منظمة. أراد أستاذنا الفاضل أن يظهر لنا كيف تتحول المعلومة بقدرة قادر إلى إشاعة لا علاقة لها بتفاصيلها الأولى. أراد أن يظهر لنا كيف يمكن لمعلومة تتناقلها الشفاه أن تتحول إلى مشكلة بالنسبة لأي منظمة.
طلب من تسعة طلاب وطالبات الخروج من قاعة المحاضرة. ثم اختار أحد الطلاب، وقص عليه حكاية.
عن حادثة سير.
ثم طلب منه أن يحكي القصة نفسها إلى أحد الطلاب التسعة.
الطالب التاسع حكي ما سمعه للطالب الثامن، والطالب الثامن قص القصة على الطالب السابع، والطالب السابع حكى القصة للطالب السادس، والسادس للخامس، والخامس للرابع، والرابع للثالث، والثالث للثاني، والثاني للأول.
كل واحد من هؤلاء لم يسمع ما قيل للأخرين. فقط ما قاله له الشخص الذي تحدث إليه.
بين الدكتور والعشرة طلاب وفي ظرف ثلاثين دقيقة تحولت حادثة السير إلى جريمة قتل. وجريمة القتل دخلت فيها تفاصيل حولتها بقدرة قادر إلى نص يصلح لفيلم بوليسي.
هل تعمد هؤلاء الكذب؟
لا.
كان عليكما أن تريا وجوههم بعد أن استمعوا إلى تفاصيل القصة الأصلية.
لكنهم سمعوا قصة، وكل منهم اضاف إليها قليلاً، وحورها قليلاً، حتى تغيرت كثيرا، لتتشكل وتأخذ صورة أخرى. لا علاقة لها بالقصة الأصلية.
لا علاقة لها بالقصة الأصلية.
تلك المحاضرة ظلت حاضرة في ذهني. ليس فقط لأهميتها فيما يتعلق بإدارة المنظمات. فانتشار إشاعة يمكنه بالفعل أن يتحول إلى كارثة بالنسبة للمنظمة.
لكنها ظلت عالقة في ذهني لسبب اخر.
تساءلت يومها، إذا كانت القصة قد تغيرت أمام عيني خلال ثلاثين دقيقة، فكيف لي أن أصدق الأحاديث المروية عن الرسول الكريم؟
كيف اصدقها وأنا أعرف أن تدوين الأحاديث النبوية وسيرة النبي الكريم، لم يبدأ إلا بعد قرنين من وفاته؟
بعد مائتي عام من وفاة الرسول دونت الأحاديث.
فكيف اصدقها؟
عاد إلي السؤال من جديد عندما سمعت بخبر منع كتاب الباحث إبراهيم فوزي “تدوين السنة” في دولنا العربية.
وتساءلت من جديد، لمَ يمنعوا كتاباً بحثياً إذا كانوا واثقين من أنفسهم؟
شنوا حملة شرسة على باحث أكاديمي، ومنعوا كتابه.
كالكنيسة الكاثوليكية في القرون الوسطي.
لكننا نلجأ إلى نفس الأساليب في القرن الواحد والعشرين؟
ولذا تساءلت من جديد، ماذا لو أن رسولنا الكريم نزل إلى هؤلاء، وقال لهم.” لا، لم أقل تلك الأحاديث”.
ولذا أكاد أجزم أن ردهم كان سيكون صراخاً.
يزعقون في وجهه الكريم: “بل كفرت”.
“بل كفرت”.
“فنحن أدرى منك بما قلته”.
* *
في المقال القادم أحدثكم عن كتاب “تدوين السنة” للباحث إبراهيم فوزي.
موعدنا الأسبوع المقبل.
* كاتبة يمنية- سويسرا
نصوصنا السماوية نحترمها… لكنها بشرية 2
أشهد لله بأنك وصلت للخلاص من عبودية الخلق الى عبودية الله وحدة لا شريك له, لان من يقدس نصوص ما يسمى بالحديث انما يشركون مع الله بشرا سواء قال ما حدثوا به ام لم يقله واكاد أجزم ان ما حدث مع مايسمى بالروايات هو تماما كما حدث بالجامعة والدليل التناقضات الفاجرة بين الاحاديث ومنافاة كثيرا منها للعقل والله منزه عن هذه التناقضات وعن احترامة للعقل البشري الذي خلقة واستخلفة على أرضة.
نصوصنا السماوية نحترمها… لكنها بشرية 2 سيدتي الكريمة, لجناب سيدتي كل التحية والاحترام ولكن هناك ثلاثة مواضيع اساسية لا يمكن تناسيهم ولا المقارنة مع غيرهم من المواضيع البشرية وهي: 1) الاحاديث النبوية من اشرف الخلق انما هي من الوحي الرباني العظيم ( لا ينطق عن الهوى انما هو وحي يوحى). والخالق العظيم اقسم ووعد بحفظ كل الكلام المنزل لسيدنا محمد عليه افضل الصلاة والسلام في جميع ما ينطق به ( القران الكريم, الاحاديث السماوية والاحاديث النبيوية الشريفة). وهذا وعد من الرحمن وليس من عبد الرحمن حتى يثار به الجدل والشك. 2) لاحاديث الرسول العظيم معاني ومغزى عظيمة جليلة ايضا اراد… قراءة المزيد ..
نصوصنا السماوية نحترمها… لكنها بشرية 2
ماهذا التناقظ والكفر فكيف للنصوص ان تكون سماويه وبشرية في نفس الوقت؟
نصوصنا السماوية نحترمها… لكنها بشرية 2
اولا ياسيدتي – ملاحظة فنية فقط – من اين ينزل الرسول؟ ماذا تقصدين بالنزول هنا؟
ثانيا النصوص البشرية ليست سماوية ولا تقدس.
ثالثا لماذا لاتملكين الجرأة على نفسك وتتعترفي بأن الأديان من صنع الإنسان وانت تعيشين في سويسرا؟