تصمد عشرات الأسماء في جوار الجنرال، ممولة التيار بما يحتاج إليه من دون مبالاة بالمردود (أرشيف)
قرب التيار الوطني الحر، ثمة «نادٍ للمتمولين المعجبين بالجنرال»، يمد العونيين بالدعم. لبعض أعضاءه طموحات سياسية، البعض بكتفي بـ«فعل الخير السياسي»، والبعض الآخر يخوض بحثاً نهماً عن موقع
غسان سعود
بعد سيف زفة جبل لبنان وترسها اللذين أشعلا حماسة النائب إبراهيم كنعان وهزا كتفي وزير السياحة فادي عبود، قفز طبال دبيكة هياكل بعلبك من المسرح إلى حضن النائب نبيل نقولا، في انتظار أن يغني وائل كفوري «ما تحكي» للنائب إدغار معلوف وزميله غسان مخيبر، في افتتاح مهرجانات ضهور الشوير، أول من أمس. حضر نواب المنطقة، لكن لم يكد رئيس بلدية ضهور الشوير الياس بو صعب يعتلي المسرح، تحت أنظار زوجته الفنانة جوليا بطرس، حتى تراجع الضباب عن المسرح باتجاه قلوب النواب الحاضرين: استدعى بو صعب، بحضور أربعة نواب ووزير متنيين، صديقه الكوراني غسان رزق ليقلده درعاً تكريمية على جهوده في تزفيت طرقات ضهور الشوير المتنية. صفق النواب: بو صعب يشيد بعظمة راعي الاحتفال الرئيس ميشال سليمان، وله يهدي رزق درع الزفت، وختاماً لوائل كفوري يشيد بالقائد «الشجاع الحكيم القوي الرائع العماد جان قهوجي».
الياس بو صعب (مواليد 1967) الأول من عدة أسماء بدأ تداول العونيين في الغرف المقفلة بها منذ نحو ثلاث سنوات.
مالياً، بعد توطيد علاقته بحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أقنع بو صعب الأخير عام 1995 بإنشائهما أول جامعة أميركية في الخليج. ومن هناك انطلق صوب الثروة الجدية والعلاقات الدولية أيضاً، فوطد علاقته مع مؤسسة كلينتون، وبالتالي مع الرئيس الأميركي الأسبق وزوجته وزيرة الخارجية الأميركية الحالية هيلاري كلينتون. وفي سيرته على «ويكيبيديا» شرح عن دور بو صعب في «ردم الهوة بين الشرق والغرب». أما سياسياً، فيصفه معارفه بالرجل المسيّس، فيما يحرص هو على «مصادقة الجميع من دون تحزب لأحد»: صديق الوزير جبران باسيل، صديق حميم لرئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي أسعد حردان، كما هو صديق الرئيس أمين الجميل، وصديق معجب جداً بقائد الجيش العماد جان قهوجي. ولا يجد غير الرئيس ميشال سليمان ليرعى بواسطته احتفال بلدية ضهور الشوير التي يرأسها منذ عام 2010.
بو صعب في مطلع اللائحة، جوزف غصوب ثانيها. لم يطل تلميذ أنطوان شويري في قطاع الإعلانات الخليجيّ سابقاً، وشقيق زوجة النائب إميل رحمة، البحث عن «titre»، فصنّفته مجلة «آراب آد» «رجل العام 2011». لتنهال عليه بعدها دعوات التكريم. وغصوب أيضاً صديق للعماد ميشال عون، تماماً كما هو صديق للرئيس أمين الجميل، لكنه في تصنيف العونيين كما الكتائبيين، عونيّ. وغصوب مارونياً، كما بو صعب أرثوذكسياً، من الأسماء المتداولة لتشكيل اللائحة العونية ـــ الكتائبية المتنية في حال أبصر التفاهم الانتخابي بين التيار والكتائب النور في يوم من الأيام.
الثالث هنا كوراني يدعى غسان رزق: صديق طوني سليمان فرنجية الصدوق، سحره العماد ميشال عون منذ لقائهما الأول، ولا يضاهي صداقته برئيس الحزب القومي أسعد حردان إلا صداقته مع قائد الجيش العماد جان قهوجي. يحسم رزق ترشحه عن المقعد الأرثوذكسي في انتخابات الكورة المقبلة من جميع الجهات السياسية، مطمئناً إلى قدرات مالية يكاد لا يضاهيه فيها أحد في الكورة. وفي القائمة نفسها، أمل أبو زيد الذي سبق الجميع في إعلان ترشحه إلى الانتخابات النيابية المقبلة من مليخ الجزينية، متكلاً على «بركة مار الياس». وإبراهيم الملاح الذي جمع في منزله الأسبوع الماضي غالبية من سبق تعدادهم والمرشح المحتمل عن المقعد الكاثوليكي في المتن أكرم الحلبي، إلى جانب العماد عون والوزيرين باسيل وعبود وكنعان.
يدور هؤلاء في فلك التيار، يقتربون أو يبتعدون وفق المزاج. وقد جرب العماد عون شخصية جزينية تشبههم نسبياً في الانتخابات النيابية الأخيرة، فما كان منها إلا أن غادرت لبنان فور اطمئنانها إلى فوزها بالـ«تيتر». ورغم تصييفه في أدما بعد طول انقطاع، فإنه يكتفي بزيارة الرابية بدل جزين، حيث يكفيه أن تُرفع بين شهر وآخر لافتة تشيد بعطاءاته. بينما يثير الاختيار العوني الوزاري من النادي نفسه انقساماً عونياً بين من يدافع عن التجربة، ومن لا يرى فيها قيمة إضافية للتيار تستحق التكرار، سواء نيابياً أو وزارياً.
في المقابل، تصمد عشرات الأسماء في جوار الجنرال، ممولة التيار بما يحتاج إليه من دون مبالاة بالمردود. ويتنافس على الموقع الأول في هذا السياق كل من وديع عبسي وجيلبير الشاغوري. الأول متمول زحلاوي أرثوذكسي اختار الـ titre الرياضي بدل السياسي، عبر تركيز دعمه على النوادي الرياضية. وباني الثكنات الأميركية في الكويت والسفارة الأميركية في العراق. عونيّ منذ الولادة، لكنه يفضل عدم ارتداء ربطة عنق برتقالية. ورغم دوره الكبير أخيراً في تجهيز ماكينة التيار الانتخابية واتفاقه شخصياً مع أحد مراكز الإحصاءات الانتخابية لرفد التيار بدراسات شهرية عن أحوال المناطق، يؤكد عارفوه تفضيله الوزارة على النيابة. وبين عبسي والشاغوري رجل أعمال عوني آخر تتركز أعماله في نيجيريا، وتترجم أحد أوجه عونيته دعماً مالياً كبيراً لـ«أو تي في» وصوت المدى، يدعى شربل حبيب. وهو أرثوذكسي من البقاع الغربي لم يظهر بعد أي نية للعمل السياسي. أما الشاغوري فمن أقدم أصدقاء الجنرال ومموّليه، فضلاً عن علاقته الوطيدة وأكثر بالرئيس نبيه بري وبرئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، في ظل تقريبه أكثر من مرة وجهات النظر بين عون وبري، وعون وآخرين. مع تأكيد المطلعين أن ابن مزيارة الزغرتاوية لا يفكر أبداً لا من قريب ولا من بعيد في خوض الغمار السياسيّ. وقد سبق للشاغوري أن نجح في رفع اسمه من قائمة الممنوعين من السفر داخل الولايات المتحدة الأميركية، وحصل على اعتذار رسمي بهذا الشأن من وزارة الأمن القومي الأميركية.
في ناديهم، ينظّمون العشاءات المشتركة والرحلات في اليخوت وحفلات التكريم والدروع والأوسمة. أما النواب العونيون فيصفقون، ويبتسمون وأيضاً يرقصون، وهمهم أن يبقى أصحاب المليارات حيث هم: «في ناديهم، الله يسعدهم ويبعدهم».