وطنية – 25/11/2011 صدر عن المكتب الاعلامي لرئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي بيان جاء فيه: “صدرت بعد ظهر اليوم مواقف لعدد من السادة الوزراء الذين يمثلون التيار الوطني الحر تتناول أسباب غيابهم عن جلسة مجلس الوزراء في القصر الجمهوري اليوم. بغض النظر عن المقاربة السياسية التي إعتمدها السادة الوزراء، وهي حق لهم، فان مسألتين لا يمكن الا التوقف عندهما:
في المسألة الأولى: يقول الوزراء إنه “لا يعقل أن يضع رئيس الحكومة جدول الأعمال ويفرض على الوزراء مناقشته”، هذا الكلام مرفوض، ومن المفيد التذكير بنص المادة 64 من الدستور – الفقرة السادسة، وفيها: يدعو رئيس مجلس الوزراء مجلس الوزراء الى الانعقاد ويضع جدول اعماله، ويطلع رئيس الجمهورية مسبقا على المواضيع التي يتضمنها وعلى المواضيع الطارئة التي ستبحث”.
إذا كان المقصود من كلام السادة الوزراء العودة مجددا الى محاولة خلق أعراف جديدة على حساب التوازنات التي ارساها إتفاق الطائف وكرسها الدستور اللبناني، أو الانتقاص من صلاحيات رئيس مجلس الوزراء الدستورية، فإن هذا الامر غير وارد على الاطلاق، تحت أي ظرف. ولن تكون رئاسة مجلس الوزراء مكسر عصا في كل مرة يجد فيها البعض نفسه مأزوما، أو ساعيا الى دور وحجم يتجاوز حقه الطبيعي.
في المسألة الثانية: ذكر أحد وزراء التيار الوطني الحر أنه “لم يتم حتى الساعة تعيين رئيس لمجلس القضاء الاعلى، رغم مرور شهرين على ارسال طلب الى الامانة العامة لمجلس الوزراء بملء الشواغر في السلطة القضائية”. للايضاح فإن اي طلب لم يرد بهذا الصدد الى الامانة العامة، علما ان ملف التعيينات برمته، ومن ضمنها التعيينات القضائية، تتم مقاربته تباعا على قاعدة إختيار أفضل العناصر والكفاءات.
وختاما: إن الظرف الراهن بالغ التعقيد والحساسية، ولا يحتمل بالتالي اي مغامرات او رهانات تشكل مدخلا لشرخ اضافي في البلد، بل المطلوب من الجميع التعاون والتعاضد لحماية هذا الوطن وإبنائه والارتقاء بالممارسة السياسية الى مستوى المسؤولية الوطنية”.
*
بداية مواجهة سياسية في لبنان مع تهديد ميقاتي بالاستقالة على خلفية تمويل المحكمة
وكالة الصحافة الفرنسية- يواجه لبنان ازمة سياسية يتوقع ان تزداد تعقيدا مع تهديد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالاستقالة اذا لم تدفع حكومته حصتها من تمويل المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري.
ويفترض ان تبحث الحكومة في اجتماع محدد الاربعاء 30 تشرين الثاني/نوفمبر في مسألة التمويل التي يرفضها حزب الله وحلفاؤه الذين يشكلون اكثرية الحكومة.
وقال ميقاتي في مقابلة تلفزيونية مع المؤسسة اللبنانية للارسال (ال بي سي) مساء الخميس “اذا اتخذت مؤسسة مجلس الوزراء قرارا بعدم التمويل، وانا بقيت امارس الحكم، ستأتي العقوبات على كل لبنان، لانني ساكون موافقا على قرار مجلس الوزراء”.
واضاف “اذا استقلت، سأكون قد حيدت لبنان وكل قطاعاته الاقتصادية. (…) اعتقد انني بالاستقالة احمي لبنان”.
وتابع “لا اتصور نفسي رئيسا لحكومة يكون لبنان في عهدها أخل بالتزاماته الدولية او خرج من المجتمع الدولي او نكل بتعهداته”.
ويؤشر هذا الموقف لمواجهة محتملة بين ميقاتي وفريق حزب الله ظهرت اولى بوادرها بعد ظهر الجمعة مع مقاطعة وزراء تكتل التغيير والاصلاح برئاسة الزعيم المسيحي ميشال عون، ابرز حلفاء حزب الله، جلسة لمجلس الوزراء كان يفترض ان تبحث في قوانين الانتخابات والجنسية وغيرها.
وقال وزير الطاقة جبران باسيل لوكالة فرانس برس ان عدم حضور جلسة مجلس الوزراء “اشارة اولى لتسجيل اعتراضنا على اداء الحكومة”.
ورفض باسيل القول ان مقاطعة الجلسة هي رد على موقف ميقاتي الذي هدد بالاستقالة اذا لم تقر الحكومة دفع حصة لبنان من تمويل المحكمة، الا انه قال “نحن عندنا مواضيع اخرى اكثر اهمية من المحكمة”.
وتابع “كان لدينا جملة مطالب عرضناها تتعلق بالتعيينات والموضوع المالي والموازنة، وتأملنا في تحسن اداء الحكومة، لكن تبين انه يتراجع”.
واوضح باسيل ان تكتل التغيير والاصلاح سيجتمع السبت برئاسة عون ويعلن موقفا من الوضع الحكومي.
وكان عون اعلن مرارا رفضه التام لتمويل المحكمة، معتبرا ان المحكمة الخاصة بلبنان التي نشأت بقرار من مجلس الامن تحت الفصل السابع الملزم، لم تقر في المؤسسات الدستورية اللبنانية، وبالتالي هي “غير قانونية”.
وكان الامين العام لحزب الله حسن نصرالله اكد في 25 تشرين الاول/اكتوبر ان حزبه “لا يوافق على المحكمة لا جملة ولا تفصيلا، وبطبيعة الحال هو ضد تمويل المحكمة”.
ويشكك حزب الله بمصداقية المحكمة، ويعتبر انها “اداة اسرائيلية اميركية لاستهدافه”.
وقد وجهت المحكمة في آب/اغسطس الاتهام في التورط في اغتيال الحريري العام 2005 الى اربعة عناصر من الحزب متوارين عن الانظار.
وجاء موقف ميقاتي غداة لقائه مع رئيس المحكمة الخاصة بلبنان القاضي ديفيد باراغواناث الذي زار بيروت ونصح المسؤولين اللبنانيين بمعالجة موضوع تمويل المحكمة “قبل ان ينتقل الملف الى مجلس الامن الدولي”، بحسب ما افاد مصدر وزاري وكالة فرانس برس.
وينص النظام الاساسي للمحكمة التي نشأت العام 2007 على ان يساهم لبنان بنسبة 49% في موازنتها، وتتكفل الدول المانحة بالمبلغ المتبقي. وقد سدد لبنان حصته خلال السنتين الاوليين من عمل المحكمة عندما كانت الاكثرية الحكومية بيد المعارضة الحالية وابرز اركانها سعد الحريري، نجل رفيق الحريري.
واستحق المبلغ المتوجب على لبنان لهذه السنة وقدره 35 مليون دولار.
وسقطت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الحريري في كانون الثاني/يناير بعد انسحاب وزراء حزب الله وحلفائه منها، على خلفية خلاف حول المحكمة الخاصة بلبنان.
ويعد تيار المستقبل لتجمع شعبي حاشد الاحد المقبل في مدينة طرابلس في الشمال، مسقط رأس ميقاتي. ويتوقع ان يكون عرض القوة هذا مناسبة لاطلاق مزيد من المواقف التصعيدية في شأن المحكمة وفي شأن الاحداث في سوريا، وهو الموضوع الرئيسي الآخر الذي ينقسم حوله اللبنانيون بقوة.
وكان ميقاتي اعلن مرارا منذ تشكيل حكومته في حزيران/يونيو التزامه بتنفيذ تعهدات لبنان الدولية، بما فيها تلك المتعلقة بالمحكمة.
ويرى مراقبون انه من الصعب على ميقاتي الذي ينتمي الى الطائفة السنية ان يقبل بالظهور وكانه يرفض التعاون في تحقيق دولي يطال اغتيال زعيم سني كبير هو رفيق الحريري.
ويقول استاذ العلوم السياسية في الجامعة الاميركية في بيروت كريم مقدسي ان ميقاتي “حدد ثوابته، وقال بوضوح هذا خط احمر. عليه ان يثبت للطائفة السنية انه لم يتخل عما يبدو مطلبا اساسيا لها”.
ويرى ان خطوة ميقاتي بالتهديد بالاستقالة “هي الورقة الاخيرة” المتاحة له.
ويضيف “لقد تم تأجيل قرار التمويل لوقت طويل، وزيارة رئيس المحكمة هي اشارة الى ان المجتمع الدولي غير مستعد لاي تسوية” في هذا الموضوع.
ويرى مقدسي ان “الوضع هش، ولا اظن ان احدا يعرف ماذا سيحصل على المدى القريب”.