الخبر بقلم “ملاك عقيل” في جريدة “السفير”:
«مجموعة الأربعة» في «التيار»: لسنا حركة تصحيحية.. ولكن
«لسنا حركة تصحيحية داخل «التيار الوطني الحر». بهذه العبارة يرد أحد المشاركين الأربعة في اللقاء الذي عقد في مكتب نائب رئيس مجلس الوزراء السابق اللواء عصام أبو جمرة، في الأول من نيسان الحالي، بحضوره وكل من اللواء نديم لطيف، عضو المجلس الدستوري السابق القاضي سليم العازار والرئيس الأسبق لمجلس شورى الدولة القاضي يوسف سعد الله الخوري، بوصفهم من «مؤسسي التيار الوطني الحر الأوائل» ومن «أعضاء مجلس التحكيم» في «التيار».
وقد توافق الأربعة على تعميم وثيقة بعنوان «المسؤولية تقتضي» على زملائهم أعضاء الهيئة التأسيسية في «التيار»، بعد أن كانوا قد أرسلوها إلى رئيس الحزب العماد ميشال عون بتاريخ 11/3/2010. وتضمنت الوثيقة طرحا عاما للوضع الداخلي في الحزب مع ما أسموها «الاقتراحات التصحيحية اللازمة»، وذلك شعورا منهم بالمسؤولية ورغبة «في تعزيز الثقة بين القاعدة والقيادة للنجاح في ترسيخ المبادئ وتحقيق الأهداف الوطنية التي يسعى إليها الحزب».
وعلم أن «مجموعة الأربعة» طالبت العماد عون بجمع الهيئة التأسيسية وطرح الثقة بالوزراء الأربعة الذين اختارهم لتمثيل «التيار» و»تكتل التغيير» في الحكومة وهم جبران باسيل وشربل نحاس وفادي عبود وابراهام دده يان، كما طالبوه باجراء انتخابات في المراكز الشاغرة في «التيار» (بدلا من استمرار قاعدة التعيين المتبعة حتى الان).
وقال أحد المشاركين الأربعة لـ»السفير» ان هذه الوثيقة موقعة من أربعة رموز تاريخية ونضالية في «التيار» وكان يجب على العماد عون أن يأخذها في الاعتبار وبالتالي أن يبادر الى الرد عليها أو طلب الاجتماع بمرسليها، الذين لطالموا أبدوا حرصهم على مبادئ «التيار»، رافضين أن تعطى حركتهم أي طابع انشقاقي، ولكن للأسف لم يرد «الجنرال» علينا حتى الآن».
بيار عطاالله في النهار: ماذا جاء في وثيقة “المسؤولية تقتضي”
قي أوسع اطلالة اعتراضية غير مسبوقة على الواقع التنظيمي والسياسي في “التيار الوطني الحر”، وزّع أعضاء “مجلس التحكيم” في “التيار” الأربعاء، وثيقة بعنوان “المسؤولية تقتضي”. واهمية هذه الوثيقة انها تصدر عن ارفع هيئة قيادية في بنية حزب “التيار الوطني الحر”، وتضم مؤسسيه وقياديي الصف الاول منه، وهم: الرجل الثاني في الحزب نائب رئيس مجلس الوزراء سابقاً عصام ابو جمره، المدير العام السابق للامن العام والمنسق العام لـ”التيار” اللواء نديم لطيف، وعضو المجلس الدستوري السابق القاضي سليم العازار، والرئيس السابق لمجلس شورى الدولة القاضي يوسف سعد الله الخوري.
وجاء في مقدمة الوثيقة، ان “حكماء التيار” توافقوا على تعميمها “على الزملاء اعضاء الهيئة التأسيسية في حزب التيار، بعد ما كانوا قد ارسلوها الى دولة رئيس الحزب العماد ميشال عون في تاريخ 11/3/2010”.
وتضمنت الوثيقة “طرحا عاما للوضع الداخلي في الحزب مع الاقتراحات التصحيحية اللازمة”.
الوثيقة وفي قراءة أولية، تشكل “مانيفست” اعتراض صيغ بلهجة هادئة وواثقة تتوخى الاصلاح من دون اثارة المشكلات والانقسامات والعودة الى التزام أحكام النظام الداخلي لحزب “التيار الوطني” الذي يريده الحكماء على ما اوردت الوثيقة “حزباً ديموقراطياً علمانياً لا يشبه الاحزاب الاخرى”.
وفي الوثيقة جملة نقاط لا بد من الاشارة اليها بسرعة:
“اولاً – استعادت الوثيقة في الكثير من فقراتها خطاب التيار في السيادة والحرية والديموقراطية ومواجهة “الاحتلال”.
ثانياً – اعادت الوثيقة الاعتبار الى “الشباب” او مناضلي الساعة الاولى الذين وصفتهم بأنهم “واجهوا الاحتلال بشجاعة”، وفي هذا الخطاب عودة الى ينابيع التيار خصوصاً ان الغالبية الساحقة من “مناضلي التيار” همشوا او اصبحوا خارجه لاسباب عدة.
ثالثاً – تركز الوثيقة على مبدأ العمل من اجل “حزب ديموقراطي علماني ينبذ الاقطاع والفساد”، ثم تعود وتشير في ما يشبه الادانة الى “تعثر التزام ما كنا قد تعهدناه بعد خمس سنوات من الجهد”.
رابعاً – تعرض تفصيلاً لتطور مسار العملية التنظيمية في حزب التيار والتي يصفها بأنها “بقيت حبراً على ورق.”
خامساً – تنتقد ضمناً النظام الجديد للحزب الذي عزز دور الرئيس ومنحه صلاحيات شبه مطلقة، لتخلص الى ان الحزب “بقي من دون قيادة منتخبة يرأسه دولة العماد ويديره حضرة العماد”، وتذهب في هذا السياق الى التحذير من “الوقوع في مطب الاحادية والاستئثار والدخول في شرك العائلية والوراثة السياسية”.
سادسا: تشدد على اهمية حاجة حزب يضم 60 الف منتسب الى قيادة مسؤولة متمرسة “تتناسب مع مكانته وحجم التزاماته”، كما تعرض الوثيقة للوضع المالي للحزب وضرورة “وجود موازنة سنوية واضحة توضح من اين يأتي المال وكيف يتم الانفاق”.
وتنتهي الوثيقة بدعوة صريحة موجهة الى الهيئة التأسيسية، لاجتماع عام تطرح فيه الثقة بالقيادة الحزبية، مشددة على “استكمال تكوين قيادة حزب التيار وفقا لنظامه بانتخاب رئيس الحزب مع نائبيه”.
في ما يأتي ابرز ما جاء في الوثيقة:
“المسؤولية تقتضي!
التيار الوطني الحر امتداد لحالة جماهيرية، نشأت اواخر الثمانينات عندما انتفضت الحكومة العسكرية الانتقالية، على الواقع الوطني المتردي الذي كان محكوما آنذاك بعبث الميليشيات المتناحرة والوصاية الخارجية المتسلطة، تحقيقا لايديولوجية السيادة والحرية والديموقراطية.
احتضن الشعب هذه الانتفاضة، وجعل نفسه درعا لها، ولم يبخل من اجل نصرتها بالغالي والنفيس، اذ رأى فيها مدخلا للخلاص الوطني، ومبعثا للأمل بمستقبل واعد وعندما دارت الدائرة، وفرض علينا المنفى، ورضخ كثيرون للامر الواقع، بقيت نخبة من الشباب في الداخل تواجه الاحتلال بشجاعة وايمان انتصارا للسيادة، كما كان لشباب لبنان في الخارج وللحكومة المنفية دور فاعل في استعادتها. واصبحوا جميعهم، بقيادة العماد عون، النواة الصلبة التي تأسس حولها “التيار الوطني الحر”. وبعد الانسحاب السوري والعودة من المنفى في 7/5/2005، تعاهدنا ان نجعل من التيار حزبا ديموقراطيا علمانيا رائدا لا يشبه الاحزاب الاخرى التي اندثرت لانها اعتمدت حكم الفرد نهجا، ومارست الاقطاع بكل اشكاله والفساد بكل فنونه. ولكن يا للأسف، بعد خمس سنوات من الجهد، تعثر التزام ما كنا قد تعهدناه، ولم ترق تجربتنا التنظيمية للحزب الى مستوى الآمال المعقودة عليها.
ففي نيسان 2005، تقدمت الهيئة المؤسسة لحزب التيار من وزارة الداخلية بطلب اخذ العلم والخبر بنشأة الحزب، وارفقت به نظاما اساسيا يحتم اجراء انتخابات الحزب العامة خلال سنة، تحت طائلة اعتبار العلم والخبر بحكم الملغى. لكن ذلك بقي حبرا على ورق.
وفي حزيران 2006، بعد درس وجدل استمرا اشهرا، تم اقرار نظام جديد للحزب يعزز دور رئيسه ويمنحه صلاحيات شبه مطلقة. وقدقبل هذا النظام بأكثرية هزيلة، غير انه بقي كسابقه، فلم تنفذ الانتخابات الحزبية العامة لا سنة 2007 بحجة عدم الجهوز، ولا سنة 2008 بحجة اقتراب موعد الانتخابات النيابية! وبقي الحزب على حاله من دون قيادة منتخبة يرأسه دولة العماد ويديره حضرة العماد، واقتصرت بنيته على منسقيات تديرها هيئات شبه دائمة لا حول لها ولا قوة، ولجان ظرفية تنشأ لاغراض محددة ثم تنهى مهمتها بعد حين. ان هذا لامر مؤسف، لان وجود مكتب سياسي يشارك في قيادة الحزب لا يشكل انتقاصا من الدور القيادي لرمز الحزب ورئيسه، ولان حزبا كبيرا بحجم “التيار الوطني الحر”، فاق عديده الستين الف منتسب، يحتاج الى قيادة متمرسة مسؤولة تتناسب مع مكانته وحجم التزاماته، تعرض الاقتراحات وتحدد التوجهات والحلول، وتشارك في القرارات وتشرف على تنفيذها(…).
اضف الى ذلك الحاجة الى جهاز لوجيستي محترف بادارة العتاد ومميز بادارة المال بشفافية بعيدا عن الفساد الذي طالما نددنا به وبالتالي اصبح من حق الحزبيين، ومن باب اولى كبار المسؤولين في الحزب، ان يزودوا موازنة سنوية واضحة، ويطلعوا من اين يأتي المال وكيف يتم الانفاق!
ان هذا الوضع التفردي بالقرار لم يكن خفيا، ولا مر بدون اعتراضات من قياديين، غير انه كان يدافع عنه بتبريرات واهية، منها كلام عن عدم حاجتنا الى حزب منظم لان الحزب “بزة ضيقة”، ولان “الحالة العونية” عارمة، تكفي للفوز بالانتخابات النيابية، وتعفينا من تعقيدات النظام وتشعب الادارة والضياع في متاهات الانتخابات الحزبية! ومنها كلام على الظروف الاستثنائية والمعارك السياسية. وهذه ايضا حجج لم تقنع معظم المناضلين (…)”.
ان الاستمرار في تحاشي بناء المؤسسة الحزبية وفقا لنظامها الداخلي العام وعدم انتخاب مسؤوليها على اسس ديموقراطية يثيران تساؤلات جدية عن القصد من ذلك، ويعززان الشك، ان لم يكن قد اصبح يقينا، في اننا نتجه الى تكرار تجارب الطبقة السياسية البائدة من خلال الوقوع في مطب احادية القيادة والاستئثار والدخول في شرك العائلية والوراثة السياسية، هذا الانحراف الذي اذا ما استمر يؤدي حتما الى اخطار لا حدود لها (…)”.
وفي منتصف تشرين الثاني 2009، حصلت صدمة لاهل التيار اثارت سخطهم، عندما اختار العماد عون وزيرين للتيار من خارج صفوفه. فلم يفهموا لماذا! ومقابل اي ثمن تم ذلك الاختيار واعتبروا في هذا القرار مخالفة المادة 222 من النظام كما في التصريحات التي هدفت الى تبريره، استهتارا فاضحا برجالات التيار وقيادييه البارزين، واستخفافا بمؤهلاتهم، حتى تخلو الساحة لمشيئة العائلة وبعض المحظيين من الوصوليين لتغدق عليهم النعم ويولّون المناصب.
وبالرغم من التنبيه الى مغبة هذا الخطأ قبل وقوعه وبعده، وبالرغم من المطالبة بدعوة الهيئة التأسيسية الى الانعقاد لمناقشة هذا التطور الخطير وتصحيحه بشكل ديموقراطي، كما البحث في سبل استكمال الهيكلية الحزبية، تنفيذا للنظام، حتى لا يبقى الوضع التنظيمي معلقا الى ما لانهاية، تم الالتفاف على كل ذلك باعتماد المماطلة في محاولة لاستيعاب النقمة واحتواء المعترضين بالاعلان عن اطلاق ورشة عمل اللجنة التنظيمية وعن بداية مرحلة جديدة واعدة! لكن النتيجة جاءت كما كان متوقعا، هزيلة ومخيبة للآمال، ولم يتعد الامر تعيين لجنتين حشر فيها التابعون وبعض المعارضين لإلهائهم بمهمات موقتة، وهذا هروب الى الامام (…)”.
في ضوء كل ذلك، وبعد مشاورات كثيفة اجريناها نحن الموقعين ادناه واستشارات قمنا بها مع كثيرين من قياديي “التيار الوطني الحر” وناشطيه، نؤكد مجددا ما يأتي: أولا، دعوة الهيئة التأسيسية الى اجتماع عام تطرح فيه الثقة بالقيادة الحزبية. ثانيا، استكمال تكوين قيادة حزب التيار وفقا لنظامه: بانتخاب رئيس الحزب مع نائبي الرئيس والمنسقين، وتعيين اعضاء المكتب والهيئة التنفيذية كاملة، وتأليف المجلس الوطني.
ثالثا، الحرص على المبادئ والاهداف التي طالما تم التبشير بها والتف اللبنانيون حول قيادته على أساسها، وناضلوا وضحّوا لتحقيقها: تيار وطني حر سيادي ديموقراطي مؤسساتي علماني منظم ومنفتح، ليرقى بلبنان الى المستوى المدني المتطور.
ختاما، ان ما دفعنا الى المصارحة بما ورد اعلاه، هو شعورنا بالمسؤولية، بان البدء بوضع مضمون هذه الوثيقة موضع التنفيذ، من شأنه نقل النقاش من الشارع وضبطه ضمن الاطر الداخلية، ودفع جميع عناصر حزب “التيار الوطني” وتحفيزهم على متابعة بذل الجهد والتضحيات لتحقيق المبادئ والاهداف التي نشأ على اساسها هذا الحزب.
لذلك، وفي انتظار تجاوبكم تفضلوا دولة الرئيس بقبول فائق الاحترام”.
وذيلت الوثيقة بتواقيع أبو جمره ولطيف والخوري والعازار.