(نحن) الذين أزعجنا بني الإنسان. وأقلقنا الحضارة..
(نحن) الذين نتفنن بإعادة بناء الخراب.
توقفت الحروب البدائية منذ ملايين السنين. انتهى صراع الإنسان مع الحيوان فلم يعد بحاجة لخنجر يحميه. طويت أسباب حرب الثلاثين الدينية في أوروبا لغير رجعة.. أخلفت الحروب الأهلية الأمريكية اتحاداً ووحدة وقطبية نادرة. أُحرق المهرطقون وثار الأحرار فعلّقت المقاصل ثم أغلقت الملفات وشُيِّدت تماثيل لأنبياء الحضارات.
توقّفَ كل ضجيج دموي. وحل السكون. لا تسمع هناك إلا أصوات المصانع ومراكز الأبحاث والنظريات والحب والمسرح والفنون وتداول لقيم العطاء للأسرة والوطن والأرض.
أما (نحن). فنعيد أسفار الخلق والتكوين.. نقتل. نتغذّى بلحوم الآخرين. نقتحم القرى والمدن بلا قانون أو دستور يحمي حتى الذبابة. أراضٍ كانت مسرحا للعلم والفن والأساطير. هي إرث امتدادنا القديم. تحولت تحت رحمتنا لردمٍ تفوح منه رائحة الدم وأرواحٌ تتجول باحثة عن الثأر.
لا تتسع (بلاد العرب أوطاني) سوى للرعاع. فالمتفوق ليس المخترع أو رائد الفضاء أو الكاتب..
لا أيها العالم. أنتم لا تفهموننا، لذلك تحاربوننا.
المتفوق هنا من يزرع إكسير الموت بأدمغة الفحول الحالمين بالخطيئة. التأكيد على وجود الجنس بعد الممات وحقيقة الحور العين ستمنحك المنابر والجوائز والبركات.
الموت هنا. التشريد هنا.
توجهون سهامكم نحو أنظمتنا السياسية التي صنعت التخلف. ولا أعلم إن كانت الجريمة جينات متأصلة بنا أم نتاج لأعمال استبدادية متوالية..
شعوب تكفر بنجيب محفوظ ونصر أبو زيد وعبدالله القصيمي وطه حسين. شعوب تقتل الأحلام.
بداية.. أعتذر لمنطقة الشرق الأوسط التي قلبناها جحيما، ومحونا منها ماضي آلاف السنين من الامبراطوريات والفنون والأشعار والمنحوتات والتماثيل والكهوف والمعابد والقلاع.
سجل يا تاريخ أننا قتلنا تَدمُر.
وعذرا أيها العالم.
أعتذر عن ذبح مئات من المصلين في حادثة الحرم المكي عام ١٩٧٩.
أعتذر عن تفجير مجمع الخبر السكني شرق السعودية عام ١٩٩٦
عذرا لكل شيعي قتل في مساجد الإحساء والقطيف.
عذرا لموت ما يقارب الثلاثمائة بالتفجير الانتحاري في السفارة الأمريكية ببيروت عام ١٩٨٣..
عذرا عن تشويه بالي.. الجزيرة السياحية الوديعة. وعن قتل وجرح أكثر من أربعمائة مسالم فيها.
عذرا لأفريقيا القارة المنكوبة الفقيرة البائسة.
للفتك بالإنسان في الكاميرون والتشاد ونيجريا وقائمة لا تنتهي
عذرا لاختطاف ٢٧٦ طالبة نيجرية وتزويجهن قسرا ومعاملتهن كجوار وسبايا وتقليدهن الحجاب . لا مكان للأنوثة في أدبيات الإرهاب.
عذرا لمقتل ٣٠٠ شخص بتفجير سفارتي الولايات المتحدة بنيروبي ودار السلام
عذرا لأهالي ٢١ قبطي مصري تم ذبحهم في ليبيا
عذرا لمقتل ٦٠ مصلي في أحدث تفجير بباكستان .
سجل أيها الجمال أن كشمير الحسناء صارت حاضنة لكل قبح وإرهاب.
عذرا لفرنسا. فقد انتهكنا حرمة النور.
رحمة الله على أرواح فرنسية أزهقت في نوفمبر الماضي بين تفجيرات انتحارية واحتجاز رهائن في باريس.
وكلنا شارلي إيبدو.
عذرا لمقتل ٢٥٩ مسافر في الطائرة الأمريكية التي أسقطت فوق لوكربي عام ١٩٨٨
عذرا أيها الأمريكي لاصطدامنا بحضارتك. لم نفهمها فأحرقناها وقضينا على ثلاثة آلاف قتيل بأبراج التجارة العالمية عام 2001
عذرا لأن ٩٨ من حوادث الإرهاب المتنوعة، عانى منها المواطن والمقيم في السعودية على مدى سنوات متتالية.
عذرا لتفجير مجمع المحيا السكني في الرياض وموت وجرح مئات المدنيين دفعة واحدة.
عذرا لمقتل ٣٩ سائح على شواطئ تونس الجميلة سابقا..
عذرا لمقتل عشرات من المصلين في مسجد الصادق الكويتي ومحاولة تشويه معالم الكويت بلد السلام.
عذرا لأرواح راهبات قتلن في اليمن قبل أيام . ذنبهن أنهن كن يخدمن كبار السن. فأطلق الرصاص على رؤوسهن.
عذرا لروسيا وأدبها وفنها. فجرنا طائرة، ذنب ركابها البالغ عددهم( 217) أنهم زاروا وكرنا. فأعدمناهم حرقا.
عذرا لمسرح موسكو. شهد مقتل وإصابة المئات في الهجوم الشيشاني عام ٢٠٠٢.. من غيرنا يمزج بفداحة بين الثقافة والعداوة ؟
عذرا لموت المئات عام ٢٠٠٤ في تفجيرات مدريد.
عذرا لتفجيرات ستوكهولم عام ٢٠١٠
أعتذر لكل من مات في تفجيرات لندن عام ٢٠٠٥
أعتذر عن تفجيرات بلغاريا والقاهرة واسطنبول و…الخ
أعتذر لكل إنسان لبناني قتل على مدى عشرات السنين على يد أوهام السياسة والطائفية والتخلف.
اعتذر لكل سوري سقط شهيد الاستبداد والديكتاتورية والذبح بايدي المخابرات ودفنته براميل النظام حيّا وأحرقه كيماوي المقاومة والممانعة ثم استشهد مجددا بسكاكين ارهاب فتحت جهات معروفة الباب لها من الرافدين الى حلب.
عذرا للأزيديات والكرديات والأفغانيات على هدر كرامة الأنثى.
عذرا أيها الغرب، لقتلنا مصوريكم وصحافييكم ومستشرقيكم.
هل أكمل..
أعتقد أني تخطيت الحد المسموح به من الكلمات في هذا العمود، وأن كتاباً لن يكفي لحصر مجازرنا.
هذا ما فعله المسلمون بالعالم.
الطريق للجنة نهر من الدماء القانية.. اطعن أخوك واغتصب جارتك لتستحق المتعة الأبدية.
ويعيدون على مسمعي اسطوانة الرد على الاستعمار.
لعل الغباء والانشغال بالمومسات قد أنساكم أن الاستعمار قد انتهى. أنكم تستعمرون بعضكم البعض.
أنكم القرصان الوحيد المتبقي.
كيف تنظرون لوجوهكم المصبوغة في المرايا ؟ توقفوا عن استيراد المرايا.
nadinealbdear@gmail.com