يقول المثل الشعبي “أخوث يحكي وعاقل يفهم”، لكنها مشكلة إذا كان المتكلم شيخ العقل وكلامه لا يفهمه العاقل ولا الأخوث(المجنون)!
بحسرة كبيرة قرأت البيان الصادر باسم مشايخ عقل الدروز في سوريا(منشور في آخر هذا المقال)، وبأسفٍ وحزنٍ قرأت إسم سماحة الشيخ الهجري والحناوي.
لو كان البيان أو التصريح من قبل الشيخ حسين جربوع لكان مفهوماً، لأنها ليست المرة الأولى التي يحاول فيها السيد جربوع ومن خلال موقعه الديني تلميع نظام الأسرة الحاكمة في سوريا، وهو الوحيد بين رجال الدين الدروز ـ سواء في سوريا أو لبنان أو الجولان أو فلسطين أو في غيرها ـ والذي يتعامل بالسياسة أكثر من تعامله بالدين!
لا نريد نشر جزء من الثياب التي يصعب تنظيفها والتي ليست سراً ـ على الأقل للدروز.
وصل السيد حسين جربوع إلى مشيخة العقل في سوريا كما وصل السيد بشار الأسد إلى القصر الجمهوري، كلٍ منهما ورثها عن والده، الشيخ حسين جربوع والذي قضى سنوات شبابه كما “يجب” في فنزويلا ـ أي أنه كان جاهلاً بمفهوم الدروز ـ صار بين ليلة وضحاها شيخ يملك كل العقل.
ومنذ انقلاب حافظ الأسد 1970 وهو يظهر بين الفترة والأخرى كأنه أحد رجال القصر، ربطته صداقة قوية مع شيوخ من القصر أمثال رفعت الأسد نائب الرئيس(أخوه) ومرشح خلافته يوم كان الورثة أطفالاً.
يحدثنا بيان السيد حسين جربوع والذي جرّ سماحة الشيخ الهجري والحناوي للتوقيع عليه وكأنه بيان تضامني من الطائفة الدرزية مع نظام القمع والفساد ـ يحدثنا عن الوطنية والصمود ورمزه. ويذكر السيد جربوع أنه تمّ التفريط بأرض تسمى الجولان ويعيش فيها وعليها جزءٌ من الطائفة الدرزية يوم كان حافظ الأسد وزيراً للدفاع، وأكمل وطنيته بعد اغتصابه السلطة وتحويل الجيش السوري من حدود الجولان إلى أرض لبنان وما قام به من تدمير للقرى الدرزية معروف للكثيرين. ونذكّر السيد جربوع بالزعيم الوطني والديني (الدرزي) كمال جنبلاط والذي اغتالته قوات “كوماندوس من الهنود الحمر أو من تدبير الإمبريالية والصهيونية”. ونذكّر سيادتكم(والمعذرة على عدم استعمال تعبير سماحتكم) ـ نذكرّكم بمواقف شيخ عقل الطائفة الدرزية المنتخب ديمقراطياً سماحة الشيخ المغفور له محمد أبو شقرا ـ نذكّركم بمواقفه من سياسة النظام السوري ضد دروز لبنان وكيان لبنان. نذكّر السيد جربوع بموقف سيده حافظ الأسد من سليم حاطوم وحيثيات انقلابهم المشترك ثم هروب حاطوم، وعودته بعد ان أعطى “رئيس الجمهورية” الوعد بالعفو عنه وكيفية تعذيبه وتقطيع وتمزيع أطرافه تحت التعذيب حتى الموت! ولو استمع سليم حاطوم لنصيحة الباشا سلطان الأطرش لما عاد وصدّق وعود الأسد وسلّم نفسه وكانت نهايته كما تعلمون.
نذكّركم بالعبد الفقير الشيخ جميل الأسد (أخ حافظ الأسد) وجمعية المرتضى التبشيرية التي غزى فيها قرى الجبل الذي يحلو لكم الحديث باسمه….
إننا يا سيدي المحترم مثل “بالع الموس”، سكوتنا على صراخك السياسي السلطوي إهانة لنا ولرجال ديننا، وصراخنا ضد مواقفكم غير الدينية وغير المبدئية فضيحة لنا ولرجال ديننا!
ليست المرة الأولى التي تقوم حضرتكم فيها بالهجوم على وليد جنبلاط، أو بالأحرى على من هم ضد سياسة النظام السوري. وتعلمون ـ وأنا لا أدافع عن السيد وليد جنبلاط ـ أن الأبواب التي تفتح للسيد جنبلاط وتشدّ على يديه أكثر من الأبواب التي تفتح لسيدكم بشار الأسد. ويمكن تصفح خريطة دول العالم أو كتاب أطلس العالم لتتأكد من ذلك بنفسك.
كان الأفضل لسيادتكم لو أخذتم عبرة من رجال الدين في أميركا اللاتينية وموقفهم من الديكتاتورية، ليس كل ما عشته ولمسته حضرتك أيام شبابك في فنزويلا سيء.
لماذا تقامر حضرتكم على حساب شرف وطهارة دين التوحيد وأبنائه.
إن البيان الذي قمت سيادتك مع رجال أمن السيد الأكبر بكتابة نصه وتلحينه وإخراجه يسيء إلى أرض الجبل وسكان الجبل وكرامة الجبل. إنه أسوأ من الحملة التي قام بها أزلام السلطة ضد كمال جنبلاط وأصوله العرقية بعد تدبيرهم عملية اغتياله آنذاك وتعرفها حضرتكم كما يعرفها أهل الجبل.
رياح كثيرة مرت من هنا ولسان حالها يقول “يا جبل ما يهزّك ريح!”.
ما ينقص بيان حضرتكم التضامني مع حاكم سوريا أن تختمه بشعار “والخلود لرسالتنا”، وأن تدعو إلى مسيرة دعم والتفاف ووفاء لقائد المسيرة وأن تردد حضرتكم بكل إكبار “بالروح بالدم نفديك يا بشار”.
إن بيان حضرتكم يا سيد جربوع أساء إلى روح كمال جنبلاط والتي ترفع إصبع الاتهام ضدكم وضدّ ضباط أمنكم، أساء إلى تراث سلطان باشا الأطرش ووطنيته الحقة، وأساء قبل كل شيء إلى دين الشيخ محمد أبو شقرا وشفافيته وطهارته، أساء بيانكم إلى حوالي مليوني شخص درزي يفتخر بانتمائه وقيمه وتراثه.
لماذا لم تدافع حضرتكم عن دروز محافظة السويداء في وجه المحافظ الذي أسس للفساد المادي والأخلاقي ولمدة تزيد على عشر سنوات؟ أم أن قرابته من الأسرة الحاكمة تعطيه كل مبرر وبدون أي حساب ـ وقد تمت محاسبته بعد نقله إلى محافظة أخرى حيث وُجد مقتولاً ـ.
وكان يمكن لكم الدفاع عن أخلاق الدروز ضد أخلاق رجال الأمن في السويداء!!!!، يمكن لكم الدفاع عن تراث دين التوحيد ضد مهزلة جمعية المرتضى التبشيرية الدينية التي جاءت من قصر الأسرة الحاكمة!!!
إننا يا سيد جربوع نعرف أمثلة كثيرة للذين تركوا العقال من أجل العمامة، لكنه يملأني الفضول وأنا أرى مبرراً لنرى من يترك العمامة من أجل العقال!
رجال الدين العلويون يحاولون التملص والتخلص من أي رابط مع الأسرة الحاكمة، ورجال عقل الدروز السوريون يحاولون دعم سياسة الجهل والقمع والفساد، وهل هذا عقل الدروز؟
الدروز لا يحتاجون مثل هذه البضاعة، ومن جانبي أتمنى من كل قلبي “إن كان التقمص حقيقة، أدعو الله أن يخلق السيد حسين جربوع في أسرة السيد بشار الأسد!” لأن مكانكم هناك!
من كان عنده نصف بنان…يرى أن مضمون هذا البيان…هو نقيضٌ لميثاق ولي الزمان…
وخلط الحدود مع الأسود يطرح أكثر من علامة استفهام؟؟؟
بعد سُكين ونشتكين جاء الحسين حاملاً التين!!
الخير كل الخير لو تبقوا في قصر المهاجرين!!
fadel.k@freemail.hu
* كاتب سوري- بودابست
**
كانت وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا” قد نشرت ما يلي:
مشيخة عقل طائفة المسلمين الموحدين: سورية ستبقى قلعة الممانعة الحصينة
السبت, 27 تشرين الأول , 2007 – 08:35
السويداء / سانا
استنكرت مشيخة عقل طائفة المسلمين الموحدين فى سورية الدور الخطير واللقاءات المشبوهة التى ظهرت فى الاونة الاخيرة من قبل بعض الساسة فى لبنان فى الولايات المتحدة الاميركية وغيرها من الدول ما بات يشكل اساءة للتاريخ العربى والوطنى المجبول بدماء الشهداء ولتضحياتهم.
وأكدت المشيخة فى بيان وقعه شيوخ عقل الموحدين فى سورية الشيخ حمود الحناوى والشيخ حسين جربوع والشيخ أحمد الهجرى انه اذا جعل احدهم من نفسه خنجرا مسموما يستخدمه اعداء الامة للطعن والتطاول على سورية قلعة الممانعة الحصينة والشعب العربى المكافح ضد مشاريع التقسيم فى المنطقة العربية فانه لن يصل الى مبتغاه.
ولفتت المشيخة الى ان صمود المقاومة الوطنية اللبنانية ونصرها الاكيد عصف بالكيان الصهيونى وهزه من الاعماق وعندها بدأ يبحث عن سبل لاضعاف سورية ودورها الرائد فى دعم المقاومة من خلال بعض الازلام اللاهثين وراء سراب لن يحصدوا منه الا الخيبة والخذلان.
وأكدت المشيخة ان سورية العربية ستبقى الحصن الحصين والراية العربية فى وجه المشاريع المشبوهة والحاقدة على مسيرتها وتاريخها المجيد.
من درزي بلا عقل إلى شيخ كلّه عقل!
جواب رائع جداً ,