الطائرة المسيرة بيرقدار تي.بي-2 في مطار غيجيت قلعة في منطقة فاماغوستا بشمال جزيرة قبرص المقسومة، الاثنين 16 كانون الأول/ديسمبر 2019
بهدف الثأر لجنودها الذين قتلوا في سوريا وقلب موازين القوى، تستخدم تركيا اسرابا من طائرات مسلحة بلا طيار صنعتها شركات محلية تعتبر بين الابرز في هذا المجال في العالم. ولا تتوقف قنوات التلفزيون عن عرض صور للاهداف التي تم تدميرها.
اوقعت هذه الطائرات الموجهة عن بعد خسائر فادحة في صفوف قوات النظام السوري في محافظة إدلب حيث انتقمت أنقرة بعد مقتل 34 جنديا في غارات الخميس الماضي نسبت الى دمشق.
وقد اعلن الجيش السوري أنه اسقط ثلاثة على الأقل من هذه الطائرات التركية، لكن يبدو أن الحليف الروسي لدمشق الذي يسيطر على المجال الجوي في شمال غرب سوريا لم يتدخل لمواجهة طائرات أنقرة.
يسمح استخدام هذه الطائرات المسيرة، التي تحظى بتغطية اعلامية واسعة النطاق، لتركيا بالضرب ليس فقط في سوريا دون المجازفة بحياة طياريها، ولكن للترويج لهذه الطائرات والطموح بان تصبح مصدِّراً رئيسيا لها.
وقال الخبير في شؤون الدفاع اردا مولود اوغلو لوكالة فرانس برس ان “استخدام تركيا للطائرات بدون طيار خلال هذه العملية امر غير مسبوق في تاريخها العسكري الحديث”.
واضاف “يبدو أن هذا الاستخدام الفعال للطائرات المسيرة قد غير ديناميكيات الحرب الأهلية في سوريا ويترك تأثيره على المفاوضات الدبلوماسية”.
“ضربات أكثر فعالية”
تنتج الطائرات العسكرية بدون طيار شركة “بايكار” التي يتولى ادراتها سلجوق بيرقدار صهر الرئيس رجب طيب أردوغان، و”تركيش ايروسبايس اندستريز“.
من جهته، قال دان غيتنغر Dan Gettinger، المدير المشارك في مركز دراسة الطائرات المسيرة في كلية بارد في نيويورك، إن تركيا “رائدة مجموعة من البلدان الناشئة في هذا المجال التكنولوجي وتحاول التأثير”.
وطالما اكدت أنقرة سابقا أنها قتلت مئات المقاتلين من التمرد الكردي في غارات بطائرات بدون طيار، لكن منطقة العمليات في سوريا تسمح لها بإظهار ما تعرفه في هذا المجال.
أما اوزغور اكشي، محرر المجلة المتخصصة “سي فور ديفنس” فقال إن الاستخدام المكثف للطائرات بدون طيار في الأيام الأخيرة جعل الضربات التركية “أكثر فعالية”.
وأشار إلى أن القوات التركية دمرت أكثر من 100 دبابة للنظام السوري في غضون بضعة أيام، مشددا على أنه “بدون طائرات مسيرة، فإن مثل هذا الامر سيستغرق وقتا أطول وسيعرض حياة الجنود الأتراك للخطر”.
بالإضافة إلى الضربات التي تنفذها، تستخدم هذه الطائرات أيضًا لتحديد أهداف يتم استهدافها بعد ذلك بالمدفعية أو الطائرات الحربية.
وقال مولود اوغلو ان “هذا يسمح لتركيا بتوجيه ضربات عن بعد متجاوزة المجال الجوي السوري مع إلحاق خسائر فادحة بالقوات السورية”.
“مصدر فخر”
قال غيتنغر أن تركيا لديها 94 طائرة من طراز “بيرقدرا تي بي 2” التي تصنعها شركة “بايكار”. ورغم صغر حجمها، فإن هذه الطائرة لديها نظام تسليح قادر على تدمير المركبات المدرعة.
واهتمام تركيا الشديد بالطائرات المسيرة ليس مستجداً.
اضاف غيتنغر ان أنقرة بدات تطوير هذه الأجهزة ابان التسعينيات حتى لا تعتمد على الدول الأخرى للحصول عليها، ولا سيما الولايات المتحدة وإسرائيل، التي غالباً ما تتوتر العلاقات معها.
يكرر أردوغان القول أن تركيا تهدف إلى أن تكون بين أكبر عشرة مصدرين للأسلحة في العالم بحلول عام 2023، بمناسبة الذكرى المئوية لاعلان الجمهورية التركية.
وقد صرح الاثنين الماضي “إذا كنا قادرين على القيام بعملياتنا العسكرية دون الحاجة إلى مساعدة أي كان، فذلك مرده العمل الذي أنجزناه والنتائج التي حققناها”.
حتى الآن، قامت تركيا بتصدير طائرات بدون طيار إلى قطر وأوكرانيا، بحسب غيتنغر، كما قامت بنشرها في ليبيا دعما لحكومة طرابلس ضد الرجل القوي في الشرق الليبي خليفة حفتر.
كما تعمل انقرة مع دول مثل إندونيسيا وباكستان لمساعدتها في إنتاج طائرات بدون طيار عبر استخدام التكنولوجيا التركية.
وقال غيتنغر ان “تركيا تحاول بلا كلل الترويج لطائراتها بلا طيار في الخارج، لأن هذه الصناعة مصدر فخر كبير لها”.