كتبت في أواخر الشهر الماضي مقالا عن “قدسية الرب”.
الردود على المقالات جمعها قاسم مشترك هو عدم فهم ما هدفت له أصلا من وراء المقال، والتركيز بدلا عن ذلك على مسألة القدسية، ولا ألوم أحدا غير نفسي في عدم وضوح ما كتبت. لنستعرض بعض الردود، وتعليقاتي عليها:
يقول رد منها: ستعرف أنك ذرة في هذا الوجود وأن الذي أوجدك وخلقك يستحق العبادة!
أعدت قراءة ما قمت بكتابته فلم أجد فيه أنني دعيت أي طرف لعدم عبادة الله!
وقال آخر: من أنت أيها الإنسان؟ وكيف وجدت على الأرض ولماذا؟
ولا أعرف حقيقة كيف يمكن أن أرضي السائل. وهل يتوقع من أحد في هذا الكون أن يجيب عليه؟ وإن كان يعرف الجواب فلم لا يفيدنا به؟ علما بأن الإجابة كانت محط اهتمام البشرية منذ آلاف السنين!!
وقال ثالث: نحن بحاجة إلى المقدس لتنتظم منظومتنا فلم استبعاده؟
سؤال معقول! ولكن كيف دبر الآخرون، من عدم المؤمنين بالمقدس، حياتهم إذا؟ هل تختلف منظومتهم، كبشر، عن منظومتنا؟
ورد آخر: لان آدم هو اول كائن يرى الله وجها لوجه بسبب تواجده فى حضرة الله وبعد سقوطه فى غواية الشيطان صار آدم ساقطا ونسله كله ساقطا. فالحروب والقتل والاغتصاب ما هى إلا صور لسقوط نسل آدم.
ولا نقول هنا غير: شكرا لهذا التوضيح!!
ويقول رد طريف، ويبدوا أن صاحبه خليجي، وأنقله حرفيا: آنه أقوول إنته الله عطاك هالموهبه (الكتابه) والحمدالله قاعد توصل كتابتك للناس فالمفروض إنه القراء يستفيدون من اللي تكتبه بس للأسف إنها غير مفيده ولا فيها أي نوع من الصحه او حتى دليل واحد وبالنسبه للمقال فالرد عليه سهل وبسيط وكل ما أستطيع قوله لك: ثقف نفسك أكثر وخصوصا إذا أردت أن تكتب شيء مثل هذا القبيل (ديانات- عن الباري عزوجل_ التاريخ .. الخ) .. مع تمنياتي لك بالتوفيق.
شكرا للتمنيات بالتوفيق. ولكن أين الجواب السهل والبسيط الذي وعدتنا به؟
والرد قبل الأخير كان من شخصية واضحة المعالم إلى حد ما حيث تقول: يبدو أنك تمر بحالة من الشك و ده راجع لكونك سمعت أراء خاطئة و بها جهل من أشخاص يدعون المعرفة. فأنت تكلمت عن الشرك بالديانة المسيحية ولك أقول أننا نعبد اله واحد هو الروح القدس المتجسد فى [المسيح] و يطلق عليه أيضاً المخلص و ذلك أتى من الخلاص الناتج عن الايمان به أى بالرب. فالرب و الروح القدس و المسيح هم فى الحقيقة واحد وليس ثلاثة (!!!)
علامات التعجب في نهاية الرد من وضعي أنا، لكي أبين مفاجئتي بما تضمنه الرد من معلومات لم أكن أعرفها من قبل، هذا إن كانت صحيحة اصلا!!
أما الرد الأخير والأكثر حدة فقد كان: هذا الكون العظيم الذي لم نعرف منه إلا ألف مليون مجرة واحدة منها تسمى درب التبانة فيها ألف مليون نجم واحدة منها تسمى الشمس / حولها كوكب حقير اسمه الأرض فيه عشرات المليارات من المخلوقات منها ستة مليارات إنسان واحد من الإنس اسمه الصراف!!!! ويحدثنا عن خالق هذه المنظومة العظمى دون احترام. إن الإنسان ليطغى.
شكرا يا سيدي على هذه المعلومات ولكن دعنا نبين التالي:
آخر معلومة فلكية تم التوصل لها هي أن حجم الكون يبلغ 78 بليون سنة ضوئية! وأن هناك 3000 مجرة تم تحديدها حتى الآن! كما أن كوكب الأرض هو واحد من ثمانية في المجموعة الشمسية، وهناك 500 ألف مليون نجم في درب التبانة فقط. ولمزيد من المعلومات يمكن الرجوع للمصدر التالي :
والآن، وبعد أن عرفنا حجم الكون حولنا، ومدى صغر الكوكب الذي نعيش فيه فلماذا يصر المسلمون في أدبياتهم الدينية على القول بأن الدين عند الله الإسلام فقط، وأنه سوف لن يتقبل من أحد ديناً سواه؟ وأن من يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه!!
ولماذا نصر، ونحن بهذا التواضع الرهيب في هذا الكون الواسع، وبهذه القلة العددية المسلمة في كوكب الأرض، على القول بأن اليهود والنصارى إن لم يسلموا بعد علمهم بالدين الإسلامي، وماتوا دون أن يؤمنوا فسيكونوا من أصحاب النار!! أو القول بأن كافة الأديان الموجودة في هذا العصر –سوى دين الإسلام- أديان باطلة لا تقرب إلى الله تعالى؛ بل إنها لا تزيد العبد إلا بعداً منه، لما فيها من ضلال.
لماذا كل هذا الاحتقار لغير المسلمين، وخاصة النصارى واليهود؟ وماذا عن بقية أمم الأرض من أتباع مئات الديانات الأخرى؟ أليس لهم أي اعتبار في أدبيات المسلمين الدينية، حتى من زاوية تمني الهلاك لهم؟ ألا يستحقون حتى هذا؟
وإذا كان الكون بكل هذا الحجم الرهيب واللامتناهي، ألا يدفعنا هذا للتفكير بحقيقة حجمنا ومدى منطقية، أو لا منطقية حججنا، وما ندعيه من تملك لناصية الحقيقة الأبدية.
إننا لا شك بحاجة ماسة للكثير من التسامح مع الآخر، وهذا لا يمكن أن يتحقق دون أن نعترف بتواضع قدراتنا وضعف حالنا وعدم منطقية الكثير من معتقداتنا!!
tasamou7@yahoo.com
* كاتب كويتي
مواضيع ذات صلة:
ملحق لمقال القدسية
للعلم فقط
الفلكيون يختلفون في أرقام المجرات وعدد النجوم
والكواكب المكتشفة إلى الآن تسعة
واكتشف الفلكيون أثرا لكوكب عاشر ولم يحددوه إلى الآن وأطلقوا عليه لقب x مما دفع بعض الإسلاميين ليقول إنهم سيكتشفوا كوكبا حادي عشر وتكون مصداق الآية : ( أحد عشر كوكبا والشمس والقمر )
(دون تعليق !!!!)
لا زالت أسئلتك كما هي شك دون جواب وتعليقك لم يجب على الأسئلة ولم يناقشها مجرد مناقشة فهو لم يضف جديدا وليس فيه رأي جديد
أتمنى لك الخير يا عزيزي
ملحق لمقال القدسيةالسيدة غيورة أرجو ألا تعتقدي أننا لا نؤمن بعيسى عليه السلام فنحن نؤمن به ونبجله ونؤمن بمريم العذراء القرآن ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم يذكرون عيسى ويبجلونه ويعتقدون أنه لم يمت بل رفعه الله إليه وسيعود آخر الزمان ويؤمن برسالة محمد لأنها رسالة الله للبشر جميعا وهي متوافقة مع رسالة عيسى الأصلية في خطوطها العريضة ( ولكن رسالة عيسى الأصلية ليست موجودة الآن بل الموجود هو أناجيل أتباعه ) بل لا يكون المسلم مسلما ما لم يؤمن بعيسى وحين ينزل الله عيسى من السماء في بيت المقدس فسوف نتبعه وسوف يكون على دين الله الأبدي دين الإسلام… قراءة المزيد ..
ملحق لمقال القدسيةتحيتى الى الاستاذ إبراهيم المحمد إسمح لى بالرد من خلال القرآن الكريم نفسه و لن ارجع الى شئ آخر أولاً- إسم عيسى المذكورة من القرآن هى ماخوذة من ( إيسوس ) الإسم اليونانى ليسوع و معناها ( المخلص ) بضم الميم و بكسر اللام – ثانياً- لماذا كرم القرآن الكريم العذراء مريم و خصص لها سورة كاملة على إسمها و هى سورة مريم . ثالثاً- فى أحد الأحاديث للرسول الكريم عن عيسى قال ( هو وجيه فى الدنيا و الآخرة ) و أيضاً قال ( لم تمسسه خطية ) و أيضاً من إحدى الصور قال ( هذا هو… قراءة المزيد ..
ملحق لمقال القدسيةالرد السابق (مقالة الأحمدي ) أنا أنزلتها لها دلالات كثيرة ومن دلالاتها : أن إرسال الرسل لم يكن اعتباطيا بل هو وفق منظومة واحدة مترابطة .. فالأول يبشر بالتالي …. ولذا فلا عجب ألا يقبل دين غير الإسلام من البشر والحديث هنا يطول ولسنا في مقام المحاجة :::::::::::::::::::::: أنت وضعت تعليقات القراء ولم تجب عنها ؟؟ ربما أن إثارة الأسئلة عند بعضهم هي هدف بحد ذاته ولكن في مثل هذا الموضوع إثارة السؤال وتركه معلقا هكذا قد يضر صاحبه قبل غيره إما دينيا أو نفسيا ….. لأن النفس الإنسانية تطلب اليقين وبما أن اليقين موجود فلماذا نفتح بوابة… قراءة المزيد ..
ملحق لمقال القدسيةالأناجيل الموجودة حاليا كتبت بواسطة القديسين الأوائل بعد موت عيسى عليه السلام بأزمنة متفاوتة.. وقد أطلق على كل إنجيل اسم كاتبه بحيث أصبح هناك أناجيل ل “يوحنا” و”متى ” و”مرقص” و”برنابا”… ويعد الأخير (برنابا) أعظم القديسين كونه سيد بولس وأستاذ مرقص ويتفق مع بطرس العظيم في القول بعدم ألوهية المسيح. وموقف برنابا الأخير هو الذي جعل الكنائس المسيحية تتجاهل ذكره ولا تستشهد بأقواله وتحرم إنجيله… وتحريم إنجيل برنابا – وعدم الاعتراف بوجوده من قبل الفاتيكان – يمكن اختصاره في الأسباب التالية: 1) لأنه يبشر بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم صراحة.. 2) لأنه يختلف مع بقية الأناجيل في… قراءة المزيد ..
ملحق لمقال القدسيةالانسانية مرت وتمر بمراحل مثل حياة الانسان من عالم الاشياء عبادة الاصنام الى عالم الاشخاص والاشياء ومنها عبادة الانسان وتقديسه عن الخطا واعتبار المعجزات المادية هي الاساس ثم ينتقل الى عالم الافكار وهي قمة نمو الانسان كما يقول مالك بن الني -ولكن مع الاسف العالم الاسلامي رجع الى عالم الاشخاص والاشياء اي عبادة الانسان والاشياء واعتمد على الاحقاد والمليشيات والعرق وعبادة الملالي وتعظيم الرؤوساء وتقديسهما والمهدي المنتظر واولياء الله وعبادة القبور وغيرها خرافات ما انزل الله بها من سلطان. الديمقراطية واحترام الانسان تساعد الانسان الى نقله الى عالم الافكار والى لا اكراه في الدين.سنن التغيير في الآفاق والأنفس… قراءة المزيد ..
ملحق لمقال القدسيةأشكر حضرتك على التعليق على تعليقى على مقالكم السابق و فى الحقيقة أن مسيحيين كثيرون يجهلون هذه الحقيقة ايضاً !!! و التى ذكرتها بتعليقى على مقالكم الأول مما يجعلهم يقعون فى حيرة تجعلهم يدخلون فى دائرة الشك . و بالنسبة لدعوة حضرتك بمقالك الى إحترام الآخر المختلف ,فهذه الدعوة تدخل فى إطار المنظومة الإنسانية و التى يفضلها الله لخليقته , فالخالق خلق البشر مختلفين و ذلك لضمان إستمرار الجنس البشرى لموائمة الظروف المناخية لكل جنس و كل نوع فذلك معروف للجميع. و فى سياق ما ورد فإن هذه المنظومة هى موضوعة و نحن نعيش بداخلها فيجب أن نتعلم… قراءة المزيد ..