ملامح دولة نصرالله من خلال خطابه الكربلائي

1

بتماه كامل مع روح مذكرات التوقيف السورية أطل علينا من شاشة التلفاز وكيل امام الزمان ليعلن بوجه متجهم انه عندما سمع أن الكتائب تريد الطعن ببند سلاح المقاومة في البيان الوزاري نام مرتاحا ولم يسهر الليل قلقا، و كأن السيد بخطابه هذا يرسم تفصيلا جديدا من تفاصيل دولته التي يبني مداميكها على حساب لبنان الدولة و التنوع و الرسالة. وبدا السيد نصرالله في خطابه وكأنه يعلن عن بلوغ حزب الله مرحلة حاسمة في مشروع اقامة دولته بعد تطهير مناطقه من أي وجود أمني للدولة ومحاولة سيطرته على المطار عبر زرع كاميرات على احدى مدرجاته لمراقبة الوافدين الى المطار، وانشاء شبكة اتصالات خاصة به.

حين سمعت السيد يتهكم عادت بي الذاكرة الى عملية اطلاق النار على طائرة عامودية للجيش اللبناني وقتل النقيب الطيار سامر حنا وجرح زميل سلاحه أحمد عبود، ومن ثم اطلاق سراح قاتله بعد أقل من عشرة شهور بهرطقة قضائية برأته من جريمة اغتيال متعمدة. وتذكرت “الخط الأحمر” الذي وضع أمام اقتحام الجيش اللبناني لمخيم نهر البارد لحماية ما يسمى بـ”فتح الاسلام” الذي اعتدى على الجيش اللبناني في طرابلس و الشمال. وان ينسى السيد، فلن ننسى صورة المتظاهرين المدفوعين من حزبه للاعتداء على الجيش اللبناني في الضاحية الجنوبية، كما لن ننسى الاعتداء الذي تعرض له عناصر قوى الأمن الداخلي في الضاحية الجنوبية وتجريدهم من سلاحهم. عدت بذاكرتي الى الماضي القريب حيث اغتيل خيرة مثقفي هذا الوطن “حسين مروة، خليل نعوس، سهيل طويلة، مهدي عامل…….”، كما لم يسعني الا وان أتوقف طويلا أمام الانسحاب السوريالي للوزراء الشيعة من حكومة الرئيس السنيورة واحتلال وسط بيروت وتعطيل القرارات الحكومية، وقبل ذلك اغتيال الرئيس الحريري ورفاقه والشهداء باسل فليحان، وليد عيدو، سمير قصير، جورج حاوي، بيار الجميل، انطوان غانم، فرنسوا الحاج، والشهداء الأحياء مي شدياق، مروان حماده، الياس المر، وسام عيد، سمير شحادة.

من ضمن شريط الذكريات الذي مر بذاكرتي ارسال مواطنين لبنانيين الى دول أخرى لتأسيس خلايا جهادية في مصر وغيرها من الدول دون علم الدولة اللبنانية وبخلاف ما ينص عليه الدستور. بخضم كل هذه الذكريات يطل علينا وكيل إمام الزمان في اليوم التالي، على التلفاز، ليعطي أمر اليوم لمسيحيي لبنان المعارضين له ليدعوهم الى نقاش هادىء وقراءة المتغيرات الدولية والتسويات التي حصلت، وكأن المطلوب منهم الجزم بذميتهم و تقبل زواج الاكراه مع دولة حزب الله، خاصة بعد الوثيقة السياسية للحزب التي لم تحمل في فحواها أي جديد. اذ جل ما أكدته هو الالتصاق الوثيق والصريح والكامل بالنظام الايراني والالتزام بسياساته في المنطقة، وربط سلاحه بعودة الفلسطينيين ووضع الدولة اللبنانية تحت رحمته من خلال ما سمته الوثيقة “المزاوجة بين المقاومة والجيش اللبناني عبر صيغة الاستراتيجية الدفاعية”. و كأن المطلوب هو الخروج من صيغة الدولة / الأمة التي تقوم على مفهومي الأرض والقانون الى دولة حزب الله التي تقوم على مفهوم الدولة/ الدين/ القرابة لتتحكم بالبلد بمساعدة و دعم مالي وسياسي ولوجستي وعسكري كثيف من القيادة الايرانية. و كأني أستعيد بدعوة السيد المسيحيين للحوار روح خطابه بذكرى النكبة الذي شن فيه هجوما عنيفا على قوى 14 آذار و ذكرهم فيه بأحداث 7 أيار 2008 بلهجة التحذير قائلا “المطلوب ان لا ينسى أحد حماقة 5 أيار”. و أعلن يومها نصرالله أن حزب الله قادر على أن يحكم لبنان، لأن “من استطاع هزيمة أقوى جيش في العالم (الجيش الاسرائيلي) بامكانه أن يدير بلدا أكبر بمائة مرة من لبنان” واعتبر سبعة أيار “يوما مجيدا من أيام المقاومة في لبنان”.

أعادتني املاءات السيد نصر الله الى كلمات القلب النابض لثورة الأرز الشهيد سمير قصير في كتابه “عسكر على مين” حين يقول في الصفحة 205 “الجمهورية اللبنانية اسم كامل مكتمل لا معنى له ان تم عزل واحد من جزئيه الاثنين عن الآخر. فهي ليست جمهورية فرنسية و لا أرجنتينية و لا سورية أو تونسية وطبعا لا “موزية” وهي ليست “أي حاجة لبنانية” ليست مملكة لبنانية و لا مزرعة ولا طبعا ثكنة أو مفرزة”.

الجمهورية اللبنانية فيها قضاء مستقل، هذا ما تمليه النصوص. و لكن قبل القضاء، الجمهورية اللبنانية لها دستور وهو أم النصوص، والدستور يقول (في البند “ج” من مقدمته) ” لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية، تقوم على احترام الحريات العامة، و في طليعتها حرية الرأي والمعتقد……… ”
ويقول قصير: الجمهورية اللبنانية في حاجة الى انقاذ، الجمهورية اللبنانية في غنى عن “منقذ” وقد عانت ما عانت من كل من ادعى لنفسه صفة المخلص فشيد أقواص النصر بدل المدارس، ونشر الصور بدل الأزهار.
اذا كان السيد حسن قد نام مرتاحا، فنحن المثقفين الذين تارة يدعونا بالمأجورين وتارة بالعملاء، لن ننام الى أن نخرج لبنان من أسر ولاية الفقيه ولتقف الكتائب و معها كل لبنان مسلمين ومسيحيين كما أوصانا الشهيد جبران التويني دفاعا عن سيادة و حرية و استقلال لبنان العظيم.

mammassoud@yahoo.com

• بيروت

1 تعليق
Newest
Oldest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
ضيف
ضيف
14 سنوات

ملامح دولة نصرالله من خلال خطابه الكربلائي
يبدو لي ان هذا الموقع لا يقبح القبيح الذي هو اسرائل بلا شك لا ادري من وراء هذا الموقع ….

Share.

اكتشاف المزيد من Middle East Transparent

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading