إجرى المقابلة مسعود الرفاعي
بينما تزداد الضغوط الدولية على ايران لحل قضية ملفها النووي المثير للجدل عبر التفاوض معها. تحاول مجموعات مختلفة داخل ايران وخارجها جلب انتباه المجتمع الدولي الى قضايا حقوق الانسان ومصير الاقليات في ايران، وجعلها جزءاً من الملفات المثارة في النقاشات الدولية حول ايران. وعلى رأس الاحزاب والحركات التي تريد جعل حماية حقوق الانسان من بين الاولويات في التعامل مع ايران «الحزب الديمقراطي الكردستاني الايراني»، الذي يرى ان هذا هو المدخل لضمان حقوق الاكراد في ايران. وبعد تخلي الحزب، كغيره من الاحزاب الكردية في المنطقة، عن فكرة الانفصال الكامل عن الدولة، يعمل أعضاؤه على جعل قضية حقوق الانسان وحماية الاقليات ضمن اجندة الدول الكبرى الخارجية في الضغط على ايران.
سكرتير الحزب الاستاذ خالد عزيزي قام بعدة جولات خارجية، شملت واشنطن ولندن وبروكسل، حيث التقى باعضاء الكونغرس الاميركي والبرلمانيين البريطاني والاوروبي لحثهم على الانتباه لقضايا الاقليات وحقوق الانسان في ايران في وقت تزداد الضغوط على النظام في طهران. وكان على رأس اجندة عزيزي الحديث عن امكانية «جعل ايران دولة فيدرالية مما يضمن وحدتها وحقوق الاقليات». وقال عزيزي في حوار معنا ان «النموذج العراقي مثالي» لما يتطلع اليه الاكراد في ايران، مضيفاً: «ايران فيدرالية تمثل المجتمع المتعدد الهويات والاعراق هو افضل حل للمستقبل». وتابع: «لا يمكن لطائفة واحدة ان تواصل قيادة ايران من طهران من دون الالتفات للمجموعات العرقية المختلفة».
ما هو عدد اكراد ايران؟
بما أن الاحصاءات الرسمية في ايران ليست على المستوى القومي بل تجري على مستوى المحافظات أو الأقضية، من الصعب علي إعطاء أي رقم دقيق. ولکن بحسب تحليلات الخبراء فإن عدد المواطنین الكرد في إیران يتراوح بين (10 ـ 12) مليون نسمة.
قمت بزيارات عديدة إلى أوروبا وأميركا من أجل حشد الدعم لإقامة حكومة إقليم كردستاني في إيران، تماما مثل العراق. فما الهدف الحالي لحزبكم؟
إن هدف الحزب الديمقراطي الكردستاني في إيران هو الضغط من أجل القضية الكردية الإيرانية بالإضافة إلى أن هدفي هو إجراء اجتماعات مع معارضين إيرانيين خارج إيران من أجل إمكانية إقامة جبهة من المعارضة الإيرانية ضد جمهورية إيران الإسلامية. لذلك أحاول تقديم معلومات حول قضية الشعب الكردستاني داخل إيران وأوضاع المعتقلين السياسيين وانتهاكات حقوق الإنسان في إيران. وأحاول أن أقدم معلومات عن حالة الأكراد داخل إيران وموقف السجناء السياسيين وكذا انتهاكات حقوق الإنسان هناك.
أحاول أن أرسل هذه الرسالة إلى الأحزاب السياسية المختلفة والبرلمان الأوروبي الذين يهتمون بشأن إيران. ولتحويل انتباههم من مشروع إيران النووي إلى القضايا الإنسانية.
هل تشعر أن الوضع في إيران يستطيع أن يساعد حزبك على تحقيق أهدافه؟
تعرض حزبنا للحظر على يد آية الله الخميني على الرغم من محاولاتنا من أجل الوصول إلى حلول سلمية للقضية الكردية في إيران، ولكنهم أخفقوا في تلبية مطالبنا وفرضوا الحرب على الشعب الكردي. ونظرا لأننا حزب محظور، فلا يمكننا القيام بأي نشاط قانوني لذلك لا يمكننا المشاركة في أي تغيير داخل البلاد. ولكن غالبية أعضائنا مقيمون داخل إيران، بينما يستقر من أجبروا على الهروب عندما اكتشفت أنشطتهم في شمال العراق أو أوروبا أو أميركا.
هناك العديد من الأحزاب الكردية الأخرى، فهل تشترك جميعها في الهدف ذاته؟ هل يوجد اتحاد بينكم بطريقة ما؟
إن هدف غالبية الأحزاب الكردية عامة في إيران هو تحقيق الحكم الفيدرالي وضمان حصول الأكراد في إيران على الحكم الذاتي. ومن المؤسف أننا لم نستطع إقامة كيان واسع يجمع بين هذه الأحزاب السياسية. يعمل حزبي الديمقراطي الكردستاني في هذه القضية من أجل توحيد جبهة الأحزاب السياسية الكردية ضد النظام الإيراني.
إذا كان هناك تعاون بين عدد من الأحزاب الكردية هل تعتقد أن ربيعا كرديا سوف يحل؟
لقد أصبحت القضية الكردية واقعا منذ بداية الثورات العربية، ولكن لا يسمح النظام الإيراني لشعبه من الأكراد بالمشاركة في العملية السياسية. في الوقت الحالي يركز كل جزء في كردستان على حل فيما يتعلق بالقطاع الذي ينتمي إليه، فيظل الحل داخل العراق للشعب الكردستاني، وفي سوريا وتركيا أيضا. لذلك لا أرى أجندة مشتركة من أجل إقامة دولة كردية.
نحن كأمة كردیة في ايران نطالب بحقوقنا القومية ونناضل في سبيل تحقیق هذه الحقوق. نحن نؤمن بأن إقامة نظام فدرالي في إيران متعددة القوميات، هو أنجح طریقة لحل المسألة القومية. وحسب مشروعنا فان السلطة السیاسیة لا تتركز في طهران ويتم فدرلة البلد، ویحول جزء من هذه السلطات إلی القوميات المكونة للشعب الايراني کل في منطقة تواجدها. و بهذا الطریق ستكون كافة الأطياف أو المكونات القومية والمذهبية مشاركة في السلطة وإدارة أمور ايران.
من اغتال زعيم الحزب الدكتور عبد الرحمن قاسملو؟
الجمهورية الاسلامية الايرانية اغتالت الدکتور قاسملو الزعيم السابق للحزب الديمقراطي الكردستانى في 13/کانون الثاني/1989 في فينا.
من اغتال خلف الدكتور قاسملوا الكتور صادق شرفكندي؟
قامت الجمهورية الاسلامية الايرانية باغتيال (د. شرفكندي) خَلَف الدکتور قاسملو في زعامة الحزب في 17/9/1992 ببرلين عاصمة ألمانيا في مطعم (ميكونوس).
حسب تحقيقات محكمة ميكونوس الألمانية، شارك عدد من عناصر حزب الله اللبناني في عملية الاغتيال هذه. فالمانيا سبق ان افرجت عن مواطنين لبنانيين من عناصر حزب الله عباس رايل ويوسف أمين اللذين اطلقا النار على شرفكندي ورفاقه بمطعم ميكونوس لتسهيل عملية تبادل الاسرى ورفات جنود اسرائيليين بين اسرائيل وحزب الله كما جرى الافراج عن المتهم الثالث محمد عتريس ايضا بلا ضجيج. وفي اطار صفقة اخرى.
ما هو هدف ايران ومن سيخلف الامام الخامنئي؟
هدف ايران هو التعامل مع بقية دول المنطقة والعالم كقوة رئيسية في الشرق الأوسط، واستراتيجية ايران هي جعل هذا الهدف امراً واقعاً. وهي تريد ترسيخ موقعها على كافة الأصعدة الأمنية، والسياسية والعسكرية والنووية لضمان هيمنتها على المنطقة. من الصعب عليَّ الحكم على من سيخلف خامنئي مستقبلاً. لکن یبدو أن المجتمع الايراني دخل في تحوّل جاد بحيث لایمکن لخليفة خامنئي أیا کان، أن یمارس صلاحیاته مثلما کان خميني أو خامنئي یفعل، وفضلا عن هذا فإنه يواجه مشاكل و صعوبات أكثر بكثير.
ظهور داعش فإنه يمکن اعتباره فرصة لأيران لکي تستفيد منه وتنظم علاقاتها معه حسب مصالحها في المنطقة، هذا يعني أن بامكان ايران ان تكون معادية لداعش وصدیقة في نفس الوقت.
اين اصبحت الحركة الخضراء في ايران؟
ان حركة الخضر كانت نتاج احتجاجات الشعب الايراني ضد التلاعب بنتائج الانتخابات الرئاسية السابقة. صحیح أن هذه الحركة تم قمعها مبكراً، لکن هذا الأمر لم يخفف نهائیا من اعتراضات الشعب الايراني بل زادها. فالخلافات الموجودة بين اجنحة السلطة في طهران دليل على هذه الحقيقة. لذا فإن حركة واعتراضات الشعب الايراني تتقدم باستمرار وربما تأخذ الدروس اللازمة من التجارب السابقة وتأخذ أشكالاً وأساليب جدیدة أخرى.
أين موقع الكرد من التغيير في ايران؟
كان الكرد دوما في مقدمة نضال الشعب الايراني لتحقيق الحرية والديمقراطية، ولذلك كانوا باستمرار جزءاً مهماً لمحاولات التغيير بغية استقرار مبادئ حكم ديمقراطي في ايران وحكم مسؤول ازاء المنطقة
ما علاقة ايران بداعش؟
ما دامت استراتيجية ايران تقوم علی زعزعة الأمن في المنطقة، فلا شك في أنها تستغل الخلافات الموجودة بين الشيعة والسنة. وفيما يتعلق بظهور داعش فإنه يمکن اعتباره فرصة لأيران لکي تستفيد منه وتنظم علاقاتها معه حسب مصالحها في المنطقة، و هذا يعني أن بامكان ايران ان تكون معادية لداعش وصدیقة في نفس الوقت.
لماذا اصرار ايران على دعم الأسد؟
نظام الأسد يتحرك ويعمل في اطار إستراتيجية ومصالح ايران في المنطقة. و إن حل ملفه الأمني بالنسبة لأيران لا يعني تخليها من استراتيجيتها الأمنية ومصالحها في المنطقة، لذا أعتقد ان مشاريع ايران بالمنطقة ستشهد استمرارا حتى بعد حل للملف النووي، وتغير حقيقي على السياسة الأيرانية في المنطقة مرتبط بذهاب النظام الحاكم.
ماذا تريد ايران من العراق ولبنان وسوريا واليمن؟
ايران ومن خلال زعزعة الأمن في العراق ، لبنان، سورية، اليمن، وباقي بلدان المنطقة، عن طريق خلق المشاكل والأزمات وإثارة الحروب الأهلية، تهدف الى جعل هذه البلدان مشغولة بأمر نفسها للتغطية على مشاكلها في داخل البلد، وجعل نفسها عاملاً مقرراً وحاسما لحل قضایا المنطقة.
ما طبيعة العلاقات التركية-الايرانية؟
ان علاقات ايران وتركيا يجب تفسيرها على اساس أن إيران تسعی لبناء امبراطورية شيعية من جهة، وتركيا من جهتها تقود وتدير قراءة جديدة للإسلام السني. بالرغم من أن البلدين تربطهما علاقات دبلوماسية اعتيادية، لکن فيما يتعلق بمشاكل وأمن المنطقة فإنهما تتخذان سياستين مختلفتين عن بعضهما البعض تماما.
هل لديكم قوات عسكرية تابعة لكم؟
ما دام الشعب الكردي في ايران لم يحصل على حقوقه، فان الـ”پيشمرگة” سيبقى، ويجب ان يبقى. ان لحزبنا الديمقراطي الكردستاني قوات من الـ”پيشمهرگة”، وحيثما نری ان الظروف مؤاتیة وملزمة لتحریك هذه القوات في المجال العسكري فإننا سنقوم بذلك بدون تردد. اما الآن فإننا جمدنا الکفاح المسلح لاعتبارات متعلقة بالقضية الكردية بصورة عامة، ولإعتبارات داخلية واقليمية في نفس الوقت.
ماذا تتوقعون من الدول العربية حيال كرد ايران؟
ان الأمة الكردية أمة محبة للسلام، و في ايران یتعرض الشعب الكردي بسنّته وشيعته للأضطهاد القومي، کما أن أهل السنة يعانون من الإضطهاد المذهبي من قبل (النظام) الشيعي في طهران. إننا نری أن على الدول العربية النظر الى الشعب الكردي کقوة فاعلة في الساحة السياسية الأيرانية، وان تسانده للحصول على حقوقه القومية المشروعة والإستمرار علی النضال من أجل إقامة نظام ديمقراطي یستجيب لمطالیب الشعب الإيراني في الداخل ویتعاون في ارساء دعائم السلام والإستقرار في المنطقة. ولا شك في أن دعم نضال الكرد يساعد الإستقرار والثبات الأمني في المنطقة.
ماذا تقولون لأكراد ايران؟
إن رسالتنا للكرد، ولجميع الإيرانيين، تتلخص في أن الجمهورية الأسلامية الأيرانية لا تهضم حقوق الكرد فحسب، بل إنها لا تعیر اهتماما لحقوق القوميات الأخرى في ايران مثل العرب، والبلوش ، والآذر، والتركمان، ولا تعترف بحقوق اهل السنّة في هذا البلد. لذا على جميع هذه الجهات والمكونات المحرومة أن تناضل مجتمعةً للحصول على حقوقها. وبغية الوصول إلی هذا الهدف النبیل یتوجب علیها ان تتبنى الوحدة والنضال المشترك. ویعلم الجمیع أن الحزب الديمقراطي الكردستاني كان مبادراً دوماً لتهيئة الأرضية اللازمة لإنضاج شروط هذا النضال المشترك وسيبقى كذلك في المستقبل.