فتحت معركة الحجاب بابا واسعا، دلف منه الكثيرون وادلي من خلاله كثيرون ممن يعلمون وممن لا يعلمون بآراء مكرورة ، فاضاعوا الوقت والجهد بذلك ولم يتماسوا مع اهم قيمة سعت اليها الانسانية الا وهي الجمال. فالمعروف انه لم يسمع احد من العرب – قبل الإسلام – عن جنة عرضها السماوات والارض، وبها ما لا عين رات ولا أذن سمعت. بعد الإسلام صارت احلام العربي التعويضية قابلة لأن تتحقق لو انه تحلي بخلق كريم في الحياه الدنيا مع فعل للخيرات وتجنب للشرور. بهذه الشروط تم رصد استحقاقات الجائزة الكبري في باقي الاديان والتي انتقلت الي الاسلام مع بعض الاضافات التي جعلت الامور تستحق بعضا من التامل بحثا عن مدي صلاحية الاستحقاقات القديمة والجديدة.
كانت الاضافة الاسلامية هي الجهاد أي القتال من اجل نشر الدين ولان الشرط المضاف من المكروه ولا يستحبه الناس لما به من عنف ودماء، حيث يقول النص القرآني “… كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ” فتسربت بعض معلومات للاستحباب في الجنة أي تعبئة للمقاتلين بطريقة الترغيب بالوعد بذكرالحور العين وملذات أخري كثيرة وجمة. بل وجعل الموتي في سبيل الله، وليس الحياه، في منزلة الصديقين والشهداء. هنا بدأ الاختلاف بين اديان كثيرة وبين الاسلام.
فالحساب في محكمة العدل عند الفراعنة، علي سبيل المثال لا الحصر، ستكون علي قدر ما قدموا من جمال وليس بما فعلوه من قبح، بقدر ما تجنبوا الرذائل وليس بقدر ما ارتكبوا من قتل وتدمير. ما تفعله ستجده امامك في كتاب معلوم ولن تقوم القيامة الا بتحقق صورتها علي الارض حتي لا نفاجأ بالقبح في الاخرة والمقصود طبعا – الجحيم. فأتي القرآن بما يؤكد ذلك بقوله… حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ – يونس 24.
أي ان الساعة لن تاتي إلا بزخرف الجمال والرونق أي بالبناء والتعمير وليس بالتدمير والخراب. فأين الاسلام السياسي بعنفه وكراهيته للحريات من هذا الامر؟ وعندما ارتبط الجمال بالفن فان جماليات الوجود دفعت مفكرين كثيرين للقول بان خالقه فنان. فقال الانسان بان الله جميل يحب الجمال. فكثيرة هي تلك القيم التي لم تتبد بعد في الطبيعة بل تركت لكل من يحس بالجمال ويقدره ان يخلقه يوما باعتبار ان الانسان خليفة الله في الارض. فكم كثيرة تلك الممكنات التي لم تظهر، أي لم تخلق بعد، وتركت كمثال للكمال، تنتظر فنانها لخلقها. العدل والحق والخير كمقولات عليا وكاسماء ودلالات متعالية لن يستريح البشر الا في وجودها ممثلة في الواقع الفعلي الماثل للحواس والمستشعر بالوجدان. اليست هي زينه الارض بمعناها الاخلاقي؟
الجمال اذن لن يكون واقعا الا بالاحساس به كانفعال لطبيعتنا التذوقية. فكل تشوق لشئ ما لا يعني سوي فقدان قيمة جمالية تتشوق النفس الانسانية لملاقاتها. تحلم بوجودها وتسعي لتحقيقها املا في الاشباع منها. أليست الجنة أملا لكل المؤمنين والكافرين ايضا شرط حبهم وسعيهم للجمال؟ بهذا اصبح الجمال هو منتهي اللذة كموضوع قابل للتحقق. ولا تتحقق الا عندما يخلقها مفتقدها ومن يتوق اليها.
الجمال كخير مطلق يرضي وظيفة طبيعية او ملكة جوهرية في العقل والنفس وبالتالي فهي قيمة ايجابية في ذاتها. ولان الجمال هو اعلي قيمة في المدرك العقلي فان الفلسفة المثالية أخطأت واتت بها كنموذج مفارق فيما وراء الطبيعة. واكدت الاديان الامر باننا لن نلقهاها الي بعد القيامة حيث اللقاء مع العدل المطلق ليحكم فيما كانوا فيه يتقابحون بالحروب والمظالم والعنف. وكانت صورة افلاطون الشهيرة رافعا يده مشيرا باصبعه الي السماء الا كصورة مشابه للمتدين العاجز عن تحقيق أي عدل أو جمال دنيوي علي الارض فيتمناه في السماء.
لم يعجب الامر تلميذه ارسطو فاشار علي الارض محاولا القول باننا إن لم نخلق جمالنا ومتعتنا وخيرنا وعدلنا عليها فلن نلقاها ابدا. فكيف نضمن الجنة ونحن نحقق القبح؟ فاستعجال يوم الدين ولقاء رب الاكوان خلال القتل والقتال يتناقض وقول القرآن عنه إذا ما اكتملت زينة الارض. اختلف التلميذ مع المعلم ولم يقلده او يردد اقواله. تلك كانت اول قيمة جمالية فالتكرار والترديد والحفظ والتقليد ليس جمالا انما ملل وموات وقبح متكرر. فالاختلاف والتباين هو سر الجمال، والتنوع روحه. فلذه العقل عن ارسطو تفوق مثيلاتها عن افلاطون لانها تقترن بالخبرة التي هي مظهر توافق العقل مع الطبيعة. فالتلميذ اضاف الجمال الحسي والمحسوس كخبرة جمالية الي المدرك العقلي التاملي لدي الاستاذ لينسج نموذجا كماليا يحقق لذه اكبر. فالجمال عند ارسطو يمكنه شرح التعدد الموجود في الارض متغلبا علي اشكالية المثال الواحد المتعالي عند افلاطون. تغلب ارسطو علي مازق استاذه حيث لم يصعب علي الاخيران يفسر كيف تواجد القبح والشر في الحياه رغم ان الاصل كاملا وجميلا عند الاستاذ؟
فتحت الفجوة بين التلميذ والاستاذ معركة لا زالت قائمة حتي يومنا هذا فتصارعت نظريات النشوء والارتقاء والتطور كل الميادين والساحات نحو الجمال مع نظريات الطاعة والتمثل والاخضاع . ذهبت الاديان والمثاليات الفلسفية الي إرضاء المثال الاعلي حتي ولو كان الاداء علي الارضي ظلما يعج بالقبح ويخلو من الجمال. أجلت الاديان الحساب والقول الفصل الي يوم الدين حيث سيصدر الحكم لا حقا فيما هو جميل او قبيح. اما النظريات الوضعية فقالت واعترفت بثقة الانسان في نفسه كخالق لشرائعه ولجنته أي ملذاته.
للفن، أي الابداع الجمالي، دور في التاريخ. فكل فن من الفنون كان تعبيرا عن اوضاع اجتماعيا مختلفة. كلها كانت تعبير عن قواعد واصول تكمن في رحم كل مجتمع وتعبر عن علاقاته وجوهر مكوناته. وماالقبح الا حالة فراغ من أي قيمة إنسانية راقية يصعب ان يبرزها الفنان ابداعيا. فالمجتمع الخالي من الفن هو مجتمع يعج بالقبح. هو مجتمع يخلو من العباقرة فالموهبة الجمالية الاولي هي الطبيعة الساكنة فينا ومن حولنا. والوسيلة لابراز الجمال وهي الفن ليست سوي عبقرية كشرط لتحقق الفن في الطبيعة. فالفنان عبقري في اصله وليس عورة في أداءه. وكان العرب في الجاهلية، حيث لا فن لديهم سوي الشعر، فاسكنوا قائليه في وادي عبقر. بعد الاسلام اختفي وادي عبقر واختفي الفن وحرمه رجال لا نعرف من ادائهم الا القبح والعنف والدماء.
فإذا كان التعريف السلبي للقبح هو غياب الجمال فكيف نفسر غياب كل انواع الفنون عند العرب، عدا لغو الكلام في الشعر الجاهلي، بعكس تعدد اشكاله وثرائه عند باقي البشر وعبر كل الحضارات؟ بل من الممكن والسهل والقول ان تطور الفن ورقيه ليس اكثر من صورة لتطور الانسان ورقيه في ذاته وفي ادراكه لما حوله. وكلما انحدر الفن أوغاب كلما كانت الامور تعبيرا عن انحطاط وتخلف. فالفن البدائي عند الانسان عبرت عنه صنوف الحيوانات والطيور والاشخاص في اوضاع متعدده وبنسب مختلفة علي جدران الكهوف وحوائط المعابد بما فيها من اشكال للرقص والزينة والالوان وحملت لنا موهبته في انتاج التشكيل ومحاكاه للطبيعة الام. فالطبيعة لا تخفي شيئا، كما يحاول الاسلاميون إخفاء المرأه، بل تظهر اجمل ما بها من ثمار علي اعلي فروع اشجارها ونباتاتها بل ان العقل يحتل قمة الكائن البشري باعتباره مصدر الابداع ومنتج الجمال.
فليس هناك من ساحة تجري علي ارضها معارك القبح والجمال بقدر ما نشهده في الموقف من المرأه في بلاد المسلمين. ولانها موطن الجمال فإن معركتها الواضحة مع الحجاب تجري في صولات وجولات نشهدها في شكل الحجاب وتحدياتها له. فابتساره بدرجات متفاوته واختزاله لمجرد ايشرب او طرحة مع اضافة للزينه وحصره فقط علي الراس وحسره من مناطق اخري، مع ابراز خصلات جميلة من جدائل شعرها، ومعه بالتوازي ازياء وموضات لها رونقها وجمالها حددت كل انثي مدي ما يمكنها الذهاب اليه في معركتها كحاملة للجمال علي ارضية القمع بالحجاب. فإذا كان من المستحيل مقاومة الجمال فالي أي مدي يمكن التعايش مع القبح؟ ويبدو أن الحجاب خسر معركته مع الجمال فقد تنوع الحجاب ليضيف لذاته جماليات التنوع والاختلاف في مسعي لتجاوز طبيعته الحاجبة التي ربما تكون استهلالا للتخلص منه تماما لانه ليس رمزا للعفة بقدر ما هو مضيعا وحاجبا للجمال.
معركة العرب مع الفن وكراهيتهم له بالدين تعبير عن فقر الثقافة العربية قبل وبعد الاسلام. هم يستعجلون يوم القيامة ولقاء ربهم، فباي حصيلة سيقفون يومها؟ فالفعل العربي سياسيا واجتماعيا علي الارض تعف مقاييس الجمال ان تتعامل معه، ولا يمل مشايخ الاسلام من مطاردة البسطاء من الناس المؤمنين، ممن يفترض فيهم السعي لتاخذ الارض زينتها، تلك هي شروط النص القرآني إن كنتم مؤمنين؟ أم انهم يخافون من لقائه لانهم يدركون كم هي قبيحة تلك الافعال التي يروجوها بين الناس وبالنساء خاصة وبالحضارة والانسانية بشكل عام.
elbadryk@gmail.com
* القاهرة
معركة القبح والجمال
ابدعت يا استاذ بدري, بقدر ردود لا ترقى الى مستوى انسان, فهذا الدين او ما يسمى بالاسلام حولهم الى مجموعة خراف, تفزع من همسة النسيم, فوقرت اذانهم الا من صرخات الثكالى ونعيق البوم, فالاسلام وقبله المسيحية هي التى دمرت مصر وما زالت تدمره و مقارنة بسيطة جدأ جدا,, اذهب الى الاقصر الى وادي الملوك والملكات اذهب الى الاهرامات وتجول وقارن بينها وبين كل هذا الغثاء من بول النبي وارضاع الكبير والتداوي بابوال الابل, انه القبح الاسلامي المحض امام جماليات الحضارة وان كانت مدفونة تحت اطنان من الرمال.
معركة القبح والجمالالكاتب يروج لمبدأ الانبطاح خير وسيله للدفاع… واتعجب هو يدعى انه مهندس !ألم يتعلم فى الهندسه بان لكل فعل رد فعل ! بل وهناك مقاومه ايضا (الاحتكاك ) والاسلام يا بدرى هو من حافظ على مصرنا من الحملات الصليبيه وقطز وبيبرس وصلاح الدين والعدوان الثلاثى 56 يوم صعد عبد الناصر على منبر الازهر ويوم صمدنا فى الثغره بمسجد الشهداء بالسويس عام 73 .الدين الاسلامى دين يحضنا على المقاومه والان الحرب العالميه الارهابيه علينا من غزو للعراق وتقتيل لللبنانيين والفلسطينيين !وانت تسوق نفسك للصهاينه باعتبارك من دار الافاعى بابن خلدون بالمقطم !وانت اساسا ملحد وتكره الاسلام فغير اسمك حتى… قراءة المزيد ..
معركة القبح والجمال
أيها الكاتب الشفاف الشرق أوسطي
أقبح منك لم تر قط عيني
وأعفن منك لم تلد النساء