شاهدت اليوم حديثاً رائعاً ومتوازناً على قناة “سي ان انّ ادارته واحدة من اهم المذيعات، “كريستيانا امانبور”، مع ملكة الأردن الملكة رانيا.
ركزت الملكة رانيا في حديثها على ازدواجية المعايير. فعندما تقتل “حماس” مدنيين بينهم أطفال توصف “حماس” بالمنظمة الإرهابية، ولكن عندما تقتل إسرائيل مدنيين وأطفالا يقول معظم الناس ان من حق إسرائيل الدفاع عن النفس. ورايت ان كلام الملكة “رانيا كان غاية في التوازن، وقالت اكثر من مرة اننا نستنكر استهداف المدنيين من الجانبين، وفوجئت على قناة “فوكس نيوز الامريكية بان واحدة من اشهر مذيعات القناة تصف الملكة رانيا بانها تعادي السامية. وهي تهمة جاهزة وموجودة على الرف دائما وتعتبر في رأيي نوعا خطيرا من “الإرهاب الفكري” وكان اخر ضحاياها سكرتير عام الأمم المتحدة الذي ذهب بنفسه على منبر رفح في مصر وطالب إسرائيل بالسماح لمرور المساعدات لاهل غزة. وقال في خطاب اخر بان “اعتداء “حماس” على إسرائيل لم يأت من فراغ” وطالبته إسرائيل بالاستقالة ورفضت اعطاءه تأشيرة لدخول إسرائيل.
وكل من يجرؤ على انتقاد إسرائيل لاي شيءٍ منذ انشائها يتهم بمعاداة السامية، ثم يتلو الاتهام بان معاداة السامية أدت الى الهولوكوست (المحرقة اليهودية) ولن نقبل تكرار الهولوكوست مرة أخرى””.
فما هي السامية أولا؟ وما اين جاءت عبارة معاداة السامية؟
…
في الكتب المقدسة ان سام اين نوح هو اصل اليهود والعرب، والسامية اطلقت على من ينطقون بالعبرية والعربية والآرامية وغيرها من لغات منطقة الشرق الأوسط واصبح يطلق عليها اللغات السامية. يعني العرب واليهود ساميون. ولكن لماذا لم يطلق العرب لفظ معاداة السامية لكل من يهاجمهم. السبب ببساطة هو خيبة العرب وشطارة اليهود في الدعاية والبرياجاندا.
لقد شاهدت خطاب مندوب فلسطين في مجلس الامن وتفاعلت معه جدا بصفتي عربيا، ولكني لم اتفاعل معه بصفتي امريكيا. وفي نهاية خطابه القى بيتا من الشعر للشاعر الفلسطيني محمود درويش. اما وزير خارجية إسرائيل فقد بدأ خطابه في الأمم المتحدة بوضع لوحة كبيرة على المنصة وعليها صور للأطفال الذين خطفتهم حماس واخذ يردد أسمائهم واعمارهم طفلا طفلا، ثم جاء ببعض افراد من اسر ضحايا يوم ٧ أكتوبر واجلسهم خلف المقاعد، ولست ادري كيف امكن له ادخال افراد تلك الاسر الى قاعة مجلس الامن. وأشار مرتين بكل وقاحة الى سكرتير عام الأمم المتحدة وقال له بالحرف الواحد بوقاحة :”انت عايش في أي عالم” لمجرد تعبيره عن التعاطف مع الضحايا الفلسطينيين. وطبعا تاثرت جدا بطريقة عرض وزير الخارجية الإسرائيلي كإمريكي، ولكن العربي داخلي يعرف تماما طريقة البروباجاندا الإسرائيلية
…
وقد بدأ استعمال المصطلح لأول مرة عام ١٨٧٩ من قبل الباحث الألماني فيلهم مار لوصف العداء ضد اليهود في أوروبا في القرون الوسطى وفي القرن التاسع عشر.
ووقتها لم يكن هناك أي عداء للعرب في أوروبا (رغم انهم ساميون) ولكن العداء اقتصر على اليهود لان كثيرا من المسيحيين في أوروبا اعتبروهم مسؤولين عن صلب المسيح
…
وانا ليس لدي مشكلة بوصف “حماس” بمعاداة السامية، ولكني في نفس الوقت لا بد ان اصف بينجامين نيتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة بعداء السامية للمذابح الذي يرتكبها ضد الفلسطينيين في غزة وتشجيعه للاستيطان على أراضي فلسطينية في الضفة الغربية.
…
والحقيقة ان إسرائيل وكثيرا من اليهود حول العالم يستغلون مذبحة الهولوكوست (وانا اعتبرها افظع جريمة إنسانية في التاريخ) ومع استخدام تعبير معاداة السامية لكل من يتجرا ويقول كلمة حق لصالح فلسطين ومعاناة الفلسطينيين
…
…وتعبير “العداء للسامية” لا يصح ان يخيفنا نحن العرب لأننا ساميون، ولكن يجب في نفس الوقت ان نحاول ان نكون موضوعيين واذا ارتكب أي عربي او مسلم أي جريمة ضد المدنيين في أي مكان في العالم يجب ان ندينه بشدة ولا نتعامل مثل هذه المنظمات ونقاطعها علنا وسرا، حتى لا نتهم نحن أيضا الكيل بمكيالين، لان استهداف المدنيين عمدا مع سبق الإصرار هو جريمة حرب يجب محاكمة مرتكبيها أيا كانت جنسيته ودينه وعرقه.
…