كثيراً ما راهن النظام السوري، أيام الأسد الأب إلى الابن، على عامل الوقت في أوقات الشدائد السياسية· وكثيراً ما استطاع أن ينجح في تحويل النكسات إلى انتصارات· ولعل احتواء الأزمة التي واجهته جراء اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وتحقيقه لاحقاً مكاسب سياسية هو خير دليل على هذه القدرة· غير أن هذا الرهان لا يبدو أنه ينطبق على المأزق الذي يعيشه النظام منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية في الخامس عشر من آذار الماضي· فقبل خمسة أشهر، لم تكن القيادة السورية تظن أن التظاهرات التي انطلقت من محافظة درعا الحدودية مع الأردن، والتي جرى التعامل معها بمنطق القوة لإخمادها، سوف تنتقل بزخم أكبر إلى محافظات أخرى، وتطرق أبواب مدن وبلدات عدة، منها ما وصل إلى مشارف العاصمة· كانت <معادلة الحديد والنار> المتكئة على عقارب الساعة السورية كفيلة من وجهة نظر دمشق بالتغلب على التحديات الداخلية· فتلك المعادلة استُخدمت منذ زمن· وأمّنت استمرار حكم حزب البعث بقيادة الأسد الأب ثماني عشرة سنة إضافية قبل أن يورّثها للإبن الذي لاذ إليها فخذلته لاختلاف الظروف بين الأمس واليوم، حيث يغيب صراع المعسكرين الشرقي والغربي، وتحضر تكنولوجيا الاتصالات لتُضيء عتمة المجتمعات، وتكسر حاجز الخوف وتعمّم الصور القاتلة للأنظمة·
فالمواقف العربية والإقليمية والدولية التي تصاعدت حدّتها هذا الأسبوع تُنذر بأن العد العكسي لفترة السماح قد بدأ، وأن معركة كسب الوقت التي انتهجتها السلطة السياسية من خلال وعود الإصلاح لفسح المجال أمام الآلة العسكرية لإنجاز المهمة انتهت بإخفاق أهدافها·
ففي المعلومات أن الرسالة التاريخية التي أطلقها العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز هي وليدة غضب القيادة السعودية من نكث الرئيس السوري بوعود حملها موفدوه إلى المملكة بمعالجة الوضع من دون الاستمرار بإراقة الدماء· وتنطبق حال الغضب على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يُعبّر أمام قيادات يلتقيها عن حنقه من الأسد لعدم التزامه بتعهداته حياله ووفائه بوعوده له· ويتحدث أردوغان بمرارة مردها إلى العلاقة التي تجمعه مع الأسد، والتي تعدّت البعد السياسي إلى الصداقة العائلية، بعدما أسهم بتعبيد الطريق سياسياً بين أنقرة ودمشق وفتح صفحة من التعاون الاستراتيجي بين البلدين· كما أنه انفتح على الأسد ونظامه في وقت كانت الولايات المتحدة والمجموعة الأوروبية تمارس الضغوط لعزله·
ويبدو أردوغان، الذي تغيب في لقاءاته دبلوماسية و <ثعلبة> وزير خارجيته داوود أوغلو، حاسماً في ما خص الأزمة السورية، حيث أنه يحمّل الأسد شخصياً مسؤولية ما يجري، ولم يعد يترك في أحاديثه المغلقة مسافة فاصلة بينه وبين تركيبة العائلة وسيطرتها على مفاصل الحكم· وهو على يقين بأن ما حمله أوغلو من لائحة مطالب على الرئيس السوري البدء فوراً بتنفيذها، سوف ترسم معالم المرحلة المقبلة·
وتتمثل لائحة المطالب بسلسلة بنود بدءاً من سحب الجيش وآلياته من المدن والقرى ووقف العمليات العسكرية وإطلاق النار على المتظاهرين، مروراً بإطلاق المعتقلين، وإلغاء المادة الثامنة من الدستور وتحديد مواعيد لإطلاق العملية السياسية وإجراء الانتخابات، وصولاً إلى محاسبة جدية للمسؤولين عن قتل المتظاهرين·
غير أن المسؤولين الأتراك، كما غيرهم، لا يسودهم اقتناع بأن الأسد سوف ينفّذها ويلتزم بها من دون تسويف· وهذا ما يدفع القيادة التركية إلى بدء دراسة الخيارات المتاحة أمامها للتعامل مع الأزمة السورية من منطلق انعكاس هذه الأزمة على مصالح تركيا العليا·
ولمست شخصيات التقت مؤخراً المسؤولين الأتراك أن أردوغان يتحسب لطريقة أدائه في الملف السوري لإمكانات توظيف هذا الملف من قبل المعارضة في اللعبة الداخلية التركية· لكنه في آن يدرك أن هناك مخاطر لا يستطيع التغاضي عنها، سواء تلك المرتبطة بفلتان الحدود أو بالمسألة الكردية أم بما يتعلق بمناطق تواجد شرائح من العلويين الأتراك الذين يتخوّف من التأثير عليهم إذا ما اشتدت المواجهة·
ويُدرك أيضاً أن تلك المخاطر تتقدّم في الحسابات الوطنية على الحسابات السياسية الضيّقة، وأن القوى السياسية التركية تتوحّد حين تكون المسألة تتعلق بمصالح البلاد العليا·
وستكون المواجهة التركية للنظام السوري تصاعدية، إذا لم يتجاوب مع دعوات وقف العنف وبدء الإصلاح الفعلي، في مهلة لا تتجاوز نهاية هذا الشهر· وستنحو، كما فعلت دول عربية، إلى سحب السفير· على أن تبدأ المرحلة الثانية من الضغوط المتمثلة بقطع العلاقات واللجوء إلى العمل الدولي المشترك بفرض عقوبات دولية من خلال قرارات مجلس الأمن، تشبه العقوبات الدولية التي فرضت على نظام صدام حسين، والتي من شأنها أن تؤول إلى عزل النظام وإضعافه·
البارز أن النقاش في الدوائر التركية تحديداً لا يُقارب أياً من الحلول العسكرية في المرحلة الراهنة· وحين يتم استعراض خارطة حلفاء النظام السوري، تقفز إلى الواجهة إيران وما تقدّمه من دعم لدمشق، سواء على المستوى المالي أو العسكري والأمني· حتى أن معلومات موثوق بها تحدثت عن لجنة شكلتها طهران منذ فترة زمنية مهمتها الأساسية دراسة سبل مساندة نظام الأسد بغية عدم انهياره· وهي توفر تالياً له كل الدعم الممكن بمعزل عن أي اعتبارات أخرى· ذلك أن إيران تنظر إلى أن مسألة إنقاذ النظام السوري هي مسألة استراتيجية لها تهدد طموحاتها ومصالحها في المنطقة· وهي ستعمل على صون ما حققته من امتدادات في الإقليم على ثلاث جبهات مترابطة جغرافياً هي بغداد ودمشق وبيروت، من خلال تأمين بقاء الأسد ونظامه في سوريا، وتوفير الظروف الملائمة لبقاء حكومة نوري المالكي في العراق التي تؤمّن مظلة للنفوذ الإيراني في بلاد ما بين النهرين، وبقاء حكومة نجيب ميقاتي في بيروت التي تغطي سيطرة <حزب الله> على القرار اللبناني، بوصف الحزب جزءاً من المنظومة الإيرانية في المنطقة·
وإزاء هذا التقييم، يجري ترقب ما ستحمله الأيام المقبلة على الساحة السورية، وكيفية أداء النظام السوري، الذي تبلّغ الرسالة التركية ليس فقط من منطلق كونه الجار على الحدود الشمالية، بل من منطلق كونه الواجهة أيضاً لحلف شمال الأطلسي، ومن منطلق كونه أيضاً جزءاً من جبهة بدأت ملامحها تتكوّن بين واشنطن وباريس والرياض وعمان وأنقرة، وتقف خلفها مصالح دول عدة في المنطقة يجمع بينها التهديد الذي يشكله امتداد النفوذ الإيراني إليها، وسط إدراك تام أن أفق المواجهة السياسية مفتوح على كل الاحتمالات، وإن كان ليس في القريب العاجل·
rmowaffak@yahoo.com
* كاتبة لبنانية
مطالب أوغلو لا تقبل التسويف··· وخطة لمواجهة احتمالات خطيرة قبل نهاية الشهر! ان لم تستحي فصنع ما شئت. العالم كله صعق وصدم ولم يتصور ان هناك عصابة ارهابية وحشية من البشر هي النظام السوري الدموي بقيادة بشار الاسد السفاح الشبيحي لما شاهده من المجازر والقتل والتنكيل بالاطفال والنساء والشباب الابرياء السوريين السلميين المطالبين بالحرية والديمقراطية خلال 5 اشهر. بقي على العالم ان يحاكم هذه العصابة المجرمة للنظام السوري الدموي الارهابي وشبيحته الاعلامية في المحاكم الجنائية بحزم واولهم الشبيح السفاح بشار الاسد قائد الشبيحة والحزب البعث السرطاني. ان النظام السوري تعرى امام العالم انه بدون اخلاق وبدون احساس وقمة الاجرام خلال… قراءة المزيد ..