يشكل الإعلان عن توقيع خطاب نوايا بين الشركاء في حقل الغاز الطبيعي الإسرائيلي العملاق “تمار” والمالكين الإسبان لمحطة تسييل [ “الغاز الطبيعي المسال” ] على ساحل دلتا النيل في مصر، اختراقاً كبيرا يمكن أن يساعد على تحقيق إمكانات تصدير الغاز الإسرائيلي وتخفيف أزمة الطاقة في مصر. والاتفاق الذي أمده خمسة عشر عاماً، ويُقال أن قيمته 1.3 بليون دولار سنوياً، يتوقع تحويل ربع احتياطيات الحقل البحري “تمار” إلى “غاز طبيعي مسال” وتصديره إلى جميع أنحاء العالم. وحتى الآن كانت إسرائيل قد وقعت فقط على إرسال كميات صغيرة من غاز “تمار” – الذي بدأت مرحلة انتاجه في آذار/مارس 2013 – إلى المنشآت الصناعية الأردنية على البحر الميت.
وعندما يأخذ المرء في الاعتبار ما يحتويه حقل “لفيتان” غير المستغل، الذي يمتلك احتياطيات تصل تقريباً إلى ضعف ما يمتلكه “تمار”، فلدى إسرائيل أكثر بكثير مما تحتاج إليه من الغاز لسد الطلب المحلي المتوقع مستقبلاً. لكن، تم إعاقة جهودها لمتابعة خيارات التصدير بسبب تحديات مختلفة. وقد خُفِضت الآمال في قيام تعاون مع قبرص بعد أن أثبتت احتياطيات الجزيرة البحرية الخاصة بها بأنها أصغر مما كان متوقعاً. كما أن العداوات السياسية قد ألقت بظلالها على خيار بناء خط أنابيب إلى تركيا – التي هي سوق هام في حد ذاته، فضلاً عن كونه مسار عبور إلى أوروبا.
إن بيع الغاز كـ “غاز طبيعي مسال”، وخاصة إلى الأسواق الآسيوية، مربح للغاية، خاصة إذا تمكنت إسرائيل من تجنب الاستثمار الضخم (ما لا يقل عن 5 مليار دولار) لبناء محطة تسييل خاصة بها. لكن، هناك حواجز تقف أمام الخيار المصري. وحتى إلى ما قبل عامين، كانت مصر تقوم بتصدير الغاز إلى إسرائيل، إلا أن هذا النظام لا يحظى بشعبية في الداخل كما أن خط الأنابيب عبر سيناء كان عرضة للتخريب. إلا أن المسار المحتمل لخط أنابيب يمتد من حقل “تمار” البحري – الذي يقع على بعد خمسين ميلاً من ميناء حيفا شمال إسرائيل – سيكون في قاع البحر الأبيض المتوسط ، مما يجعله منيعاً تقريباً ضد قيام هجوم عليه. ويقيناً، لا يزال يتوجب على القاهرة معالجة الرفض السياسي والعام فيما يتعلق بالتعامل مع إسرائيل، وربما من خلال قيام مصر بتقديم حجة قوية بأنها لا تشتري الغاز بل ببساطة تسمح باستخدام منشآت مملوكة للأجانب داخل حدودها.
لقد ارتفع الطلب المصري للغاز بسبب أسعار البلاد المدعومة في السنوات الأخيرة، الأمر الذي أدى إلى تخفيض الكميات المتوفرة للتصدير وترك اثنين من محطات التسييل الكبرى في مصر غير مستغلة الاستغلال الأمثل. ووفقاً لذلك، تشكل البلاد أيضاً مساراً نظرياً لاحتياطيات الغاز الفلسطينية غير المستغلة قبالة ساحل غزة. وقد علّقت اسرائيل مؤخراً تعاونها مع السلطة الفلسطينية حول تطوير هذا الحقل بعد أن سعت «فتح» إلى التقارب مع «حماس» المصنفة كجماعة إرهابية والتي تسيطر على قطاع غزة.
ولا يزال هناك الكثير الذي يجب الاتفاق حوله في صفقة “الغاز الطبيعي المسال” الإسرائيلية المفترضة، بما في ذلك تمويل خط أنابيب تحت البحر. لكن يمثل خطاب النوايا [الموقّع] تقدماً كبيراً في التنمية التجارية للغاز الطبيعي البحري في شرق البحر الأبيض المتوسط .
سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن.