حتى الآن، لم يصدر أي تعليق روسي على إقالة علي لاريجاني. وهذا غريب لأن الخلاف بين لارجاني والرئيس احمدي نجادي كان موضوعه: ما إذا كان بوتين قام(كما أعلن لايجارني)، أم لا، بتسليم “إقتراح روسي” حول البرنامج النووي الإيراني. وأيضاً، ما إذا كانت روسيا وافقت، أم لا (كما أعلن لاريجاني)، على استكمال تجهيز مفاعل بوشهر. الموقف الروسي “الملتبس” نجح حتى الآن، على الأقل، في الإطاحة برئيس مجلس الأمن القومي الإيراني!
*
إقالة أم استقالة؟ هذا هو السؤال الذي يتردد في إيران بعد 24 ساعة من إعلان استقالة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني وكبير المفاوضين النوويين علي لاريجاني الذي لازم الصمت حتى الان حول أسباب ودوافع استقالته أم إقالته. وكشف أحد أقارب لاريجاني، طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ«الشرق الاوسط» ما دار بين المسؤول الأول للملف النووي والرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد ليلة الخميس الماضي، اذ احتج لاريجاني بشدة على تصريحات أحمدي نجاد عقب زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لطهران، والتي نفى خلالها تسليم بوتين مقترحات لتسوية الخلاف النووي، علما أن لاريجاني سبق ان أكد ذلك بعد لقاء بوتين مع المرشد علي خامنئي. وأكد المصدر القريب من لاريجاني، أن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي سمع نبأ استقالته من الإذاعة والتلفزيون قبل تقديمه كتاب الاستقالة إلى أحمدي نجاد ما يدل على أن آية الله خامنئي قد أطلع رئيس الجمهورية على نية لاريجاني بالتخلي عن مسؤوليته احتجاجاً على تصرفات رئيس الجمهورية وتدخلاته في أمر بحساسية الملف النووي. وكان أحمدي نجاد قد أقال وزيرا الصناعة والنفط قبل شهرين. في بيان تلاه وزير العدل والمتحدث باسم الحكومة غلام حسين الهام والذي ذكر فيه ان الوزيرين قد قدما استقالتهما إلى أحمدي نجاد، غير ان علي رضا طهماسبي وزير الصناعة وكاظم وزيري هامانه وزير النفط قد أعلنا فيما بعد بأنها أقيلا من منصبيها ولم يستقيلا كما قال غلام حسين الهام.
ورغم ان المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الايرانية محمد علي حسيني أعلن يوم امس الأحد، بان لاريجاني سيرافق سعيد جليلي الذي حل مكانه إلى روما يوم الثلاثاء المقبل للاجتماع بمنسق شؤون السياسة والأمن في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، غير أن المصادر القريبة من لاريجاني تؤكد أنه لم يقرر بعد ما اذا كان سيشارك في اجتماع روما برفقة جليلي.
وبالنسبة لمهام لاريجاني الجديدة، قال المصدر المقرب من لاريجاني ان الدكتور لاريجاني كان مستشاراً للمرشد منذ أكثر من 17 عاماً وحتى حينما كان يتولى وزارة الارشاد والثقافة، ومن ثم رئاسة الاذاعة والتلفزيون، راجعه المرشد في مناسبات مختلفة لاستشارته في القضايا المصيرية. وأوضح المصدر ان لاريجاني سيحتفظ بمكانه وموقعه داخل دائرة القرار، وأنه لا يزال المستشار الأمين الأول للمرشد الاعلى آية الله خامنئي، وتغيير منصبه لن يقلل من شأنه ودوره المؤثر في إدارة البلاد. ووصف الدبلوماسيون الغربيون في طهران جليلي الرجل الحائز دكتوراه في العلوم السياسية والذي صدر له كتاب بعنوان «سياسة النبي محمد (ص) الخارجية» بأنه «شخصية متشددة» يفتخر «بتوزيع دروس لا تنتهي على محدثيه». ويشاطر مارك فتزباتريك مدير برنامج الحد من التسلح النووي في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية الرأي الذي يرى انه اختيار متشدد. ويرى ان تعيينه «سيزيد من صعوبة التوصل الى اتفاق لأنه لا يوجد اي مفاوض ايراني يميل الى البراغماتية يمكن التفاوض معه».
واعتبرت صحيفة «اعتماد ملي» المعتدلة ان احمدي نجاد بتعيينه مقربا منه للاشراف على المفاوضات مع الاتحاد الاوروبي والوكالة الدولية للطاقة الذرية جعل من جليلي المسؤول الاول عن فشل محتمل لتلك المفاوضات. وأضافت الصحيفة ان «كون فريق المفاوضين النوويين وفريق الدبلوماسية الايرانية باتا موحدين وتحت اشراف اصدقاء مباشرين للرئيس المباشر، هو خطوة استراتيجية يتفهم الرئيس ومستشاروه تماما ثمنها».
تشيني يحذر طهران من «عواقب وخيمة» إذا لم تعلق تخصيب اليورانيوم
الى ذلك، حذر نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني من ان الولايات المتحدة لن تسمح لإيران بامتلاك السلاح النووي وهدد طهران بـ«عواقب وخيمة» اذا لم تعلق برنامج تخصيب اليورانيوم. ووصف تشيني الحكومة الايرانية بأنها «عقبة متنامية في طريق السلام في الشرق الاوسط». وفي كلمته ألقاها أمام معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى اتهم تشيني طهران بممارسة «التعطيل والخداع»، فيما يتعلق بالبرنامج النووي.
لندن: علي نوري زاده واشنطن ـ طهران: «الشرق الأوسط»