ردا على تقارير أميركية وعراقية بأن أغلبية الانتحاريين سعوديون * الآلوسي: الإيرانيون يلعبون الدور الأساسي.. والعقلية التي تحكم العراق مازالت تؤمن بنظرية المؤامرة
الرئيس طالباني والى يمينه رئيس الوزراء المالكي، خلال اجتماع مع الهيئة الرئاسية، وفي الصورة
الرياض ـ لندن: «الشرق الاوسط»
شكك مصدر أمني سعودي في دقة المعلومات التي تحدثت عن ان نسبة السعوديين المقاتلين في العراق تصل الى 45% من المقاتلين الاجانب، وقال المصدر لـ«الشرق الاوسط»، ان «النسبة غير صحيحة ومبالغ فيها جدا، وقناعتنا ان المقاتلين الحقيقيين في العراق هم من الجيش العراقي المنحل، وهم العمود الفقري للحالة القتالية هناك».
واعتبر المصدر الامني السعودي في تصريحه لـ«الشرق الاوسط»، ان «الشباب السعوديين المستخدمين في العراق مثل الفيوزات السريعة العطب والاشتعال، حيث انهم يقومون بالعمليات الانتحارية وليس العمليات ذات البعد الاستراتيجي المعقد». ويؤكد المصدر على كلامه بالقول، ان «ثلاثة ارباع السعوديين الذين يذهبون الى العراق ينتهي مصيرهم الى الموت».
وعما اذا كانت هناك ارقام محددة لعدد السعوديين في العراق، يقول المصدر، انه «لا يمكن تحديد رقم»، الا انه فضل الحديث عن «مئات المقاتلين وليس الآلاف» حسب قوله.
الا ان المصدر الامني السعودي يقول: «بإمكاني ان اؤكد ان عدد السعوديين في العراق في تراجع ملحوظ، بسبب حملات التوعية في السعودية، التي نتج عنها ادراك بأن هناك اختلاطا في الاوراق في الساحة العراقية». غير ان المصدر الامني السعودي يشير الى ان هناك «حالات شبه ميؤوس منها، ولا تؤثر فيها حملات التوعية». الى ذلك علمت «الشرق الاوسط»، من مصدر امني عربي مطلع على ما يدور في الساحة العراقية، انه «من الملاحظ أخيرا، كثرة تسرب مقاتلي القاعدة بمختلف جنسياتهم من الحدود الايرانية للعراق، حيث لم يقتصر الامر على الحدود السورية العراقية»، حسب المصدر العربي، معللا ذلك بتصاعد المواجهة السياسية بين الولايات المتحدة الاميركية وايران.
ويضيف المصدر الامني العربي، ان ايران هي «مقاول تنظيم القاعدة في العراق الان».
وعن الاوضاع الامنية في العراق، ودور المقاتلين على الارض يضيف المصدر العربي قائلا: «ان هناك معلومات مؤكدة عن حدوث استعراضات مقاتلين في الشوارع الى جانب المنطقة الخضراء في العاصمة العراقية بغداد».
وعن جنسيات المقاتلين العرب في العراق، يقول المصدر الامني العربي، ان اكثر نسب المقاتلين العرب حضورا في العراق الى جانب السعوديين هي حسب الترتيب «الليبيون والتونسيون والمغاربة».
يذكر ان موفق الربيعي مستشار الأمن القومي العراقي، الذي اجرى مباحثات قبل ايام في السعودية، لبحث التعاون الامني وتبادل المعلومات الاستخبارية قال: ان السعودية والعراق يقفان في خندق واحد حيال مكافحة الارهاب. وبين انه لمس حرص السعودية على دعم العراق واستقراره ووحدته وسيادته ورفضها أي تدخل خارجي في شؤونه.
وقال الربيعي إنه نقل خلال اللقاء للأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية السعودي شكر وتقدير حكومة بلاده للمملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده لجهودهما في دعم العملية السياسية والدستورية في العراق. وكان تقرير لصحيفة«لوس انجليس تايمز» قد نقل امس عن ضابط كبير في الجيش الأميركي ومشرعين عراقيين، أنه رغم ان الولايات المتحدة عادة ما تهاجم سورية وايران بسبب العنف في العراق، الا ان العدد الأكبر من المقاتلين والمفجرين الانتحاريين الأجانب في العراق يأتون من جار ثالث بخلافهما، هو السعودية.
من جانبه علق مثال الالوسي عضو مجلس النواب (البرلمان) العراقي زعيم حزب الامة العراقية، قائلا «ان هذا الكلام مبالغ به وليس حقيقيا، فالوجود العربي يكاد ان يكون متساويا هنا»، واضاف «هناك عرب من شمال افريقيا، وسورية والسودان واليمن، وكان عددهم اكبر في المراحل الاولى من الاحتلال الاميركي، لكن اليوم تنتشر عصابات الجريمة المنظمة وغير المنظمة».
واضاف الالوسي قائلا لـ«الشرق الاوسط»، عبر الهاتف من بغداد أمس: «وماذا عن الدور الايراني الخطير في العراق، هو دور استخباراتي، مهمته ارباك العملية السياسية والامنية في العراق، لهذا فهو لا يهتم من يقتل ومن يهدد، وهناك دور ايراني متنام داخل العراق مثلما يعرف الجميع». وقال ان «الايرانيين يلعبون الدور الاساسي في ارباك الاوضاع في العراق ولهم صلات مع جماعات وافراد داخل العراق وخارجه».
وقالت «لوس انجليس تايمز»: انه وفقا لارقام عسكرية اميركية رسمية، فان الجيش الأميركي يعتقد ان 45 في المائة من المقاتلين الأجانب هم من السعودية، و15 في المائة من سورية ولبنان و10 في المائة من شمال افريقيا. وهناك ما يقرب من نصف الأجانب الـ135 المعتقلين في سجن أميركي بالعراق هم من السعوديين.
وحسب الضابط الأميركي، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، فان المقاتلين السعوديين نفذوا عمليات تفجير انتحارية أكثر من الآخرين. وأضاف «ان 50 في المائة من جميع المقاتلين السعوديين هنا هم من المفجرين الانتحاريين. وفي الأشهر الستة الأخيرة أدت مثل هذه التفجيرات الى قتل وجرح أربعة آلاف عراقي. وقال تقرير «لوس انجليس تايمز» إن بعض الشباب السعوديين يتحولون الى مفجرين انتحاريين في العراق، ولكن الحكومة السعودية تقول انها تفعل كل ما بوسعها حاليا لإيقاف إراقة الدماء. وقال اللواء منصور التركي، المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية لـ«لوس انجليس تايمز»، ان «السعوديين في الواقع يجري تضليلهم. وهناك من يساعدهم على المجيء الى العراق، ومن يساعدهم داخل العراق، ومن يجندهم حتى يكونوا مفجرين انتحاريين. وليست لدينا معلومات عن هؤلاء الأشخاص. ولا نحصل على معلومات رسمية من الحكومة العراقية. ولو اننا حصلنا على معلومات جيدة من الحكومة العراقية حول السعوديين الذين يعتقلون في العراق فربما أمكننا المساعدة».
ويشير المدافعون عن السعودية إلى حقيقة أن حكومتها سعت للسيطرة على حدودها الطويلة مع العراق، وخاضت حربا داخلية مريرة ضد «القاعدة» منذ هجمات 11 سبتمبر (ايلول). وقال مسؤول استخبارات أميركي في واشنطن، تحدث شرط عدم الكشف عن هويته: «الإيحاء بأنهم لم يفعلوا شيئا لوقف تدفق الأشخاص إلى العراق هو أمر خاطئ. الناس قادرون دائما على عبور الحدود. أنت تستطيع أن تسأل دائما: هل من الممكن القيام بأكثر من ذلك؟ لكن ماذا عليهم أن يفعلوا، أن يضعوا حارسا كل 15 أو 20 خطوة؟».
لكن «لوس انجليس تايمز» اشارت الى ان هناك من يقول إن السعودية تسمح للمقاتلين المتعاطفين مع «القاعدة» بأن يذهبوا إلى العراق عبر سورية بدلا من البقاء في الداخل وارتكاب أعمال إرهابية. واتهم سامي العسكري عضو البرلمان مستشار رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، مسؤولين سعوديين بمتابعة سياسة متعمدة لزرع الفوضى في بغداد ذات الأكثرية الشيعية. وقال ضمن هذا السياق: «الحقيقة هي أن للسعودية مصادر استخباراتية قوية، وسيكون صعبا التفكير بأنهم لا يعلمون بما يجري». وزعم العسكري أن «المساجد السعودية تدعو إلى الجهاد ضد الشيعة العراقيين، وقد مولت جماعات لاحداث اضطرابات في منطقة الجنوب». لكن مسؤولين عراقيين تحفظوا على ذلك وقالوا إن السعودية لا تساعد المتطرفين الإسلاميين. مع ذلك فهم مقتنعون بأن الرياض لا تمتلك أي اهتمام لمساعدة بغداد. وردا على تصريحات العسكري قال مسؤول في وزارة الشؤون الإسلامية السعودية، أمس إن وزارته، تفرض رقابة شديدة على مساجد البلاد، بحيث لا يسمح لها بالتدخل في الشؤون السياسية أو الإقليمية، فضلا عن الخوض في المسائل الطائفية، مؤكدا أن مساجد بلاده تؤدي رسالتها تجاه المجتمع بشكل منتظم. واوضح المسؤول السعودي مفضلا عدم الكشف عن اسمه لـ«الشرق الاوسط»، ان «الاتهامات غير صحيحة» وأن وزارته، تفرض رقابة شديدة على المساجد. اما الالوسي فعقب قائلا: «ان العقلية التي تحكم في العراق اليوم ما تزال تؤمن بنظرية المؤامرة، والحكومة لا تعرف كيف تتعامل مع العقلية السعودية، حتى الوفد الاخير الذي ذهب من بغداد الى الرياض كان وفدا حزبيا اقرب منه الى ان يكون سياسيا، وكأنهم يريدون ان يقولوا للسعوديين نحن الاغالبية الشيعية وعليكم ان تسمعونا». وحول سفر المقاتلين نقلت «لوس انجليس تايمز» عن المسؤول العسكري الاميركي، انه مع غلق الحدود مع العراق راح المقاتلون السعوديون يذهبون بواسطة الطائرة أو الحافلة إلى سورية، حيث يلتقون بالمشرفين على حركتهم، وهؤلاء يسهلون عليهم دخولهم إلى العراق عبر الحدود الغربية للعراق حسبما قال المسؤول العسكري الأميركي. ويعتقد هذا المسؤول أن السعودية قادرة على أن تبذل جهدا أكبر في هذا المجال عن طريق فرض تدقيق حازم على السفر؛ فهناك ما بين 60 و80 مقاتلا أجنبيا يعبرون حدود العراق كل شهر، حسب القيادة العسكرية الأميركية.
وقال مسؤول عسكري أميركي رفيع: «هل يستخدم السعوديون كل الوسائل المتوفرة؟ بالتأكيد لا… ونحن نظن أنهم بحاجة إلى القيام بجهد أكبر، وهذا ينطبق على سورية وإيران والأردن». وأضاف هذا المسؤول: «يجب أن تعالج بواسطة الحكومة العراقية مباشرة».
لكن المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية دافع عن حق أبناء بلده في ان يسافروا من دون تعليقات. وقال منصور: «إذا تركت السعودية وذهبت إلى أماكن أخرى ووجدت شخصا يسحبهم سحبا إلى العراق، هذه مشكلة لا يسعنا أن نحلها». وأضاف أن الطريقة الوحيدة التي يمكن منع الناس من السفر هي المعلومات التي لدينا حولهم.
وقال تقرير أصدره البيت الابيض الخميس الماضي، ان ايران وسورية تواصلان نشاطهما في زعزعة الاستقرار في العراق، مشيراً الى ان ايران تمول وتشرف على هجمات ضد قوات التحالف والقوات العراقية، في حين يستخدم الانتحاريون الاراضي السورية كمعبر نحو العراق. وقال التقرير ان دمشق تدعم شبكة ترسل الى «القاعدة» في العراق ما بين 50 الى 80 انتحاريا شهريا.
يذكر ان الفريق طلال العنقاوي، مدير عام حرس الحدود السعودي عبر لـ«الشرق الأوسط»، في وقت سابق، عن أن بلاده حققت تقدما في عملية ضبط حدودها المشتركة مع العراق، على نحو جعلها الأميز بين دول الجوار. وقال ان الوضع الأمني على الحدود السعودية ـ العراقية، «بات الأميز، بالنظر إلى عمليات ضبط حدود الدول المجاورة للعراق»، في إشارة ضمنية إلى استمرار تدفق المقاتلين للأراضي العراقية من دول غير السعودية.
وقبل 9 أشهر، أعلنت السعودية عزمها على بناء سياج أمني يتوسط حدودها المتاخمة للأراضي العراقية، للحد من عمليات التسلل عبر أراضيها. ويفرض الوضع الأمني المتردي في العراق، على السعودية، مجهودات مضاعفة في جانب تأمين حدودها من أية عمليات تسلل قد تشهدها. وشهدت الحدود السعودية ـ العراقية، خلال السنوات القليلة الماضية العديد من عمليات التسلل، فيما تمكنت السلطات السعودية من اعتقال 682 من المتسللين العراقيين والمهربين في النصف الأول من عام 2005، وإيقاف 63 شخصاً، ومنعهم من اجتياز الحدود الشمالية للبلاد. وارتفعت التكاليف، التي تحملتها السعودية لتأمين حدودها مع العراق إلى 4 مليارات ريال حتى أغسطس (آب) 2005، مقابل 1.8 مليار ريال نهاية عام 2004. واستخدمت وزارة الداخلية السعودية أحدث الوسائل لمراقبة حركة الحدود، مستخدمة في ذلك طائرات خاصة مزودة من القوات الجوية الملكية السعودية، وأجهزة رادار متطورة، ومعدات الرؤية الليلية، والمزودة من قبل وزارة الدفاع. واستعانت الداخلية السعودية في عملية ضبط حدودها بتقنية أنظمة التحكم الحرارية الحديثة والكاميرات لمراقبة الحدود، فيما بلغ عدد الوحدات الثابتة 34 وحدة حتى ديسمبر (كانون الأول) عام 2004. كما تجاوز عدد الوحدات المتحركة 37 وحدة تم تركيبها في المنطقة على الحدود مع العراق.