في مقاربته للتاريخ ولعلم العمران الاجتماعي، اعتبر ابن خلدون أن «للدولة أعماراً طبيعية كما للأشخاص»، وينطبق ذلك على الأنظمة السياسية وأدوارها.
وغالبا ما تكون الأنظمة الشمولية قصيرة العمر بالقياس للأنظمة الديموقراطية. فالنظام النازي لم يصمد إلا اثني عشر عاماً والنظام الشيوعي في الاتحاد السوفياتي سقط على عتبة السنة السبعين.
والأرجح أن حال الجمهورية الإسلامية الإيرانية لن يكون افضل، إذ بعد ثلاثة عقود على نشأتها مع الإمام الخميني، اهتزّت البلاد في حزيران – يونيو 2009، إثر الاحتجاجات الواسعة على تزوير إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد.
وعلى أبواب استحقاق 14 حزيران المقبل، قد تكون الانتخابات الرئاسية منعطفاً مصيرياً في تاريخ نظام الولي الفقيه، وربما تتيح التأقلم مع توازنات داخلية وتحديات خارجية، أو تشكل إشارة البدء لقرب انتهاء صلاحية هذا النظام.
في إطار التمرين الداخلي تحت سقف المرشد الأعلى خامنئي، تمكن الشيخ علي أكبر هاشمي رفسجاني (رئيس الجمهورية بين 1989 و1997) من لعب دور بارومتر الحياة السياسية بين مجموعتين: إحداهما تسمى “خط الامام” والثانية الجناح المحافظ المقرب من البازار.
بيد إنه منذ إعطاء “عمر” جديد للتجربة الإيرانية الإسلامية مع الرئيس محمد خاتمي، أصبحت مجموعة “خط الامام” تعرف بالإصلاحيين بينما جرى تصنيف أنصار الإمام خامنئي بالمحافظين اليمينيين.
مع وصول أحمدي نجاد في العام 2005 حصّل تغير عميق على حساب الإصلاحيين، وصعود لأصولية جديدة تابعة للولي الفقيه ومستندة إلى الحرس الثوري الإيراني الذي اصبح مع مؤسساته شبيها بالجيش الأحمر الصيني ونفوذه الواسع.
وتصاعد نهج الإمساك بكل المقدرات في انتخابات العام 2009 عندما وضع خامنئي كل ثقله لإعادة انتخاب أحمدي نجاد، لكن المفاجأة كانت جرأة نجاد على الخروج التدريجي من تحت عباءة المرشد بعد ضعف مكانة ولاية الفقيه نتيجة انتفاضة الحركة الخضراء. وهكذا تشرذم حلف خامنئي وزاد الانقسام بين اتجاهات مختلفة.
في استحقاق 2013 وخلافاً للمرات السابقة، ساد التخبط والغموض بانتظار إعلان مجلس صيانة الدستور عن قائمة المرشحين المؤهّلين للرئاسة الإيرانية.
وإذا لم يكن مفاجئاً شطب مرشح النجاديين اسفنديار رحيم مشائي، قريب الرئيس ورمز التيار المنحرف حسب الأصوليين، أتى إبعاد رفسنجاني تحت حجة التقدم في السن (79 سنة) ليشكل انشقاقاً واضحاً في قمة النظام، إذ كان يعد هذا “الثعلب الفارسي” (رفسنجاني من القومية الفارسية بينما ينتمي خامنئي للقومية الآذرية) من أبرز رموز النظام والذي حاول منذ تركه الرئاسة أن يضع نفسه فوق الأجنحة على رغم أنه كان عمليا في جبهة “خط الأمام” والإصلاحيين.
وهذه الضربة المبدئية (لأنه لا يزال هناك خيط واهٍ من الأمل بتغيير اللائحة في حال قرر المرشد الأعلى قبول تظلم المبعدين أو احدهما) تقلص فعلاً القاعدة التي يستند اليها المرشد الأعلى وتجعل شعبيته وصدقيته على خيط مشدود.
وما يزيد الأمور تعقيداً دوام الحذر والتمزق عند المحافظين الممثلين أساساً من خلال مجموعة “الائتلاف للتقدم” المؤلّفة من علي أكبر ولايتي وحداد عادل ومحمد باقر قاليباف، والتي فوجئت بترشيح سعيد جليلي كبير المفاوضين الايرانيين في القضية النووية، الذي ربما أرادته المؤسسة القيادية الايرانية في موقع المرشح الفعلي للمرشد.
تدل المعطيات الواردة أعلاه على أن المشهد متأزم مثلما كان منذ اربع سنوات، فيما يبدو الاصطفاف الداخلي أكثر حدة ومن دون مراعاة لموقع المرشد الاعلى المهيمن، خصوصاً لأنّ ترشيح رفسنجاني لم يتم بالتشاور معه. يأتي ذلك في ظل تحديات خارجية جمة: الملف النووي وفشل المفاوضات، النزاع السوري والتورط الايراني فيه، الانتكاسة العراقية والوضع الاقتصادي المتدهور نتيجة أثار العقوبات الدولية (انهيار العملة الوطنية والتضخم وتراجع إنتاج النفط).
نتيجة الاحتقان الداخلي والخارجي، وبما انه من الصعب تكرار “مسرحية 2009” في إيران “منارة الحرية”، كما يُهلل لها خامنئي نتيجة كشف الأوراق ووجود وزارة الداخلية في يد احد الموالين للرئيس احمدي نجاد، كان لا بد من المغامرة والإسراع بإبعاد رفسنجاني ومشائي.
ونتيجة ضعف المرشحين الإصلاحيين المتبقيين أي محمد رضا عارف وحسن روحاني، أصبحت الانتخابات محسومة سلفاً لشخصية مضمونة الولاء الكامل للمرشد الأعلى ولخط التشدد وعدم التنازل أمام الغرب. ذهب إذن مع إدراج الرياح تصور بروز دور إنقاذي للاقتصاد الإيراني او نهج انفتاحي مطمئن.
أيا كان الفائز في الانتخابات الرئاسية الإيرانية (جليلي أو قاليباف أو شخصية ثالثة)، سيجد المرشد الأعلى نفسه أمام امتحان حقيقي، إذ إنّ إقصاء رفسنجاني ومشائي يعد حسب معارضي المرشد “انتحاراً سياسياً يشير الى انكماش تام لنظام ولاية الفقيه في نهاية المشوار”.
سيزيد نفوذ الحرس الثوري الايراني وقوى الباسيدج على حساب المؤسسة الدينية في قم والبازار في طهران، وسيتفاقم ذلك نظراً لانعدام فرص عقد صفقة مع الولايات المتحدة الأميركية مما لا يتيح تفادي اختبار قوة ديبلوماسي أو مواجهة عسكرية. ومما لا شك فيه، إذا أردنا أن نعرف ماذا سيحدث في لبنان وسوريا علينا انتظار ما سيحصل في ايران.
khattarwahid@yahoo.fr
جامعي وإعلامي لبناني- باريس
الجمهورية
مستقبل نظام «ولاية الفقيه» على المحكالتاريخ سوف لن يسامح احد للسكوت على مجازر النظام السوري الارهابي السرطاني الخبيث وايضا حزب الشيطان اللبناني الفارسي الارهابي الصفوي وايضا الميليشات الصفوية الايرانية الاخرى. سنكتب ما قدموا واثارهم. الظلم ظلمات. السؤال الهام لماذا نبتت الطائفية الحاقدة مرة اخرى وهي افكار مميتة وقاتلة والتي اصلها معركة صفين التاريخية والتي استغلها الفرس تاريخيا مرات عدة لإعادة امجادهم المجوسية أي لسيطرت الفرس على العرب والعالم بواسطة القوة والقتل والمجازر. ان العالم العربي يمر بنقطة انعطاف اما ان ينتصر الحق على الباطل او ان يدمر العرب والعالم بواسطة الميليشيات الصفوية الارهابية الحاقدة والمافيا الروسية وايضا القاعدة او الجهادية… قراءة المزيد ..