خوان كول، الباحث في مسائل الشرق الأوسط وأستاذ التاريخ في جامعة مشيغان، يعتقد، في مقالة له بعنوان “مساهمة مختلف الأديان في الإرهاب” نشر في نوفمبر الماضي ( http://www.juancole.com/2015/11/terrorism-the-other-religions.html)، بأن المسلمين ليسوا أكثر خشونة وعنفا من أتباع بقية الأديان. هو يشير بذلك إلى المذابح التي تمت على أيدي اتباع الأديان الاخرى، ويقول إن مساهمة المسلمين في المذابح الدينية هي الأقل.
وكان الباحث والفنان الأمريكي بيل ماهر ادعى بأن المسلمين هم الأكثر خشونة وعنفا من بين سائر المنتمين إلى الأديان. لكن خوان كول يخالفه في ذلك ويعتقد بأن ماهر متعصب في رأيه. ويقول على سبيل المثال بأن النسبة المئوية لعمليات القتل في العديد من الدول الاسلامية هي أقل منها في الولايات المتحدة.
أما بالنسبة لعمليات القتل السياسية، فيقول خوان كول بأن أنصار الموروث المسيحي ساهموا في قتل عشرات الملايين من الناس في الحربين العالميتين وكذلك أثناء مواجهة نضال الشعوب ضد الاستعمار في القرن العشرين، وأن هذه المذابح لم تحدث لأن المسيحيين الأوروبيين هم أسوأ من بقية الناس في هذا العالم، وإنما لأنهم طوروا الصناعات الحربية وساهموا في إبراز القيم القومية. ويقال مثلا بأن سلوكهم الحربي لم يرتبط بالدين بل بالدفاع عن القوميات. غير أن هذا التفسير لا يعكس أي عمق. فتلك الأحداث تؤكد وجود تداخل بين القومية وبين الدين. فملك بريطانيا حتى أواسط القرن العشرين كان رئيسا للكنيسة، وكنيسة السويد كانت كنيسة قومية، ثم هناك تساؤلات: هل كانت الدولة في إسبانيا على علاقة بالمذهب الكاثوليكي؟ وهل لعبت علاقة فرانكو بالكنيسة دورا في الحرب الداخلية في اسبانيا؟.
لا أعتقد، والحديث لخوان كول، بأن قتلى النزاعات السياسية بين المسلمين في القرن العشرين تجاوزوا المليوني قتيل. وأغلب هؤلاء القتلى سقطوا أثناء الحرب العراقية الإيرانية والحرب في جمهوريات الاتحاد السوفييتي والحرب في أفغانستان. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن الأوروبيين كان لهم دور في تلك الحروب. كذلك فإن ائتلاف العلمانيين القوميين أثناء الهجوم الروسي على الأتراك في الأناضول ارتكب مجزرة ضد الأرمن في تركيا.
لنقارن هذا الرقم برقم مائة مليون قتيل من الأوروبيين المسيحيين الذين سقطوا في القرن العشرين: 16 مليون قتيل في الحرب العالمية الأولى، 60 مليون قتيل في الحرب العالمية الثانية. إضافة إلى القتلى البوذيين في شرق آسيا. وسقوط ملايين القتلى بسبب حروب الاستعمار الأوروبي. بلجيكا، على سبيل المثال، احتلت الكونغو، وأثناء ذلك قضت على نصف سكان تلك الدولة، أي تقريبا قضت على 8 ملايين شخص.
في الفترة بين عامي 1916 و1930 قتلت القوات الروسية ثم قوات الاتحاد السوفييتي أثناء المواجهات مع المتظاهرين والمعارضين في آسيا الوسطى، الذين سعوا الى التخلص من القواعد العسكرية الأوروبية ثم القواعد العسكرية الماركسية، ما يقارب من مليون ونصف المليون شخص. وقد قام شابان أثناء تلك الفترة بقتل 4 من الجنود السوفييت في قرغيزستان، واعتبر الحادث بمثابة عملية إرهابية تعكس وحشية فاعليها. لكن في المقابل لم يحتج أحد، ولم يصدق أحد، لا في روسيا ولا في أوروبا أو في أمريكا الشمالية، بتعرض شعوب آسيا الوسطى لإبادة وحشية قبل وأثناء وبعد الحرب العالمية الأولى. وحينما احتلت روسيا منطقة القوقاز وآسيا الوسطى بصورة وحشية، كانت روسيا عبارة عن إمبراطورية مسيحية ارثوذكسية، وكان هناك اعتقاد بأنها قد تعود إلى الواجهة السياسية مجددا.
إضافة إلى ذلك، فإن في الأعوام من 1954 حتى 1962 قتل من نصف مليون إلى مليون شخص في الجزائر في حرب استقلالها عن الاستعمار الفرنسي. وكان عدد سكان الجزائر آنذاك 11 مليون شخص.
يقول خوان كول بأن ما يشغل ذهني كثيرا هو أن عدد 100 مليون شخص الذين قتلوا على يد أنصار الإرث المسيحي الأوروبي في القرن العشرين، قد يكون قليلا. لكن الإرهاب الديني، حسب كول، هو ظاهرة عالمية! وبعض التنظيمات تعتبر الإرهاب نوعاً من أنواع التكتيك الحربي. فالصهاينة، في الأربعينات من القرن الماضي حينما كانت فلسطين تحت الحماية البريطانية، كانوا في نظر البريطانيين نشطاء إرهابيين. وكان هناك تنظيم صهيوني إرهابي خطط لاغتيال النائب الجمهوري الأمريكي دارل عيسى، لأنه كان من أصول لبنانية.
ولأن القوميين اليهود مشغولين في الوقت الراهن بقضاياهم الداخلية، فإن الإرهاب قد تراجع عندهم. وفي حقيقة الأمر فإن أحد الأسباب التي تدعو السياسيين الإسرائيليين لاحتلال الأراضي الفلسطينية، هو أن هذا الاحتلال يجبر الفلسطينيين على استخدام العنف. بعبارة أخرى، يقوم السياسي الاسرائيلي بصناعة ظروف تجبر الفلسطيني على اللحوء للعنف ضد الاسرائليين، فيتوهم هذا الإسرائيلي بأن هناك خطرا يسمى الإرهاب الفلسطيني، وهذا ما اكتشفه رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل اسحق رابين.
من الصعوبة، والكلام لكول، أن أجد تفاوتا فاحشا بين باروخ غولدشتاين، الشخصية الصهيونية المسؤولة عن مذبحة وقعت للفلسطينيين في مدينة الخليل، وبين عملية التفجير التي نفذتها مجموعة قومية هندية متشددة في موقع أجمير المذهبي التابع للمسلمين في الهند، حيث أن المسؤولين عن العملية في الهند تفاجأوا حينما لم تنفجر إحدى القنابل، لأنهم، بسبب كرههم الشديد للمسلمين، أرادوا تدمير المكان عن بكرة أبيه لكنهم فشلوا في ذلك. وأجمير هو مزار صوفي عالمي يزوره اتباع مذهب الهندوس أيضا.
وفي شرق آسيا مارس البوذيون العنف ونشروا الرعب هناك، خاصة في النصف الأول من القرن العشرين. وحاليا يقوم الرهبان البوذيون بممارسة التطهير العرقي ضد أقلية الروهينغيا في بورما. وفي أوغندا قام جيش الرب، ذو التوجهات المسيحية، بحروب كثيرة ما أدى ذلك إلى تهجير أكثر من مليوني شخص.
يتساءل كول، إذا كان هناك توجه لمواجهة الفكر السلفي الجهادي، وتم القضاء على العديد من القيادات المنتمية إلى حركة طالبان وتنظيم القاعدة، فلماذا لا تتم محاسبة المسؤولين عن العنف الديني المسيحي؟ وفي ظل وجود الكثير من المسلمين في الدول الاوروبية، فإن نسبة العمليات الإرهابية التي نفذها المسلمون في القارة الأوروبية بين عامي 2007 و2009 كانت أقل من واحد بالمائة. الإرهاب، هو تكتيك يمارسه المتشددون، سواء المنتمون للأديان أو للتنظيمات ذات الفكر الماركسي والقومي. لكن، لا يوجد دين، ومن ضمن ذلك الإسلام، يوصي اتباعه بممارسة العنف الأعمى الذي يشمل قتل الأبرياء. والإنسان الأعمى هو الوحيد الذي يبريء ساحة الأوروبيين المسيحيين من الإرهاب ويعتبرهم أناسا طيبين فيما يعتبر أن العنف متأصل في ذات المسلمين.
كاتب كويتي
fakher_alsultan@hotmail.com
جميع الاديان وخاصةً التي تسمى انها أديان سماوية تدعو للقتل والسيطرة على الناس وأحتلال أراضيهم بالقوة ,وما أختلاف النسبة في عدد الضحايا الا لأختلاف الظروف المحيطة بهذه الدولة او الجماعة تخيل لو استخدمت إسرائيل حاليآ احد رءوسها النووية ضد الاخوة الفلسطنيين بحجة الارهاب ،تخيل كم ستكون حصيلة القتلى !!! ستكون النتائج كارئية أليس كذلك وسبب ذلك يرجع لأعتقاد نابعي تلك الاديان أن دينهم فيه الحقيقة المطلقة التي يجب أن يؤمن بها ويتبعها باقي البشر ،وإن لم يقتنعوا بتلك الاديان او لم تصلهم بالصورة المطلوبة فأن التهديد بالقتل او الاستعمار او النبذ سيكون مصيره إما النسبة المتدنية للعنف ستجدها بصورة واضحة… قراءة المزيد ..