من مجزرة “الغوطة” بالسلاح الكيميائي (التي صمتت عنها المراجع الشيعية!) إلى مجزرة الكنيسة البروتستانتية في بيشاور (وقبلها المجازر المتواصلة منذ سنوات ضد الشيعة في كل أرجاء باكستان) إلى مجزرة الشيعة في العراق (لم يستنكرها لا القرضاوي ولا هيئة كبار العلماء السعودية) وإلى مجزرة كينيا المستمرة حتى الساعة، هنالك مسؤولية صارخة يتحمّلها “الإسلام السياسي”، السنّي والشيعي، الذي يمثّل “منابع الإرهاب” التي طالب مثقفون عرب (أولهم الراحل العفيف الأخضر) بـ”تجفيفها” بعد جريمة (وهم يسمونها “غزوة”!) ١١ سبتمبر ٢٠٠١.
“تجفيف منابع الإرهاب” يتطلب أيضاً وقفة دولية تجاه قنوات تلفزيونية مثل “الجزيرة” وأخواتها “الوهابيات” التي تروّج لثقافة “كره الكفّار” والدعوات المبطنة أو العلنية إلى استئصالهم. هل يقبل العالم، اليوم، بوجود قناة تلفزيونية نازية تدعو لاستئصال اليهود في أوشفيتز بحجة أن وجودها يندرج تحت “حرية الرأي” أو “حرية التعبير”؟
“تجفيف منابع الإرهاب” وأيضاً “المحاكمة الدولية لفقهاء الإرهاب”، القرضاوي وزملائه من سنّة وشيعة، الذين روّجوا “ثقافة الإنتحار” وثقافة “رخص الحياة البشرية” (كيف تتعامل مع من يرفع على طريق مطار بيروت شعاراً مثل “حجابك أغلى من دمي”؟)
الشفاف
*
“أ ف ب”
تظاهر مئات المسيحيين الاثنين في باكستان غداة تفجيرين انتحاريين استهدفا كنيسة واوقعا 81 قتيلا على الاقل، في الهجوم الاكثر دموية الذي يطال الاقلية المسيحية في هذا البلد.
والهجوم على كنيسة جميع القديسين في بيشاور، كبرى مدن شمال غرب البلاد، الاحد وقع عند خروج المصلين من القداس.
وقد تبناه فصيل تابع لحركة طالبان الباكستانية.
وقال الدكتور ارشاد جواد في اكبر مستشفى في المدينة لوكالة فرانس برس ان الحصيلة ارتفعت ليلا الى 81 قتيلا بينهم 37 امرأة. واصيب 131 شخصا بجروح.
وتظاهر مسيحيون في مدن باكستانية بينها كراتشي وفيصل اباد ولاهور وبيشاور للاحتجاج على اعمال العنف ولمطالبة السلطات بحماية افضل.
وفي اسلام اباد اغلق حوالى مئة متظاهر طريقا سريعا رئيسيا في المدينة لعدة ساعات صباح الاثنين ما تسبب بازدحام مروري كبير كما افاد مراسل وكالة فرانس برس.
وتجمع حوالى مئتي شخص في بيشاور ومئة امام الكنيسة للمطالبة بالعدالة. وانتقدوا بشدة رجل السياسة ونجم الكريكت السابق عمران خان الذي يرئس حزبه، حركة باكستان من اجل العدالة، الحكومة المحلية.
وقال خالد شاه زاد الذي فقد خمسة من اقربائه في الاعتداء ان “عمران خان ومساعده فشلا في حماية المسيحيين في امكان عبادتهم”.
واعتبر الوزير السابق للحوار بين الاديان بول بهاتي والنائب المحلي فريدريش عظيم غوري ان الهجوم هو الاكثر دموية الذي يستهدف المسيحيين في باكستان.
وقال بهاتي الذي يرئس حاليا تحالف كل اقليات باكستان لوكالة فرانس برس “المسيحيون ليسوا وحدهم المستهدفين بالهجوم وانما باكستان كلها ضحية الارهاب”.
واوضح ان المدارس المسيحية ستبقى مغلقة لمدة ثلاثة ايام.
وتبنى فصيل من حركة طالبان الباكستانية يعرف باسم جنود الحفصة التفجيرين في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس.
وفي اتصال مع فرانس برس، قال احمد مروات المتحدث باسم المجموعة “لقد نفذنا الهجومين الانتحاريين على الكنيسة في بيشاور وسنواصل ضرب الاجانب وغير المسلمين حتى وقف هجمات الطائرات من دون طيار”.
لكن المتحدث الاساسي باسم حركة طالبان الباكستانية نفى ضلوع حركته في الاعتداء.
وقال شهيد الله شهيد في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس من مكان لم يحدد “لم نقم بذلك، نحن لا نهاجم ابرياء”.
واضاف “ان حركة طالبان غير ضالعة في هذا الهجوم. انها محاولة لنسف اجواء محادثات السلام”.
وكان فصيل “جنود الحفصة” تبنى في حزيران/يونيو مقتل عشرة متسلقي جبال اجانب في باكستان.
والهجمات التي تشنها الطائرات الاميركية من دون طيار في شمال باكستان منذ 2004 خلفت اكثر من 3500 قتيل معظمهم من المتمردين ولكن ايضا العديد من المدنيين وفق منظمات اجنبية عدة تتابع هذا الملف.
وتثير هذه الضربات انتقادات شديدة في باكستان لكن الولايات المتحدة تعتبرها وسيلة حيوية للتصدي لطالبان ومقاتلي القاعدة في المناطق القبلية المحاذية لافغانستان.
ودان رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف بشدة الهجوم قائلا في بيان عبر فيه عن تضامنه مع المسيحيين ان “الارهابيين ليس لديهم دين وان استهداف ابرياء مخالف لتعاليم الاسلام وكل الديانات الاخرى”.
كما انتقد البابا فرنسيس الاحد “الخيار الخاطىء، خيار الضغينة والحرب”.
والمسيحيون الذين يمثلون 2% من التعداد السكاني في باكستان المقدر ب180 مليون نسمة، اكثر من 95% منهم من المسلمين، فقراء بمعظمهم ويتعرضون للتمييز الاجتماعي واحيانا للعنف لكن نادرا ما يستهدفون بهذه الاعتداءات التي تنفذ في العادة ضد قوات الامن او الاقليات المسلمة (من شيعة واحمديين).
وقد اعلن مسؤول كبير في شرطة بيشاور يدعى نجيب الرحمن ان الامن سيعزز في محيط الكنائس.
وكان المصلون البالغ عددهم حوالى 400 يتبادلون الاحاديث بعد قداس الاحد حين وقع التفجيران.
وقال دانيش يوناس السائق المسيحي الذي اصيب بجروح من جراء الانفجارات “كانت لدينا علاقات جيدة جدا مع المسلمين، ولم يكن هناك توتر قبل التفجيرات، لكن الان نخشى ان يكون ذلك بداية موجة عنف ضد المسيحيين”.
وزادت اعمال العنف الطائفية في السنوات الاخيرة في باكستان وخصوصا مع سلسلة اعتداءات انتحارية دامية استهدفت الاقلية الشيعية (حوالى 20 بالمئة من عدد السكان) والتي تبناها عسكر جنقوي وهي مجموعة مسلحة طائفية قريبة من طالبان الباكستانية والقاعدة. لكن المسيحيين لم يكونوا مستهدفين حتى الان.
وكانت اعمال العنف ضد المسيحيين في باكستان محدودة بصدامات بين طوائف محلية وغالبا بعد اتهام مسيحيين باهانة الاسلام.
مسؤولية مشايخ الإرهاب: مسيحيو باكستان تظاهروا بعد مجزرة الكنيسة
ليس عرضا شفافا ولم يستعمل تعابير حيادية