(الصورة من جلسة فرض الحظر على الكويت في لوزان: يبدو في الوسط السيد باتريك هيكي الذي اعتقلته شرطة البرازيل عارياً في الحمّام بتهمة المتاجرة غير المشروعة بالبطاقات)
تذكرون قصة جحا التي كذب فيها على الناس مدعياً ان الملك اقام في قصره وليمة ودعا اليها جميع الناس، واخذوا يتسابقون الى قصر الملك، وكلما رأى جحا آخرين كرر عليهم الكذبة ذاتها، فشاع الامر في المدينة وتسابق الناس أملاً في اللحاق بالوليمة، ولما رأى جحا شدة تدافع الناس وتسابقهم صدق هو الآخر كذبته وسارع الى قصر الملك، فجحا «كذب كذبته وصدقها» كما نقول في المثل الكويتي. هذه هي الحال بالنسبة الى الشأن الرياضي، ومقولة ان تعارض القوانين الكويتية مع القوانين الدولية هو سبب ازمة الرياضة، فهذه هي الكذبة التي ألفها البعض وأشاعها ووضع بعض الترتيبات لاظهارها حقيقة، وبدأ الآن يروجها، فهذه كذبة قانونية كبيرة، ان كانت قد انطلت على البعض، فلا يمكن ان تنطلي على القانونيين، «ترى محنا مقصة تضحكون علينا بالجذب».
والآن اسرد الحقيقة القانونية عشان تعرفون الجذبة الكبيرة، ومع تقديري واحترامي للاخ الدكتور محمد العفاسي، الذي هو اخ وزميل منذ اكثر من 32 سنة، فقد ضللوه بتلك الكذبة وبالمعلومات التي اعطيت له. واتمنى ان يتحقق من الامر قبل فوات الاوان، ويتابع السرد هنا ليعرف كيف تم تضليله. فالاتفاقيات الدولية تراعي بصورة صريحة الابعاد السيادية للدول، ولا تفرض عليها، في الاصل، اي احكام تتعارض مع تلك السيادة، بل تتيح المجال للتحفظات (اي استبعاد بعض الاحكام من السريان على الدول المتحفظة)، وتعطي اعفاءات زمنية وتترك خيارات واسعة لتبني المبادئ التي دعت اليها الاتفاقية، وفقا للنظام الدستوري والقانوني السائد في كل دولة من الدول، ووفق ما يصدر عنها من قوانين. ومن امثلة ذلك اتفاقية روما للجرائم الدولية التي تحفظت عليها الكويت بالنسبة الى حصانة رئيس الدولة، واتفاقية الاتصالات الدولية التي منحت كل دولة تبني احكامها بقوانينها الوطنية، واتفاقيات التجارة الدولية واتفاقية المكافحة التي منحت حق التحفظ والمهلة واصدار قوانين وطنية داخل كل دولة، وهكذا تتعدد الاجراءات والآليات.
لكن الامر بالنسبة الى الرياضة اسهل وايسر، اذ ان المجال في اطار اتفاقيات المنظمات الدولية الاممية او الاهلية ذات الطابع التعاوني الاختياري مثل الاتفاقيات الاقتصادية والثقافية والرياضية والمهنية، ارحب واوسع من حيث المرونة وترك الامور للقوانين الوطنية وتعزيز مظاهر السيادة للدول الاعضاء. ولذا، فإن الاتحاد الدولي لكرة القدم ومن بعده اقحام اللجنة الاولمبية الدولية، لا شأن لهما في الاطار القانوني المنظم لقواعد واحكام الاتحادات والاندية الرياضية المحلية، التي تخضع لقوانينها المحلية، ولا يوجد مجال اساسا للحديث عن تعارض بين الاحكام، اذ ان المطلوب تبني القواعد والاحكام العامة للعبة والتقيد بشروط واجراءات المشاركة في المسابقات والبطولات الدولية، ولا شأن لهم في اسلوب واجراءات داخلية في كل دولة من حيث طريقة تكوين الاتحاد وانتخاباته وعدد اعضائه. ولذا، فإن من يدعي وجود هذا التعارض المصطنع عليه ان يأتينا بالنص والحكم والقرار القانوني الذي يدعيه، «ترى محنا مقصة تضحكون علينا بالجذب».
اللهم إني بلغت
اللهم إني بلغت