إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
قد يقع الاختيار على اسم الشيخ محمد صباح السالم الصباح، وزير الخارجية السابق، لمنصب ولي العهد في الكويت، لما تتمتع به هذه الشخصية من مؤهلات سياسية وعلمية، وسمات اجتماعية “كاريزمية”، قد تؤهله لتبوّء هذا المنصب. وأيضا، لما تحتوي عليه مسألة الاختيار أو “التزكية” من تجاذبات تغلّف الصراع على المنصب بين المتنافسين ليكون محمد صباح السالم هو الأبرز لجعل “التوازن” سمة الواقع والمدخل لتخفيف حدة التجاذبات والرجل الواجب تواجده في المرحلة الجديدة من حياة الكويت السياسية.
يُشترط في ديمومة “ترتيب بيت الحكم” في الكويت وجود شخصية تستطيع أن تستوعب مختلف الأطراف المتنافسة “داخل البيت”، وأن تتقبلها هذه الأطراف باعتبارها سببا في تقريب التوجهات وتهدئة غضب وجهات النظر المختلفة، وعاملا في تسريع التفاهمات، لا عامل توسيع الهوّات والإنقسامات. ويبدو أن اسم محمد صباح السالم قد يكون هو الأبرز للقيام بهذا الدور التوازني المحوري الاستراتيجي.
وحتى لو اعتبر البعض أن تعيين محمد صباح السالم في هذا المنصب هو بمثابة عودة لفرع “السالم” إلى قلب دائرة الحكم مما قد يساهم في عودة مسألة “تنافس الأجنحة”، الذي تم تجاوزه بعد وفاة الأمير الشيخ جابر الأحمد ثم مرض ووفاة ولي العهد الشيخ سعد العبدالله السالم، لكن يبدو أن المرحلة السياسية الراهنة في الكويت قد تجاوزت هذه التقسيمات “الجناحية”/العائلية.
فعنوان التنافس على المناصب بين أفراد أسرة الحكم بات بارزا داخل الجناح الواحد أكثر منه بين الأجنحة، ومتعلقا بطموحات فردية من جانب، وبقدرة الشخصية المختارة على انتزاع البلد من محنه ومشكلاته، إن صح التعبير. ووفق المراقبين، على سبيل المثال، يعتبر وزير الدفاع الشيخ أحمد الفهد (جناح الأحمد في الأسرة) قريبا في توجهاته السياسية من محمد صباح السالم (جناح السالم) لكنه يختلف مع توجهات الشيخ ناصر محمد رئيس الوزراء السابق (جناح الأحمد).
ولد محمد صباح السالم عام 1955، وهو الابن الرابع لأمير الكويت الثاني عشر الشيخ صباح السالم الصباح، الذي تولى إمارة الكويت منذ العام 1965 حتى العام 1977.
درس في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث حصل على درجة البكالوريوس في الاقتصاد من كلية “كليرمونت” في ولاية كاليفورنيا، كما حصل على دكتوراه الفلسفة في الاقتصاد من جامعة “هارفارد”.
وشغل عددا من الوظائف، منها معيد عضو بعثة بقسم الاقتصاد في كلية التجارة والاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة الكويت، لمدة 6 سنوات امتدت منذ عام 1979 حتى العام 1985.
وفي عام 1985، عيِّن أستاذا في قسم الاقتصاد بذات الكلية، وفي عام 1987 انتدب إلى معهد الكويت للأبحاث العلمية لمدة سنة.
وعيِّن محمد صباح السالم في عدة مناصب منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، ففي عام 1993 عيِّن سفيرا للكويت لدى الولايات المتحدة الأمريكية، واستمر في هذا المنصب حتى مطلع عام 2001 حيث تم تعيينه آنذاك وزير دولة للشؤون الخارجية.
وفي منتصف عام 2003 شغل منصب وزير الخارجية ووزير الشؤون الاجتماعية والعمل بالوكالة.
وفي مطلع عام 2006 تم تعيينه نائبًا لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية، وأعيد بعد 4 أشهر فقط تعيينه بنفس المناصب، كما شغل ذات المناصب في التعديلات الوزارية عام 2007 و2008 و2009 كذلك، حيث عيِّن بذات المناصب إضافة إلى شغله وزارة النفط بالوكالة.
وفي عام 2011 قدَّم محمد صباح السالم استقالته من منصبه كوزير للخارجية، وذلك “احتجاجا على خلفية قضية إيداعات مليونية تم إثارتها آنذاك، وقيل أن مسؤولين حكوميين ونواب متورطون فيها”.
وقالت مصادر صحفية آنذاك “لقد فضّل الوزير الاستقالة من حكومة لا تطبق إصلاحات حقيقية فيما يتعلق بالإيداعات المصرفية المليونية”. واستخدم مصطلح “الإيداعات المصرفية المليونية” للإشارة إلى قضية فساد يشتبه أن 14 نائبا برلمانيا ومسؤولين حكوميين تورطوا بها.
وإثر هذه الاستقالة ارتفع رصيد محمد صباح السالم وسط المعارضة، بسبب “موقفه الاحتجاجي” إن صح التعبير على ما سُمّي بقضايا فساد. وعلى هذا الأساس فإن اختياره لمنصب ولاية العهد قد يسهّل من عملية التصويت بالموافقة عليه في مجلس الأمة، ومن جانب آخر سيحقق للسلطة التوازن السياسي التي تحتاجه من أجل تمرير سياساتها ومشاريعها في المرحلة المقبلة.
الرجل الأمين في المكان الصحيح
محمد صباح سالم الصباح الرجل الأمين الصحيح في المكان الصحيح