ما هو موقف الكونغرس العالمي للمواطنين من أصل مغربي من المشاركة في البرنامج الاستشاري الذي يشرف عليه المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان؟ وماذا يقصد الكونغرس بالمشاركة المشروطة؟ وما هي طبيعة انتظاراته من إحداث المجلس الأعلى للجالية المغربية بالخارج؟ هذه الأسئلة وغيرها يجيب عنها الأستاذ محمد المسـاوي، مهندس دولة بفرنسا، رئيس الكونغرس العالمي للمواطنين من أصل مغربي وأحد الوجوه المعروفة داخل الحركة الجمعوية بأوربا، في الحوار التالي:
ـ تداولت بعض المصادر الإعلامية تضارب الآراء داخل الكونغرس العالمي للمواطنين من أحل مغربي حول قضية المشاركة في سلسلة اللقاءات الاستشارية التي ينظمها المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان مع مختلف المنظمات التي تنشط داخل حقل الهجرة، نود أن نعرف منكم كرئيس للكونغرس الموقف الرسمي لمنظمتكم حول هذه القضية؟
تعرفون جيدا أن منظمتنا إطارا مدنيا ديمقراطيا، وقد حرصنا على مناقشة كل القضايا بكل وضوح وشفافية، كما أننا ندير اختلافاتنا وخلافاتنا بشكل ديمقراطي يراعي في نهاية المطاف مصلحة منظمتنا. فعلا، طرح موضوع المشاركة في البرنامج الاستشاري المنظم من طرف المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان اتجاهين:
الأول رحب بالمشاركة في البرنامج المذكور اعتبارا لأهمية المبادرة الملكية الرامية إلى إحداث إطار لتمثيل المغاربة في الخارج، وهو مطلب قديم للحركة الجمعــوية الديمقراطية في الخارج وعلى الخصوص في أوربا.
الثاني يعارض مسألة المشاركة في هذا البرنامج تحت تبرير أن هذه المشاركة ستكون مسخرة وستضر بمصالح المغاربة في الخارج.
لكن بعد نقاش مستفيض، ساد الرأي الذي يدعو إلى المشاركة المشروطة.
ـ ماذا تقصدون بالمشاركة المشروطة؟
لقد رأينا أن مشاركتنا لن تكون هادفة وفعالة إلا إذا تحققت مجموعة من النقط التي نراها أساسية لإنجاح هذا المشروع الملكي الطموح، وتتمحور هذه النقط في:
ـ الحرص إشراك جميع الجمعيات الديمقراطية النشيطة داخل حقل الهجرة.
ـ اعتماد مبدأ الانتخاب وليس التعيين في عملية اختيار أعضاء المجلس.
ـ الحرص على إشراك النساء والشباب وكل الشرائح الاجتماعية سواء من الجيل الأول أو الثاني والجيل الثالث المهدد بفك الارتباط مع وطنه الأم.
ـ إحداث وحدات جهوبـة دائمة تابعة للمجلس الأعلى للجالية المغربية بالخارج له في بلدان الإقامة.
ـ استقلالية المجلس عن الدوائر الحكومية وجعله تحت الرعاية الملكية.
ـ ضرورة التـزام المصالح القنصلية الحياد الإيجابي.
ـ إعطاء المجلس طابعا تقريريا وليس استشاريا ومده بكل الإمكانيات اللازمة لخدمة قضايا الهجرة والمهاجرين على وجه الخصوص.
لكن مشاركتنا في هذا المشروع لا يجب أن ينسينا مطلب المشاركة السياسية المتمثل في الاستحقاقات الانتخابية على اعتبار أنها تعد المدخل الأساسي للمشاركة في القرار السياسي ببلادنا.
ـ نفهم من جوابكم أن قرار الرسمي للكونغرس العالمي للمواطنين من أحل مغربي هو المشاركة؟
بكل تأكيد، ولهذا فإننا طالبنا بتوسيع دائرة الاستشارة لتشمل كافة الإطراف النشيطة داخل حقل الهجرة بدون استثناء لأننا نرفض، كما تعلمون، الإقصاء.
ـ لكن تدوالت بعض المصادر المتتبعة لملف الهجرة أن مسلسل الاستشارة الذي يشرف عليه المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان استثنى بعض التيارات الإسلامية؟
ما أعرفه هو أن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان قام بجولات هامة في أوربا وأمريكا..، حيث التقى بمجموعة من الهيئات والمنظمات التي تنشط داخل حقل الهجرة واستمع لاقتراحاتهم وآرائهم حول قضايا الهجرة بما فيها بعض التيارات الإسلامية المقربة من حزب العدالة والتنمية. أما التيارات الإسلامية التي ترفض المشاركة السياسية فهي عمليا تقصي نفسها بنفسها.
ـ ماذا تنتظرون من اللقاء المرتقب للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ضمن مسلسل الاستشارة مع الجمعيات التي تنشط في حقل الهجرة في نهاية شهر ماي الجاري؟
اتسمت اللقاءات التي نظمها المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بالأهمية، حيث تمت مناقشة قضايا الاقتصاد والاستثمار، المرأة، الهوية الثقافية والدين.. وهي قضايا حيوية، لكن نعتقد أن اللقاء القادم يجب أن ينكب على مسألة التمثيلية داخل هياكل المجلس الأعلى للجالية المغربية بالخارج خاصة وأن لدينا اقتراحات وأفكار وتصورات حول هذا الموضوع استخلصناها من المناظرة التي نظمها الكونغرس في مارس 2006 بالرباط بمشاركة مجموعة من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والنقابات العمالية وبعض الباحثين والخبراء في مجال الهجرة. وبمعنى أكثر وضوحا فاللقاءات الأولى بالرغم من طابعها العمومي فإنها جد أهمية، لكن نعتقد أن المحطة القادمة تستدعي منا الخوض في عمق القضية، وذلك من خلال ملامسة كل الجوانب المرتبطة بالتمثيلية وتركيبة وهياكل المجلس الأعلى للجالية المغربية بالخارج.
ـ ماذا تنتظرون من المجلس الأعلى للجالية المغربية بالخارج؟
تعلمون جيدا أن المبادرة الملكية الرامية إلى إحداث المجلس الأعلى للجالية المغربية بالخارج تأتي بعد أزيد من ثلاثة عقود من الإقصاء والتهميش. ونعتقد أن هذا المجلس سيكون بداية فعلية للمصالحة وإنصاف المغاربة في الخارج، بل وإشراكهم الفعلي في صنع القرار السياسي.
إن التحديات القوية التي تنتظر المغرب في السنوات القادمة أصبحت تستدعي تضافر الجهود وتوحيد الطاقات من أجل رفعها بدءا من قضية الصحراء المغربية التي توجد اليوم في منعطف حساس ودقيق ومرورا بالإرهاب الأعمى الذي داق المغرب مرارته في الآونة الأخيرة وانتهاء بخطر العولمـة الذي أضحى يهدد كياننا إذا لم نوفر له البنيات الضرورية القادرة على مواجهته.
ونعتقد أن المغرب في حاجة إلى الاستفادة من أبنائه في الضفة الأخرى خصوصا أصحاب الكفاءات والمؤهلات والخبرات.. ولهذا نتمنى أن تتوحد جميع الطاقات من أجل توفير الشروط السليمة لإنجاح هذه المبادرة الملكية المتقدمة.
musantra@yahoo.fr
* الدار البيضاء