أمر المسلحون المقنعون ركاب الحافلة من الأقباط المسيحيين المتوجهين إلى دير الانبا صموئيل في صحراء مصر، بالنزول وطلبوا منهم أن يعلنوا تخليهم عن ديانتهم.
إلا أن زوار الدير والعاملين فيه رفضوا ذلك. فما كان من المسلحين، الذين كانوا يكمنون للحافلة، إلا أن أطلقوا النار عليهم واحدا واحدا، ليسقط 29 منهم قتلى.
أحدث هذا الاعتداء الرهيب على اقباط مصر والذي أعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عنه، صدمة بين الاقباط الذين يعيشون على الأرض المصرية منذ قديم الزمن، إذ أنه جاء بعد تفجيرين لكنيستين قتل فيهما العشرات في نيسان/إبريل الماضي.
وهدد تنظيم الدولة الاسلامية بشن مزيد من الهجمات، ورغم أن الشرطة عززت اجراءاتها الأمنية حول الكنائس في أنحاء البلاد، إلا أن أحدا لم يكن مستعدا لهجوم على الطريق الصحراوي المؤدي الى دير الانبا صموئيل جنوب محافظة المنيا.
وطبقا لرجل دين هو قريب إحدى الناجيات لم يكن المسلحون في عجلة من أمرهم عند ارتكابهم المجزرة.
وقال ماهر توفيق الذي نجت ابنة اخيه من الاعتداء، أن المسلحين “طلبوا من الرجال النزول من الحافلة، وأخذوا بطاقات هوياتهم وما كان معهم من الذهب، وطلبوا منهم أن يتلوا الشهادتين”.
وأضاف “اخذوا المجوهرات الذهبية والنقود من النساء فيما اختبأ الأطفال تحت الكراسي”.
ويبدو أن المسلحين أجبروا ضحاياهم، الذين تناثرت جثث العديد منهم في الرمال، على الركوع قبل إطلاق النار على رؤوسهم، بحسب رجل الدين هيدرا رشيد.
وقال هيدرا الذي تحدث الى عدد من الناجين “لقد طلبوا منهم واحدا واحدا التخلي عن الديانة المسيحية، إلا أنهم جميعاً رفضوا”.
وفي قرية بني مزار الصغيرة التي لا تبعد كثيرا عن مكان الحادث، انهمرت الدموع من أعين النساء المسيحيات اللواتي اتشحن بالسواد في مراسم تشييع القتلى في كنيسة مار مرقس.
“يقولون اننا كفار”
تتعرض أقلية المسيحيين الأقباط في مصر التي تشكل نحو 10% من سكان البلاد البالغ عددهم 90 مليون، لهجمات منذ أشهر.
وقبل تفجيرات نيسان/ابريل هاجم انتحاري من تنظيم الدولة الاسلامية كنيسة في القاهرة في كانون الأول/ديسمبر وقتل 29 شخصا.
وفي سيناء حيث ينشط فرع تنظيم الدولة الاسلامية، وقعت موجة من جرائم القتل بحق الأقباط دفعت عشرات من العائلات المسيحية الى الفرار من المنطقة.
إلا أن الضربة الأخيرة التي تلقاها الاقباط في المنيا كانت الأصعب.
فالأقلية المسيحية مترسخة في هذه المحافظة، وعلى مدى عقود اندلعت التوترات مرارا بين المسيحيين وجيرانهم المسلمين.
وفي 2013 وبعد أن أدت حملة قمع نفذتها الشرطة إلى مقتل مئات من أنصار الرئيس الاسلامي محمد مرسي، هاجم مسلمون العديد من الكنائس في المنيا.
ويتهم الاسلاميون الاقباط بتأييد الجيش في اطاحته بالرئيس السابق، رغم أن المؤسسة الدينية الاسلامية وجماعات المعارضة أيدت تنحيته كذلك.
وقال مينا المصري الذي جاء للمشاركة في جنازة اقارب أحد اصدقائه قتلوا في الهجوم “استهداف الإرهاب لنا ليس أمراً جديداً. نحن ندفع ثمن دعمنا للجيش والدولة”.
واضاف “اتوقع أن تسيل دماء المسيحيين في الفترة المقبلة”.
وشاركه أخرون رأيه. وقال مينا سعيد (35 عاما) “نحن غير متفاجئين، ولكننا متألمون .. فلم يمر حتى 50 يوما على تفجير الكنيستين”.
أما حنان فؤاد فتقول أن جيرانها وهم عائلة من ستة أفراد قتلوا في الاعتداء.
واضافت وهي تقف في ساحة الكنيسة “هذا الأمر سيتكرر. لا يمر شهر بدون قتل المسيحيين”.
وتساءلت “لماذا المسيحيون؟ لأنهم يقولون أننا أقلية وأننا كفار”.