كشفت مصادر أمنية في دولة أوروبية معنية بالملف السوري لـ”الشفاف” أن معلومات “التنصّت” تعطي صورة مختلفة عن القتال الذي حدث في مدينة “تدمر” بسوريا خلال اليومين الماضيين وأسفر عن سقوط المدينة بأيدي تنظيم “داعش”.
وحسب المصادر الأوروبية، وبعكس ما قيل عن “قتالٍ ضارٍٍ” بين قوات النظام وتنظيم “داعش”، فقد تم التقاط أوامر صادرة عن القيادة العسكرية بدمشق تأمر القوات الموجودة في “تدمر” بالإكتفاء بـ”مقاومة محدودة” أمام تقدّم “داعش” وبالمبادرة إلى الإنسحاب من المدينة!
ولا تملك المصادر الأوروبية تفسيراً لقرار دمشق “المذهل” بتسليم المدينة للتنظيم الإرهابي، ولكن باب التأويلات مفتوح.
والتأويل الأول، والمرجّح، هو أن قرار الأسد يهدف إلى “استثارة الرأي العام الغربي”، والضغط على الحكومات الغربية، التي لا تستطيع الوقوف موقف المتفرّج أمام التهديد الحقيقي الذي يمثّله “داعش” على مدينة تمثّل بعض أجمل إنجازات الحضارة الإنسانية. إزاء “بربرية” داعش”، فقد تعلو في الغرب- كما بدأ يحدث فعلاً- أصوات تعتبر أن ديكتاتور سوريا الدموي هو السدّ المانع لانتصار “البربرية”.
وأعطى مصدر أميركي يعرف سوريا جيّداً تفسيراً آخر لـ”الشفّاف” لا يتعارض مع التفسير الأول وهو أن النظام فضّل “توفير” الخسائر التي كان سيُمنى بها في “تدمر” وفضّل سحب معظم قواته نحو العاصمة والمناطق المحيطة بها.
وبالأحرى، فالنظام يسعى للإحتفاظ بقوى كافية للدفاع عن “دويلة سوريا المفيدة“، التي تضمّ ثلث سكان سوريا وتمتد من دمشق إلى حمص وحماه واللاذقية والشريط الساحلي.
وهذا الشريط الساحلي هو نفسه الذي يقاتل جنود حسن نصرالله الآن، في “القلمون”، للدفاع عن “حدوده في الجنوب الغربي! (“جيش لحد” كان حرس حدود للحدود الشمالية الغربية لإسرائيل!).
إضغط على الخريطة لتكبيرها
ديمبسي: الجيش العراقي في “الرمادي” اختار الإنسحاب ولم تُخرجِهُ “داعش!
في يوم سقوط تدمر”
نقلت محطة “سي إن إن” في تقرير من واشنطن>http://arabic.cnn.com/middleeast/2015/05/21/pol-ramadi-isis-dempsy] أن مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الأمريكي، قال إن قوات الجيش العراقي التي كانت متواجدة في مدينة “الرمادي”، كبرى مدن محافظة “لأنبار”، اختارت الانسحاب من المدينة ولم يجبرها على ذلك تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام أو ما يُعرف بـ”داعش.”
“وتابع ديمبسي قائلا للصحفين أن القائد العسكري لهذه القوات في الرمادي “اختار بصورة فردية على ما يبدو (!!) للانسحاب بقواته إلى نقطة أكثر قابلية لعمليات الدفاع،” لافتا إلى أن السلطات العراقية والأمريكية تجرى تحقيقا لمعرفة ما حصل بالضبط في الرمادي”!
أكثر ما يؤلم الأميركيين هو أن الجيش العراقي انسحب تاركاً خلفه “مئات الآليات” التي كان عليها، على الأقل، تدميرها قبل الإنسحاب.
ويتساءل الأميركيون عما إذا كان قرار الإنسحاب من “الرمادي” مناورة عراقية-إيرانية تفتح الباب لإرسال ميليشيات “الحشد الشعبي” الشيعية، المرتبطة بقاسم سليماني، إلى “الأنبار” العراقية! وإذا استمرّ تقدم “داعش”، فقد تكون “فرصة لا تُعَوَّض” لدخول القوات الإيرانية إلى “بغداد”.. لحمايتها من “التكفيريين”!
“الفيغارو”: “لا ينبغي استبعاد فرضية مناورة من النظام لإثارة الذعر في الغرب
وقد تساءلت جريدة “الفيغارو” الفرنسية، الأكثر توزيعاً في فرنسا، في افتتاحية نشرتها قبل يومين عن الموقف الذي سيتّخذه الغرب إذا أصبحت دمشق وبغداد على وشك الوقوع بأيدي “داعش”.
وفي تحقيق كتبه مراسل “الفيغارو” للشرق الأوسط “جورج مالبرونو” في عدد اليوم أن انتصار داعش في “تدمر” يسمح لها بتزعّم القوى المناوئة للأسد، ويعزّز حضورها مقابل الجماعات السلفية القريبة من “القاعدة” التي حقّقت انتصارات في غرب سوريا خلال الأسابيع الماضية. كما يفتح سقوط “تدمر” لتنظيم “داعش” الباب نحو دمشق، وهي مركز السلطة والهدف النهائي للجهاديين، ولو أن العاصمة التي تحرسها قوات كبيرة تابعة للنظام تقع على بُعد 200 كيلومتر”.
ويضيف مالبرونو: “لكن الإنهيار السريع للقوات المسلّحة النظامية يطرح تساؤلات معيّنة. ويقول ديبلوماسي أوروبي متابع للملف السوري أنه “لا ينبغي استبعاد فرضية مناورة يقوم بها النظام لإثارة الذعر في الغرب حول الأخطار التي تمثّلها “داعش” ولحشد القوى حول النظام”. ويضيف ديبلوماسي آخر: “رسالة النظام تتوجّه للمجتمع الدولي. فمنذ بداية التمرّد سعت السلطة إلى الظهور بمظهر الحصن الوحيد بمواجهة الجهاديين، والنظام العلماني الوحيد القادر على الحفاظ على كنوز الإنسانية التي كان ألوف السوّاح يذهبون لزيارتها في كل عام”!
تصريحات مدير الآثار السورية يدعو “العالم للتدخّل”!
في هذا السياق، تلفت تصريحات مدير الآثار السورية (الموجود في دمشق): ناشد مدير المتاحف والآثار في سورية مأمون عبدالكريمـ، يوم الخميس” المجتمع الدولي “بالتحرك لإنقاذ مدينة تدمر الأثرية المدرجة على لائحة التراث العالمي، بعدما سيطر عليها تنظيم الدولة داعش.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن عبد الكريم قوله “للأسف، وبكل حزن تدمر اليوم تحت سيطرة مجموعات داعش, هذه خسارة لكل الإنسانية وللحضارة العالمية أمام الهمجية”.
واعتبر أن “معركة تدمر هي معركة عالمية”، وأنه كان من المفروض من كل دول العالم المشاركة لمنع قوافل داعش وجحافله من التقدم نحو المدينة التي وصفها بأنها “مدينة لكل دول العالم”.
كلام حق” سمح به النظام السوري لمدير آثاره الذي ربما “نَسٍيَ” أن يذكّر “المجتمع الدولي” بما قدّمه نظام حافظ الأسد، و”عمّو رفعت”، و”الأسد جونيور”، للتراث الإنساني. فلم يتطرّق إلى المجزرة التي ارتكبها مظلّيو رفعت الأسد بمئات السجناء (معظمهم من “الإخوان المسلمين) في سجن تدمر. وتجاهل أن نظام “سوريا الأسد” هو الذي حوّل “تدمر”” الإغريقية-اليونانية و”صيدنايا” الآرامية-المسيحية إلى اثنين من أسوأ السجون التي عرفتها سوريا في تاريخها القديم والحديث!
لقد نسي السوريون أنفسهم، منذ 45عاماً، أن “تدمر” و”صيدنايا” هي روائع تاريخية وإنسانية! بالنسبة للمواطن السوري، “تدمر” و”صيدنايا” هي “سجون” رهيبة “الداخل إليها مفقود”!
من “تدمر” إلى “الغوطة”؟
في سوريا، تبقى نقطة لم يلتفت معظم المراقبين لها وهي أن تقدّم “داعش” باتجاه دمشق، إذا حصل، سيجعل “غوطة دمشق” في موقع “المحاصَر” بين قوات النظام وقوات “داعش”! فقد فضّل تنظيم “داعش”، منذ نشوئه، تركيز جهوده على مكافحة الجماعات المسلّحة المناوئة للأسد. وتمثّل عملية “تدمر” أول صدامٍ حقيقي (لكن هل هو “حقيقي” فعلاً؟) بين الأسد والتنظيم الإرهابي!
ماذا عن مستقبل سوريا؟ يقول محلّل أميركي عاش سنوات في دمشق: “لقد انتهت سوريا، يا عزيزي”!
مثل “آثار تدمر”، سيدخل “آل الأسد” التاريخ لأنهم حوّلوا سوريا من “دولة” إلى “آثار”؟
مثل “الرمادي”: “تدمر” سقطت بأوامر من.. دمشق!
سقطت باوامر من دمشق!!! هو كلام لا يستند الى ادلة.