وكالة الصحافة الفرنسية- باشر اسلاميون من انصار جماعة انصار الدين، احدى المجموعات المسلحة التي تسيطر على شمال مالي، السبت بتدمير اضرحة الاولياء المسلمين في مدينة تمبكتو في شمال مالي، وذلك ردا على اعتبار منظمة اليونسكو ان هذه المدينة المدرجة على لائحة التراث العالمي باتت معرضة للخطر.
واعلن سندا ولد بوعمامة المتحدث باسم انصار الدين في اتصال هاتفي من باماكو عبر مترجم لفرانس برس ان حركته “ستدمر اليوم كل اضرحة المدينة، كل الاضرحة بدون استثناء!”.
وافاد سكان في المدينة لفرانس برس عبر الهاتف ان ضريح سيدي محمود في شمال المدينة كان اول الاضرحة التي تم تدميرها، وسبق ان تعرض هذا الضريح للتخريب مطلع ايار/مايو الماضي من قبل عناصر من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي المتحالف مع جماعة انصار الدين.
وقال احد سكان المدينة في اتصال مع فرانس برس وهو يبكي تأثرا “اليوم، وفي الوقت الذي اتحدث فيه معكم، انهى اسلاميو انصار الدين تدمير ضريح سيدي محمود” موضحا انهم دمروا الجدار المحيط بالضريح، واصفا هذا العمل ب”الامر الخطير”.
وتوجه الاسلاميون بعدها الى ضريح سيدي المختار في شرق المدينة حيث باشروا بهدمه ثم انتقلوا الى ضريح الفا مويا فدمروه ايضا.
وقال شاهد قريب من امام تمبكتو ان رجال انصار الدين الذين يريدون تطبيق الشريعة في كافة انحاء مالي “قالوا انهم اليوم سيدمرون كل شيء، حقا انهم انتهكوا تمبكتو اليوم، انها جريمة”.
واكد المتحدث باسم انصار الدين ردا على سؤال فرانس برس ان تدمير الاضرحة يأتي ردا على قرار اليونيسكو الذي صدر الخميس واعتبر مدينة تمبكتو مهددة، مع العلم ان هذه المدينة مدرجة من قبل منظمة اليونيسكو على لائحة التراث العالمي منذ 1988.
وقال المتحدث ان “الله واحد لا شريك له وكل هذا شرك، اننا مسلمون، وما هي اليونسكو؟”.
وافاد موقع اليونسكو على الانترنت ان تمبكتو تعد “16 مقبرة وضريحا كانت من المكونات الاساسية للنظام الديني حيث انها، حسب المعتقدات الشعبية، كانت حصنا يحمي المدينة من كل المخاطر”.
وقد لقبت المدينة التي اسستها قبائل من الطوارق في القرنين الحادي والثاني عشر، “بمدينة الاولياء ال333″، وكانت مركزا ثقافيا اسلاميا ومدينة تجارية مزدهرة تعبرها القوافل التجارية.
واشتهرت تمبكتو ايضا بعشرات الاف المخطوطات التي يعود بعضها الى القرن الثاني عشر والبعض الاخر الى عهد الجاهلية، وتملك معظمها كبرى عائلات المدينة التي تعتبرها من الكنوز الثقافية، ونقلت نحو ثلاثين الفا من تلك الوثائق التي تملكها المؤسسة الحكومية “لايداعها في مكان امن” بعد عمليات اتلاف قام بها اسلاميون في نيسان/ابريل.
وباعلانها الخميس وضع المدينة على لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر على غرار موقع غاو (شمال شرق) التاريخي، حذرت اليونسكو المجتمع الدولي من المخاطر المحدقة بها.
واعلنت اليساندرا كامينز رئيسة اليونيسكو في بيان ارسل لفرانس برس “علمنا للتو بالفاجعة الجديدة والاضرار التي لحقت بلا مبرر بضريح سيدي محمود في شمال مالي” داعية كل الاطراف المعنية بالنزاع في تمبكتو الى “تحمل مسؤولياتها”.
من جهة اخرى اعلن عميد جامع باريس دليل ابو بكر السبت ان تدمير اضرحة الاولياء في تمبكتو “سيتسبب في صدمة لدى اغلبية مسلمي المنطقة”.
وردا على سؤال فرانس برس قال ان “سكان تلك المناطق قد يشعرون بانه اعتدي عليهم بهذا العمل المجاني الذي لا فائدة ترجى منه”.
واعتبر تدمير الاضرحة “عملا يدل على الانتماء الى تيار اسلامي متطرف قد يصدم معظم مسلمي المنطقة”.
واستذكر ابو بكر اهمية تمبكتو التي احتضنت اعتبارا من القرن الحادي عشر “العديد من العلماء والمثقفين وحفظة القرآن ومفسريه”.
واضاف ان “كبار رجال الدين في تمبكتو وغيرها من مدن المنطقة يعتبرون جزءا من التراث الاسلامي ويعتبرون من الصالحين الذين يستمر التبرك بهم بعد وفاتهم لكن الاسلام المتشدد يرفض ان تكون تلك العتبات مزارا”.
وفضلا عن تمبكتو (شمال غرب) تسيطر حركات اسلامية مسلحة، منذ الفوضى التي ترافقت مع الانقلاب العسكري في 22 اذار/مارس، ايضا على غاو وكيدال (شمال شرق)، وهي المناطق الثلاث التي تشكل شمال البلاد.
ويعيد تدمير اضرحة تمبكتو الى الاذهان ما اقدمت عليه طالبان مع حلفائها في تنظيم القاعدة من تدمير تماثيل بوذا في باميان المدرجة ايضا على التراث العالمي في وسط افغانستان في اذار/مارس 2001.
وفي شرق افريقيا دمر اسلاميو حركة الشباب الصومالية العديد من اضرحة الصوفيين الذين كان السكان المحليون يتبركون بهم.
*
اسلاميو انصار الدين دمروا الاضرحة مستخدمين ازاميل ومعاول
اكد شهود لفرانس برس ان اسلاميي جماعة انصار الدين الذين دمروا السبت ثلاثة اضرحة على الاقل لاولياء مسلمين في تمبكتو بشمال غرب مالي استخدموا ازاميل ومعاول للقيام بذلك.
وقال احد هؤلاء الشهود وهو يعمل لحساب وسيلة اعلامية محلية انه في وقت مبكر صباح السبت “توجهت مجموعة من ثلاثين مقاتلا من انصار الدين الى ضريح سيدي محمود” في شمال المدينة “وطوقوه”.
واضاف الشاهد رافضا كشف هويته “بعضهم كان يحمل سلاحا. لم يطلقوا النار. اخذوا يهتفون +الله اكبر+ وبواسطة ازاميل ومعاول اخذوا يحطمون الضريح. وحين هوت كتلة كبيرة من الضريح على القبر بدأوا يهتفون ايضا +الله اكبر+ قبل ان يتوجهوا الى ضريح اخر”.
واكد شاهد اخر انه شاهد اسلاميين يستخدمون ادوات مختلفة بينها ازاميل، لافتا الى ان الاسلاميين “كانوا يحطمون الاضرحة من دون خوف”.
وافاد العديد من الشهود ان اسلاميي انصار الدين دمروا السبت ثلاثة اضرحة في تمبكتو تعود الى سيدي محمود (شمال المدينة) وسيدي المختار (شمال شرق) والفا مويا خلال بضع ساعات. وقد هددت الجماعة بتدمير كل الاضرحة في تمبكتو.