الحوار هو القيمة الحضارية الأولى والطريق الأمثل لحلّ الخلافات, لكن جدواه تتأتى من إيمان أطراف الحوار بحتمية سلوك هذا الطريق والاستغناء عن كل الطرق الأخرى, لا أن يكون وسيلة لتقطيع الوقت وفرض موازيين قوى على الأرض, أو محاولة لإعطاء غطاء شرعي لأفعال غير مشروعة.
وهنا يكون من الضروري السؤال عن جدوى الدعوة “للقاء تشاوري حول الحوار” الذي وجهته السلطات السورية لمجموعة من المعارضين والشخصيات الحقوقية والاقتصادية والثقافية والفنية في الوقت الذي يحاول فيه النظام ” الطرف الأقوى” تغيير الوضع على الأرض وفرض شروطه من خلال استمراره في محاصرة المدن والأرياف ودخولها العنيف وسقوط مئات الضحايا وآلاف الجرحى منهم العشرات سقطوا بعد توجيه الدعوة, وفي الوقت الذي يستمر فيه إقصاء المبعدين والمنفيين قسراً واستمرار الاعتقالات بالآلاف وآخرها اعتقال الدكتور أحمد طعمة العضو القيادي في إعلان دمشق من عيادته واستمرار اعتقال من يحتمل أيضاً أن يكونوا جزءا من الحوار كالدكتور كمال اللبواني ونجاتي طيارة ومازن عدي والآلاف غيرهم في المحتجزين في ظروف غير إنسانية واستمرار ممارسة التعذيب قمع الحريات العامة ومنع التجمع والاجتماع.
نعود للسؤال حول جدوى الحوار الجدّي إذاً؟ فكيف الحال بلقاء تشاوري لتداول وجهات النظر؟
والحقيقة، لا جدوى من الحوار الآن، إذا لم يتوقف الحل الأمني ويتم سحب القوى العسكرية والأمنية من الشوارع والمدن والأرياف والتخلي عن استخدام الحل الأمني والقوة لقمع الشعب، وتؤمنوا بأن الحوار هو الطريق الوحيد مما يعني إطلاق الحريات العامة بما في حق التظاهر السلمي والاجتماع، ويتمكن المتظاهرون، أصحاب المطالب والحقوق من تمثيل أنفسهم في أي حوار. ولا جدوى من الحوار الآن ،إذا لم تتم المحاسبة عن كل الإرتكابات التي تمت ضد المدنيين المسالمين، وإذا لم تحترم الحقوق الأساسية للإنسان ويطلق سراح جميع المعتقلين ويغلق نهائيا هذا الملف وتطوى كل مذكرات الملاحقة بما يسمح للجميع العودة لسوريا, وإذا لم تطلق حرية الإعلام ويتوقف هذا الشحن ضد المعارضين والمتظاهرين وكل من يطالب بحريته.
عندها يكون للحوار معنى وجدوى ونتائج.
a.bounni@gmail.com
*
محامي،
رئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية