ما رأي نساء الحركة الدستورية الإسلامية؟

0

ان كان ما يدعو إليه السيد محمد الدلال، مسؤول المكتب السياسي في الحركة الدستورية الاسلامية «حدس»، هو المزيد من انفتاح الحركة وتحولها كما جاء بالصحف، إلى «حزب منفتح على الجميع»، فان ما جاء في مقابلة احد البارزين في الحركة، السيد مبارك فهد الدويلة، يسير عكس هذا الاتجاه تماماً.

في المقابلة التلفزيونية «بقناة الوطن»، مساء يوم 2008/4/17 مع الزميل احمد الفهد، قال السيد الدويلة وهو ربما ابرز مفكري الحركة ورموزها، ان قوائم «حدس» لن تتضمن اي امرأة، وانها ضد ترشيح المرأة لاي منصب برلماني لان مثل هذا المنصب «ولاية عامة» لا تجوز للمرأة، وانه قد جرى تبني هذا الرأي في حياة السيد عبدالله العلي المطوع حيث تم جمع العديد من المشايخ، فاجمعوا على هذا الرأي او رجحوه بالاغلبية.

والذي اراه الان، ان مثل هذا الالتزام السياسي سيضع حدس في وضع محرج جداً، سواء جرى التمسك بهذا الموقف او جرى التخلي عنه بعد فترة.

فمن المؤكد ان حدس ستجد نفسها خلال الاعوام القادمة ومع كل انتخابات جديدة في وضع حرج وامام اجيال جديدة من فتيات ونساء الحركة الاسلامية خصوصاً ونساء الكويت عموماً، وستفقد حججها قوة الاقناع مع كل دورة انتخابية ومع كل بروز مؤكد لدور المرأة، بعد ان نالت حق الانتخاب والترشيح في الكويت، ناهيك عما سيجري في العالم العربي والاسلامي ووسط نساء المسلمين في اوروبا وامريكا وكندا. ولا ندري بالتطورات القادمة في دول مجلس التعاون نفسها وما اذا كانت جماعات الاخوان المسلمين فيها سيتبنون مثل هذا الرأي المتشدد.

واذا طال التزام «حدس» بهذا الرأي وهذه الفتوى، وهذه في الواقع «مصيبة سياسية»، فان التخلي عن هذا الرأي وترشيح عضوات حدس لعضوية المجلس خلال الدورات المقبلة «مصيبة حزبية» اكبر. فأين «الضوابط والثوابت»، وما جرى تحريمه مراعاة لاراء السيد عبدالله العلي، تجري اباحته وجوازه.. في وقت لاحق؟! لا أدري في الواقع كيف يقنع السيد مبارك الدويلة نفسه بهذا الرأي وسط كل هذه المتغيرات. ولا أدري الى أي مدى شاركت نساء حدس ولجانها النسائية في تشكيل هذا الرأى. ولكن الذي اعرفه ويعرفه الجميع، وكما اشير اليه في البرنامج نفسه، ان الاخوان المسلمين في مصر، وهم الاصل واخوان الكويت اتباع لفكره، لم يكتف باجازة دخول المرأة الى البرلمان بل وضعها على قائمته منذ سنوات. فهل ارتكبت الاخوان في مصر مخالفة شرعية فيما قرروا؟ وهل «علماء حدس» اعلم من فقهاء الاخوان في مصر وجماعات الاخوان وممثلي تياره.. عبر البراري والبحار؟

ام ان الامر لا يتعدى تقديس فتاوى الاقدمين، ومراعاة تراث «آباء حدس المؤسسين» وربما عدم تحريك المياه الساكنة في الاوساط المحافظة الحضرية او المتشددة بين القبائل؟

لقد ناقش د.يوسف القرضاوي حجج الاسلاميين وربما بالذات الاخوان، بما في ذلك المودودي وسيد قطب وحسن البنا، وذلك في كتابه المعروف «من فقه الدولة في الاسلام»، دار الشروق بالقاهرة 1997، في فصل خاص بعنوان «ترشيح المرأة للمجالس النيابية بين الاجازة والمنع»، وناقش بالذات فتوى الازهر القديمة التي كثيرا ما كان المرحوم المطوع يشير اليها لتبرير الموقف الحالي لحدس، ثم قال: «الواقع الذي نشهده، وهو ان كثيرا من النساء كن لاوطانهن خيرا من كثير من الرجال، وان بعض هؤلاء «النساء» لهو ارجح في ميزان الكفاية والمقدرة السياسية والادارية من كثير من حكام العرب والمسلمين» وخلص الى انه يمكن للمرأة «أن تكون وزيرة، ويمكن أن تكون قاضية، ويمكن أن تكون محتسبة». وطالب الشيخ القرضاوي ان «تعطى المرأة ما يناسبها من الوزارات في مجال الأسرة أولا، ثم في الأمور المدنية» «ص 175ـ176»

فانظر كيف يحرم «مشايخ حدس» حق المرأة المسلمة في عضوية مجلس الأمة أو البرلمان، لان في المنصب شبهة الولاية العامة، وينادي الاخوان المسلمين بحقها الشرعي في هذا، بل ولا يرى الشيخ يوسف القرضاوي بأسا في توليها مناصب وزارية وقضائية واحتسابية.. فمن من هؤلاء يمثل الاسلام الصحيح ورأي الشريعة؟
وليس من المستبعد على الاطلاق ان تكون «الحركة الدستورية الاسلامية» قد تبنت هذا الموقف المتزمت ضد المرأة مراعاة للاعراف الاجتماعية أكثر منه التزاما بحكم الشرع فللحركة «سوابق» للاسف في هذا المجال. ولكن كيف يمكن لأي عضوة في حركة «حدس» ان تجابه نفسها وبقية النساء عقلا وشرعا؟ وكيف لا يرى المسلمون في معظم اقطارهم، وجماعات الاخوان وممثلوهم في اكبر الدول الاسلامية بأسا في دخول المرأة البرلمان وحتى في التوزير، وتقف «حدس» هذا الموقف المنفرد من حقوق المرأة الكويتية؟

بل انني اتساءل هنا: كيف سيرد الاسلاميون عموما والاخوان في الكويت خصوصا لو منعت اي دولة اوروبية دخول المرأة العربية أو المسلمة في اوروبا أو امريكا البرلمان والكونغرس على أساس فتوى مشايخ حدس؟ وما كان سيكون رد فعل الاقلام الاسلامية لو منعت تركيا أو العراق أو ايران أو اندونيسيا ذلك؟
لقد حاول قادة حدس اخيرا تسويق حركتهم اعلاميا كقيادة سياسية وفكرية واجتماعية للكويت، ربما تأثرا بأفكار الحركة الاسلامية في تركيا والتي لا تخفي حدس وحركة الاخوان اعجابهما بها. ودعا السيد محمد الدلال على صفحات جريدة «الرأي» 2008/1/14 حتى الشيعة الى الاستجابة لطموحات «الحركة الدستورية الاسلامية» والالتفاف حولها، وها نحن نكتشف من خلال ما صرح به السيد مبارك الدويلة بكل وضوح وثقة أن حدس لم تنفتح حتى الان على نصف «أهل السنة»!!
بقيت نقطة اخرى جديرة بالاشارة.. فالسيد الدويلة الذي بدا حريصا على تطبيق «الشرع» لم يبد نفس الحرص في مراعاة قوانين البلاد، فقد اعترف بأن «حدس» في الواقع «حزب» وله قيادات واجتماعات ولجان تجتمع وتقرر و«تشق وتخيط» وان من نراهم على المسرح من رجالها وبرلمانييها، تحركهم حدس كيفما أرادت!! ولا أعرف رأي القانون والقضاء في اعتراف كهذا؟ هل للاخرين كذلك حق اشهار الاحزاب اسوة بحركة حدس؟

باختصار.. تحاول «الحركة الدستورية الاسلامية» ان تجمع في سلة حزبية واحدة مصالحها السياسية والموقف الشرعي «الصحيح» ورضا المحافظين والقبليين والمتزمتين ومساندة الحكومة والرأي العام الكويتي، وربما اشياء واتجاهات كثيرة اخرى، ونترك الحكم للكويتيين والكويتيات على مثل هذه السياسات!!

* كاتب كويتي

Comments are closed.

Share.

اكتشاف المزيد من Middle East Transparent

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading