لحظة (التخلي) هي لحظة (تجلي)، وهي لحظة مشتقة من خلوة النفسي مع الله وفق المقابسات التصوفية التي لا يمكن الحديث عن كمال جنبلاط دون مقابسة روح الصوفية العذب وتداول مفرداتها، (التخلي) حيث الخلوة مع الحقيقة التي تتجلى في ذات الحق إذ يتحقق في عالم الخلق عبر الضنائن والأبدال أوتاد الأرض الذين يحفظون توازنها، إذ جنبلاط الأب أحد هؤلاء الأبدال الذي اصطدموا بمخالب الأغيار فصرعه الشيطان الأسدي الأكبر، إنها اللحظة التي (يتخلى) فيها المرء عن عالم الحاجات الغريزية الواطئة والعارضة، ويرتفع بالضمير إلى لحظة إمساك رعشة الوجود وتعالي المطلق، ذلك هو المعنى الذي يتغلغل في وجدان شيوخ العقل كما ارتشفوها من ينابيع الباطن التصوفية وكما ترأرأت في باصرة العارف السالك الزاهد كمال جنبلاط الذي دفع ضريبة افتداء حرية لبنان من أسر الاستبداد الأسدي ذي الأصول (الوحشية)، وتلك كنيته الأصلية قبل أن يتزيا بزي الأسد…
إنها إذن ليست لحظة تخلي عن العقل باتجاه الحمق، كما يمكن أن يفهم الحمقى من الذين تأولوا معنى (التخلي)، كما جاء على لسان واحد من الذي عاقب الله بهم (وليد جنبلاط)، ممن قصدهم يوما فعرفهم بالصغار (تعرفون أخبارهم من صغارهم) وكان حينها يقصد ابن ديرته (وئام وهاب) الذي غدا اليوم في لجنة الوصاية السورية على قبول توبة (البيك وليد)…. ومن ثم إدخاله ورشة إعادة التأهيل التي افتتحوها لمعالجة حالة التائبين من الأخوان المسلمين وفق تعبيرا الخطاب الأمني السوري عن ضرورة إعادة تأهيل الأخوان ليتمكنوا من العيش وفق قوانين الحياة في الغابة الأسدية…نعم (وهاب الذي هو من صغارهم على حد تقييم البيك له) هو مرجعية التوبة وتفسير معناها وشروط قبولها قبل ختمها الإلهي من نصر الله الذي أرغم الألوهية أن تشتغل كمراسلة في حاشية الشيطان الأسدي…إنها قيامة اللاهوت الإيراني حيث لا ينفع فيه الكبار كبرهم إلا من أتى ولي الفقيه الثيوقراطي والوصي الرفيق الفاشي بقلب شيطاني سليم!
في هذا الفضاء الطقسي البعثي الأسدي لن يكون هناك من معنى لمفردة (التخلي) سوى معنى التخلي عن الكرامة والكبرياء للاعتذار من سفاحي الدماء…ويأتي العدل الإلهي ليعاقبهم بتأمير صغارهم عليهم، وتلك هي عاقبة الساكتين على الاستبداد وفق فتوى الكواكبي الكبير منذ أكثر من قرن من أن الاستبداد هو عقاب من الله لكل الساكتين على إصر العبودية والاستعباد، لأن في ذلك إنكارا وجحودا بفضله إذ خلقهم (بأحسن تقويم)، عقاب لأولئك الذين لا يذودون عن حريتهم وكرامتهم، فإنهم يستحق عليهم عذاب أن يكونوا في أسفل سافلين…
اللحظة الأصل لـ(التخلي) هي تلك اللحظة التي تعبر فيها الأرض و بكل موازينها الأرضية بما ثقلت ومطامعها ومطامحها بما ابتذلت، وشهواتها بما دنأت، ومباذلها بما سفهت…تعبر الأرض التي حلت بها لعنة العدم عن لهفتها للانعتاق من حسية أرضيتها، شوقا إلى الاتحاد بالمطلق وعالم المثل الأفلاطونية التي ارتشف منها الكبير (كمال جنبلاط)، حيث المواجهة العارية أمام (الله أو الضمير) إذ يتجلى في لحظة خطف صوفية، تلك اللحظة التي عرفها جنبلاط الكبير وسبح في أنوارها الصمدية، على ذات طريق الحرية، طريق الجلجلة التي عرفها وسلك دربها ومعارج طرقها السالكون النبلاء من ضنائن الرحمن الذين امتلكوا سر الحرية وارتشفوا رحيقها فهانت عليهم حياة الأسراء والعبيد المنصاعين لسلطة البدلاء المسوخ فارتفعوا إلى فوق…
ليت دنيوية وعلمانية واشتراكية جنبلاط الابن (وليد بيك) تفسح المجال لبعض التسبيحات القدوسية من فيوضات أبيه : شيخ العقل الأكبر، عقل تنوير بصائر الداخل عندما يكل البصر الحسي خاسئا وهو حسير، لا يرى إلا عالم ظاهرالسرديات التافهة لعالم الأشياء والشوائب والأوشاب والأخلاط والحسابات الصغيرة التي تطفو على سطح الأشياء مغرقة الباصرة القلبية، حيث كوة أنوار العقل الكوني اللدني تتلألأ ضياء ينداح حرية من قلب الله إلى قلب البشر، وحيث باصرة الحق الذي لا يحق فيه إلا الحق، إذ عندها يمتنع على لحظة الألوهة (لحظة التخلي-التجلي)، لحظة الخلوة والصفوة والصفاء أن تتمرغ على عتبات الشيطان الذي ملأ الأرض (السورية واللبنانية والفلسطينية والعراقية قبحا وشرا وفسادا وفجورا ودما…) فدم كمال جنبلاط الضنين العارف والسالك هو ملك وطن وقيم شعب ومشروع اندماج وطني أخلاقي يتجاوز الطوائف و الوشائج والعصبيات، ولا يحق للبنوة العضوية أن تحتكر إشراقات مشروعه العربي الديموقراطي التنويري الكبير والنبيل…
لقد تمكن السرطان الأسدي من الفتك بالجسد اللبناني، مثلما فعل في الجسد السوري والعربي، ويتشارك اليوم في سرطانيته مع فقهاء الظلام الإيراني الذين يعتبرون كل من اختلف معهم عدو الله ورسوله، حيث تتحول هذه الفتوى إلى ادلوجة نضالية لحزب الله وحزب البعث، حيث كل مختلف عدو وخائن، بعد أن تمكنت هذه الأدلوجة من تقزيم الكيان اللبناني والطموح والحلم اللبناني في الصورة التي أرادها جنبلاط الكبير للبنان الحرية، عندما يأبى بكل قوة عنفوان الروح والعقل إلغاء ذاته الحرة على طريق التماهي بصورة السجان العربي الذي تتكثف دلالته بالمشروع الطائفي الأسدي، وذلك من خلال رفضه الالتحاق بمشروع وحدوي مع رجل(طاغوت) يرطن بالشعار القومي ويبطن مشروعه الطائفي الدموي، والذي لم يعد مشروعا باطنيا بعد التحاقه المعلن والتبعي الصريح بالولي الفقيه في ايران، قد كان تتويج هذا الالتحاق بربط مصير (الابن الوريث الأسدي الصغير) بمصير المشروع النووي الإيراني، بعد أن أطلق العنان لحلة التشييع الايراني لاختراق الثقافة الوطنية السورية، والاختراق السياسي عبر تحويل المشروع الوطني والقومي للصراع العربي- الصهيوني إلى ورقة إقليمية في يد الملف النووي الايراني…بل والتعاون الأمني بأحط أشكال التبعية للمخابرات والحرس الثوري الايراني، حيث بلغت حد أن تشتغل المخابرات السورية كمخبرين ودوريات اعتقال ضد العرب الأحواز المارين في سوريا على درب المنفى…
كان اغتيال الأسد الأب لجنبلاط الأب الضربة الأولى على طريق تقزيم لبنان من مشروع وطني ديموقراطي عربي مدني نهضوي تنويري، إلى لبنان عصبوي طائفي تحكمه ذات النوعية التكوينية البشرية التي راحت تطوف على السطح السوري من فتات الأوباش، حيث التحالف العصبوي بين رعاع الريف وحثالات المدن…هذا المشغل السوسيو -سياسي الأسدي في سوريا راح ينتج أشباهه ونظائره في لبنان، حيث البحث عن نموذج للتسيّد على لبنان يشاكل ويطابق النموذج الذي يتسيّد على سوريا، بعد تحطيم الكرامة الوطنية للسوريين، فكان لابد من تحطيم الكرامة الوطنية للبنانيين…وما كان ذلك ممكنا مع وجود قامات باذخة ككمال جنبلاط فكان لابد من اجتثاثها لكي يغدو لبنان بلا قامة ولا قوام…
كاد لبنان أن يتلاشى كما تلاشى المجتمع السوري، حتى قامت الظاهرة الحريرية مرتفعة كقامة سامقة باذخة، بوصفها ظاهرة يقظة الفئات الوسطى الوطنية المدنية التي تكونت كقوة اقتصادية من وراء ظهر قوى النهب واللصوصية والفساد المعمم للتحالف الأمني المخابراتي لرعاع وحثالات سوريا ولبنان… وكان على الرجل الراحل (الحريري) أن يشبع جوع (السادة الرعاع) ونهمهم المرضى ذي العيون الفاغرة والفارغة، لأنه جوع نفسي فهو عميق بلا قرار لا يشبع أبدا، وذلك لكي يتركوا له فرصة إعادة بناء بلده ووطنه لبنان على غفلة منهم ومن وراء ظهورهم الدموية.
تقدم الابن (بشار الشجاع) لصناعة (كارزميته)، على طريقة أبيه في صناعة الكاريزما، وذلك عن طريق فلسفة استباحة الدماء، فكما قام الأب بصناعة كارزميته الدموية عبر قتل جنبلاط الأب، سيقوم الابن الوريث باغتيال رمزالإجماع الوطني الجديد رفيق الحريري، تماما كما فعل أبوه مع رمز الاجماع الوطني من قبل كمال جنبلاط…تلك هي المدرسة البعثية (الأسدية -الصدامية) في صناعة الكاريزما…التي سيرثها التحالف الطائفي للمحور الإيراني لصناعة كاريزما (نجاد –الأسد الصغير-نصر الله)، سيما بعد التغطية الفقهية الشرعية للولي الفقيه لصناعة الكذب (الانتخابات الإيراينة – اللعب بالقضايا الوطنية والدينية) حيث توحدها غائيا : ايرانيا التزوير والقتل في خدمة دولة الله، وبعثيا أسديا (السجن أو القبر) في خدمة دولة العروبة والأمة العربية…ومن لا يقبل فعليه التوبة والاعتذار..
لكن الابن الوريث الصغير، ولأنه صغير لم يحسب نتائج فعلته التي قاسها على نتائج فعلة أبيه التي أفلتت من العقاب، ولأنه عُصابي ملتاث هذيانيا لم يتوفر على وعي عقلاني يتيح له أن يدرك الشروط المختلفة الدولية والمحلية للارتكابين، وأن الظروف بين ارتكاب الأب وارتكاب الابن أصبحت مختلفة باختلاف العالم المحلي والعالمي المحيط بالجريمة، فالتثبت العُصابي لا يتيح لصاحبه أن يدرك السببية والنسبية والشرطية لأنه مأخوذ بتثبته الغائي الذي يزين له رغبويا وغائيا أن كل الوسائل ممكنة ومشروعة.
ومنذ هذه اللحظة تأسست لحظة “السقوط الذاتي البعثي”، حيث لم تقاوم هذه اللحظة في العراق أقل من ثلاث أسابيع، إذ البنية الطغيانية الشمولية العقائدية للبعث الصدامي تتهاوى أمام عقاب الله –حسب تأويل الكواكبي لعقاب الاستبداد – بالاحتلال الأمريكي،وسيعقب هزيمة بعث صدام هزيمة صنوه المشروع الأسدي في لبنان على يد الأسد الصغير( الهُذائي الأهوج)، وربما تكون الهزيمة الأسدية هي إحدى ثمرات الهزيمة الصدامية، حيث ستتولد فرصة ممكن الحرية بوصفها نتاج الضرورة الذاتية لسيرورة المستبد في زمن سمته الأساسية هي الحرية عبر الصحوة الديموقراطية عالميا…
أي يمكن للحرية أن يحملها رافع عالمي إنساني يوحد العالم حول مواطنة عالمية ترغم الاستبداد على التآكل الذاتي، حيث لا يشترط بالضرورة أن يقوم ضحايا الاستبداد بإسقاطه مع بلوغه هذه الدرجة التغول، سيما بعد أن فتك بأرواح رعاياه ونفوسهم فخلفهم نفوسا جوفا لا يمكن أن تشكل أكثر من رعية دهماء تبلغ نخبها درجة من فقدان الذاكرة أن يعتذر الضحية من الجلاد، بل ويعلن على خوض حروبه الكاذبة،حيث تحميله مقاصد نبيلة وأهداف وطنية هو لا يحملها إلا كذبا وتضليلا، كما كان الموقف الأخواني نحو تفرج العصبة الأسدية وتفرج حلفائها الطائفيين على مذبحة (غزة)…
فكان عقاب التاريخ وإتاواته كما راهن الكواكبي على هذه الإتاوة بوصفه لعنة إلهية تصب لعنتها فوق رأس المستبد و رؤوس أسراء الاستبداد معا فتسقط ممالك الطغيان، إذ لم يطل الزمن على نبوءة الكواكبي حتى كان سقوط الدولة العثمانية نتاج اللعنة الذاتية للاستبداد، أكثر من المباركة الِإلهية لإرادة الحرية لضحايا الاستبداد الذين نسوا فضل الله عليهم الذي خلقهم بأحسن تقويم…هكذا فإن مستقبل السقوط للأسدية هو رهن ( معوقيتها) الداخلية المريضة ذُهانيا، محكومة بطيشها ورعونتها- حماقتها- سفهها أكثر من حكمة ورشدانية واستراتيجية المعارضة التي أنهكها الخوف والطغيان والإرهاب…ولأن الكواكبي كان صاحب مشروع وقضية اسمها الحرية كما سيكون الشهيدان الكبيران جنبلاط والحريري، فلم يكن معنيا بالتفاصيل حول ميزان القوى، ولهذا لم يطأطيء أمام الهول الإنكشاري كما لم يطأطيء الشهيدان أمام الانكشارية الأسدية المحدثة، رغم أن الأسدية هي ما دون الإنكشارية لكونها لا تملك أي تاريخ بطولي كما يمكن للإنكشارية الأصلية أن تتباهى بذودها عن الأوطان…فالمنجز الأكبر للأسد الأب (خسارة الجولان…والمنجز الأساسي للإبن أنه ختم التنازل الأسدي عن لواء اسكندرون)… ولهذا كانت صدمتنا كبيرة بالمثل العليا (الكمالية) للبيت الجنبلاطي:
– إن العصابة التسلطية استمرأت لعبة استدراج جنبلاط إلى فخ الإهانة والإذلال ليكون نموذجا للمعارضة السورية، حتى أن راح بعض إعلامها من يطالب جنبلاط بمزيد من (الإعتذار)، والبعض الآخر من الجيوب الأمنية التي اخترقت بها الأجهزة الأمنية صفوف المعارضة، راحت تدعو المعارضة لاتخاذ جنبلاط نموذجا (للمراجعة) الوطنية…!
– على كل حال شكرا لأهل جنبلاط من أهل (طائفته) الكريمة العزيزة الذين وضعوا سقفا لحدود التنازل عن لكرامة فاكتفى (وليد بك) بالاعتذار معنى والتهرب لفظا، فلم يهبط وليد بك إلى مادون الكرامة الدرزية لجبل العرب… التي تشبعنا برمزيتها نحن السوريون من خلال رمزيتها ومعناها الفذ في شخص سلطان باشا الأطرش…
– لا يمكن تفسير وقبول هذا التردي اعتمادا على قراءات للسياسة تتأسس على (الفكر اليومي) على حد تعبير مهدي عامل، أي تحسب وفق وقائع الحياة اليومية للسرديات السياسية الصغرى التي تحيط باستراتيجيات دولة عظمى كالولايات المتحدة الأمريكية لا يشكل حزب الله أو (جبل الدروز الذي يهان باسم الخوف عليه وحمايته)، ولا النظام السوري بل وحتى الايراني إلا تنويعات تشويشية على إحدى الشاشات الصغرى لممثلهم الاقليمي في المنطقة المتمثل بإسرائيل، وذلك في لحظة عابرة من التاريخ تاريخ هزائمنا المتوالية، التي لم نجد ردا على هذه الهزائم الحضارية إلا الثأر الشيعي من قبل الثلاثي الطائفي في ايران وسوريا ولبنان..
– .هل يعقل لمن يحمل مشروعا تغييريا ديموقراطيا نهضويا أن يعتقد بل ويرسم سياساته على ضوء قراءات المخافر الإعلامية في دمشق لواقع السياسة الدولية التي تستنبط بأن العالم بمجموعه الآن يتسابق لكسب رضاهم… هل يعقل لعقل استراتيجي أن يتصور أن السياسة العالمية ومآلاتها ومصائرها تتقرر في زواريب بيروت أو مخابئ نصر الله أو أقبية المخابرات السورية وحوزات قم…لكي يستشعر الهزيمة ويرفع راية الاستسلام أمام المحور الأكثر عزلة في العالم والأكثر جهلا وتفارقا للخطاب السياسي والدولي العالمي المتحضر…وإذا سمحت الذاكرة للأخ (وليد بيك) أن ينسى…! فكيف ينسى الشعب اللبناني آلاف الشهداء وآلاف الأسرى الذين لا يزال الكثيرون منهم في المعتقلات السورية…؟ شهداء لبنان ليس أولهم كمال جنبلاط وما يمثل ويرمز، ولا خاتمتهم رفيق الحريري وما يمثل وما يرمز بعد أن أضاف الإبن لسجل أبيه كرها مرضيا نحو المثقفين الذين قتلهم في لبنان ويسجنهم ويهجرهم في سوريا على طريق صناعة الكاريزما الأسدية بعد أن أطفأ أنوار الدور النهضوي والتنويري للبنان وحوله إلى مسرح عمليات لحروب الطوائف والمذاهب والأغيار والأوراق الإقليمية…!؟ كيف ينسى الفلسطيني تل الزعتر ؟ كيف ينسى السوري الجولان ولواء اسكندرون وحماة… وعشرات آلاف الضحايا..عشرات آلاف خريجي المعتقلات…عائلات سورية تنتظر سبعة عشر ألف مفقود… آلاف الأسر العراقية التي فقدت أبناءها بهدايا البعث المعبأءة بالمفخخات الأسدية… ألم يفكر الأستاذ وليد جنبلاط عندما سيذهب إلى سوريا معتذرا كيف سترمقه عيون السوريين التي كحلها الطاغية الصغير باعتقال التلميذة طل الملوحي (19) عاما من وراء مقعد دراستها الثانوية، لتوضع إلى جانب الأم والجدة الدكتورة فداء حوراني في كنف الجد الثمانيني شيخ القضاء والقانون السوري المدمر هيثم المالح…لتكثف هذه العائلة المقدسة صورة ملحمة ومأساة العائلة السورية خلال حقبة الطاغوت الأسدي…!
– كيف سينظر في عيون الأكراد السوريين الذين يتباهون بصلة الرابطة القومية تاريخيا مع البيت الجنبلاطي، وهم بين من لا يملك الهوية الوطنية السورية، بين ملاحق ومطارد، حيث لعنة الاعتقال والسجن تطرق كل بيت كردي بسبب صحوتهم السياسية ومطالبتهم بحقوقهم الوطنية والحقوقية والثقافية المشروعة…بل أصبح خطر اصطيادهم يهدد زهرات شبابهم اليافعين من الذين يخدمون علم وطنهم السوري، الذي يرفض من تعتذر منهم حقهم المواطني في أن يكونوا شركاء متساوين بالوطن مع إخوتهم السوريين العرب، وهم يخدمون ذات العلم الوطني الذي يصفون ويصطادون تحت رايته الخفاقة…فإذا كنت ستعتذر من شعب سوريا بحق…. فما عليك سوى الاعتذار عن اعتذارك من جلاديهم ؟؟؟
mr_glory@hotmail.com
• كاتب سوري- فرنسا
*
بعض القرّاء ذاكرتهم طويلة. بعض هؤلاء طلبوا من “الشفاف” إعادة نشر الفيديو السوري ضد وليد جنبلاط الذي كان “الشفاف” قد نشره في نوفمبر 2006. وقد تردّدنا في نشره اليوم بعد أن عادت العلاقات “إلى مجاريها الطبيعية” بين وليد بك ودمشق على ذمّة من يصدّقون! في حينه، قلنا أن الرئيس بشّار الأسد أعجِبَ كثيراً بالفيديو الخاص بوليد بك، وهو كان ضمن سلسلة تم تخصيصها لنائب الرئيس عبد الحليم خدام، والرئيس سعد الحريري.
في ما يلي الفيديو، مع رابط “الشفاف” القديم:
http://www.metransparent.com/old/texts/junblatt_video_clip.htm
ليت جنبلاط ظل أمينا للحظة (التخلي)…!
انتظرنا مقال عيد طويلا. اذ ان صمتا يبرره ضيق اللغة عن وسع هذا الخذلان قد يفهم منه للبعض تواطؤ أو استسلام، ولغتنا على رحابتها خانت أحاسيسنا جميعا.
الكثير في سوريا ومن جميع الاتجاهات يشعرون بالغثيان للتحولات التي حدثت في بيروت. وكل مايحدث من تطييب الخواطر وتزوير الوقائع لا بل والقتل في وضح النهار نحن بريئون منه في سوريا. وهذه المقايضات التي تحدث انما تحدث على حساب كرامتنا قبل ان تكون على حسابة كرامة جنبلاط في لبنان.