الكتلة من الرقي والثقافة والفصاحة واللباقة وعفة اللسان وجودة الأسلوب ونصاعة البيان وخفة الظل، كل تلك الصفات جعلتني أحب هذا الرجل حبا في الله. أحرص على مشاهدة ما يقدمه على التلفزيون وأتابع ما يسطره في الصحف وأحرص على مطالعة صحيفته المتعثرة بفعل فاعل.
هذا الرجل وإن كنت لا أزكيه على الله، حماه الله من سوءة النفاق. لم اسمع منه قط كلمة نفاق لصغير أو كبير ولا لغني ولا أثير ولا صاحب جاه ومنصب ولا أمير.
هذا الرجل قيل لي أنه أغري بالمال لينافق فأبى. أغري بالمال ليصمت عن العورات التي تسيء لبلده ومواطنيه فأبى. تعبوا معه فلاحقوا هناته مهما صغرت فجعلوا منها هرما.
الرجل صمد صمود الرجال الرجال، ما تزحزح عن مبدأ وما اشترى الذي هو أدنى بالذي هو خير.
لقد شاهدت طوال عمري أشباه رجال بالرغم من علمهم كانت كرامتهم أرخص من أحذيتهم. شاهدت رجالا صمدوا وصدحوا بكلمة الحق ولكنهم لا نت عريكتهم أمام الأصفر الرنان وعرض الحياة الدنيا ليشتروا به ثمنا قليلا فغاصوا الى القاع وشاركوا الخفافيش عيشهم وأضاعوا ما حرصوا العمر على صيانته والمباهاة به.
سمعت مرة أحدهم يصف حكما في هذا الزمان بأنه اعدل من حكم الخلفاء الراشدين وفي برنامج تلفزيوني حتى أن المذيع هزأ به فما غنم إلا السقوط المريع ممن كانوا يحترموه بل وحتى من أعين من نافق لهم فبعض النفاق إذ اغرق صاحبه فيه وملك عليه لبه تحول الى مذمة وليس مديحا.
هناك أناس اتخذوا النفاق مهنة ويتقلبون كما تقلب الحرباء وهؤلاء لا تثريب عليهم فقد نزعوا برقع الحياء.
أعود للعزيز الذي لم أقابله قط بل ولا يعرف اسمي البتة. الرجل قال أن رئيس دولته مريض. لا شتم ولا تبجح ولكن كانت كلمته تلك ذنبا تجاوز ذنب آدم عليه السلام والذي أخرجه من الجنة.
حكم عليه بالسجن والغرامة وقيل أن السجن خفف وأن الغرامة أسقطت، وقام أهل الحق ينا فحون عن الرجل ويسفهون القضاء الذي يحكم بالرغبات.
فوجئت أن صدر عفوا من رئيس الدولة عن العزيز إبراهيم عيسى.
تألمت أن يقبل إبراهيم العفو فقبول العفو إقرار بالذنب، والعفو عمن لا ذنب له ظلما مضاعفا.
ليت إبراهيم رفض العفو، وطالب بالبراءة. هل يضير إبراهيم سجن شهر أو يزيد؟ أنا على يقين أن ذلك سيزيد من قيمته ويرغم الظلم على الإحساس بالهزيمة وليس هناك نصر يفوق جعل الظلم يشعر بالهزيمة ولو لم يصرح.
ليت إبراهيم عيسى رفض.
allehbi@gmail.com
جده