تحت عنوان “لبنان، ومصطافيه، وجنوده وميليشياته”، نشرت جريدة “لوموند” اليوم تحقيقاً حول القتال في نهر البارد، جاء فيه أن “أحد عناصر فتح الإسلام، وهو سعودي يبلغ عمره 22 سنة، كان يعتقد أنه يقابل في جنّين ضد الإسرائيليين”! كما تنقل مراسلة “لوموند”، سيسيل إينيون”، عن المحقّقين اللبنانيين أن استبسال عناصر فتح الإسلام في القتال “ليس ناجما عن صلابتهم أو عن تدربياتهم المكثّفة بقدر ما هو نتيجة التعاطي المكثّف لمشتقّات الأفيون”.
وحسب “لوموند”: “بات المخيّم اليوم مجرّد خرائب من كتل الباطون المحروقة التي يرفرف فوق بعضها علم لبناني. ويؤكّد الجيش أنه يسيطر على 80 بالمئة من المخيّم الفلسطيني. وتواصل بطاريات المدفعية المتمركزة فوق التلال المجاورة القصف، بمساندة الدبابات وعدد من هليكوبترات “غازيل” التي أرسلتها قطر في مطلع يونيو، والتي تمّ تجهيزها بالصواريخ. ويقول عقيد في الجيش اللبناني: “لقد قاربنا من تحقيق النصر”، ولكنه لا يتسرّع في تحديد موعد لانتهاء العمليات.
ويدور القتال حالياً في قلب المخيم، في مساحة لا تتجاوز 2 كلم مربع ويطلق عليها الناس تسمية “المخيّم القديم”. وهذا المخيّم القديم هو أول مخيّم إنشئ في “نهر البارد” لاستيعاب النازحين الفلسطينيين في سنة 1949. وهو عبارة عن أزقّة متشابكة لا يسمح عرضها “حتى بمرور تابوت”، حسب أحد السكان، وتقع تحت عدد من الأنفاق. أي أن المنطقة مثالية لخوض حرب عصابات، في حين أنها شديدة الخطورة على الجيش اللبناني.
إن كل قطعة من المخيّم مزروعة بالألغام والمتفجّرات. إن أبواب المنازل التي تنفجر لدى فتحها، القطط الميتة المفخّخة، أو الكلاب أو حتى الجثث البشرية المفخّخة، ألحقت خسائر بشرية أكثر من الخسائر التي نجمت عن تبادل إطلاق النار. إن هذه المعلومات التي حصلنا عليها من مصدر في أجهزة الإستخبارات اللبنانية تتأكّد من روايات الجنود. وقد روى لنا أحدهم، ويدعى “إبراهيم”، أنه شاهد رفيقه يموت حينما رفع جثّة فتاةٍ صغيرة عن الأرض، فانفجرت في وجهه. ويقول جندي آخر: “لقد فخّخوا كل شيء: من علب السجائر المرمية على الأرض، إلى جثث الأبقار”!
وتمثّلت المفاجأة السيئة الثانية في نوعيّة وحداثة الأسلحة التي استخدمها مفاتلو “فتح الإسلام”. وحسب المصدر نفسه في جهاز الإستخبارات اللبناني، فإن قنّاصة “فتح الإسلام” يمتلكون بنادق “قنص” بعيدة المدى عيار 12،7 ملم يمكن أن تصيب أهدافاً تبعد 1 كلم. وكان قد تمّ العثور على أسلحة مشابهة في العراق في العام 2006، حسب تقارير الجيش الأميركي.
وتسمح عناصر أخرى في التحقيق الذي تقوم بها أجهزة الإستخبارات اللبنانية بدعم فرضية أن بعض عناصر “فتح الإسلام” سبق لهم أن قاتلوا في صفوف التمرّد السنّي في العراق. ولا تضمّ “فتح الإسلام” سوى أقلية من الفلسطينيين، إلى جانب سعوديين وصوماليين ومصريين ومغاربة وسودانيين. وتصفهم مصادر الإستخبارات بأنهم شبّان في سن العشرين “لا يعود إستبسالهم في القتال إلى صلابتهم أو إلى تدريباتهم المكثّفة بل إلى التعاطي المكثّف لمشتقّات الأفيون”. وقد عثر الجيش على مواد مشتقة من الأفيون مخبّأة في التمور.
ويقول أحد مسؤول التحقيق: “هؤلاء المقاتلين هم من الشبّان البائسين. وكان أحدهم، وهو سعودي الجنسية، يعتقد أنه يقاتل الإسرائيليين في جنّين”! وحسب الإعترافات التي أدلى بها 25 سجيناً ، فأهدافهم كانت “أن يقتلوا أميركيين وجنوداً من قوات الطوارئ الدولية” التي تتمركز في جنوب لبنان، وكذلك تفجير جسور ومباني في بيروت.
ويعمل المحققون لكشف مصادر تمويل المجموعة، التي يصفونها بأنها “غنيّة جدّاً”. ويعتقد المحقّق الذي تحدّثنا إليه أن “فتح الإسلام” تنظيم “تستخدمه سوريا كأداة لإثارة الفوضى في لبنان”، مع استحالة إثبات هذه المزاعم.
وقد عمل خطيب مسجد السلام، الشيخ بلال بارودي، المعروف بصراحته وبخطبه النارية ضد الأميركيين، كوسيط بين هذه العناصر وقوى الأمن اللبنانية. وهو يقول أنه علم بتسلّل “فتح الإسلام” إلى منطقة طرابلس في أكتوبر 2006، “حينما جاء شبّان لبنانيون ليقولوا لي سرّاً أن رجالاً عرضوا عليها الإنضمام إليهم للجهاد”.
ويستطرد الشيخ قائلاً: “أثار ذلك قلقي، فاتصلت بهم وقابلة شاكر العبسي واثنين من مساعديه. فقالوا لي أن لديهم 100 مقابل مستعدين للإستشهاد ضد الأميركيين واليهود والصليبيين في القوات الدولية، ولمساندة قضية السُنّة. وقالوا أنهم لن يقبلوا أن يحلّ بالسنّة هنا ما تعرّض له السُنّة في العراق. وأجبتهم: “في شمال لبنان، السنّة هم الأسياد، وبناءً عليه فنحن لسنا بحاجة إلى هذا الدعم. أنا أكره الأميركيين أكثر مما تكرهونهم، ولكن هذا الجهاد ينبغي أن يكون في العراق أو في أفغانستان، حيث توجد قواعد ورفاق لكم”. ولكنهم لم يصغوا إلى كلامي”.
وسعى شيخ سنّي آخر، فلسطيني الأصل، هو الشيخ محمد الحاج، للعب دور الوسيط. ولكنه أصيب في فخذه بطلقة من قنّاص في يوم 11 يونيو. ومنذئذ، تبدّدت كل آمال التوصل إلى حل بالتفاوض.
وقد أكّد قائد الجيش ميشال سليمان، يوم الإثنين في 18 يوينو، قرار الجيش “النهائي والحازم” بـ”استئصال فتح الإسلام”. وسقط للجيش قتيلان في يوم الثلاثاء 19 يونيو، بحيث ارتفع عدد قتلاه إلى 74 قتيلاً.
ويتعّذر التحقّق من خسائر مقاتلي “فتح الإسلام”. فهي تتراوح بين 50 حسب مصدر رسمي، و400 حسب مصدر عسكري موثوق. وتبعاً لأحد الضباط، فتفسير هذا الرقم المرتفع هو أنه، خلال شهر من القتال، انضمّ إلى “فتح الإسلام” حوالي 500 فلسطيني من سكّان “نهر البارد”، وقد قُتِلَ معظمهم.
ترجمة بيار عقل
“لوموند” في “نهر البارد”: سعودي كان يعتقد أنه يقاتل في “جنّين” ضد الإسرائيليين!
هؤلاء الوهابية احمق من رأيت. لا يكادون يفقهون حديثا , فلا يستغرب من احدهم اذا تخيل نفسه انه في فلسطين بدل لبنان