يكشف تقرير نشرته جريدة “لوموند” الفرنسية، إستناداً إلى وثائق “ويكيليكس” بعض جوانب العلاقات العراقية-الإيرانية الصعبة، والدور الأساسي الذي يلعبه آية الله السيستاني لمواجهة محاولات السيطرة الإيرانية على العراق. بعض النماذج:
في يونيو 2008، أثناء زيارة قام بها لطهران ، طرح رئيس الحكومة نوري المالكي الأمور بصراحة مع الإيرانيين. وقال المالكي للمرشد الإيراني، خامنئي: طالما أن إيران تزعم أنها تقوم بكل ما بوسعها للمساعدة في “تعزيز إستقرار” الجار العراقي، الأمر الذي يمثّل مصلحة إستراتيجية لها، فلماذا لا تبدأ “بإعادة 17 طائرة “إليوشين” كان صدام حسين قد أرسلها إلى العراق” قبل الحرب التي شنّتها أميركا على العراق في 1991.
لكن الخميني “لم يُجب” على سؤال المالكي، حسب برقية الديبلوماسية الأميركية.
الخميني “أقسم” وأصدر “فتوى” ولكن المالكي “لا يصدّق حرفاً واحداً”!
وأثناء الرحلة نفسها “يؤكّد المالكي أنه قدّم لمضيفيه إثباتات “عراقية وليس أميركية على النشاطات السرّية الإيرانية في بلاده”، بما فيها إعترافات مكتوبة “لعملاء إيرانيين وعملاء عراقيين وقعوا في الأسر” وكذلك “صور لأسلحة تم العثور عليها وتحمل أختاماً إيرانية”. ونقل المالكي للسفارة الأميركية أن علي خامنئي “أقسم” بكل أولياء الشيعة أنه لم يكن على علم بذلك وأنه “شخصياً كان قد أصدر فتوى تحظر أي نشاط يزعزع إستقرار العراق”، وأن من قاموا بتلك الأعمال “خرقوا أوامره”.
بدوره، أٌقسم الجنرال قاسم سليماني أن الأعمال التي تحدّث عنها المالكي تمّت “بدون ترخيص”. ووعد بأنه سيحقّق فيها.
ولكن المالكي قال للأميركيين أنه لا يصدّق حرفاً واحداً من كلام خامنئي وسليماني!
اليستاني رفض استقبال نجاد
حسب برقية حرّرها السفير الأميركي “كريستوفر هيل” في نوفمبر 2009، فقد اكتشف الإيرانيون أن “سلطتهم في العراق ليست بدون حدود”. و”تظل العقبة السياسية الرئيسية هي السلطة الطاغية والمصداقية الدينية التي يجسّدها آية الله العظمى علي السيستاني، الذي يرفض عقيدة “ولاية الفقيه” مع أنه إيراني الجنسية”.
وحسب برقية “سرّية” أميركية، فإذا كان أحمدي نجاد قد امتنع عن زيارة “النجف” أثناء زيارته للعراق في مارس 2008، فإن السبب يعود إلى أن آية الله السيستاني الذي يعيش في منزل متواضع قرب ضريح الإمام علي أبلغ الإيرانيين أنه لن يستقبل نجاد!
“ولاية الفقيه” تدفع رواتب 10 آلاف رجل دين شيعي عراقي!
لكن المشكلة هي أن السيستاني بلغ 83 سنة، وأن صحّته متدهورة. وفي حين “تدفع إيران رواتب أكثر من 10 آلاف رجل ديني شيعي” في العراق بغية توسيع قاعدة أنصار “ولاية الفقيه”، فإن رجل الدين الذي يمكن أن يخلف السيستاني كمرجع روحي هو “محمد سعيد الحكيم” الذي يؤيّد “ولاية الفقيه” حسب برقية صادرة في مايو 2008.
وتكشف برقية أميركية أخرى أن آية الله السيستاني، الذي وافق سرّاً على الإتفاقية الأمنية العراقية-الأميركية في نهاية العام 2008، “حظر” تسجيل طلاب دين إيرانيين في “حوزة النجف”. فهو “يخشى من تسلّل” عملاء الجنرال سليماني إلى الحوزة!
وتتحدث البرقية نفسها عن “الرائد عدي”، وهو مسؤول إستخبارات مقاطعة النجف، الذي يقول أن “إيران تمثّل تهديداً لاستقرار العر اق”.
كم تدفع إيران لتمويل عملياتها السياسية في العراق؟ حسب البرقيات الأميركية، فإن إيران “تموّل وتدعم جماعات شيعية وكردية متنافسة، وأحياناً جماعات سنّية- بهدف تعزيز تبعيّتها المالية لها”. وتضيف البرقيات الأميركية أن “الأرقام الدقيقة ليست معروفة، ولكن الدعم الإيراني يُقدّر بما بين 100 و200 مليون دولار سنوياً. وهذا المبلغ يشمل 70 مليون دولار يتلقاها “المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق” وجناحه “فيلق بدر”.