“في العادة، يفضل الملياردير الأميركي، “راي هانت”، التكتّم. وقد أزعجته الدعاية السلبية التي أثارها، في الصحافة الأميركية، العقد الذي وقّعته شركته “هانت أويل” Hunt Oil مع حكومة إقليم كردستان العراق. ولهذا السبب، قرّر أن يشرح الموضوع للصحافة، مع أنه يتحفّظ على كشف عدد عمّاله، ناهيك بأرباحه”.
وتضيف جريدة “لوموند”، بقلم موفدها الخاص إلى أربيل “باتريس كلود” أن صاحب شركة “هانت أويل” أكّد لها أنه “لم يطلب إذناً” من صديقه جورج بوش (الإثنان من ولاية “تكساس”) قبل توقيع عقد التنقيب عن النفط. ومعروف أن هانت سيقدّم لجورج بوش الإين، بعد خروجه من الرئاسة، مؤسسة تحمل إسم بوش، بقيمة 35 مليون دولار. ويضيف هانت أنه لم يطلب، كذلك، رأي زملائه في مجلس الإٍستخبارات الخارجية PFIAB، وهو عبارة عن هيئة إستشارية تابعة للرئيس، أضافه بوش إلى أعضائها تقديراً لإسهاماته المالية في حملاته الإنتخابية.
ويقول هانت (64 عاماً) أنه وقّع العقد، التي تظلّ بنوده سرّية، لأنه قد يحقق له أرباحاً جيدة ولأنه رجل يحب “عمليات الكوماندوس”. وكانت وزارة الخارجية.. قد انتقدت العقد الذي “يزيد التوتّر بدون فائدة” بين الحكومة المركزية والحكومة الكردية في أربيل.
ويصرّ وزير النفط الفيدرالي، حسين شهرستاني، على أن “العقود الموقّعة في أربيل ليست شرعية وقد لا يتم الإعتراف بها إطلاقاً” بعد إقرار القانون الوطني الجديد للنفط. سوى أن هذا القانون تم تحريره، وتصحيحه، وإعادة تحريره مراراً من جانب برلمان يزداد انقساماً مع الوقت. وأن الأحزاب الطائفية، الشيعية والسنّية، لا تبدو قادرة على التفاهم حول النص. وأن الأكراد، الذين يسيطرون على منطقتهم سيطرة شبه كاملة، سأموا الإنتظار وأقرّوا قانوناً للنفط خاصاً بمنطقتهم في شهر أغسطس.
ومنذ توقيع “هانت أويل” على عقد التنقيب في شهر سبتمبر، فقد لحقته 8 شركات أجنبية، صغيرة أو متوسط الحجم، بينها شركات هندية، وأميركية، وكندية، وشركة فرنسية-بريطانية واحدة تدعى “بيرينكو” Perenco .
ويلاحظ المرء في ردهة الفندق الكبير الوحيد في أربيل مستشارين أجانب بينهم جان-كريستوف ميتران (إبن الرئيس الأسبق)، ولويك لو فلوك بريجان، المدير السابق لشركة “إلف”. وحتى الآن، فالعقود التي تم توقيعها ليست “سوى” عقود تنقيب. وتأمل حكومة كركوك أ مساحة 70 ألف كلم مربع التي تسيطر عليها حالياً ستعطي كميات من “الزيت” تعادل الكميات المستخرجة من المنطقة المجاورة لها، والتي تطمح في السيطرة عليها، أي منطقة كركوك.
وقد تمّ كذلك التوقيع على عقود لتمويل وبناء مصفاتين للنفط.
تضيف “لوموند” أن قسماً من النفط المستخرج، وخاصة من جانب شركة “بيرينكو”، التي تستغل الآبار الواقعة على الجانب الآخر من الحدود، في تركيا، ستكون مخصّصة للإستهلاك المحلي. وفي المستقبل، فإن أي نفط كردي يتم استخراجه سيكون قابلاً للتصدير عبر طريق وحيد هو خط الأنابيب الذي يمتدّ على مسافة 1000 كلم بين كركوك وميناء “شيحان” التركي الواقع على المتوسط. والحال، فحكومة بغداد المركزية هي التي تتحكّم بنقطة إنطلاق خط الأنابيب في كركوك، في حين تسيطر أنقره على نقطة المصب. إن علاقات أنقره مع حكومة أربيل ليست ممتازة الآن. فهل ستكون أفضل بعد 3 أو 4 سنوات، حينما سيبدأ إستخراج 200 ألف برميل في اليوم في الإقليم، مقابل 1،2 مليون برميل في اليوم على مستوى العراق كله؟
رئيس الحكومة الكردية، نشيرفان البارزاني، يدافع عن سياسته النفطية بحجة أن منطقته التي تتمتع بالحكم الذاتي والتي تشهد أماناً نسبياً بحاجة ماسة إلى التمويل “مثلها مثل بقية أقاليم العراق”، من أجل تحقيق التنمية التي يرغب بها سكانها (17 بالمئة من الشعب العراقي). وهو يتعهّد بأن حكومته ستسدّد لحكومة بغداد المركزية 83 بالمئة من أرباح النفط. والمشكلة في العراق الآن هي أن أحداً لم يعد يثق بكلام أحد.