لماذا ندافع عن اصلاحيي ايران؟

0

سألني الكثيرون من الاخوة والاخوات والرفاق والرفيقات عن سبب حملتي الاعلامية عبر المايل على بعض القومجيين واليسراويين المتمركسين المتأسلمين الجدد ممن وقفوا الى جانب النظام الايراني في قمع حركة الاحتجاج الشعبية مؤخراً….والحقيقة انني ضد الظلم والقمع ومصادرة الرأي والحريات مهما كان سببه وكائنا ما كان مصدره او ضحاياه… الظلم والقمع ومصادرة الرأي والحريات ليس من الاسلام ولا من الثورة ولا من اليسار ولا من الديمقراطية ولا من الليبرالية… فكيف يمكن لاسلامي او يساري او ليبرالي ان يدافع عن الظلم والقمع ومصادرة الرأي والحريات ولو بحجة ان النظام يتعرض لاخطار خارجية…وكيف يمكن تبرير ما جرى في ايران بالقول ان التيار الاصلاحي ورموزه هم عملاء للخارج..واليوم وقد هدأت الخواطر وصار واضحاً للاعمى وللاطرش ان حركة جماهير ايران والتيار الاصلاحي هي حركة ايرانية وطنية ديمقراطية ستستمر ما استمر الظلم والقمع ومصادرة الرأي والحريات… أقول لكم ايها الاحبة ان سبب غضبي على هؤلاء المثقفين وأنصاف المثقفين والصحفيين انهم كانوا يعرفون قبل غيرهم طبيعة الوضع الايراني وطبيعة القوى المتصارعة وحقيقة مواقفها وهم كانوا الى زمن قريب أصدقاء السيد خاتمي (والسيد أبطحي نائبه وصديقهم) وضيوف الشيخ رفسنجاني (يعتبرونه أهم شخصية اسلامية) ومحبي السيد محتشمي (رئيس عشرات هيئات دعم حزب الله وحماس وفلسطين والثورة العالمية)…انهم يعرفونهم معرفة شخصية ويعرفون تاريخهم كما تاريخ أحمدي نجاد واستاذه مصباح يزدي وصهره العظيم مشائي (صديق اسرائيل بالطبع وقد اضطر خامنئي الى طرده طرداً بسبب فتاوى مقاطعة النظام ان استمر وجود هذا الصهر الجهبذ)..وهم اختاروا الوقوف الى جانب هؤلاء في الصراع الداخلي الايراني… وهذا حقهم المشروع الذي لا نناقشهم فيه… انما نناقش ونحتج على انهم تجاوزوا واعتدوا وظلموا وأساءوا فجرحوا مشاعرنا وذاكرتنا ومشاعر الايرانيين من اصدقائنا المشتركين وبعضهم ما يزال في السجون وتحت التعذيب…هؤلاء الثورجيين الجدد يكررون اليوم نفس سيرة التصفيق للنظام، أي نظام، وتحت نفس الحجة وهي انه خصم لامريكا ومعاد لاسرائيل… فكما صفقوا للمجرم السفاح صدام حسين بعنوان انه صلاح الدين وخالد ابن الوليد… وكما صفقوا لجمال عبد الناصر يوم كان 35000 من الاخوان المسلمين والشيوعيين في سجونه.. بحجة انه صديق الاتحاد السوفياتي… وكما صفقوا لعبد الفتاح اسماعيل في عدن يوم اغتال رفاقه من سالم ربيع علي الى مجزرة 15 كانون الثاني 1986… وكما صفقوا ويصفقون لولاية الفقيه المطلقة على اعتبار انها شبيهة بولاية الامين العام الازلي او القائد المفدى على صورة ستالين وماوتسي تونغ وكيم ايل سونغ…وصولا طبعا الى الرفاق في الاحزاب الشيوعية العربية والبعثية والقومجية ومن لف لفها…( وكلها لها نفس الصاحب ونفس الجهاز من ديناصورات المخابرات المصرية والعراقية والليبية السابقين والحاليين).. انها ثقافة الاستبداد التي يؤبدونها ويدافعون عنها…انها ان تقول نعم لكل مستبد حتى ولو فعل السبعة وذمتها طالما انه في جبهة العداء للامبريالية الامريكية ولا يهم ان كان هذا العداء يخفي مفاوضات سرية وعلنية وصفقات واتفاقات …ولا يهم ان كان شعار العداء يخفي ابشع انواع القتل والسحل والاعدام … من اغتيال انطون سعاده وحسن البنا وفهد وحازم (1949) الى سجون ليمان طره وابو زعبل وقصر النهاية.. الى فرج الله الحلو..الى سيد قطب ورفاقه..الى محمد باقر الصدر وشقيقته .. الى العشرات من العلماء من آل الحكيم…الى آخر مجازر اي نظام عربي… لا فرق فيهم بين مشرقي ومغربي، بين ملكي وجمهوري…فكلهم في الاستبداد شرق…

ومن حجج وتبريرات القومجيين الاسلامويين الجدد من بقايا اليسار الروسي والموروث البعثي والليبي والناصري: ان المحافظين في ايران هم أشرس المعادين للامبريالية واعظم المقاومين ضد اسرائيل واعند الثوريين في العالم الثالث الى جانب كاسترو وشافيز…وكان الامر لينطلي على السذج لو لم يسارع أحمدي نجاد الى تعيين صهره اسفنديار رحيم مشائي شيخ مشايخ التطبيع مع اسرائيل نائبا اول للرئيس… والى سحب الخبير آغا زادة من موقعه في اللجنة الايرانية للنووي لتعيين شخص تابع له يضمن تقديم تنازلات كبيرة للغرب في حين ان آغا زادة كان من اصلب المفاوضين المدافعين عن حقوق ايران والعالم الثالث وكان محسوبا على الرئيس خاتمي…

ويبرر ثوريو اليوم الاخير مواقفهم بالقول بالتماهي مع نموذج كاسترو وشافيز .. وغيفارا طبعاً … ولما لا؟؟؟ وقد كان غيفاريو اليوم يقولون عنه بالامس ما لم يقله مالك في الخمر … كما في عنوان جريدة الاخبار (اياها… ما غيرها) يوم مصرعه: مات الثوري ولم تحصل الثورة…نفس جريدة الاخبار التي كتبت المانشيت الشهير أواخر صيف 1967: جورج حاوي عميل المخابرات المركزية….!!!!….المهم ان ما يجمع بين كل هؤلاء نفس عقيدة بن لادن عن الفسطاطين، وهي بالمناسبة صيغة اخرى من صيغ قسمة العالم والناس الى حزب الله وحزب الشيطان… وهما معا صيغة اسلامية من صيغ الماركسويين والقومجيين في قسمة الناس والعالم الى ثوريين ورجعيين، وطنيين وعملاء، قوميين وانعزاليين.. والحال اننا كنا وما نزال نردد اغنية سبق ان كتبها منير شفيق ولحنها وغناها حاتم ملاعب…تقول كلماتها:

تفتيت الصفوف وتقسيم القوى هالدرب مش دربي

وهاذا رجعي سافل وهذا وحده مناضل

هاذا طرح جاهل ما بيقبلو شعبي

نحنا مع كل القوى يللي بيجمعها سوا

محاربة العدو بالتضامن العربي

ونحن كنا وما زلنا مع قول الامام موسى الصدر ان خير مقاومة في وجه العدو الصهيوني هي السلم الاهلي والوحدة الداخلية…….

ونحن ضد تراث صدام حسين وحزب البعث والماركسيين الرسميين والانظمة العربية في التخوين والتكفير وفي الذبح والسحل والاعدام والمجازر الجماعية بحق الناس والشرفاء والاحرار… ونحن منذ جمال الدين الافغاني ومحمد عبده ورشيد رضا وشكيب ارسلان نقول لاتقدم ولا اشتراكية ولا وحدة ولا تحرير دون عدالة وديمقراطية وحرية…كان هذا موقفهم قبل وجود اسرائيل وقبل تحول الرأسمالية الغربية الى الامبريالية أعلى مراحلها… وقبل وقبل….فهل كانت هزائمنا غير النتيجة الحتمية للتخلف والاستبداد ولحكم الديكتاتوريات التي قتلت الانسان وأهلكت الزرع والضرع والحرث والنسل…ان الاسلامويين الجدد من بقايا ارث صدام وستالين وناصر والقذافي يرفعون اليوم نفس شعارات انظمة الذل والهزيمة والعار: لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، لا تنمية ولا حرية ولا ديمقراطية ولا كرامة بوجود الاحتلال والاستعمار ..على الشعوب ان تنتظر اما التحرير (وهذا لا نعرف مواصفاته اذ لا نعرف موقفهم الفعلي من السلام مع اسرائيل وهم قادة التفاوض المباشر وغير المباشر وقادة الاجهاز على القضية الفلسطينية منذ كانت) واما المهدي المنتظر….

وليس غريبا ان يتماهى كل هؤلاء المثقفين والمناضلين اليسراويين الاسلامويين القومجيين مع بن لادن والزرقاوي والظواهري من المهدويين الاخرويين السنة ومع مهدويي ايران امثال نجاد ويزدي … وان يوافقوا على استراتيجيتهم خصوصا لجهة اشعال ونشر الفتنة المذهبية والفتاوى بذبح الشيعة والاكراد على الهوية في العراق، وبذبح كل مخالف لهم في أي مكان من افغانستان وباكستان الى اليمن والسعودية الى المغرب والجزائر والصومال… وليس غريبا ان يقف كل هؤلاء في صف الارهاب المجرم الجبان الذي يقتل النساء والاطفال والشيوخ في المدارس والملاعب والمساجد والحسينيات والاسواق… وكل ذلك تحت عنوان العداء لامريكا واسرائيل والقتال ضدهما وافشال مخططاتهما في الشرق الاوسط…ولا أدري متى وكيف صار مطلق القتال او تفجير القنابل او العمليات الانتحارية هي مقياس الثورة والنضال والمقاومة؟؟ ولا أدري كيف لا يكون بن لادن والظواهري والزرقاوي في هذه الحالة هم قادة الامة وقادة تلك الاحزاب والشخصيات التي نتكلم عنها؟؟وكيف لا تكون استراتيجية القاعدة هي استراتيجية الثورة والنضال والاستراتيجية الصحيحة لمقارعة الامبريالية والصهيونية وهزيمتها؟؟ ؟؟ الا ان كانوا منافقين ويخافون اعلان موقفهم الحقيقي واعلان البيعة لبن لادن؟؟ نعم ففي منطق المقاومة الذي يبررون له كل الموبقات يقف بن لادن واشياعه في الطليعة!! اليس هو من خلق الارباك والاضطراب والهزيمة لامريكا والهيجان والفوران في كل ارجاء العالم الاسلامي؟؟ فلماذا لا تبايعونه أميراً للمقاومة؟؟ انه اهم من أحمدي نجاد ومن شافيز بهذا الاعتبار…

ان السؤال الحقيقي الذي نسأل انفسنا ونسأل الجميع هو نفس سؤال الافغاني وعبده وارسلان: لماذا تأخرنا وتخلفنا وتقدم غيرنا؟؟ الا اننا نضيف عليه ما جرى لامتنا منذ صرخة هؤلاء النهضويين :هل السبب فقط ضراوة وشراسة الهجمة الامبريالية والصهيونية على بلادنا؟؟ وهل الحل هو الذي تقدمه استراتيجية القاعدة ام تكتيكات سوريا وايران؟؟ ام ان هناك خياراً آخر ؟ ولماذا استقلت وتحررت وتوحدت وتقدمت تركيا وايران اذن ؟ في حين نستمر نحن في السير نحو الهاوية ؟؟ الجواب واضح بسيط: لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم…وما بانفسنا وما بمجتمعاتنا وما بعقولنا واوضاعنا هو داء الاستبداد .. والاخطر في هذا الداء انه يجد من يبرره تحت شعار وعنوان المعركة ضد العدو…. والحال ان الهزائم لم تكن لتحصل امام العدو لولا الاستبداد (بحسب الافغاني وعبده وارسلان ورضا) ولولا الاستحمار (بحسب علي شريعتي) ولولا القابلية للاستعمار (بحسب مالك بن نبي) ، ولولا تاليه القادة والزعماء والاحزاب على حساب الامة والشعب والناس…ستون عاماً وأكثر.. لا بل قرن بكامله… ونحن في السجن الكبير: سجن الاستبداد والديكتاتورية والظلم والاذلال والافقار والتهميش والتجويع والتشريد في ظل إمرة او ولاية السفهاء المستبدين..وذلك تحت شعار تحرير فلسطين والاعداد للتحرير او التوازن الاستراتيجي او الصمود في وجه الاعداء او عدم الانجرار الى المعارك الا حين نقوم نحن بتوقيت زمانها ومكانها او …. الخ…ستون عاما وأكثر ونحن ننتظر… ننتظر الذي يأتي ولا يأتي ..ألم يحن الاوان لكي نرفع الصوت لنقول لا للاستبداد.. لا للقمع… نعم للحرية والكرامة والعدالة والمساواة بين الجميع ومن اجل الجميع وللجميع…نعم الخارج المعادي يتربص بنا يمنع تقدمنا ويعرقل وحدتنا ويجهض ثوراتنا.. ولكن هل كنا ننتظر منه ان يساعدنا او ان يتركنا بحالنا؟؟ الا تظنون ان المشكلة فينا نحن؟؟ في انظمة الذل والعار والشنار وفي احزاب الهزيمة والاستبداد والنهب والسلب وفي وفي وفي؟؟؟ هل يعقل اننا نقارع الامبريالية والصهيونية والرجعية من قلب تلفزيون يملك دولة هي جزيرة تقيم فيها أعظم وأكبر القواعد العسكرية الامريكية وأهم مراكز التطبيع مع العدو الصهيوني؟؟هل يعقل ان نقارع الامبريالية والصهيونية عبر قتل الابرياء وترويع الناس وارهابها في العراق ولبنان وفي الجزائر وباكستان وفي الصومال والسعودية؟؟؟ هل يعقل اننا لا نهتم للانسان، لحياته وكرامته وحريته وحقوقه ونحن نرفع لواء الاسلام وشعار الرسول او اهل بيته او صحابته؟؟؟

لا معنى لأية ثورة ولأية مقاومة ولأي نضال ان لم يكن من أجل الانسان : حياته أولاً ثم كرامته ثم حريته ثم حقوقه في الأمن والأمان وفي الاستقرار والازدهار… نعم هذا هو خط الفصل بين الاسلام الحقيقي واسلام الادعياء المزيفين… بين الثوريين الحقيقيين والثوريين المزيفين.. بين العروبيين الاقحاح وعروبيي آخر ساعة وآخر لحظة…هذا هو معنى الاسلام المحمدي الأصيل لا اسلام دول الغلبة والاستيلاء والاستبداد،ومعنى التشيع العلوي لا التشيع الصفوي ،ومعنى الديمقراطية والليبرالية لا الاستعمار والامبريالية،ومعنى اليسارية والاشتراكية لا الانتهازية والستالينية….لا يمكن ان نتقدم من دون حرية وديمقراطية وكرامة وعدالة… هكذا انتصرت المقاومة الشعبية المدنية في لبنان ولم تنتصر أو حتى تنطلق في أي بلد عربي آخر رغم أطنان الخطابات الفارغة… ورغم بقاء الاحتلال في الجولان على سبيل المثال منذ العام 1967…لا يمكن الانتصار من دون الناس، البسطاء الشرفاء، من دون تضحياتهم ووحدتهم وهذا لا يحصل ان كانوا في سجون الذل والفقر والجوع والمهانة والهامشية والقمع والتنكيل والخوف والتشريد…

ان رجال الحركة الاصلاحية في ايران هم أبناء الثورة الاسلامية، عرفوا السجون والمعتقلات، والتعذيب والنفي وكل انواع القمع والتنكيل… قاتلوا في صفوف الثورة الفلسطينية… بكوا يوم اعدام سيد قطب (كما أخبرنا الشيخ المنتظري) واستقبلوا عرفات بالملايين يوم كان أول عربي أو أجنبي وطأت قدماه أرض ايران المحررة…وترجموا كتب الثورة الفلسطينية: من كتب منير شفيق الى كتابات حركة فتح الى حماس والجهاد… وحضنوا الثورة بمختلف تلاوينها… واسسوا مجلة العالم ودعموا مجلات الطليعة الاسلامية والسبيل ولاسلام وفلسطين وفلسطين المسلمة…الخ… وكانوا رفاق واصدقاء كل الحركات الاسلامية والعروبية واليسارية يوم عز الرفاق ورفاق واصدقاء كل المثقفين العرب الذين يشمتون اليوم بهم وهم يتعرضون للسجن والقتل والتعذيب… أو يتهمونهم بالعمالة للغرب ولامريكا واسرائيل …او يتهمونهم بتنفيذ سياسة الغرب حين يطالبون بالاصلاح والديمقراطية والحرية… الى هذا الحد هانت مطالب الناس ومصالح الناس وحقوق الناس عند هؤلاء الكتبة الذين يختزلون الاسلام والعروبة والثورة والمقاومة بصباط العسكر وبسنابك الخيل أي باستبداد الحكام الظلمة الفجرة…وتراهم يلطمون في عاشوراء متناسين قول الحسين : “ما جئت أشراً ولا بطراً…انما جئت لطلب الاصلاح في أمة جدي”…هل صار الاصلاح مرذولاً لدى بعض المثقفين والصحفيين الذين تنعموا طويلا باموال ايران وثورتها..هل صار أعداء ايران ايام صدام حسين والاتحاد السوفياتي اصدقاؤها اليوم ياكلون على مائدتها ويضربون بسيفها؟؟ فقط يوم صارت امبراطورية على غرار موسكو والكومنترن او ليبيا ومنظمة التحرير في لبنان الحرب الاهلية؟؟؟ ان ما يجمع هؤلاء ليس الاسلام الثوري او الولاء لهل البيت او المقاومة الحقيقية بل هي نفس ولاية الفقيه المطلقة التي تؤمن الاستقرار والاستمرار مع الجاه والمال… نعم مركز ايران كبديل عن موسكو او طرابلس او بغداد وعن مصادر التمويل في العراق وليبيا…

نحن كشيعة عرب وكاسلاميين وثوريين قاتلنا وناضلنا مع الثورة الفلسطينية ووقفنا مع الثورة الاسلامية الايرانية ليس لانها شيعية بل لانها كانت يومها بالنسبة الينا استمراراً لنضالنا (اليوم ايران وغدا فلسطين) وقوة للعرب والمسلمين وتحديا للاستعمار وتجسيدا لحرب الشعب طويلة الامد وشرارة كنا نظن انها ستشعل السهول والبوادي العربية… وكنا نقف يومها وما زلنا نقف اليوم ضد العنصرية القومية الشوفينية الفارسية تماما مثلما وقفنا ونقف ضد العنصرية القومية العربية (ممثلها حزب البعث وأيتام صدام منم المعادين للشيعة وللاكراد في العراق وغير العراق)…والحال ان احمدي نجاد هو ممثل القومية الفارسية المتعصبة بامتياز (بعكس العروبيين خاتمي ومنتظري وموسوي ومحتشمي وكروبي وبهزاد نبوي ومحمد علي ابطحي ورفاقهم المعتقلين)…وأحمدي نجاد بنظر جماعته أتباع يزدي هو حامل لواء الممهدين لظهور المهدي…… ولعل الاسلامويين الجدد من المتمركسين الخائبين والقومجيين المهزومين لا يعرفون ان مصباح يزدي واحمدي نجاد لا يقولون بالجمهورية الاسلامية لان كلمة جمهورية تعني حكم الجمهور…فهم يقولون بالحكومة الاسلامية لان كلمة حكومة تعني حكم جماعتهم نيابة عن الامام المهدي والتمهيد لحضوره والتعجيل بالفرج…ولعلهم لا يعرفون ان يزدي ونجاد كانا ينتميان مثل غالبية وزراء الداخلية والمخابرات في ايران الى ما كان يعرف باسم الحجتية وهو من الجمعيات الظلامية المتحجرة المتعصبة وقد حلها البرلمان الايراني في آب 1983 بطلب مباشر من الامام الخميني بتهمة العداء للثورة وللتشيع….اما معيار عروبة نجاد بنظر أتباعه واشياعه العرب فهو دعوته لحضور قمة عربية من طرف دولة قطر العظمى…. نعم صارت قطر (يا للهول بل يا للمسخرة) معيار العروبة والثورة والممانعة… اما المعيار الآخر فهو ان نجاد يدعم مالياً وعسكرياً حماس وحزب الله وجميع المؤتمرات القومجية الاسلاموية… فهل نسينا ان الاتحاد السوفياتي كان يدعم كل حركات التحرر في العالم وعلى راسها الثورة الفلسطينية…فهل جعلنا ذلك نتراجع عن تسميته امبريالية اشتراكية؟؟ او هل أخر ذلك بسقوط امبراطوريته؟؟ وهل كان سقوط الاتحاد السوفياتي ودول المنظومة الاشتراكية بفعل تدخلات الغرب أم بفعل الانهيار الداخلي الناجم عن الاستبداد والمركزية الروسية؟؟؟

نعم ايران دولة اسلامية كبيرة بل كبرى واجب علينا التعاون معها والتضامن معها ولكن ليس على حساب المصالح العربية والتضامن العربي، وليس على حساب العدل والكرامة والحرية والديمقراطية لجميع الشعوب الاسلامية… نعم لايران الحق بامتلاك تكنولوجيا نووية وكل ما تراه مناسبا لنهضتها وازدهارها واستقرارها وحماية ارضها وشعبها من اعدائها… ولكن ليس من خلال استخدامنا متاريس لها او بوابات دامية للتفاوض والصفقات مع اسرائيل والغرب… نعم ايران دولة رئيسية في المنظومة الاسلامية والشرق اوسطية ولكنها لا تستطيع ان تكون الدولة الاساسية والدولة المحورية… وعليها ان تقتنع بواقعها وبدورها وبمركزها وان تعيد تنظيم علاقاتها مع الجوار العربي والتركي وعلى قواعد التعاون والاعتماد المتبادل والمساواة والندية وفي مواجهة تحديات دخول العصر والعالم والفعل فيه لا الانفعال… وللتقدم معاً وانهاض وتنمية بلادنا ومجتمعاتنا وتحقيق العزة والكرامة والامن والسلام لشعوبنا… لا القهر والذل والفقر والجوع والنفي والتشرد…

ان ما جرى وما يجري في ايران هو صراع داخلي طبيعي بين قوى وتيارات تمثل مصالح وسياسات مجتمعية ايرانية… نعم قد يستفيد الخارج من أجحداث ايران الداخلية… نعم قد يستغل الخارج هذه الاحداث… ولكن متى كان الخارج كاريتاس او صليب احمر؟؟ سيكون من الغباء عدم الاستفادة… انما معيار تقويمنا للوضع يبقى دائماً هو الناس والعدالة والكرامة والديمقراطية والحرية والوحدة والتضامن فهذه وهذه وحدها هي اسس الممانعة الحقيقية والمقاومة الناجحة… وبدونها سلام على الثورة وعلى المقاومة … وخلاصة القول انه لا يجوز اتهام وادانة الحركات الشعبية والاجتماعية والاصلاحية بانها عميلة للخارج لمجرد كون النظام يرفع لواء العداء للخارج…لا معنى لشعار وقف كل تحرك داخلي بحجة التفرغ لقتال العدو الخارجي…هل كان سيد قطب رجعيا استعماريا صهيونيا امبرياليا حين قرر عبد الناصر اعدامه؟؟ هل كان محمد باقر الصدر فارسيا مجوسيا معاديا للعرب والاسلام حين قرر صدام حسين اعدامه؟؟ هل كانت الحركات الاسلامية عميلة للغرب واسرائيل وامريكا حين قررت الانظمة تصفيتها وابادتها؟؟هل كانت الاحزاب القومية والماركسية متآمرة مع الخارج حين كانت في المعارضة او حين كانت تتصارع وتتقاتل وتتذابح؟؟

ان الذي يستجلب الخارج هو الاستبداد والتخلف ان احمدي نجاد وولاية الفقيه المطلقة ضرورية للغرب ولامريكا واسرائيل لانها البعبع والفزاعة لسباق الاتسلح ولمزيد من العداء للاسلام ولحصار ايران…ان المستبد الظالم هو أوهن من خيوط العنكبوت وأكثر استعدادا للتنازل في المفاوضات مع الغرب.. وهذا ما ينوي نجاد القيام به عبر تعييناته الجديدة من اصدقاء امريكا واسرائيل… وكان يريد النجاح في الانتخابات مهما كلف الامر وكان الثمن لكي يتفاوض من موقع قوة وشرعية شعبية..

أخيراً لا تخطئوا في قراءة الواقع: ايران بخير لان فيها امثال كروبي وخاتمي ومحتشمي وموسوي ونبوي ورفسنجاني..
لا تضيعوا البوصلة: دائماً وأولاً وأخيراً : حياة الانسان وكرامته وحريته وحقوقه هي اغلى من كل شيء وأقدس من اي شيء… هي المعيار وهي المقدس البشري…بعد المقدس الالهي… لا بل قبله بحسب قول السيد المسيحي : السبت وجد لأجل الانسان وليس الانسان لأجل السبت…أي ان الدين وجد من أجل الانسان لا العكس…فاعتبروا يا أولي الالباب…

المجلس الاسلامي للحوار والعدالة والديمقراطية

Comments are closed.

Share.

اكتشاف المزيد من Middle East Transparent

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading