إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
مقال ينبغي أن يقرأه العرب، خصوصاً أهل البلدان التي فيها “برلمانات ديمقراطية”!
(قام “الشفاف” بترجمة المقال التالي ونشره في 5 فبراير 2024. ونعيد نشره لمناسبة تطوّرات الكويت الأخيرة.)
ترجمة بيار عقل
ألقت هيلاري كلينتون باللوم على الهيئة الانتخابية في هزيمتها المذهلة في الانتخابات الرئاسية لعام 2016 في أحدث مذكراتها التي تحمل عنوان “ماذا حدث؟”.
ادعى البعض أن الهيئة الانتخابية هي واحدة من أخطر المؤسسات في السياسة الأمريكية.
لماذا؟ يقولون إن نظام الهيئة الانتخابية، على عكسِ تصويت الأغلبية البسيطة، يُشَوِّه مبدأَ “الصوت الواحد” للشخص الواحد في الديمقراطية، لأن الأصوات الانتخابية لا يتم توزيعها حسب عدد السكان.
ولدعم ادعائهم، أشاروا إلى أن المُجَمَّع الانتخابي يعطي، على سبيل المثال، مواطني ولاية “وايومنغ” وزنًا غير متناسب في الانتخابات الرئاسية.
وبعبارة أخرى، فإن ولاية “وايومنغ”، ويبلغ عددُ سكانها حوالي 600 ألف نسمة، لديها عضوٌ واحد في مجلس النواب وعضوان في مجلس الشيوخ الأميركي، ما يمنح مواطني “وايومنغ” ثلاثة أصوات انتخابية، أو صوتا انتخابياً واحداً لكل 200 ألف شخص.
كاليفورنيا، الولاية الأكثر اكتظاظا بالسكان، تضم أكثر من 39 مليون نسمة وتحصل على 55 صوت انتخابي، أو ما يقارب صوتاً واحداً لكل 715 ألف شخص.
وبالمقارنة، يتمتع الأفراد في “وايومنغ” بما يقرب من أربعة أضعاف القوة في المجمع الانتخابي التي يتمتع بها سكان كاليفورنيا.
يتذمر الكثير من الناس من أن استخدام الهيئة الانتخابية بدلاً من التصويت الشعبي وحكم الأغلبية هو أمرٌ غير ديمقراطي. أود أن أقول أنهم على حق تماما. إن عدم تحديد من سيكون الرئيس بحكم الأغلبية ليس ديمقراطية.
ولكن الآباءَ المؤسسين بذلوا جهودًا كبيرة للتأكد من أننا “جُمهورية” وليس “ديمُقراطية”.
في الواقع، لا تظهر كلمة “الديمُقراطية” في “إعلانِ الاستقلالِ الأميركي، أو في الدستورِ الأميركي، أو أي وثيقةٍ أخرى من وثائقنا التأسيسية.
ماذا عن بعض الاقتباسات التي عَبَّرَ الآباء المؤسِسون فيها عن رأيهم بالديمقراطية؟
في “الورقة الفيدرالية رقم 10” (Federalist Paper 10)، أراد “جيمس ماديسون” منعَ حكم فصيل الأغلبية، قائلاً: “في كثير من الأحيان يتم اتخاذ الإجراءات، ليس وفقًا لقواعد العدالة وحقوق حزب الأقلية، ولكن من خلال القوة المتفوقة للأغلبية المهتمة والمسيطرة”.
وحذّر جون آدامز في رسالة قائلاً “تذكروا أن الديمقراطية لا تدوم طويلا. وسرعان ما تفسَد وتُستنزف وتقتل نفسها. لم يحدث أن قامت ديمقراطية لم تَنتحر».
وقال إدموند راندولف: “إن كلُّ إنسان، بتتبع هذه الشرور إلى أصلها، يجدها في اضطرابات وحماقاتِ الديمقراطية”.
ولاحظ جون مارشال، رئيس المحكمة العليا آنذاك، أنه “بين الجمهورية المتوازنة والديمقراطية، الفرق هو مثلهُ بين النظام والفوضى”.
أعرب المؤسسون عن ازدرائهم لاستبداد لحكم الأغلبية، وفي دستورنا، وضعوا عوائق أمام هذا الاستبداد.
إن وجودَ مَجلسَين في الكونجرس يشكل عقبة واحدة أمام حكم الأغلبية. أي أن 51 عضوًا في مجلس الشيوخ يمكنهم حجب رغبات 435 نائبًا و49 عضوًا في مجلس الشيوخ.
ويمكن للرئيس أن يعترض على رغبات 535 عضوًا في الكونجرس. ويتطلب الأمر موافقة ثلثي أعضاء مجلسي الكونجرس لتجاوز الفيتو الرئاسي.
ولا يتطلب تغيير الدستور أغلبية بسيطة بل ثلثي أصوات كلا المجلسين، وإذا تمت الموافقة على التعديل، فإنه يتطلب تصديق ثلاثة أرباع المجالس التشريعية في الولايات.
وأخيرا، يشكل “المجمع الانتخابي” إجراء آخر يحبط حكم الأغلبية.
فهو يتأكد من أن الولايات ذات الكثافة السكانية العالية – اليوم، 12 ولاية على الساحلين الشرقي والغربي بشكل رئيسي – لا يمكنها التعامل بلامبالاة مع بقية البلاد. وهذا يجبر المرشح الرئاسي على أن يأخذ في الاعتبار رغبات الولايات الثماني والثلاثين الأخرى.
وربما يرغب الأميركيون المهووسون بحكم “الأغلبية الشعبية” في التخَلُّص من مجلس الشيوخ، حيث يوجد لكل ولاية عضوان في مجلس الشيوخ، بغض النظر عن عدد سكانها.
هل يجب علينا تغيير التمثيل في مجلس النواب إلى نظام التمثيل النسبي وإلغاء ضمانِ حصول كل ولاية على ممثل واحد على الأقل؟
في الوقت الحالي، يوجد مُمثِّل واحد في سبع ولايات يبلغ عدد سكانها مليون نسمة أو أقل، ما يمنحها نفوذاً غير متناسب في الكونجرس.
وطالما انفتح الموضوع، هل ينبغي لنا أن نتخذ جميع قرارات الكونجرس بموجب حكم الأغلبية (البسيطة)؟
عندما ننتهي من تأسيس حكم الأغلبية في الكونجرس، فهل يتعين علينا أن نتحرك لتغيير نظام المحاكم لدينا، الذي يتطلب “الإجماع” في قرارات هيئة المحلفين، إلى قاعدة “الأغلبية البسيطة”ّ؟
وسؤالي هو: هل الجهل بدستورنا أم ازدراء الدستور هو الذي يغذي حركة إلغاء “المجمع الانتخابي”؟